Loading...

فضيحة جنسية... لا ليست كذلك... هي قضية حقوقية

دائماً عند معالجة قضية تمس حقوق المثليين الجنسيين، تذهب معظم وسائل الاعلام المحلية لمعالجة سطحية للموضوع. تكتفي بجانب واحد من الرواية، ويتفنّن المحرر بكتابة عنوان يجذب القراء والمشاهدين مستخدماً مصطلحات وعبارات تثير الحشرية لا أكثر ولا أقل.

لواط، جنس جماعي، فحشاء، ممارسات غير اخلاقية، الخ .. عبارات أقل ما يمكن وصفها انها تمثّل انتهاكاً فاضحاً لحقوق الانسان، والحريات الشخصية لاسيما الجنسية منها. وهنا يكمن التحدي الأول في التغطية الاعلامية لهكذا المواضيع. فالاعلام لا يزال يكتسب دوراً مهماً في خلق رأي عام يمارس رهاب المثلية أو يتجاوزها. واللغة هي الاساس في مثل هكذا قضايا.

اعداد تقرير صحافي او تلفزيوني عما يتعرض له المثليون الجنسيون في لبنان ليس فضيحة جنسية، بل قضية حقوقية. لذلك لا يمكن اعداد ذلك التقرير باستعمال مصطلحات ومفردات تسيء لهؤلاء الاشخاص وتزيد من معاناتهم في مجتمعات لا يزال هناك من يرى في الهوية الجنسية جرم يجب المعاقبة عليه من دون حتى اللجوء للقانون.

المثلية ليست مرضاً وليست جرماً، حتى ولو في لبنان مثلاً لا يزال هناك من يستغل مادة قانونية لتجريم المثلية الجنسية. قاعدة لا بد من الانطلاق منها دائماً، ولذلك تحدٍ آخر يواجه الصحافي في أن يوصل رسالة إحقاق المساواة في دولة لا تزال تنتهك حقوق مواطنيها ومجتمع لا يزال يزيد الخناق ويضيّق على من هم جزء منه وعدم السماح لهم بالقيام ما تقوم به غالبية الأفراد ايضاً.

من هنا يصبح من الصعب على شخص مثليّ الجنس ان يخرج الى العلن والتكلم بحرية عن هويته الجنسية وعمّا يتعرض له ايضاً من انتهاكات ومضايقات. لذلك بناء الثقة مع هذه الفئة من المجتمع ضروري، وعدم استغلال تلك الثقة هو الاهم ثانياً، فحماية هوياتهم أولوية، وايصال اي رسالة من دون تعريضهم للخطر ايضاً مهم. وهو ما لا يقدّره البعض في هذا المجال، لا سيما اننا لا نزال في مكان قد يخسر شخص ما حياته لمجرد معرفة رب عمل او فرد من الاسرة او احياناً ادارة جامعة ان مثليّ يدرس أو يعمل أو يعيش بينهم.

كل ما سبق قد يجتمع في مكان أصغر يعيدنا الى المعالجة السطحية لقضية الدفاع عن حقوق المثليين، وهي عقلية تحريرية تعاني من رهاب المثلية. هنا يكمن دائماً التحدي الأكبر. ففي ظل غياب مواثيق اعلامية وقوانين تنظم العمل الاعلامي وتحاسبه على التعرض لهذه الفئة من المجتمع سيظل العمل لتذليل العقبات السابقة صعباً للغاية.

وقد لا يكون هذا كل شيء، فالدفاع عن المثليّ وتوثيق الانتهاكات ضده، قد يجعل الصحافي نفسه معرضاً للهجوم، ومتهماً بإفساد اخلاق المجتمع والترويج لأفكار "شاذة" بالنسبة الى عقليات معينة في المجتمع. لذلك لا بد من ان يكون هذا العمل عن اقتناع، لأن مهمتنا كصحافيين لا تنتهي مع عرض التقرير او كتابة المقال، بل تلك تكون البداية فقط.

الدفاع عن حق المثلي،ّ لا يختلف عن حق الانسان بالعيش الكريم والامان والاستقرار. هو أولوية للعيش في مجتمع سليم تصان فيه الحقوق... لأننا جميعنا أقليات ولا يحق لنا اضطهاد بعضنا.