صحيح جزئياً
أعلن النائب وضاح الصادق، في مؤتمر صحافي عقده في مجلس النواب، انه قدم الى رئيس مجلس النواب نبيه بري، اقتراح قانون يجيز لبلدية بيروت الترخيص لشركات خاصة لإنتاج الطاقة وتوزيع الكهرباء، وفق دفتر شروط تضعه هيئة الشراء العام وقانون الشراكة بين القطاعين العام والخاص.
يأتي هذا الإقتراح في ظلّ عودة أزمة الكهرباء إلى لبنان وتوقّع انقطاع الكهرباء بشكل كامل مساء الخميس 11 تموز 2024، مع كل ما يشهده هذا القطاع من فساد وامتناع لمصرف لبنان عن تمويل وزارة الطاقة لشراء الفيول.
هل هناك حاجة لاقتراح قانون يجيز لبلدية بيروت الترخيص لشركات خاصة لانتاج الطاقة في ظل وجود قانون تنظيم الكهرباء؟
أشار النائب وضاح الصادق أنّه "وفي ظلّ أزمة الكهرباء وانقطاعها لمدة 20 ساعة يوميا، مما يجبر المواطن البيروتي لدفع تكاليف باهظة لتغطية نقص التغذية الكهربائية بالاشتراك بالمولّدات الخاصّة، بالإضافة إلى الصلاحيات المعطاة للمجلس البلدي".
وقد استند في الأسباب الموجبة لاقتراح القانون إلى الصلاحيات المعطاة للمجلس البلدي بحسب المواد 59،60،61،62 من قانون البلديات حول شمول اختصاص البلديات أي عمل ذو منفعة عامة وإدارة من المشاريع التي تجعله أشبه بحكومة محلية بالإضافة إلى مراقبة حسن تنفيذ القوانين الخاصة بالمرافق العامة للبلدة.
وقد استند أيضا ضمن الأسباب الموجبة إلى عدم تعيين الهيئة الناظمة لقطاع الكهرباء التي أعطاها قانون تنظيم قطاع الكهرباء رقم 462/ 2002 صلاحية إعطاء تراخيص وأذونات الإنتاج في مختلف المناطق.
بالعودة إلى قانون تنظيم قطاع الكهرباء الذي أتى لكسر احتكار مؤسسة كهرباء لبنان لقطاعي انتاج وتوزيع الطاقة، تنص الفقرة 9 من المادة 12 على صلاحية الهيئة الناظمة لقطاع الكهرباء بـ"إصدار وتجديد تعليق وتعديل وإلغاء تراخيص وأذونات انتاج وتوزيع الطاقة".
في هذا الإطار، تقول الخبيرة القانونية في شؤون الطاقة كرستينا ابي حيدر لـ"مهارات نيوز" إنّ المطلوب اليوم هو احترام قانون تنظيم الكهرباء وتشكيل الهيئة الناظمة لقطاع الكهرباء التي من مسؤوليتها إعطاء التراخيص والأذونات لانتاج وتوزيع الكهرباء، لا أن يصار لتقديم اقتراحات قوانين "بالقطعة" على صعيد منطقة معيّنة".
أي أنّ الهيئة الناظمة لقطاع الكهرباء هي المسؤولة عن إعطاء التراخيص، لكن في المقابل أشار النائب وضاح الصادق أنّ إحدى أسباب تقديم اقتراح قانون خاص بمدينة بيروت هو عدم تشكيل هذه الهيئة حتى اليوم كما عدم تطبيق العديد من الخطط التي أقرتها الحكومة بدءا من ورقة الكهرباء في العام 2010 وانتهاءً بخطة الطوارئ العام 2022 الأمر الذي شكّل أحد أسباب تفاقم أزمة المواطنين بالحصول على الكهرباء.
لكن الاشكالية هي في ان اقتراح القانون الذي قدمه الصادق هو حصرا لمدينة بيروت.
وهنا تشير أبي حيدر إلى أنّ "تقديم مثل هكذا اقتراحات مخالف للدستور اللبناني، بأن يحظى مواطنين معيّنين بالكهرباء بينما مناطق أخرى تعاني من انقطاع تام للكهرباء".
بالتالي ترى ابي حيدر ان اقتزاح القانون يخالف الدستور اللبناني الذي يرعى في مقدّمته مبدأ المساواة في الحقوق والواجبات بين جميع المواطنين اللبنانيين دون تمايز أو تفضيل.
المسار القانوني لتشكيل الهيئة: أقرب من اقتراح القانون
بما أنّ الهيئة الناظمة لقطاع الكهرباء هي المسؤولة عن إعطاء تراخيص انتاج وتوزيع الكهرباء لكسر احتكار كهرباء لبنان، تبرز نقطة المسار القانوني للتشكيل وما إذا كان مسار اقتراح قانون لبلدية بيروت يشكّل طريقا أسهل لإشراك القطاع الخاص في عملية انتاج الكهرباء.
للإجابة على هذه النقطة تشير أبي حيدر أنّ البنك الدولي وضع آلية لكيفية تعيين أي جسم إداري، فمثلا وضع آلية لتعيين مجلس ادارة كهرباء لبنان، ومن الممكن تطبيق نفس الآلية على تشكيلات الهيئة الناظمة عبر اقتراح وزير الطاقة لأسماء ويتم رفعهم لمجلس الوزراء الذي يقوم بتعيينهم".
وتضيف أن "المشكلة في تعيين الهيئة الناظمة ليست الآلية انما حجم الصلاحيات المعطاة للهيئة، لذلك لا يريدون تشكيلها قبل تحجيم دورها عبر تعديل القانون".
أي أنّ تعيين الهيئة الناظمة لقطاع الكهرباء من الناحية القانونية والتقنية سهل المسار ويجب الضغط لتطبيقه، لكن الأمر مرهون بالتوازنات والتحاصصات الطائفية، ومرهون بتحجيم صلاحيات الهيئة الناظمة، الأمر الذي قد يدفع بتقديم اقتراحات لقوانين تعنى بمناطق معيّنة كالإقتراح المقدّم من النائب وضاح الصادق.
إذا، إنّ مسألة الحاجة لقانون يجيز لبلدية بيروت الترخيص لشركات خاصة لانتاج الطاقة في ظل وجود قانون تنظيم الكهرباء صحيحة جزئيا، إذ صحيح أنّ الهيئة الناظمة لقطاع الكهرباء هي المسؤولة عن إعطاء تراخيص انتاج وتوزيع الطاقة بحسب القانون، لكن بالمقابل فإن عدم تعيين الهيئة لأسباب سياسية قد يخلق حاجة لتقديم اقتراحات قوانين على مستوى مناطق محدّدة الأمر الذي يشكل من ناحية أخرى مخالفة للدستور لناحية المساواة بين المواطنين.