فاجأ النائب ابراهيم كنعان، يوم الخميس 4 تشرين الاول، متابعي قطاع البترول في لبنان، بتعديلات على اقتراح قانون الموارد البترولية في الأراضي اللبنانية المقدّم من النائب محمد قباني. نتيجة هذا التعديل كانت اضافة موافقة مجلس النواب على عقود الاستثمار للتنقيب عن النفط في الاراضي اللبنانية. فهل موافقة البرلمان اساسية في مرحلة عقود الاستثمار وهل بإمكانه القيام بهذا الدور من دون التأثير على الاستثمارات في هذا القطاع؟ وهل يعتبر هذا القرار من الممارسات الفضلى في حوكمة قطاع النفط والغاز؟
يوم الخميس 4 تشرين الاول/اكتوبر 2018، تلا النائب ابراهيم كنعان محضر اجتماع اللجان المشتركة؛ تضمن المحضر تعديلاً على المادة الثانية البند الثالث من اقتراح قانون الموارد البترولية في الأراضي اللبنانية.
الفقرة الثالثة من المادة الثانية من قانون الموارد البترولية في الأراضي اللبنانية.
اذا، يخوّل هذا التعديل مجلس النواب على الموافقة على عقود الاستثمار في قطاع البترول في البرّ. فكيف لمجلس النواب المؤلف من 128 نائباً، لا خبرة تقنية لهم بالموافقة على عقود تقنية ومالية بحتة؟
في دراسة لمعهد حوكمة الموارد الطبيعية (NRGI)، "دليل الموافقة البرلمانية على عقود الموارد الطبيعية في تونس"، تبيّن أن فقط 12 دولة من 34 تمّ دراستها، تفرض موافقة برلمانية على عقود الاستثمار. من هذه الدول 7 تفرض موافقة برلمانية على عقود نفطية وهي: بوليفيا، ليبيريا، غانا، اليمن، البحرين، الكويت، أذربيجيان.
اٌقرّت جميع هذه الدول موافقة البرلمان على العقود النفطية بعد تغيّرات سياسية كبيرة، لا سيما نزاعات داخلية أو انقلابات،...
أما أهداف السلطات السياسية كانت طمأنة المستثمرين بشأن صلاحية عقودهم واعطاء البرلمانات صلاحيات لمواجهة قوة السلطة التنفيذية المهيمنة في الكثير من الأوقات على قطاعات اقتصادية مهمة كقطاع البترول. واضافة الى ذلك، تعزيز الشفافية والمساءلة في هكذا قطاع.
واتت خلاصة الدراسة انه من الصعب تبيان ما إذا كان هكذا قرار سيؤثر ايجاباً على شفافية قطاع البترول في هذه الدول؛ فتعزيز الشفافية يمكن الوصول اليها من خلال سنّ قوانين مكافحة فساد وتعزيز شفافية.
وترى لوري هايتيان، مديرة مكتب معهد حوكمة الموارد الطبيعية (NRGI) في منطقة الشرق الأوسط وشمال افريقيا، ان هكذا تعديل غير محبّذ في حوكمة قطاع الموارد الطبيعية. العمل في هذا القطاع سريع ودقيق ولا يتحمّل أي تأخير. كما أنه عمل اجرائي ولا يتحمّل دراسة ومناقشة لسنة.
بالاضافة الى ذلك، لا يتمتّع النواب بخبرة تقنية في هذا القطاع الجديد. فكيف ستتمّ قراءة العقود واقرارها بالسرعة المطلوبة؟
أما فيما يتعلّق بمراقبة عمل الحكومة، ترى هايتيان، ان لمجلس النواب ادوات متعددة نص عليها الدستور اللبناني يمكن استخدامها لتقييم عمل الحكومة ووزير الطاقة والمياه منها الاستجواب، المساءلة، طلب تقرير، طرح ثقة،... فلمجلس النواب دور رقابي وتشريعي ... "ليقم بدوره" في هذا المجال! وفي حال اقرار هذا التعديل من سيراقب عمل مجلس النواب؟
كما طرحت هايتيان اشكالية يمكن ان تقع في المستقبل في حال اقرار هذا التعديل في النسخة النهائية من قانون الموارد البترولية في الأراضي اللبنانية: على الارض، يمثّل نوابنا مناطق جغرافية محددة، فإذا تمّ تحديد بقعة جغرافية محددة للتنقيب فيها عن النفط ضمن دائرتهم الانتخابية، كيف نضمن ان نواب هذه الدائرة لن يتدخلوا في المفاوضات لصالح مصحلة خاصة وليس المصلحة العامة؟ والضغط في المفاوضات من اجل مكاسب انتخابية؟
الحجّة الدستورية لتعديل المدة الثانية الفقرة الثالثة من قانون الموارد البترولية في الأراضي اللبنانية:
في مقال في صحيفة الاخبار بعنوان " قانون «النفط في البر»: وزير الطاقة وحيداً "، أشارت الصحافية ميسم رزق ان معظم الكتل النيابية استندت على المادة 89 من الدستور اللبناني لتقوية دور المجلس النيابي في هذا القطاع.
المادة 89 من الدستور اللبناني
علمأ ان القانون رقم 132 "الموارد البترولية في المياه البحرية" لم يلحظ موافقة مجلس النواب على عقود الاستثمار؛ وكان قد أقرّه مجلس النواب السابق عام 2010 وقبلت به جميع الكتل النيابية.
كما تجدر الاشارة، الى ان الحكومات اللبنانية الاخيرة هي فعلياً مجلس نواب مصغّر. فأي اعتراض من وزير يعني اعتراض من قبل حزبه او كتلته؛ فلم العودة الى البرلمان في هذه الحالة؟
واين فصل السلطات في هكذا قرار سياسي؟ عادةً، يراقب البرلمان (اي السلطة التشريعية) عمل مجلس الوزراء (أي السلطة التنفيذية). فعند موافقة البرلمان على العقود من سيراقب عملها؟
وهل عمل مجلس النواب فقط مرتبط بالموافقة على العقود واقرارها ام له دور أوسع، مثل دراسة العقود او مفاوضة الشركات؟
بعد طرح هذا التعديل، على الكتل النيابية توضيح مواقفها من عمل مجلس النواب في اقرار العقود.
TAG : ,oil and gas ,بترول ,سلطة تنفيذية ,سلطة تشريعية