Loading...

المساواة بالارث.. لما لا يسير لبنان على خطى تونس

شكّل القرار رقم 60 الصادر في 13/3/1936 بداية لنظام الأحوال الشخصية في لبنان، فألزم اللبنانيين المنتمين إلى طوائف بالعودة إلى المحاكم الدينية في الأمور المتعلقة بالأحوال الشخصيّة بحالات معيّنة، و وبطبيعة الحال، إلى أحكام القانون المدني في الأمور الخارجة عن صلاحيات المحاكم الدينية.

ففي وقت، تمضي بلدان عربية للارتقاء بقوانينها، مثل تونس، بعدما كان الرئيس التونسي الباجي قائد سبسي قد دعا إلى مراجعات قانونية تساوي بالميراث بين االرجل والمرأة، لا تزال المرأة في لبنان تعاني من التمييز، وتخضع للقوانين االمذهبيّة، فيطبّق عليها قوانين وضعتها مرجعيات دينية، تعطي مميّزات للرجل على حساب المرأة في مواضيع الأحوال الشخصية، ومن بينها الارث.

ماذا نعني بحقوق المرأة الارثية؟

تشمل هذه الحقوق نصيب المرأة في معرض اعادة توزيع الثروة الخاصة داخل الأسرة.

كيف كانت الحال؟

في عهد الدولة العثمانية، كانت جميع الطوائف في لبنان تطبّق أحكام الشريعة الاسلامية المأخوذة من المذهب الحنفي الذي كان مذهب الدولة الرسمي، وبعد الاستقلال وانتهاء الانتداب الفرنسي، أصبح لكل طائفة في لبنان قانون أحوال شخصية مرتبط بالمذاهب، تحيد الدولة نفسها عنه.

كيف هي اليوم؟

تبقى قوانين الميراث عند المسلمين كما هي وفق قوانين الطوائف الدينية، ويمكن العودة إلى المحاكم المدنية بحال شطب القيد الطائفي. لكنّ ذلك لا ينطبق على المسيحيين، ففي 23/6/1959، صدر قانون "الإرث لغير المحمديين" حقق المساواة في الإرث بين الذكور والإناث، وحصر معاملات الإرث بالمحاكم المدنية المختصة.

كيف يُوزّع الارث عند الطوائف؟

1- أقر قانون الإرث لغير المسلمين الصادر بتاريخ 23 حزيران 1959 المساواة بين الجنسين واعتبر أن الطبقة الأقرب تحجب الأبعد.

2- لدى المسلمين: يحصل الرجل على مضاعف ما تحصل عليه المرأة. "للذكر مثل حظ الأنثيين".

من الأحق بالارث:

1- بالنسبة لغير المحمديين، يمكن للموصي بحسب قانون الارث والوصية ان يوصي بكامل امواله لكنه في بعض الحالات يجب عليه عدم المساس بالحصة التي حفظها القانون لكل من الفروع والوالدين واحد الزوجين.

2- بالنسبة للطائفة السنية، لا تجوز الوصية لغير الوارث الا بحدود ثلث التركة اما للوارث فلا تجوز الوصية الا بموافقة جميع الورثة، ويرتبط حصر الارث بوجود الولد الذكر فقط.

3- بالنسبة للطائفة الشيعية فقد اجاز الشرع الجعفري تنظيم الوصية للوارث ولغير الوارث بحدود ثلث التركة اما اذا تجاوزت الوصية نصاب ثلث التركة لوريث معين فيقتضي حينها موافقة جميع الورثة الاخرين، ويرتبط حصر الارث بالولدين الذكر والانثى.

ما هي الحواجز أمام المرأة؟

1- تواجه المرأة حواجز اجتماعية تعزّز من موقع الرجل، فتضطر للتنازل في كثير من الأحيان عن حقها بالارث نتيجة ضغوط اجتماعية، وذلك رغم أن الطوائف المسيحية كرّست مبدأ المساواة بالميراث بين الجنسين.

2- تواجه المرأة قوانين دينية عزّزت من موقع الرجل على حسابها، وخاصة لناحية توزيع التركة، فيأخذ الرجل منها أكثر من المرأة، من دون مراعاة للمساواة بين الجنسين، وذلك لدى الطوائف المسلمة.

ماذا عن اتفاقيّة "سيداو"؟

لم تتضمّن اتفاقية سيداو أي مادة تشير صراحة إلى موضوع المساواة بالارث بين الجنسين، لكن الموضوع ينطبق على عدد من المواد التي أبرزتها الاتفاقية.

وتنطبق مسألة المساواة بالارث في المادتين 15 و16:

- المادة 15 وقد وافق عليها لبنان، إذ تطلب من الدول الأطراف منح المرأة أهلية قانونية مماثلة لأهلية الرجل في الشؤون المدنية. وأن تكفل للمرأة، بوجه خاص، حقوقا مساوية لحقوق الرجل في إبرام العقود وإدارة الممتلكات وتعاملها على قدم المساواة في جميع مراحل الاجراءات المتبعة في المحاكم والهيئات القضائية.

- المادة 16 تحفّظ عليها لبنان، وتقول: "تتخذ كافة الدول الاطراف جميع التدابير المناسبة للقضاء على التمييز ضد المرأة في كافة الامور المتعلقة بالزواج والعلاقات الاسرية وبوجه خاص، تضمن على اساس تساوي الرجل والمرأة"، وتضمن هذه المادة نفس الحقوق والواجبات لكلا الزوجين في ما يتعلق بملكية وحيازة الممتلكات، والاشراف عليها، وادراتها، والتمتع بها، والتصرف فيها، سواء بلا مقابل أو مقابل عوض ذي قيمة.

كيف يكون الحل؟

ما الذي يمنع لبنان من السير على خطى تونس والدعوة لاجراء مراجعات قانونية في سبيل تكريس المساواة بالميراث بين الجنسين؟

الحل المؤقت يكون بتعديل المواد بقوانين الاحوال الشخصية وتكريس المساوة بالميراث بين الجنسين عند جميع الطوائف من دون استثناء، أما الحل النهائي والشامل يكون باعتماد قانون واحد للأحوال الشخصية لجميع الطوائف.