Loading...

السلع والمواد الغذائية: لا سقف لارتفاع الأسعار، ولا حدّ لانهيار المواطن وجشع التجار

 

 

تباع ربطة الخبز في السوق السوداء بـ20 ألف ليرة وقطعة جبنة "الكيري" 3 آلاف ليرة. قالب الجبنة مع كيلو اللبنة بـ100 ألف ليرة. مساحيق غسيل الثياب أيضاً أصبح سعر الكيلو الواحد منها يتراوح ما بين 85 ألف و100 ألف ليرة. هذه عيّنة من الذلّ التي يعيشها المواطن اللبناني. أكثرية المواد الغذائية والسلع الأساسية مفقودة من الأسواق أو سعرها يتخطّى المنطق، بعد ان وصل تضخم العملة في لبنان الى مستويات غير مسبوقة. ففي بلد الحد الأدنى للأجور هو 675 ألف ليرة لبنانية التي كانت توازي 450 دولار قبل الازمة، أصبحت اليوم توازي 40 دولاراً او ما دون، لأن هذه الأجور تتأرجح مع التلاعب بسعر صرف الدولار في السوق السوداء. كما ان رب العائلة الذي يراوح راتبه حوالي مليوني ل ل لم تعد تكفيه لشراء الاطعمة ودفع ثمن 5 أمبير للمولد لأن كهرباء الدولة دائماً مقطوعة، اضافة الى تعبئة سيارته بالوقود.

وفق تقرير الأمم المتحدة لسنة 2021 أصبح 77 في المئة من الشعب اللبناني غير قادر على شراء السلع الأساسية من المأكل، واصبح أكثرمن 50 في المئة منهم دون خط الفقر. منذ العام 2019 الى الآن، وصل تضخم بعض السلع الى 1100 %، وسلع أخرى الى 625%. وبعدما كان مبلغ 100 ألف ليرة يشتري كيلو لحم ودجاج ولبنة وجبنة وزيت وعلبة طون ويبقى منها، أصبحت في العام 2021 بالكاد تشتري جبنة ولبنة.


جدول مقارنة السلع الغذائية بين أعوام 2019 الى 2021:


في نظرة سريعة على جدول مقارنة أسعار السلع نرى الفارق الجنوني للأسعار بعد انهيار ما يقارب 90 بالمئة من قيمة العملة الوطنية. لكن الاسوأ هو فارق الأسعار ما بين السوبر ماركات، ففي جولة استطلاعية على السوبرماركت في المناطق يبدو واضحاً التفاوت في الأسعار: في منطقة كفرحزيرفي الكورة، زيت غندور دوار الشمس 3 ليتر بـ 122990 ل ل، بينما في قضاء المتن تراوح السعر في 4 سوبرماركت ما بين 118000 و 135000 ل ل. الامر نفسه لمسحوق الغسيل اريل  6 كيلو في كفرحزير 151990 ل ل، اما في المتن فتراوح السعر ما بين 125990 و 135125 ل ل. ويختلف سعر معلبات الطون بحسب العلامة التجارية وكذلك بين منطقة، اذ يتراوح السعر ما بين 19990 و 39990 ل ل. كما يتراوح سعر الحبوب ما بين 37500 و 51990 ل ل للكيلو الواحد. وغيرها من المواد والسلع الغذائية التي يختلف سعرها بين منطقة وأخرى. حتى ان بعض السلع يتغيّر سعرها في سوبرماكت واحدة في غضون أربعة أيام تماشياً مع اختلاف سعر صرف الدولار، اذ تغّير سعر الزبدة 400 غ  في احدى سوبرماركات المتن من 42000 ل ل الى 52760 ل ل، وعلبة حفاضات بامبرز الكبيرة من 205750 الى 342999 ل ل.

لماذا هذا الغلاء غير المسبوق؟
وفق أحد تجار الجملة والمفرق في المتن عيد حايك، فإن هذا الغلاء ناتج عن عوامل كثيرة، منها عدم تشكيل حكومة واستمرار تدهور سعر صرف الليرة اللبنانية مقابل الدولار الأميركي والتهريب الى سوريا عبر المعابر غير الشرعية.

"طالما الدولار غير مستقرّ، فلن تستقر الأسعار. واليوم نواجه أيضاً ازمة المازوت التي تهدد الجميع. فأنا املك محالاً كبيراًوان أردت الاستمرار في عملي كما بقية التجار، أشتري المازوت من السوق السوداء، مما يؤدي حتماً الى ارتفاع أسعار المواد والسلع". وأضاف: "ولا ننسى ان الكثير من البضائع مستوردة، فاقتصادنا ليس منتجاً بل يعتمد على الاستيراد، كما أن جائحة كورونا ضاعفت من الأزمة الاقتصادية ليس فقط محلياً بل أيضاً عالمياً".


يؤكد حايك ان ثمة احتكاراً من بعض التجار لسلع مطلوبة أو سلع كانت مدعومة بهدف بيعها وتحقيق أرباح أكبر بعد قرار رفع الدعم عنها.  
فالاحتكار وتفاوت الأسعار والغش الذي يمارسه بعض التجار تقع مكافحتها على عاتق وزارة الاقتصاد، الا أن المدير العام للوزارة لم يرد على اتصالاتنا للاستفسار عن الاجراءات التي تقوم بها الوزارة للحد من التلاعب والاحتكار وضبط الأسواق.

ماذا عن المنتجات المحلية؟
المنتجات المحلية أيضاً ارتفع ثمنها. وتؤكد صاحبة أحد المعامل باتريسيا هاشم ان الخسائر باهظة بسبب التدهور المالي. "نشتري كل السلع الأساسية التي نحتاج اليها في التصنيع من الخارج وبالدولار الأميركي. حاولنا ان نستفيد من الدعم من منصة صيرفة، لكن الواسطة للبعض لعبت دوراً فأصبح الدعم لفئة معينة من الناس. والآن برزت أزمة المازوت التي فاقمت مرارة الواقع، فاضطررنا الى إلغاء صناعة بعض منتجاتنا لأن مردودها أصبح لا يغطي تكلفتنا. علماً اننا نحاول تخفيف العبء عن كاهل المواطنين، لكن اذا طالت الأزمة قد نضطر الى الاقفال وبالتالي يصبح عمّالنا عاطلين عن العمل وهذا ما لا نريده".

بعد احتكار مادتي المازوت والبنزين من قبل جميع الأطراف، أصبح المواطن يشك بأن جميع التجار يحتكرون ما لديهم من السلع بغية بيعها بسعرٍ مُربحٍ أكثر مع رفع الدعم عن كل شيء. لسان حال الجميع، مواطنون وتجّار: الحل الوحيد للحد من الانهيار هو تشكيل حكومة سريعاً، تنال ثقة اللبنانيين والمجتمع الدولي، وتبدأ بالاصلاحات والمفاوضات مع صندوق النقد الدولي، فتعاود الحركة الاقتصادية مجراها، وتضع لبنان على خارطة الاقتصاد المنتج وليس الريعي.

 

TAG : ,السلع ,المواد الغذائية ,ارتفاع الأسعار ,التجار ,لبنان