Loading...

عباراتان كادتا ان تدمر بلدا

"كلن جملتين، نحنا قطّعنا تلتين المسرحية من دون ما ينقص شي"، بهذه العبارة علم المخرج والكاتب المسرحي لوسيان بورجيلي ان نص مسرحيته "بيروت سيندروم" (التي تتناول صراع بين زعيم سياسي "غير محدد الهوية" فاسد ومجرم في مقابل مواطنة تقرر المحاسبة في غياب آلية للمحاسبة)، والمقدمة الى مكتب الرقابة في الامن العام منذ 3 اسابيع من اجل رخصة عرض خاضع للمساومة، حذف جملتين مقابل منح رخصة عرض. لكن بورجيلي رفض هذه التسوية معتبرا ان لكل جملة مكان مهم في النص المسرحي. والسؤال المطروح هل يحق لمكتب الرقابة في الامن العام حذف الجمل والافكار بشكل استنسابي؟ هل يعتبر حذف جزء وان كان بسيطا من النصوص المسرحية تضيقا على حرية الرأي والتعبير للكاتب أو الفنان بشكل عام؟

يستغرب بورجيلي سهولة اقتطاع اجزاء من النصوص المسرحية المقدمة الى مكتب الرقابة، يؤكد بورجيلي لـ "مهارات نيوز" ان كل عبارة في هذا النص الذي استغرقت كتابته عام ونصف موزونة، "قمت بإعادة كتابة النص اكثر من اربع مرات، لا يوجد حق لاحد لتغيير او حذف ما كتبته، لن اعرض المسرحية من دون هاتين الجملتين".

حاول بورجيلي تشبيه نصه لدى زيارته لمكتب الرقابة في الامن العام بلوحة رسام يصعب انقاص اي شيء منها علّ الفكرة تجد طريقها الى ذهن الضابط المسؤول في مكتب الرقابة، لكن الرد جاء "راجع المكتب بعد اسبوع للحصول على الرد"، يسأل بورجيلي مستغربا "هل تحتاج مناقشة السماح بجملتين اسبوعا كاملا؟ هل ستدمر تلك العبارات البلد؟".

"مع مرور الوقت تصبح الاعمال الخاضعة لمقص الرقيب بعيدة جدا عن الرأي الحر لكاتبها"، هكذا اشارت الممثلة حنان الحاج علي حول خطورة دور مقص الرقيب في التضييق على الحريات، اذ اكد الحاج علي لـ "مهارات نيوز" ان الكاتب يشعر بعد حذف جزء من نصه "عم ينضحك عليه"، وبالتالي يترافق مع هذا الشعور عدم ثقة بالدولة ككل، اضافة الى نمو ظاهرة الرقابة الذاتية، ليصبح الرأي متأقلما مع مقص الرقيب.

بدروها اعتبرت الكاتبة والمخرجة لينا خوري ان النص المتكامل الذي يقدمه الكاتب يتأثر عند حذف كلمة، وبالتالي فالرقابة تشوه الفن المقدم، كذلك تلفت خوري ان القمع والضغط الممارس على الفنان يدفعه الى صنع افكار خلاقة بشكل اكبر، تهرب من مقص الرقيب والنصوص الرقابية البالية.

يجدر الاشارة الى ان "مؤسسة مهارات" و"مجموعة مرصد الرقابة" وضعتا مسودة قانون حرية الاعمال السينمائية والمصورة، الذي يهدف الى تكريس حرية الانتاج والعرض، وانشاء هيئة ادارية مستقلة لتصنيف الاعمال المصورة حماية للقاصرين. كما لحظت "مهارات" في "قانون الاعلام الجديد"، الذي تقدمت به الى مجلس النواب الغاء دور وزارة الاعلام والأمن العام الرقابي على المطبوعات والمنشورات.