Loading...

إقبال خجول على صندوق إعادة بناء مؤسسات الأعمال في بيروت.. وفقدان الثقة أحد الأسباب

 

رغم تخصيص الجهات المانحة صندوقاً لدعم وإعادة بناء مؤسسات الأعمال التي تضرّرت جرّاء انفجار مرفأ بيروت، إلاّ أنّ قلّة من أصحاب المؤسسات استفادت من التمويل، ما يفسّر غالبا بعامل الثقة المفقود بسبب كثرة الوعود التي قدّمتها جمعيات وهيئات من دون نتيجة.

 

بعد نحو عام من انفجار مرفأ بيروت المروّع، تمّ توقيع اتفاق لإنشاء صندوق إعادة بناء مؤسسات الأعمال في بيروت على نحو أفضل (B5)، بقيمة 25 مليون دولار، بتمويل من الصندوق الائتماني المخصص للبنان المتعدد المانحين والذي يديره البنك الدولي.

وتم إنشاء الصندوق الائتماني في كانون الأول 2020 عقب إطلاق إطار الإصلاح والتعافي وإعادة الإعمار (3RF) لتعبئة الموارد التمويلية من المنح والهبات، وتعزيز التنسيق لموارد التمويل دعماً للتعافي الاجتماعي والاقتصادي للفئات الأشد حاجة ومؤسسات الأعمال التي تضررت من الانفجار.

وجاء توقيع الاتفاق بعدما أظهر مسح أولي على مستوى الشركات أجراه البنك الدولي نهاية 2020، أن 17% من الشركات قد أغلقت، و79% من الشركات شهدت تراجعا في المبيعات بنسبة 69% كمعدل وسطي، و61% من الشركات قد قلّصت عدد موظفيها الدائمين بنسبة 43%.

ويهدف صندوق B5 إلى دعم تعافي المؤسسات الميكروية والصغيرة التي تضررت بشكل مباشر من جراء انفجار المرفأ، وتعزيز عمل مؤسسات التمويل الصغير (Microfinance Institutions) المؤهلة. ومن أهدافه كذلك المساعدة على الحفاظ على الوظائف في القطاع الخاص والحدّ من عمليات إغلاق المؤسسات وتسريح العمال.

وتمّ اختيار مؤسسة "كفالات" لتنفيذ المشروع، باعتبارها تملك القدرة على إدارة المشروع ولدرايتها  بسياسات البنك الدولي وخبرتها الفنية القوية، وفق البنك الدولي.

والمنحة مقسّمة على الشكل التالي: 18.5 مليون دولار لمؤسسات الأعمال الصغيرة (MSE)، خمسة ملايين دولار لمؤسسات التمويل الصغيرة (MFI)، و1.5 مليون دولار لإدارة المشروع.

تشرح نائبة المدير العام في مؤسسة كفالات يولا سري الدين في حديث لـ"مهارات نيوز" أنّه تم تقسيم المتضرّرين ضمن المنطقة المحدّدة للمشروع إلى قسمين: الشركات الرسميّة التي تملك القدرة والمعرفة اللازمة للتسجيل إلكترونياً في المشروع، والشركات غير الرسمية والعاملين لحسابهم الخاص بما في ذلك رواد الأعمال من المنزل والذين لا يملكون القدرة الكافية للتقدم بطلب مباشر للحصول على منحة.

وجرى الاستعانة، وفق سري الدين، بمؤسسات ذات تمويل صغير(MFI) لرصد الشركات المتضرّرة ميدانيا ومساعدتها للتسجيل والاستفادة من المنحة.

ومن أصل سبع مؤسسات متقدّمة ومطابقة للمواصفات المطلوبة، تمّ اختيار أربع مؤسسات ذات تمويل صغير.

ورغم تضرّر حوالى 10 آلاف مؤسسة أعمال مملوكة ملكية خاصة، جراء انفجار المرفأ، لكن العدد الذي تقدّم للاستفادة من صندوق إعادة بناء مؤسسات الأعمال قليل جداً، وفق سري الدين.

 

انعدام الثقة

وقد بدت أسباب الإحجام عن تقديم طلبات للصندوق واضحة بعد جولة ميدانية في مار مخايل، المنطقة الأكثر تضرراً من الانفجار. يعرب أصحاب المؤسسات عن عدم الثقة واليأس بعدما طرق أبوابهم عدد كبير من الجمعيات لم تف بوعودها بالمساعدة، ولم تعد المؤسسات بالتالي مهتمّة في تقديم الطلبات.

ويقول الأستاذ جوزف صليبا وهو صاحب سوبر ماركت: "جاءت جمعيات عديدة لتسجيل الأضرار بنيّة المساعدة، ولكن لم نحصل منها على شيء يذكر".

ويضيف: "لا ثقة في الجمعيات، كنا قد أصلحنا ما يقارب 80% من الأضرار على نفقتنا الخاصة من دون مساعدة أي جمعية".

على بعد أمتار في الحي ذاته، يرى الأستاذ جورج وهو صاحب محلّ "دهانات نولا" أن الجمعيات حظيت بمساعدات مالية كبيرة لكن غالبيتها "حرامية"، لافتاً إلى أنها "لم تأت باختصاصيين لإنجاز أعمال الدهان والترميم وسواها، ما أدّى إلى فوضى كبيرة".

لكنه في الوقت ذاته يقرّ بحصوله على مساعدات محدودة مقارنة مع أصحاب المحال التجارية الذين لم ينالوا شيئاً.

وفي السياق ذاته، يقول الأستاذ انطوان صعب وهو  صاحب ميني ماركت إنّ الكثير من الجمعيات لم تف بوعودها، ما أوجد حالة من اليأس وعدم الثقة، في حين أن تلك التي قدّمت مساعدات، لم يكن عملها بالشكل المطلوب.

 

2011 طلباً فقط 

وفق البيانات المنشورة على صفحة صندوق "B5"، تم استلام 2011 طلباً فقط للاستفادة من مساعداته، تمّت الموافقة على 1589 طلب منها. وتمّ بالمجمل توزيع 5.8 مليون دولار فقط من إجمالي 18.5 مليون.
في هذا الإطار، يشرح البنك الدولي لـ"مهارات نيوز" أنّ العدد الكبير من برامج المنح المختلفة التي وعدت بالتمويل دون الوفاء بها  أدّت إلى التردد من جانب المستفيدين المحتملين تجاه مشروع "B5"، لكن هذا الواقع بدأ يتغيّر مع بدء صرف المنح ومشاهدة الناس للنتائج".

 

ونتيجة للأزمات الإقتصادية والمالية الراهنة، يواجه الناس/المستفيدون المحتملون مخاوف عالية من انعدام الأمن المالي. فهم يعانون من وصول محدود  للغاية الى التمويل ويواجهون العديد من الأولويات المستجدة، ما يعزز مخاطر احتمال الاستخدام غير السليم لمنح B5، ويبرز الحاجة إلى مزيد من العناية الواجبة في مسار الرقابة.

وتعد البيانات المكرّرة من بين التحدّيات كذلك. وتوضح  سريّ الدين: "من المحتمل أن تدخل مؤسسة من مؤسسات التمويل الصغيرة (MFI) المشاركة في المشروع إلى سوبر ماركت وتملأ استمارة بإسم وليد مثلاً، من ثم تأتي مؤسسة تمويل صغيرة أخرى وتملأ استمارة بإسم أبو وليد، ما يُعتبر تكرارا للبيانات، وقد شكّل هذا الأمر تحدياً كبيراً أمام سير المشروع".

لضمان الشفافية، ركّز البنك الدولي في خطته على أن يصار إلى صرف المال بعد إتمام التدقيق الذي تجريه كفالات مع الجيش اللبناني ومنصات المساعدات الأخرى بهدف تقييم الأضرار وتجنّب تمويل المتضرّرين أكثر من مرة.

إضافة إلى ذلك، وضع البنك الدولي مسؤولية المراقبة على عاتق شركة كفالات ووسطاء التمويل الأصغر، ومرفق التمويل اللبناني (LFF) الذي يلعب دوراً في مراقبة المشروع والإشراف عليه.

ويطلع البنك الدولي مرتين سنويا على حسن تنفيذ المشروع مع الكشف عن النتائج للجمهور والقيام بزيارات ميدانية بانتظام للمستفيدين منه.

ومستقبلا، سيتمّ التعاقد مع وكالة مراقبة ثالثة (TPMA) على مستوى مرفق التمويل اللبناني (LFF) لإجراء مراجعة مستقلة للتحقق من عملية تنفيذ جميع المشاريع الممولة من المرفق، بما في ذلك صندوق B5، على أن تتحقّق الوكالة من معايير الاختيار وعملية التقييم والصرف واستخدام الأموال للتأكد من أنها تتماثل مع الدليل التشغيلي للمشروع، وفق ما أفاد البنك الدولي ل "مهارات نيوز".

 

 

TAG : ,الصندوق الائتماني المخصص للبنان ,b5 fund ,صندوق النقد الدولي ,البنك الدولي ,مؤسسات التمويل الصغيرة ,مؤسسات الأعمال الصغيرة