أقرّت إدارة شركة كهرباء لبنان في 8 تشرين الأول 2022 في إطار خطة الطوارئ الوطنية لقطاع الكهرباء رفع تعرفة الكهرباء 10 سنتات لكل أوّل 100 كيلوواط/ساعة لتصبح التعرفة 27 سنتًا للاستهلاك بعد أوّل 100 كيلوواط/ساعة ولكل التعرفات الاخرى، وذلك بهدف زيادة ساعات التغذية الكهربائية.
ولكن ما هو مصير رسوم جباية الكهرباء وهل سيؤدي فعليًا رفع التعرفة إلى زيادة ساعات الكهرباء كما يزعم المعنيون؟
أكدت شركة الجباية Bus في حديثٍ لـ"مهارات نيوز" على أنها لم تتلقَ أي معلومات متعلقة برفع تعرفة الكهرباء وآلية الجباية الجديدة أو عن موعد رفع التعرفة والاستراتيجية التي ستتبع، على عكس شركات الجباية الأخرى Mrad، N.E.U، وKVA التي لم تجب على أيٍ من اتصالاتنا.
لذلك، جمعت "مهارات نيوز" عددًا من الفواتير التي تم دفعها في بعضٍ من المناطق اللبنانية لمعرفة الأشهر التي تقوم بتغطيتها، ليتبين أن بيروت، الشياح، الحدت، والمناطق القريبة من محيط مطار بيروت الدولي هي أكثر المناطق تأخرًا في سداد الفواتير إذ تعود معظمها لعام 2020.
شمالًا في قبة طرابلس تم تسديد الفواتير عن شهر نيسان 2021، فيما دُفعت في صيدا - الجنوب آخر الفواتير عن شهر حزيران أيضًا لعام 2021.
أما في منطقة المتن، كفردبيان، عكار ومحيطها فسُدِّدَت الفواتير عن شهر حزيران 2022، مما يظهر تفاوتًا كبيرًا في وتير الجباية بين منطقة ومنطقة وبين محافظة ومحافظة، بفترة تتراوح من عام إلى عامين.
ما هي التداعيات المالية لزيادة تعرفة الكهرباء؟
أكد رئيس الجمعية الاقتصادية اللبنانية والخبير الاقتصادي السابق في صندوق النقد الدولي الدكتور منير راشد لصحيفة النهار في 26/9/2022 على أنه "يتوّجب أولًا إصلاح قطاع الكهرباء ووقف الهدر فيه، لكي يرفع من فعاليته وتخفيض تكلفة الإنتاج الناتجة عن تعثّر الإدارة في مجالات عدة"، مضيفًا أنه وقد يتحقّق ذلك من خلال خصخصة إدارة المؤسسة إثر مناقصات تتبع المعايير العالمية، "من هنا، يرى كل من البنك الدولي وصندوق النقد أن رفع التعرفة فقط بدون إصلاح جذري لن ينهي تعثّرهذا القطاع".
وشرح راشد أن الوضع المالي لمؤسسة كهرباء لبنان سيعتمد على مدى تغطية التعرفة المقترحة لتكلفة الإنتاج والتي تقّدر بنحو 22 سنتًا للكيلوواط/ساعة. ويشمل ارتفاع التكلفة عوامل عدة منها التهرّب من الجباية، التعرفة الخاصة للقطاع العام مع الهدر السائد في القطاع. وستبلغ الخسارة السنوية 0.7 مليار دولار لتوفير تغذية لمدة 10 ساعات بسعر 10 سنتات، ستتحمّله المالية العامة والمواطن. وسيستمر الوضع المالي لمؤسسة كهرباء لبنان في حصد الخسائر، إضافة إلى المتراكمات السابقة، والتي كانت عاملًا هامًا في تكبير حجم الدين بالدولار، واستنزاف ودائع المواطنين بالدولار.
إن قرار رفع التعرفة هو قرار عشوائي ومتأخر وهناك صعوبة كبيرة في تطبيقه، وغموض في نتائجه المالية، خصوصًا أن المواطن هو من سيتحمل عبء ديون المؤسسة، يؤكد مدير عام الاستثمار السابق في وزارة الطاقة والمياه غسان بيضون في حديث مع "مهارات نيوز".
ويشرح بيضون "إن هذه الخطوة ستزيد العجز بسبب الهدر والاستمداد غير الشرعي وسرقة الكهرباء الذي كان 36% قبل الأزمة عندما كان سعر الكيلوواط 138 ليرة، فكيف هو الحال اليوم إذًا عندما سيصبح سعر الكيلوواط متحركًا وعلى السنت الأميركي بحسب سعر صيرفة؟"
أما بالنسبة لفواتير الجباية فليس هناك من خطة واضحة عن كيفية سير العملية مع بدء التعرفة الجديدة، ومتى ستتحول الأموال إلى المؤسسة، وماذا ستفعل المؤسسة بهذه الأموال فعليًا. فهذه التعرفة التي سيُهدر منها 60 أو 70% لتسديد العجز والديون، لن تستطيع تغطية كلفة المحروقات بحسب بيضون.
لذلك، اعتبر بيضون أنه كان يجب أن تُدرج التعرفة في إطار موازنة المؤسسة لسنة 2023 ليتبيّن ما هي النفقات والإيرادات، وكيفية تغطية النفقات بالإيرادات المجباة. كما يجب أن تُبيّن المؤسسة ما عليها من مستحقات ومتأخرات. ومن غير المنطقي أن تقارن نفسها بالمولدات لأنه من المفترض أن كلفة الإنتاج في المؤسسة أقل، وبالتالي يجب أن تكون أرخص من المولدات.
وكانت الخبيرة في تمويل الطاقة كارول عياط قد نشرت في 21 كانون الأول 2021 عبر حسابها على تويتر خطة إصلاحية شاملة للكهرباء عبر شرح كيفية التوليد والنقل والتوزيع التي من الممكن أن توفر $2 مليار سنويًا على المستهلك.
إذ تقوم هذه الخطة التي نشرت عبر مؤسسة عصام فارس للسياسات العامة والشؤون الدولية تحت عنوان "تجسير الأزمة المصرفية في مواجهة إصلاح قطاع الكهرباء في لبنان"، على دخول مؤسسة كهرباء لبنان في اتفاقيات PPA (اتفاقية شراء الطاقة) مع شركات التوزيع الإقليمية اللامركزية الجديدة "Disco"، والتي ستتولى إصدار الفواتير الاكترونية بشكل مستقل عن مؤسسة كهرباء لبنان، والجباية عن طريق بيع البطاقات مسبقة الدفع، والسماح بالدفع الآجل فقط للحسابات المحلية التي لها تاريخ ائتماني جيد، وشراء الكهرباء من شركة كهرباء لبنان ثم بيعها للمستهلكين بالتعرفة الشهرية التي تحددها مؤسسة كهرباء لبنان.
إذًا، ما هي حقيقة رفع التعرفة ومتى سيبدأ تنفيذها؟
حسم وزير الطاقة في حكومة تصريف الأعمال وليد فيّاض في تصريح له في 2022/10/12 الجدل القائم حول تعرفة الكهرباء والأخبار المغلوطة المتعلقة بإنفاذ التعرفة الجديدة مع مفعول رجعي قائلًا: "قمنا بحساب الكلفة لتكون مرتبطة بسعر الفيول، فتبين لنا أنه بإمكاننا تأمين التيار الكهربائي بسعر 27 سنتا على أن يكون أول شطر وحتى مئة كيلوواط ساعة بسعر منخفض يساوي عشرة سنتات، ما يسمح للناس أن يكون لديهم كهرباء حتى مئة كيلوواط ساعة بأقل من 500 ألف ليرة وذلك كشطر ثابت. وقلنا في نفس الوقت أنه عندما يتأمن الفيول والكهرباء تصبح التعرفة قادرة على تغطية كلفة الفيول".
وأوضح فيّاض بأن هذه الخطة تبنّتها مؤسسة كهرباء لبنان عبر قرار من مجلس إدارتها مع طلب مصادقة وزير الطاقة ووزير المالية، وأتت الموافقة من رئيس مجلس الوزراء بتنفيذ هذه التعرفة بدءًا من شهر تشرين الثاني. وتابع "هذا المسار يتطلب جهوزية فنية من مؤسسة الكهرباء، والشحنة الجديدة من الفيول العراقي ستصل في أوائل تشرين الثاني، وستؤمّن ساعتين أو ثلاث ساعات كهرباء تقريبًا، وذلك لأن كلفة الغاز أويل أصبحت أغلى عالميًا".
إذًا على ما يبدو لن يكون قرار رفع التعرفة هو خلاص مؤسسة كهرباء لبنان لانتشال نفسها من بؤرة الديون المتراكمة عليها، إذ يحتاج قطاع الكهرباء برمته إلى استراتيجية إصلاحية لوقف الهدر الحاصل بداخله، للتمكن من تفعيل أهمية خطوة رفع التعرفة وبالتالي تأمين ساعات تغذية أكثر.
TAG : ,رفع تعرفة الكهرباء ,ساعات التغذية ,رسموم جباية الكهرباء ,الفواتير