Loading...

المتاجرة بالبيانات في سبيل كسب الأموال يؤثر على عدالة ونزاهة الانتخابات

 

اقترح وزير الاتصالات جوني القرم زيادة مداخيل قطاع الاتصالات عبر بيع بيانات المستخدمين إلى شركة جوجل أو إلى الشركات المحلية، مضيفًا أهمية استخدامها في الانتخابات القادمة من قبل المرشحين، في مقابلةٍ أجراها عبر شاشة الـMTV في برنامج "بيروت اليوم". فهل يحق لوزارة الاتصالات جمع وبيع بيانات المواطنين، وهل من قانون يحمي بياناتهم الشخصية؟ 

 

أقرّ المجلس النيابي في أيلول 2018 قانون المعاملات الالكترونية والبيانات ذات الطابع الشخصي، الذي وضع تنظيماً قانونياً لموضوع حماية البيانات ذات الطابع الشخصي. فهو يحدد أهداف معالجة المعلومات ذات الطابع الشخصي وضوابطها والمعالجات الممنوعة قانوناً وكيفية جمع المعلومات ذات الطابع الشخصي وموجبات المسؤول عن المعالجة ومسؤولياته وركّز الصلاحيات في يد السلطة التنفيذية وفق المادة 95 التي نصت على وجوب استحصال ترخيص بجمع البيانات ومعالجتها من وزارة الاقتصاد والتجارة.

 

إلاّ أن هذا القانون استثنى أشخاص الحق العام إذ أشار في المادة 94 منه إلى أنه لا يتوجب التقدم بأي تصريح أو طلب أي ترخيص لمعالجة بيانات ذات طابع شخصي في حالات المعالجات التي يجريها أشخاص الحق العام كلٌ في نطاق صلاحياته. 

 

ولكن لم يتطرق القانون أبدًا إلى مسألة بيع البيانات ولم يسمح أو يشر لها بحسب القاضية هانية الحلوة، ولكنه استثنى العاملين في الحقل العام والدولة اللبنانية من تطبيق مادة طلب الإذن وأخذ ترخيص لجمع المعلومات ومعالجتها.

 

وكان القرم قد أعلن في المقابلة التلفزيونية نفسها عن تشكيل لجنة أمنية تحت اسم "لجنة دراسة موضوع تزويد الأجهزة الأمنية والعسكرية بحركة الاتصالات الكاملة" لمعرفة ما يحق لوزارة الاتصالات من بيعٍ للبيانات. فما هي هذه اللجنة المستحدثة وما هو دورها؟

شرح الوزير القرم في مقابلةٍ مع "مهارات نيوز" أن دور هذه اللجنة هو مراقبة أمن الاتصالات، كما كلّفها بثلاث مهمّات.

أولًا، على هذه اللجنة مراقبة أمن الاتصالات في كل من شركتي "ألفا" و "تاتش" ووزارة الاتصالات، لضمان عدم تسريب أي معلومات وبيانات حساسة خارج هذه المؤسسات، "لأنني شخصيًا لا أتحمل هذه المسؤولية في حال تسربت معلومات إلى دول خارجية أو جهات معادية". 

ثانيًا، طلب القرم من اللجنة متابعة أعمال السرقة التي تلحق مواد الاتصالات من بطاريات وكابلات عائدة للسنترالات.

ثالثًا، دراسة موضوع إنشاء تجارة في البيانات الممكن بيعها أو الاستفادة منها ضمن الحقوق المتاحة لرفع إيرادات قطاع الاتصالات. 

 

ولكن، أوضح القرم لـ"مهارات نيوز" أن "الالتباس الذي حصل حول حديثي عن بيع البيانات تمحور حول البيانات الشخصية ولكن لم أتطرّق أبدًا في حديثي عن هذه البيانات ولكن تحدثت عن معلومات إحصائية وجماعية قابلة للمشاركة وقدّمت مثلًا عن ذلك، وما حصل كان سوء فهمٍ مقصود أو غير مقصود". وترك مجريات هذا الملف في يد اللجنة التي ستحدد مستقبلًا حقوق استخدام هذه البيانات. 

 

وفضّل عدم مشاركة أسماء أفراد هذه اللجنة مكتفيًا بالتأكيد أن كل أعضائها مهندسي اتصالات وهم خبراء في هذا المجال. 

 

 
 

البيانات، أداة انتخابية!

لم يكتفِ وزير الاتصالات باقتراحه جمع وبيع البيانات بل نوّه إلى التخطيط لاستخدامها في الانتخابات المقبلة قائلًا في مقابلته على ال م تي في : "نحن قادمون على موسم انتخابات من الممكن أن يكون هناك أشخاص يهمها معرفة كم شخص يمر على اوتوستراد جل الديب بين بين السادسة والعاشرة"، من دون معرفته مدى تأثير هذه الخطوة على نزاهة الانتخابات.

 

ولكن استغلال البيانات من قبل الوزراء في وزاراتهم خطوة قام بها عدد من الوزراء السابقين خلال الانتخابات الفائتة. إذ استفاد النائب جبران باسيل من توزُّرِه في وزارة الخارجية والمغتربين عبر الحملة الانتخابية التي سيّرها في زيارته لأكثر من 150 دولة على حساب الوزارة مسّتغلًا مواردها وبياناتها.

 

كما استغل النائب نهاد المشنوق أيضًا بيانات وزارة الداخلية والبلديات آنذاك لمصلحة حملته الانتخابية، بسبب عدم وجود أي ضوابط وأطر قانونية كافية لحماية البيانات، بحسب المدير التنفيذي للجمعية اللبنانية من أجل ديمقراطية الانتخابات (LADE) علي سليم. 

 

وأكد سليم أنه لا يجب أن يتم نشر المعلومات الشخصية للناخبين، لأن نشر أي معلومات متعلقة بهم هو انتهاك علني لحرمة الخصوصية بغض النظر لأي فريق ستعطى هذه البيانات أو إذا كانت ستنشر للمجتمع ككل، وهو من غير المقبول أن يتم القيام بخطوة مماثلة إن كان في إطار الانتخابات أو غيرها من الأطر. 

 

وشدد سليم على أن مشاركة هذه البيانات مع الأحزاب لاستخدامها في الانتخابات انتهاك صريح لحماية البيانات، كما ستؤثر على العدالة الانتخابية وستعطي الأفضلية لمرشحين لهم القدرة على الوصول إلى هذه المعلومات. مطالبًا بوجود إدارة مستقلة للانتخابات ودائمة لها كيانها وآلية عملها الخاص واعتمادات مالية تمكنّها من القيام بعملها وغير تابعة لأي سلطة سياسية، لمراقبة العملية الانتخابية لجميع المرشحين من الألف إلى الياء.

 

إذًا، ما أشار إليه وزير الاتصالات تدور حوله العديد من الالتباسات ما بين قصد الوزير وما يحق للوزير يؤّكد القانون عدم سماحه بعملية المتاجرة بالبيانات، كما يساهم هذا الاقتراح بزعزعة نزاهة الانتخابات وتفضيل مرشحين عن غيرهم ما يؤدي إلى لا عدالة انتخابية. 

 

TAG : ,data ,personal data ,بيانات ,بيانات شخصية ,بينات عامة ,اتصالات ,وزير الاتصالات ,وزارة الاتصالات ,انتخابات ,انتخابات نيابية 2022