Loading...
false

غير صحيح

Law1
هل يشمل قانون "تعليق المهل الإدارية والقانونية والعقدية" مُهل الموازنة العامة؟
03/03/2025

يشهد لبنان سجالاً واسعًا حول الصيغة الأفضل اليوم للتعامل مع موضوع مشروع موازنة العام 2025 بين من يرى أن الأرقام لم تعد واقعية خاصة مع ما فرضته الحرب الاخيرة من أعباء ونفقات إضافية وبالتالي يجب استردادها وعدم إصدارها بمرسوم حكومي دون درسها، وبين من يعتبر أن إقرار مشروع موازنة 2025 بمرسوم اليوم بات ضرورة ملحة كوزير المال السابق يوسف الخليل الذي اعتبر في تصريح في بداية شهر شباط أن اقرارها بمرسوم يبقى أسلم ماليًا من عدم إقراره واللجوء إلى الصرف على القاعدة الاثني عشرية.

 

تناولت صحيفة نداء الوطن في عددها الصادر في 28 شباط 2025 إمكانية توجه الحكومة الجديدة نحو إقرار مشروع الموازنة الذي أعدّته حكومة الرئيس نجيب ميقاتي المستقيلة، بمرسوم بذريعة "انتهاء المهلة الدستورية" وعدم إقراره في مجلس النواب بسبب عدم قدرة النواب على الحضور إلى البرلمان خلال الحرب أو لاعتراض بعضهم الآخر على التشريع قبل انتخاب رئيس للجمهورية.

 

وتناول التقرير رأي لرئيس لجنة المال والموازنة النائب ابراهيم كنعان رفض فيه الحجج التي تُساق حول انتهاء المهلة الدستورية، وأنه يوجد مخرج منطقي لهذا الأمر يتمثل "بقانون تمديد المُهل" الذي أقره البرلمان، ويشمل كل المهل الإدارية والقانونية والتعاقدية، وبما فيها قانون الموازنة. وينتهي تاريخه في نهاية شهر آذار 2025، ما يسمح بإقرار موازنة جديدة ومناقشتها قبل انتهاء المهلة.

 

فهل يشمل قانون تعليق المهل الإدارية والقانونية والعقدية مُهل الموازنة العامة؟

 

تُوضّح  المادة 86 من الدستور المُهل الزمنية لإقرار الموازنة حيث تنص على أنه "إذا لم  يبت مجلس النواب نهائيا في شأن مشروع الموازنة قبل الانتهاء من العقد المعين لدرسه فرئيس الجمهورية بالاتفاق مع رئيس الحكومة يدعو المجلس فورًا لعقد استثنائي يستمر لغاية نهاية كانون الثاني لمتابعة درس الموازنة.

 

ولم تلحظ المادة طُرق أخرى لإقرار الموازنة إلا بأن تصدر بمرسوم عن مجلس الوزراء حيث تضيف المادة 86 أنه "إذا انقضى العقد الاستثنائي هذا ولم يُبت نهائيا في مشروع الموازنة فلمجلس الوزراء أن يتخذ قرارًا، يصدر بناء عليه عن رئيس الجمهورية، مرسوم يجعل بموجبه المشروع بالشكل الذي تقدم به الى المجلس مرعيا ومعمولا به. ولا يجوز لمجلس الوزراء أن يستعمل هذا الحق إلا إذا كان مشروع الموازنة قد طرح على المجلس قبل بداية عقده بخمسة عشر يوما على الأقل".

 

على أنه في مدة العقد الاستثنائي المذكور تجبى الضرائب والتكاليف والرسوم والمكوس والعائدات الاخرى كما في السابق اساسا ويضاف اليها ما فتح بها من الاعتمادات الدائمة ويحذف منها ما أسقط من الاعتمادات الدائمة وتأخذ الحكومة نفقات شهر كانون الثاني من السنة الجديدة على القاعدة الاثني عشرية.

 

وفي كانون الأول 2024 صدر القانون رقم 328/2024 "تعليق المهل القانونية والقضائية والعقدية"  ونُشر في العدد 49 من الجريدة الرسمية بتاريخ 5 كانون الأول 2024. وبحسب القانون يعلق حُكمًا بين تاريخ 8 تشرين الأول 2023 و 31 آذار 2025 ضمنا، سريان جميع المهل القانونية والعقدية الممنوحة لأشخاص الحقين العام والخاص بهدف ممارسة الحقوق على أنواعها سواء أكانت هذه المهل شكلية أو اجرائية أو جمركية او امتد أثرها الى أساس الحق. ولكن ماذا عن مهل الموازنة؟

 

يشرح الخبير الدستوري سعيد مالك أن قانون تعليق المُهل الصادر عن المجلس النيابي والذي شمل كافة المُهل القانونية والقضائية حتى نهاية آذار من العام الحالي لا ينطبق على مهل الموازنة وهي مهل دستورية. ويؤكد مالك أن الدستور هو قانون أسمى من كافة القوانين الأخرى فلا يمكن تعليق مهلة دستورية ضمن إطار قانون يصدر عن مجلس النواب، ولا يمكن تعليق مُهل قانونية بقرارات تصدر عن الحكومة، كما لا يمكن لمهل صادرة في قرارات أن يصدر تعاميم عن مديرين عامين بتعليقها، فهناك هرمية في إطار القوة الاجرائية لأي قانون أو نص.

 

ويضيف مالك، "نعم يمكن أن يُصار إلى اعادة دراسة قانون موازنة جديد ولو من خارج المهل لأن هذه المُهل هي مُهل حثّ وليست مُهل إسقاط طالما أن الهدف الأساسي هو انتظام المالية العامة.

 

بدوره يوضح المحامي نجيب فرحات أن قانون تعليق المهل يُعلّق المهل القانونية، أما المهل المتعلقة بالموازنة هي مهل منصوص عليها في المادة 86 من الدستور ولتعليقها نحتاج لتعديل دستوري يوازي هذه النصوص التي وضعت المهل. وبالتالي لا يمكن الانطلاق من قانون تعليق المهل والاعتبار أننا لا نزال ضمن المهل الطبيعية لمناقشة وإقرار الموازنة. 

 

والحل الأفضل المتوفر في الوضع الحالي بحسب فرحات هو أن تقوم الحكومة باسترداد مشروع الموازنة وتقوم بدراسته وتقديمه بصيغة أفضل مع قطع الحساب وارساله إلى المجلس النيابي لدراسته وإقراره، (خاصة أنه ليس هناك ما يمنع المجلس من إقرار قانون الموازنة ولو من خارج المهل الدستورية بحسب قرارات المجلس الدستوري)، وفي هذا الوقت يتم إقرار قانون في مجلس النواب بالصرف على اساس القاعدة الاثني عشرية الى حين إقرار موازنة جديدة. وإذا توافرت الإرادة يمكن بخلال وقت قصير القيام بذلك لان اقرار الموازنة بالصيغة الحالية المرسلة في أيلول 2024 بات غير واقعي ولن يفيد بشيء.

 

إذًا فغير صحيح أن قانون "تعليق المهل الإدارية والقانونية والعقدية" يشمل مُهل الموازنة العامة، حيث  أن المهل المتعلقة بالموازنة هي مهل دستورية وهي لا تُعدّل أو تُعلّق إلا بتعديل دستوري وليس من خلال  قانون يصدر عن مجلس النواب.