Loading...

الحياة من دون "واتس آب"... مستحيلة

اقتحم "الواتس آب" حياة الكثيرين. ربما أغلبية الناس. يضيع البعض في غيابه. يسألون أنفسهم فجأة: كيف سيتواصلون مع الأصدقاء؟ يقول أحدهم: "توقف عندي "الواتس آب"، فاضطررت إلى مجالسة أهلي. واللّه جماعة مهضومين". لا يشعر بأن حياته صارت تقتصر بجزء كبير منها على هذا العالم. إلا أنه في الواقع، بات أشبه بشخص منعزل، يدير "الأذن الطرشة" إلى محيطه.

فتح "الواتس آب" آفاق التواصل الإجتماعي إلى ما لا نهاية، وخصوصاً أن استخدامه مجاني ويقدّم خدمات عدة قرّبت المسافات بين المستخدمين، كالصور والفيديو والتسجيلات الصوتيّة. وحتى حين يجتمع الناس، تراهم منكبين على هواتفهم. تقاطع الحديث رسالة أو ابتسامة.

 

74،46 في المئة

WhatsApp، عبارة إنكليزيّة تعني: ماذا يجري؟ يمنح هذا التطبيق القدرة على معرفة كلّ ما يجري مع مَن يريد. سواء كان يعرفه أم لا، بمجرّد أن يُدخل رقم هاتفه، ما ساهم بتعرض العديد من الشابات إلى التحرش. إذ يلجأ عدد من الشباب إلى تركيب الأرقام بهدف التعارف. فإذا كانت صاحبة الرقم فتاة، تبدأ رسائل الملاطفة، بحسب جو (23 عاماً) الذي لم يجد أي فرصة عمل بعد. 

في المقابل، أصر بعض الأهل على أن يكونوا فاعلين على "واتس آب"، أقله للاطمئنان الى أولادهم، ما يعني أن استخدامه لم يعد حكراً على المراهقين. ويشير عدد من الدراسات التي أعدتها شركة "ADSL" أن نسبة رضى المستخدمين على هذا التطبيق تبلغ 74،46 في المئة. كذلك، يملك 36 في المئة من الللّبنانيين هواتف ذكيّة، أي ما يفوق 1،5 مليون شخص. ويمثّل هذا الرقم 40 في المئة تقريباً من مشتركي الهاتف الخلوي، ويستخدم 70 في المئة منهم "الواتس آب". وما يشجّع أكثر على استخدامه هو العروض المغرية التي تقدمها شركات الإتصالات. 

اللافت أن الإخوة الذي يقطنون منزلاً واحداً، باتوا يلجأون إلى التحدث عبر "الواتس آب". في المقابل، يرى بعض كبار السن أن هذا التطبيق يعد بمثابة آفّة إجتماعية واختراع يقطع التواصل بين الناس.

انقطاع التواصل الكلامي؟

وفي السياق، تقول الاختصاصية في علم النفس استير أبو أنطون أن "بعض الأهل يهملون أطفالهم لانشغالهم بوسائل التواصل الاجتماعي (social media)"، مضيفة أن ذلك يؤدي مع الوقت إلى "انقطاع التواصل ما بين الأهل وأبنائهم". وتشدد على "أهميّة التواصل الكلامي والصوتي والبصري بين الناس، ولا يمكن الاستعاضة عنه بالـ emoticons، الذي يضم مجموعة من تعابير الوجه تستعمل أثناء الدردشة لتبيان وضع مرسلها".

أقنع التلميذ في المرحلة المتوسطة مارون كريماتي والدته بإنزال تطبيق "الواتس آب" على هاتفها. راقبت أصدقاءها حتى أتقنت كيفية استخدامه، وصارت تراسلهم طوال الوقت، لدرجة أن الهاتف لم يعد يفارق يدها. ويضيف أنها "صارت تراسلني عبر "الواتس آب" حتى عندما أكون في البيت"! حاول اقناعها بالتقليل من استخدام الهاتف لكنها بدت عاجزة عن ذلك.

من جهته، يقول الشاب الجامعي ربيع قرنيب إنه "لا يستطيع العيش من دون "واتس آب"، لافتاً الى أنه "لم يكن يعيش حياته كما يحب قبل هذا التطبيق الذي منحه فرصة التعرف الى أناس جدد والتواصل مع الأصدقاء والأقارب في الخارج".

وعلى غرار أبو أنطون، تحذر عالمة الإجتماع منى سليمان من الانغماس الكلي في هذا الموضوع، لافتة الى أنه "لكلّ تكنولوجيا ايجابياتها وسلبياتها، وعلى الإنسان أن يجيد استخدامها، وإلاّ خلّفت آثاراً إجتماعية قد تؤدّي إلى التفكك الأسري، وإلهاء الشباب والشابات وبقية أفراد الأسرة عن واجباتهم الإجتماعية والحياتية".