أقرّ قانون حق الوصول إلى المعلومات في لبنان في 2 شباط 2017 ومرسومه التطبيقي في تموز 2020.
وأعطى القانون في المادة 14 منه مهلة 15 يوما للردّ على طلب المعلومات مع إمكانية تمديد هذه الفترة لمرّة واحدة في حال كان الطلب يتضمّن عددا كبيرا من المعلومات.
فهل المهلة الزمنية المحدّدة في القانون هي المعوّق أمام عمل الصحافيين؟
يحتاج العمل الصحافي اليوم إلى السرعة والدقّة في المعلومات، ولم يحدّد قانون الحق في الوصول إلى المعلومات أي آليات خاصّة للصحافيين بما يختص بالفترة الزمنية للرد على طلب المعلومات.
معوّقات القانون
يقول المستشار القانوني في الجمعية اللبنانيّة لتعزيز الشفافية محمد المغبط لـ"مهارات نيوز" إنّ المهلة القانونيّة المحدّدة في القانون مطابقة للمعايير الدوليّة وهي نفسها المهلة المحدّدة في أميركا وكندا وغيرها من الدول.
ويشير المدير الإقليمي في برنامج الأمم المتحدة الإنمائي في الدول العربية أركان سبلاني أنّ لا آليات خاصّة لتسريع طلب المعلومات بالنسبة للصحافيين في قوانين الوصول للمعلومات التي اقرتها الدول العربية كالأردن وتونس.
ويشرح المغبط أنّ مسألة المهلة الزمنيّة تتوقّف على نوع المعلومة فإذا كان الطلب يقتصر على الحصول على قرار صادر في تاريخ معيّن، فالرد يجب أن يكون سريعا. اما اذا كانت المعلومات المطلوبة مثلا العقود كافة التي اجراها مجلس الانماء والاعمار في عام 2020 فبطبيعة الحال سيستغرق الرد وقتا أطول.
ويتابع المغبط: "تقع المشكلة الأساسية في نيّة وإرادة الإدارات العامّة بإعطاء المعلومات. فقد طلبت، في شهر آذار الفائت، معلومات من هيئة التحقيق الخاصة وتحديدا من حاكم مصرف لبنان رياض سلامة لاستخدامها في دراسة علمية، لا اهداف سياسية لها وتلقيت الرد في شهر آب الفائت، اي بعد ستة اشهر!“.
في هذا الإطار يقول سبلاني أنّ المهلة المنصوص عليها قانونيا هي الحدّ الأقصى، أي أنّه يمكن إعطاء المعلومة خلال يوم أو يومين أو مباشرة حسب حجم المعلومة.
وتروي الصحافيّة ليال بو موسى عن تجربة لها مع القانون، معللة استنادها الى مصادرها الخاصّة بأنّ بعض الإدارات كانت ترفض إعطاء المعلومات بحجّة أن "لا مصلحة لنا في هذه المعلومات“، او بحجة عدم صدور مرسوم تطبيقي للقانون على الرغم من أنّ القانون كان يعتبر نافذا من تاريخ إقراره أي في عام 2017.
وتتابع: "لم تشكّل المهلة القانونية عائقًا أمام عملي لأني لم اعتمد على القانون بل اعتمدت على بناء ثقة مع موظفين غلّبوا المصلحة العامّة على أي اعتبار آخر".
ويعتبر سبلاني أنّ المشكلة الأساس هي في الثقافة المؤسسية ومدى مرونة الإداريين ورغبتهم في الشفافيّة، وإعطاء المعلومات، والقدرة التقنيّة على إعطاءها بدءا من الأرشفة وصولا إلى وجود كادر بشري جاهز ومتخصّص.
ويتوجّب على الإدارات العامّة وفق القانون نشر كل المعلومات المتعلّقة بالقوانين والمراسيم والقرارات الإدارية كما ونشر الوثائق المتعلقة بأي عمليّة إنفاق تتجاوز خمسة ملايين ليرة لبنانية، وتقارير سنوية عن نشاطات الإدارات الملزمة تتضمن قطع حساباتها.
في هذا الإطار تؤكّد مديرة مشروع مكافحة الفساد في برنامج الأمم المتّحدة الإنمائي UNDP ناتاشا سركيس لـ"مهارات نيوز" أنّه على الرغم من عدم وجود استثناء للصحافيين بما يختص في المهلة الزمنية للردّ على طلب المعلومات، الا انه اذا التزمت الإدارات بتطبيق القانون والشفافية في نشر المعلومات تلقائيا لن يكون هناك صعوبة لدى الصحافي في عمله“.
ويشير القانون في المادة الخامسة منه أنّ المعلومات غير القابلة للنشر هي المتعلّقة بالأمن القومي أو المعلومات الشخصية.
ويرى المغبط أنّ المشكلة في هذه المادّة أنّها استثناء مطلق، مما يشكّل عائقا كبيرا ومخالفة للمعايير الدولية ولإلتزامات لبنان الدولية. فدوليا تخضع المعلومة لاختبار المصلحة العامّة ففي حال كان نشر المعلومة المتعلّقة بالأمن القومي يحقق ضررا عاديا وليس ضررا جسيما وجب نشرها، وفي حال كان الضرر جسيما لكن المصلحة العامّة تقتضي نشر المعلومة أيضا وجب نشرها، أي أن المفهوم الدولي لمصطلح الأمن القومي هو نسبي بحسب ما تقتضيه المصلحة العامّة.
وفي هذا الإطار تقول سركيس: " مشكلتنا هي مع المعلومات التي يعتبرها المعنيين حساسة، في حين يجب نشرها من أجل المصلحة العامّة".
تفعيل القانون
تقول بو موسى ”إنّ ظروف البلد ما بعد انتفاضة 17 تشرين ساعدتنا في عملنا، فمثلا قبل الانتفاضة كانت الدوائر العقارية والسجلات التجارية ترفض إعطاءنا معلومات عن السياسيين أما بعد الانتفاضة أصبحوا يستجيبون لكلّ المعلومات التي نطلبها“.
وتتّضح من هنا أهميّة قانون حق الوصول إلى المعلومات وتفعيله عبر دورات تدريبيّة لموظفي المعلومات وللإدارات العامّة يعرفون من خلالها تفاصيل القانون وواجباتهم تجاه مقدّمي طلبات المعلومات.
ويقول المغبط إن المشكلة في الإطار العملي للقانون، أنّه وضع تنفيذه بأيدي إدارات لا تملك الموارد البشرية ولا الموارد الماديّة لتطبيقه. وهنا يقع دور الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد التي لم تتشكّل بعد في تدريب موظّفي الادارات العامة لتطبيق قانون الحق في الوصول إلى المعلومات.
من جهتها أكّدت سركيس أنّ برنامج الأمم المتّحدة الإنمائي UNDP بالتعاون مع منظمة التعاون الإقتصادي والتنمية OECD أعدّا دليلا لموظفي المعلومات في الإدارات العامّة، على أن يعتمد في التدريب لمعرفة واجباتهم والتقدّم في تفعيل القانون أكثر.
وأشارت الى أهمية أن يعي الصحافي حقوقه في هذا المجال وأن يسعى لكسب المعلومات ليكون دوره، في حال التلكّؤ في إعطاء المعلومات، الضغط باتجاه التزام الإدارة تطبيق القانون.
TAG : ,قانون حق الوصول الى المعلومات ,المهلة القانونية ,الصحافيين ,المعايير الدولية