Loading...

الدولة اللبنانية تجدد لشركة توتال للتنقيب سريًا، وإسرائيل تسرق ثرواته النفطية

 

أدى النزاع القائم ما بين الطرفين اللبناني والاسرائيلي على خلفية ترسيم الحدود، إلى توقف أعمال التنقيب في كل من الرقعتين 4 و9 التي كان مولج بهما تجمع شركات ENI-TOTAL-NOVATEK. ولكن المجريات الأخيرة على هذا صعيد ترسيم الحدود صبت في مصلحة العدو الاسرائيلي، الذي يباشر حاليًا بالتحضير للبدء بأعمال التنقيب في حقل كاريش متخطيةً الخط 29، على حساب الطرف اللبناني، الذي لا يزال حتى اليوم غير قادرًا على استخراج أيًا من ثرواته النفطية.

 

وفي هذا السياق، يصار إلى الحديث عن التجديد لشركة توتال بشكل سري، من دون الإعلان عن أيٍ من تفاصيل العقود أو التجديد. 

 

فهل الدولة اللبنانية جددت لشركة توتال سريًا؟ وماذا عن بدء التنقيب الاسرائيلي في المياه الإقليمية المتنازع عليها؟

 

أكدت خبيرة النفط والغاز لوري هايتيان في تصريحٍ خاص لـ"مهارات نيوز" أن "وزارة الطاقة اللبنانية جدّدت لشركة توتال لمدّة 3 سنوات لمدة الاستكشاف الأولى في البلوك رقم 9، أما في البلوط رقم 4 لمدّة سنة، من دون مشاركة خبر هذا التجديد على العلن". والمستغرب هو عدم ذكر الأسباب الموجبة التي تقدمت بها شركة توتال من أجل طلب تجديد مدّة التنقيب.

 

ويأتي هذا التجديد، بعد التمديد المسبق الذي قامت به الحكومة لمدة تنقيب للشركة في كل من البلوكين 4 و9 إلى تاريخ 22/10/2021. وجرى هذا التمديد بفعل قوانين تعليق المهل العقدية، حيث كان من المفترض أن تنتهي المادتين في تاريخ 27/5/2021.

 

وكان قد ورد هذا القرار ضمن محضر جلسة مجلس الوزراء في 5/5/2022، بحيث قرر المجلس في ختامه الموافق على طلب وزارة الطاقة والمياه المتعلق بتمديد مدّة الاستكشاف، على أن تقوم هذه الوزارة باتخاذ التدابير التي من شأنها بيان الجدية في عملية الاستكشاف، وضرورة إلزام الشركة القيام بهذه العملية ضمن المهلة الممددة كلما أمكن ذلك. 

 

وفي وقتٍ لا يزال لبنان يمدد من إلى سنة إلى سنة لنفس الشركة من دون أي نتائج أو تقدم ملموس في أعمال التنقيب، وفي ظل تخبط لبناني رسمي بين الخطين 23 و29 وعدم توصل المفاوضات بين لبنان وإسرائيل برعاية أمريكية إلى ترسيم واضح للحدود البحرية، وصلت السفينة "ENERGEAN POWER" إلى المياه الاقليمية المتنازع عليها ما بين لبنان واسرائيل ورست في حقل كاريش متخطيةً الخط 29 المتنازع عليه بين الطرفين، وأصبحت على بعد 5 كلم من الخط 23، بهدف البدء بإنتاج الغاز الطبيعي.

وفي هذا السياق غرّدت خبيرة النفط والغاز في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا لوري هايتيان قائلة: "دقت ساعة الحقيقة وبعد 416 يوماً من عدم توقيع رئيس الجمهورية مرسوم تعديل المرسوم 6433، وبعد 34 يوماً على انطلاق المنصة العائمة ها نحن أمام الواقع المرير: وصلت إينرجيان باور إلى كاريش بعد شبك المنصة بالبنى التحتية ستحتاج إلى شهرين/ثلاثة أشهر لبدء الإنتاج ونكون خسرنا أكبر ورقة للتفاوض".

ويتم العمل حاليًا على دعم تثبيت موقع سفينة "ENERGEAN POWER" في حقل كاريش، وتوازياً يتم العمل على إرساء سفينتين على متنها: الأولى خاصة بإطفاء الحرائق Boka Sherpa والثانية Aaron S McCal الخاصة بنقل الطواقم والعاملين.

 

وعلى الرغم من خرق إسرائيل لسيادة لبنان وتعديها على مياهه الإقليمية، قبل حسم النزاع القائم حول ترسيم الحدود، تحذر هذه الأخيرة الطرف اللبناني أنه "في حال لحق أي ضرر بمنصات الغاز الخاصة بها، سينظر إليه على أنه إعلان حرب".

 

وفي ظل تراجع الدولة اللبنانية عن الخط 29، والإبقاء على الخط 23 من دون ذكر الأسباب التي آلت إلى هذا القرار، مكتفيًا رئيس الجمهورية ميشال عون بالقول"خطنا النقطة 23، وهي حدودنا البحرية. هذا ليس تنازلاً بل حقنا الحقيقي والفعلي".

 

يعتبر عدد من الخبراء أن الخط 23 تشوب الكثير من الشوائب القانونية والتقنية في الترسيم، كونه بالدرجة الأولى خط عشوائي. إذ تعتبر رأس الناقورة هي آخر نقطة حدودية بين لبنان وإسرائيل.

 

وفي هذا السياق شرحت هايتيان في حديثٍ "لمهارات نيوز" أن الخط 23 لا ينطلق من رأس الناقورة بل من على بعد أميال في البحر، وفي هذه الحال كون الحدود بين البلدين ثابتة وصخرية غير متحركة كنهر على سبيل المثال، يعتبر الخط 23 غير صحيح تقنيًا وقانونيًا وفق بنود الاتفاقية.   

 

أما الخط 29 ، أكدت هايتيان أن "أغلبية المسؤولين في لبنان كي لا نجمع، يعلمون بوجود الخط 29 أقله من سنة 2019، وإذا نظرنا إليه نرى أنه يبدأ من رأس الناقورة"، كما أنه يتبع منهجية ترسيم الحدود التي تنص عليها الاتفاقية التي تقوم على ثلاث مستويات أساسية:

 

أولاً، "Equidistant lines" اتخاذ خط التساوي بين الخطوط الأساسية لكل من الجانب اللبناني والاسرائيلي وينطلق منهما رسم الخط 29 ليكون متوازيًا من الجانبين.

 

ثانيًا، "Special circumstances" النظر في أي حالات استثنائية مرتبطة بالمساحة التي يتم الترسيم عليها لدراسة ما إذ يجب أن يؤخذ بعين الاعتبار أو لا، وشرحت هايتيان أنه "في قضية لبنان يوجد صخرة تخيليت وهي جزء من مجموعة الجزر في إسرائيل، ورأت الجهة اللبنانية أنه في حال أخذها كجزء لا يتجزأ من الحدود البحرية سيخسر لبنان مساحات شاسعة وبالتالي لن يكن هناك عدالة في عملية الترسيم".

 

وثالثًا "Disproportionate impact/effect" التي تعتمد على أخذ جزء ما بعين الاعتبار أو تركه كما في حالة صخرة تخيليت التي يعتبر الجانب اللبناني أنه لا يجب أخذها مما يضعنا أمام الخط 29، ولتثبيت أحقية القرار اللبناني حصل المفاوضون من الجانب الإسرائيلي على قرارات تخص ترسيم الحدود البحرية بين الصومال وكينيا لدى المحكمة الدولية وهي الأهم في قضايا ترسيم الحدود. ففي صوماليا تتواجد سلسلة جزر مماثل للجزر الاسرائيلية و صخرة مماثلة لصخرة تخيليت لم تعطها المحكمة أي أثر في ترسيم الحدود لأنه يطبق عليها بند الـ Disproportionate effect ما يحقق العدالة للجانب الكيني".  

 

وانطلاقًا من القضية التي قدمتها المحكمة الدولية - وهي إحدى الأجهزة الرئيسية الست للأمم المتحدة، تعمل على  حل النزاعات بين الدول وفقًا للقانون الدولي وتقدم آراء استشارية في القضايا القانونية الدولية- ، أوضحت هايتيان أنه "بالنظر إلى هذه المستويات الثلاث يتبين بأن الخط 29 يعتمد هذه المنهجية القانونية في الترسيم ويعطي للبنان حقه في مياه المنطقة الاقتصادية الخالصة وكان من المفترض أن تكون المفاوضات حول إعطاء هذه الصخرة الأثر الكامل أو صفر أثر أو نصف أثر". 

و أضافت "إن اختيار لبنان الخط 29 هو قرار صحيح خصوصًا أننا سندخل في مفاوضات لن نحصل بها على مطالبنا مئة في المئة وهو ما أكده الموفد الأميركي في زيارته الاخيرة للبنان. ولكن التراجع الأخير من المرجعية  الأعلى في المفاوضات وهو رئيس الجمهورية التي أرجعت لبنان إلى التفاوض على الـ 860كم2 وانطلاقًا من الخط 23 هو خطأ قانوني وتقني كبير كون لبنان لن يحصل حتى على هذه المساحة بل سيتقاسمها مع إسرائيل وبالتالي هذا دليل على رضوخ لبنان لمطالب الجانب الآخر".

 

إذًا في المحصلة، تتعامل الدولة اللبنانية بسرية وانعدام للشفافية في ملف التنقيب عن النفط، بعد عدم الإعلان عن التمديد لشركة توتال لما يقارب الثلاث سنوات. ولم تستطع حتى اليوم الاتفاق داخليًا على خط ترسيم الحدود البحرية اللبنانية مع العدو الإسرائيلي، مما أدى إلى استغلال هذه الأخيرة النزاعات والضياع القائم في الداخل اللبنانية، للاستفادة من مقدراته النفطية والتنقيب عنها، من دون تحديد موقف حاسم لجهة الترسيم، مما يعتبر انتهاكًا واضحًا لسيادة لبنان ولثرواته النفطية.  

 

TAG : ,نفط ,غاز ,تنقيب ,حدود بحرية ,ترسيم ,العدو الاسرائيلي ,وزارة الطاقة ,طاقة