عشرات الإتصالات انهالت على الخطوط الساخنة في الجمعيات النسائية، تطالب فيها المؤازرة لرفع العنف عنهن خلال فترة الحجر الصحي لمنع تفشي فيروس "كورونا". لم تكن الجمعيات قادرة على استقبال الكثير، بسبب اجراءات التعبئة العامة، فيما لم تقدّم "الهيئة الوطنية لشؤون المرأة اللبنانية"، كهيئة رسمية يُفترض أنها تمتلك النفوذ والقدرة، اي آلية ترفع العنف عن نسوة تعرضن للضرب في تلك الفترة الاستثنائية، مما فتح النقاش حول دورها وقدراتها وعملها، الى جانب نقاش موازٍ عن صلاحياتها.
وانكشف التقصير خلال فترة التعبئة العامة، عندما قيّدت الاجراءات الرسمية لمنع تفشي فيروس "كورونا"، عمل الجمعيات النسائية. فخلال السنوات الماضية، كانت تستغيث المعنفات بجمعيات نسائية تُعنى بالدفاع عن حقوق المرأة، بهدف مؤازتها على الجانب القانوني، وتوفير الحماية لها من العنف.
لكن الأزمة الصحية الاخيرة، حدّت من حركة الجمعيات، بالتزامن مع ازدياد مضطرد بنسب العنف ضد المرأة، بلغ 184بالمائة زيادة عما كان الامر عليه في العام الماضي، بحسب احصائيات "قوى الامن الداخلي" التي أعلنت في بيان لها عمّمته بتاريخ 4 مايو/أيار الماضي، أنّ عدد شكاوى جرائم الابتزاز والتحرّش الجنسي ارتفع بنسبة 184 في المائة، بعد إعلان أول إصابة بفيروس كورونا في البلاد في 21 فبراير/شباط الماضي، علماً أنّه في عام 2018 بلغ عدد التبليغات 1123، وفي عام 2019 وصل العدد إلى 1270، أمّا منذ بدء عام 2020 وحتى شهر مارس، فقد سُجّل 315 تبليغاً.
و"الهيئة"، تضطلع بدور صلة الوصل بين المجتمع المدني والدولة اللبنانية. أنشئت في التسعينيات لتكون جسراً يقرّب بين الجمعيات وأصحاب القرار، وأنيطت بها صلاحيات استشارية لا تتعدى إبداء الرأي في القضايا النسائية، من دون ضرورة الأخذ به. وهو ما حوّلها من هيئة رسمية إلى أشبه بجمعية تناصر قضايا النساء وتعمل من أجل تحقيق العدالة للنساء. لكن الفارق الوحيد مكانتها الرسمية وقدرتها على الوصول بسهولة إلى أصحاب القرار.
تقدّم كلودين عون رئيسة الهيئة الوطنية رأياً مغايراً عن الواقع الذي تم تصويره خلال فترة الحجر الصحي، لاسيما تجاه دورها في تلك الفترة. توضح لـ"مهارات نيوز" ان الهيئة شاركت في اجتماع تنسيقي الكتروني مع الهيئات ووزارة الشؤون الاجتماعية والجمعيات "لتوفير مأوى للنساء"، حيث "تعرفنا على التحديات التي تواجهها". وتبين من خلال الاجتماع، أنه منذ تلك الفترة وحتى اليوم، "لا تزال المآوي تملك القدرة الاستيعابية لاستقبال النساء وبإمكان النساء الذهاب اليها".
مواقع الحماية، بحسب السيدة كلودين عون روكز، "ممولة من وزارة الشؤون الاجتماعية التي تعد مسؤولة عن توفير الحماية للنساء وليس الهيئة التي هي هيئة استشارية لرئاسة الحكومة وكل الإدارات العامة".
وتضيف: "خلال فترة انتشار كورونا، ظهر دور الهيئة بعد اغلاق الجمعيات لمراكزها خوفاً من الوباء من خلال تعزيز الآليات القضائية والحماية. كما قمنا بالعديد من المبادرات مع وزارة العدل والشؤون الاجتماعية والحكومة للسماح للقضاة بأخذ إفادات النساء عبر الهاتف واستحصال قرارات بالحماية". بالإضافة إلى ذلك، "وزعنا استمارات على الجمعيات والمراكز بهدف الحصول على داتا عن أوضاع النساء وتحلليها، منها تحليل حجم العنف واسبابه إثر الحجر المنزلي". وتعرب عن اعتقادها "ان دورنا كان أساسيًا في هذه المرحلة وسوف يظهر بالمستقبل من خلال تعديل القوانين".
صلة الدولة بالمجتمع المدني
ترتبط الهيئة التي أنشئت بالقانون رقم ١٩٩٨/٧٢٠ في العام 1998، برئاسة مجلس الوزراء بهدف تعزيز حقوق المرأة في المجتمع اللبناني وتطوير ادماج قضايا النوع الإجتماعي في سياسات وبرامج الوزارات والمؤسسات العامة، علماً أن الهيئة هي مؤسسة رسمية، وتعد التعيينات في رئاسة الهيئة الوطنية وعضويتها، هي تعيينات شرفية تستوجب عملا تطوعيا ولا تستتبع تقاضي بدلاً مالياً.
وضعت الهيئة الوطنية لشؤون المرأة اللبنانية "الاستراتيجية الوطنية العشرية للمرأة في لبنان" (2011- 2021) بالتعاون مع شركائها في القطاعين الرسمي والاهلي. وسعت الهيئة من خلال هذه الاستراتيجية إلى تمكين المرأة وإلى تأمين المساواة بينها وبين الرجل على الأصعدة الاجتماعية، السياسية، المدنية، الاقتصادية والثقافية.
وترى كريمة شبو من حملة "جنسيتي حق لي ولأسرتي" ان "هذه الهيئة جاءت نتيجة عمل الجمعيات النسوية وصلة وصل بين المجتمع المدني والدولة اللبنانية، من غير أن تتحول الى سلطة ثانية حتى لو كانت تابعة للحكومة" ما يعني ان تحظى باستقلالية عن السلطة لناحية دورها ومهامها. وتضيف: "هذه الهيئة يجب ألا تكون صورة مصغرة عن السلطة او الحكومة لأنها بذلك تتعارض مع مبدأ الحقوقية وتكرس الطبقية والتبعية، خصوصا في موضوع التعيينات التي يجب إعادة النظر فيها إذ يجب أن تضم الناشطين والناشطات الذين يعملون على الأرض من أجل قضايا النساء بما يحقق الرؤية التي تشكلت الهيئة على اساسها". وترى شبو ان "تحوّل الهيئة إلى صورة مصغرة عن السلطة، حال دون إحراز أي تقدم،والدليل على ذلك قانون الحضانة وقانون المشاركة السياسية التي ما زالت كما هي الأمر الذي يجعل النساء تستمر في خوض المعارك".
أداء متعثّر
تتألف الهيئة الوطنية من جمعية عامة مؤلفة من أربعة وعشرين عضواً معينين بموجب مرسوم لمدة ثلاث سنوات قابلة للتجديد. وتعتبر السيدات من النواب والوزراء أعضاء حكميين بصفة استشارية في الهيئة طوال مدة ولايتهن. تنتخب الجمعية العامة من بين أعضائها ثمانية أعضاء يؤلفون المكتب التنفيذي. يسمي رئيس الجمهورية رئيسة الهيئة الوطنية. وتتولى رئاسة الهيئة الوطنية حالياً السيدة كلودين عون روكز (ابنة الرئيس اللبناني ميشال عون)، وتتولى كل من السيدتين وفاء الضيقة حمزة (وزيرة سابقة) ونورا المولوي دياب (زوجة رئيس الحكومة حسان دياب) منصب نائبتي الرئيسة. ينشط أعضاء الهيئة الوطنية في إطار لجان متخصصة دائمة أو مؤقتة تقترح المشاريع على المكتب التنفيذي كما وتتابع سير العمل في المشاريع والبرامج المنفذة.
وتعمل العاملات في الهيئة بصفة متطوعات، إذ نص قانون إنشائها على أنها تستمد ماليتها من "المساهمة المالية المرصودة سنويا لهذه الغاية في موازنة رئاسة مجلس الوزراء، ومن المساعدات والهبات التي تتلقاها من الهيئات غير الحكومية المحلية والأجنبية ومن المنظمات الدولية".
وتقول لينا أبو حبيب من حملة "جنسيتي كرامتي" ان الاداء في الواقع لا يعبر عن "فكرة إنشاء الهيئة وظروف نشأتها ودورها"، ذلك ان "المطلوب منها كان مأسسة قضايا النساء وأن تكون جسراً بين الحكومة والمنظمات النسوية والتقريب بينهما والعمل معاً من أجل النساء والايفاء بالوعود الرسمية تجاههن لجهة إيصال صوت النساء والهيئات النسوية".
وترى أبو حبيب أن "التشكيلة تمت من خلال المحاصصة وتشبه السياسة العامة في البلد. وباتت تُعرف كجمعية بدلاً من أن تكون هيئة وطنية من واجبها القيام بمشاريع". ولا تنفي أبو حبيب أن الهيئة "سارت وفق خطوط حمراء متماشية مع النظام الطائفي لجهة ابداء انزعاجها في الوقت نفسه من الهيئات النسوية غير المنضوية تحت النظام الحاكم"، معتبرة ان ذلك "أسوأ ما قامت به من خلال محافظتها وتثبيتها للخطوط الحمراء التي يفرضها النظام الحاكم وهذا ما ترك أثراً سلبياً على قضايا النساء"، مستدلة الى قانون الجنسية الذي قدمته الهيئة الوطنية "إذ يعتبر قانوناً تمييزياً تم تقديمه على انه الأفضل والأنسب".
محاصصة وعضوات بصفة استشارية
ينظر البعض الى تركيبة الهيئة على أنها صورة مصغرة عن آلية التعيينات التي تحصل في سائر الأروقة الحكومية. ويتم التعيين وفق منطق المحاصصة ويتم توزيع المواقع وفق توازنات طائفية وسياسية شأنها شأن الحصص التي يتم توزيعها بين الأحزاب. فهي تضم زوجات الوزراء والنواب ووجوه معروفة، كما تنص المادة الثانية من قانون انشاء الهيئة التي جاء فيها: "يتم تأليف الجمعية العامة للهيئة من شخصيات مشهود لهم بنشاطهم المتصل بشؤون المرأة".
أما المادة الثالثة فتنصّ على اعتبار السيدات من الوزراء والنواب طوال مدة ولايتهن اعضاء حكميين في الهيئة ويضطلعن بصفة استشارية.
وتحتج الناشطات النسويات على المادتين، ويعتبرن ان الخلل الأول يتمثل في تغييب الناشطات اللواتي عملن على دعم قضايا النساء منذ عقود. أما الدور الاستشاري فيثير الاسئلة حول أهمية وجود هذه الفئة من النساء ودورهن في العمل على تعزيز دور المرأة في حين أن دورهن يتلخص بالاستشاري فقط. وتتوقف الناشطات عند التبعية السياسية والحزبية التي تحول دون إقرار قوانين تنصف المرأة، ذلك ان مهمة العمل على إقرار قانون مدني للأحوال الشخصية، سيصطدم برفض التيارات السياسية والحزبية التي تنتمي إليها عضوات الهيئة.
تعتبر رئيسة الهيئة كلودين عون أن الهيئة الوطنية بأعضائها تمثل الشعب اللبناني بكل تعدديته وبكل الاختصاصات وعلى جميع الأصعدة والمجالات. أما تعيين أعضاء الهيئة فتقول لـ "مهارات نيوز" " فهو يتم من خلال اقتراح مرسوم من قبل رئيس مجلس الوزراء ويمضيه رئيس الجمهورية كما ولسنا نحن من نقوم بتعيينهن".
قانون الاحوال الشخصية
يمثل تحدي اقرار قانون مدني للأحوال الشخصية، جزءاً من معركة وقدرة الهيئة على تلبية مطالب النساء اللبنانيات، الى جانب تجريم العنف ضد المرأة والحد منه، وتعزيز مشاركة النساء بالحياة السياسية، والتوصل الى اقرار كوتا نسائية في المواقع الرسمية، وإقرار قانون منح المرأة اللبنانية جنسيتها لأولادها، وهي قضايا لطالما نادت بها من الجمعيات النسائية من جهة، والهيئة الوطنية لشؤون المرأة من جهة ثانية.
الهيئة الوطنية ليست المجلس النيابي، بهذه الجملة تختصر كلودين عون لـ " مهارات نيوز" دورها في السعي لإقرار هذا القانون. وتتابع "يعني إقرار القوانين ومشاركة المرأة بالحياة السياسية يحتاج إلى قرار سياسي من كل القوى السياسية. نحن طالبنا ونطالب بقانون مدني للأحوال الشخصية إلا أنه للأسف لا يوجد إجماع من القوى السياسية والحزبية على إقرار هذا القانون. نحن نعمل لاقناع الجميع بضرورة إقرار هذا القانون في المجلس النيابي"
وترى لينا أبو حبيب أنه "كان بإمكان الهيئة السعي لإقرار قانون مدني للأحوال الشخصية ومواءمة القوانين مع اتفاقية سيداو، لاسيما قانون الجنسية والعمل والقوانين الموازنة والمراعية للنوع الاجتماعي كتونس والمغرب، بالإضافة الى تنسيق مع الهيئات النسائية". وتقول: "كان المطلوب من الهيئة بناء القوانين المرتكزة على المساواة واعتماد مبدأ الشفافية مع المجتمع المدني إلا أن التزامها بالسقف الطائفي خرّب كل المطالب النسائية".
انجازات واخفاقات
مع ذلك، أعلنت الهيئة عن مجموعة انجازات حققتها في ولايتها التي تتألف من ثلاث سنوات، وذلك خلال زيارة رئيس الجمهورية ميشال عون لعرض أبرز الانجازات، ومن ابرزها "الاضاءة على أهمية دور الهيئة الوطنية كمؤسسة رسمية تشكل المرجعية الاولى في الدولة اللبنانية في كل ما يتعلق بقضايا النساء".
كذلك، "اعداد اقتراحات ومشاريع قوانين ضرورية واساسية للنهوض بوضع المرأة في لبنان"، من بينها تعديل قانون "حماية النساء وسائر افراد الاسرة من العنف الأسري"، ومشاريع تعديل قانون العمل، وقانون الضمان الاجتماعي، والقانون المتعلق بجرم التحرش الجنسي، اضافة الى القانون المتعلق بتحديد سن 18 سنة كسن ادنى للزواج، والقانون الذي يعترف بحق المرأة اللبنانية بنقل جنسيتها الى اولادها. وان الكرة اليوم هي في ملعب المجلس النيابي لكي يدرس مشاريع القوانين هذه ويقرها، ليساهم بذلك في تحقيق المساواة بين المرأة والرجل، في الحقوق كما في الواجبات.
ومن ضمن الانجازات، "اعداد خطة العمل الوطنية لتطبيق قرار مجلس الأمن الرقم 1325 حول المرأة والسلام والأمن، وذلك بعد اقرارها من قبل الحكومة السابقة لكي يبدأ تنفيذها بشكل فعلي وجدي"، واعداد تقارير لبنان الدولية الخاصة بالمرأة، و"تمثيل لبنان في الخارج، لا سيما لدى لجان وضع المرأة التابعة للأمم المتحدة وجامعة الدول العربية ومنظمة المرأة العربية، كما وفي مختلف المحافل الدولية".
وذكرت من ضمن الانجازات أيضاً، "الاستجابة لمواجهة أزمة كورونا وتداعياتها من خلال القيام بمبادرات فاعلة وحملات توعية هادفة ساهمت في تخفيف الظلم اللاحق بالمرأة اللبنانية، من خلال اعتماد مبدأ المساواة بين المرأة والرجل في عملية اجلاء اللبنانيين من الخارج، كما ومن خلال اعتماد اجراءات استثنائية لحماية ضحايا العنف الاسري التي ارتفعت نسبتها في ظل تفشي هذا الوباء"، و"المساهمة في تغيير الصورة النمطية للمرأة والعمل على تمكين النساء وتكريس دورهن على الصعد السياسية والاقتصادية والاجتماعية، من خلال برامج ونشاطات وحملات توعية، ادت مؤخرا الى مشاركة النساء بنسبة 30% في الحكومة الحالية"، فضلاً عن "التعاون الوثيق والشراكة الثابتة مع منظمات المجتمع المدني ووكالات الامم المتحدة، من خلال برامج هادفة ومتنوعة تصب في مصلحة المرأة اللبنانية وتساهم في ازالة التمييز ضدها".
لكن هذا الاعلان، لا يرتقي الى مصاف "الانجازات" بحسب ما عبّر الناشطون، واعتبرت حملة "جنسيتي كرامتي" اننا لا نحتاج الى المزيد من المقاربات السياسية والطائفية لقضايا النساء المحقة ".
مراوحة وتمييز
وكان الرئيس عون توجه الى الهيئة خلال زياتها أخيراً له بالقول: "انتم في الهيئة مؤهلون لتكريس وحدة لبنان لا سيما اذا ما عملتم على تحقيق مشروع قانون الاحوال الشخصية الذي يساوي بين الجميع"، متابعا: "هذه توصيتي اليكم للمضي قدما في هذا الاتجاه. علينا توحيد القوانين لكي يتحد لبنان، وانا اقول لكم ذلك بعد تجربة عمر طويل".
وتذهب شبو الى ما هو أبعد من مشروع قانون واحد، لتضع ملاحظاتها على عمل الهيئة ككل، إذ ترى "غياباً والتباساً في عملها من خلال منافستها لعملنا وذلك عبر حمل سلة مطالب تختلف عما نطالب به.
غير أن هذه الصورة، تقدم ليلى عواضة من جمعية "كفى" نقيضها، معتبرة ان وجود كلودين عون في هذه الهيئة "أنتج فارقًا في نشاط الهيئة وتمكنت من خلال علاقاتها مع السلطة من دفع قضايا المرأة إلى الواجهة وجيّرت علاقاتها لخدمة قضايا النساء". ومع أنها لا تنفي أن التشكيلة "هي انعكاس للسطلة وتتماشى معها" إلا أن "الجهد كان واضحاً خلال ولاية الهيئة. فقد حملت ملفات قتل النساء إلى الحكومة وانتجت مشاريع قوانين تخص العنف الأسري". وإذ تقرّ بأن الإنجازات لم تحقق بعد، إلا أنها تعدّ "النشاط كان ملفتاً".
وترى عواضة ان أهم انجاز "هو تخصيص الخط الساخن 1745 للتبليغ عن العنف الاسري خلال فترة كورونا والذي سرعت الهيئة العمل به، كما دفعها إلى إصدر تعميم إلى قضاة الأمور المستعجلة بقبول الإفادات التي تقدمها النساء المعنفات عبر الهاتف بعد أن تكون قوى الأمن الداخلي قد تبلغت بها عن طريق الخط الساخن 1745 بهذه الحالات وذلك عن طريق البريد الالكتروني".
ولاية جديدة وجردة حساب
في أواخر أيار/مايو المنصرم، انتهت ولاية الهيئة، بعد ثلاث سنوات على صدور المرسوم 772 عام 2017، القاضي بتعيين أعضاء الجمعية العامة للهيئة برئاسة السيدة كلودين عون روكز لمدة ثلاث سنوات. وفي 25 حزيران 2020، أصدر رئيس الجمهورية العماد ميشال عون مرسوم تعيين أعضاء الجمعية العامة للهيئة الوطنية لشؤون المرأة رقم 6523 برئاسة السيدة كلودين عون روكز، وذلك بناء على القانون رقم 720 تاريخ 5/11/1998 في تعديلات طفيفة في عضوية الاعضاء، وحازت الهيئة على اشادة الرئيس عون.
لكن الاشادة، تنظر اليها الخبيرة الجندرية كارمن جحا على انها "شكلية ورمزية شأنها شأن الدعم الذي قدمه رئيس الجمهورية ميشال عون". فهذه ليست المرة الأولى التي يدعم فيها رئيس الجمهورية شفهيًا إقرار قانون مدني للأحوال الشخصية في حين لم يتم حتى اليوم تقديمه، معتبرة ان "الجواب على ذلك يكمن في آلية عمل الهيئة المرتبطة بإرادة سياسية ما يمنعها من الضغط أجل إقرار هذا القانون". وترى جحا أن هناك "تراجعاً من حيث الأثر الحقيقي على تطور قضايا النساء وذلك بسبب عدم وضع هدف واضح مرجو تحقيقه ومتابعته كما يجب". وتصف جحا مسار الهيئة بالبطيء وذلك لعدة أسباب منها نظرة الدولة إلى هذه الهيئة على أنها "مؤسسة لا تقدم خدمات نفعية ما ينعكس على عدم منحها موازنة واعتمادها على التمويلات الخارجية".
وتتولى الهيئة الوطنية لشؤون المرأة اللبنانية، بحسب قانون انشائها، مهام استشارية "لدى رئاسة الحكومة وسائر الإدارات والمؤسسات العامة تتناول الشؤون المتصلة بأوضاع المرأة وبكل ما يتعلق بتنفيذ إجراءات وخطط لتعزيز أوضاع المرأة وتأمين فرص متكافئة بينها وبين الرجل". وتشمل هذه المهام إبداء الرأي والملاحظات واقتراح خطط متكاملة على الحكومة من اجل تحقيق الأهداف التي دفعت إلى إنشاء الهيئة.
وتأسف عواضة، بدورها، لاختصار دور الهيئة بالاستشاري فقط من قبل الدولة إذ لم تقدم صلاحيات واسعة لها، والجهد الذي تقوم به الهيئة هو جهد أفراد. تقول: "المطلوب اليوم هو رصد ميزانية تصرف على قضايا النساء ومنحها صفة تقريرية حتى يكون دورها على المستوى المطلوب. وإلا أن الهيئة سيبقى دورها محدودًا ولا تعدو كونها جمعية مثل باقي الجمعيات".
"وجود الموازنة من شأنه تعزيز فريق العمل والموارد البشرية ويسمح لنا بالقيام بحملات أكتر" تقول كلودين عون وتشرح "تعتبر الموازنة اليوم ضئيلة في مقابل مهام الهيئة وما تقوم به من أعمال. وهذا يرتبط بالثقافة التقليدية الذكورية في البلد حيث ينظر إلى المرأة بصورتها التقليدية، ويشبهون ما نقوم به في الهيئة بالطبخ في منازلنا وهذا غير صحيح. عدم الاعتراف الجدي بنا وبعملنا كهيئة وطنية هو جوهر نضالنا كسيدات لبنانيات، حيث نعاني من تمييز في القوانين على جميع الأصعدة فهل ننتظر أن نأخذ حقوقنا كلها والاعتراف بدورنا والمرأة في القانون ما زالت غير معترف بها و لا تستطيع أن تعطي هويتها لأولادها؟"
ومن ضمن مهام الهيئة، ثمة مهام ارتباطية وتنسيقية في الشؤون المتصلة بأوضاع المرأة وبهدف تعزيز هذه الأوضاع مع مختلف الإدارات والمؤسسات العامة، ومع مختلف الهيئات الأهلية والمدنية، ومع الهيئات والمنظمات العربية والدولية.
من جهتها، تعرب أبي حبيب عن اعتقادها انه "حان الوقت لعمل مواجهة ومراجعة شفافة وعلمية لعمل الهيئة والقوانين التي تحمي النساء لأننا كدولة ما زلنا متأخرين في هذا الصدد مقارنة مع الإصلاحات التي تمت مع عدد من الدول العربية". وتتابع: "المطلوب اليوم عدم المساومة في قضايا النساء، وفي حال فعلنا، فإننا نسمح للهيئات التي تتحكم برقاب النساء بمتابعة ما تقوم به". وتختم: "على سبيل المثال خلال الحجر الصحي توفيت 6 نساء ولم نسمع صوت الهيئة ونساء حرمت من رؤية أولادها بسبب اغلاق المحاكم الروحية وهنا مكمن الخلل".
TAG : ,الهيئة الوطنية لشؤون المرأة ,women ,covid 19 ,lockdown ,lebanon