Loading...

شركة البترول الوطنية في لبنان، ضرورة؟

يطالب عدد من الأحزاب والنواب والخبراء في لبنان بتأسيس شركة نفط وطنية بحجة ان الدولة يجب ان تشارك في قطاع البترول لرفع ايراداتها في هذا القطاع. علماً ان المادة 6.2 من قانون الموارد البترولية في المياه البحرية اللبنانية 132/2010 تنصّ على ان: "يمكن انشاء شركة بترول وطنية بعد التحقق من وجود فرص تجارية واعدة." أي اشترط المشرّع ايجاد فرص تجارية قبل انشاء اي شركة وطنية في هذا القطاع. لكن هذا لم يمنع عدد من النواب من التقدّم باقتراح قانون لانشاء "شركة البترول الوطنية اللبنانية" عام 2017؛ وهذا قبل حتى الانتهاء من دورة التراخيص الاولى وتلزيم احدى البلوكات المعروضة. فهل انشاء شركة بترول وطنية امر ضروري قبل اكتشاف اي بئر تجاري كما نصّت المادة 6 من قانون الموارد البترولية في المياه البحرية اللبنانية 132/2010؟

تجيب على هذه الاسئلة السيدة فاليري مارسيل، زميلة مشاركة في تشاتام هاوس وخبيرة في شركات النفط الوطنية، وحوكمة قطاع النفط، ومنتجي النفط والغاز الناشئين.

الشركات الوطنية في قطاع البترول

تنشئ الدول شركة بترول وطنية للتحكّم بشكل أكبر بقطاع البترول ورفع نسبة الوارادات بالاضافة الى تطوير قطاعات موازية منها التعليم والطاقة والبنى التحتية.

وتقسّم أدوار شركات البترول الى ثلاثة:

- تجاري: حيث الشركة تعمل كشركات البترول الدولية.

- تنظيمي: حيث الشركة تعمل كوكالة وطنية، تراقب القطاع وترخّص للشركات العاملة.

- وطني: حيث الشركة تعمل لصالح الدولة وأهدافها.

حالياً الدور التنظيمي لشركات البترول الوطنية على انخفاض لأن معظم الدول تقوم بتأسيس جهاز تنظيمي ورقابي مستقلّ.

من ايجابيات إنشاء شركة بترول وطنية هي:

- القدرة على فهم أكثر لقطاع البترول لا سيما مرحلة الانتاج.

- دراسة ومراقبة وتحدّي الشركات الدولية العاملة في قطاع البترول.

- رفع الواردات من هذا القطاع.

- التحكّم بحجم الانتاج والمبيعات.

أما السلبيات هي:

- يمكن ان تصبح شركة البترول عبئاً على الدولة وغير فعّالة وغير كفوءة.

- او يمكن مع الوقت ان تصبح مستقلّة من دون اي مراقبة من قبل الحكومة مما يؤدي الى فساد وعقد استثمارات للمصلحة الخاصة للشركة وليس للمصلحة الوطنية.

شركات البترول الوطنية في الدول الناشئة المنتجة للنفط والغاز

من الافضل انشاء شركات بترول وطنية عند استكشاف بئر تجاري لا سيما في الدول الناشئة المنتجة للنفط والغاز. لأن انشاء شركة وطنية قبل اي استكشاف تجاري فيها مخاطرة كبيرة لا سيما ان الشركة ومجلس الادارة ليسوا من اصحاب الخبرة وعادةّ يأتون من مجال مختلف عن قطاع البترول مثل قطاع التأمين والملاحة. لكن هذا لم يمنع بعض الدول الناشئة من انشاء شركة بترول وطنية في بداية مسار التنقيب عن النفط مثل تنزانيا والموزمبيق، علماً ان هذه الشركات كانت صغيرة الحجم عدد موظفيها حوالي 9 او 10 وليس اكثر.

شركة البترول الوطنية في لبنان

في لبنان، انشاء شركة بترول وطنية امر حساس جداً لا سيما في البيئة السياسية والادارية مع مؤشرات مرتفعة في الفساد والمحاصصة. هذه الاوضاع قد تؤثر سلباً على عملية تأسيس وعمل شركة البترول الوطنية.

كما هنالك مخاوف على مستوى الرأي العام اللبناني ذات التوقعات العالية من هذا القطاع والشركة الوطنية تحديداً حيث يرى العديد منهم هذه الشركة بحجم وقدرة سعودي ارامكو مستقبلاً مما سيدفع اصحاب القرار الى اتخاذ قرارات غير صائبة بسبب ضغوطات الرأي العام وتوقعاته. وليس على لبنان تأسيس شركة بحجم سعودي ارامكو في قطاع حتى الان هو في بداياته.

"هنالك خطورة في الطموح الكبير والزائد وهنالك خطر في الوقوع في المحظور".

لذلك، ترى مارسيل انه اذا كان لا بدّ من انشاء شركة بترول وطنية يجب ان تكون صغيرة الحجم مؤلفة من 9 الى 10 اشخاص، ذات دور محدّد ومفصّل وعلى علاقة جيدة وتنسيقية مع هيئة ادارة قطاع البترول وتطبق نفس معايير هذه الادارة في الشفافية طبقا لمعايير مبادرة الشفافية في مجال الصناعات الاستخراجية (EITI).