Loading...

الاحتكار يعرقل مشاريع الاكتفاء الذاتي الكهربائي بالطاقة المتجددة

 

قلّصت مستشفى "سيدة المعونات" الجامعية في جبيل 132 الف دولار من نفقاتها السنوية، بعد تثبيت ألواح الطاقة الشمسية على أسطح مبانيها لتوليد 946 الف كيلوواط/ساعة من الكهرباء سنوياً. النظام الذي يولد الكهرباء بطاقة 600 كيلوواط، يوفر جزءاً وفيراً من الطاقة الكهربائية التي تحتاجها المستشفى في ساعات التقنين.

ساهمت هولندا بتمويل جزء من المشروع، وتكفلت المستشفى بالتكلفة الباقية. وما كانت لتستطيع تنفيذ مشروع مشابه، لولا أنه متاح قانونياً، خلافاً لمشاريع انتاج الطاقة الضخمة لتغذية البلاد بالكهرباء، تلك المحاصرة بإجراءات قانونية "ملتبسة"، ما أجهض محاولات منذ العام 2013 لانتاج الطاقة الكهربائية باستخدام الطاقة المتجددة وشبكها على خطوط تغذية مؤسسة كهرباء لبنان في بلد يزداد فيه التقنين، وتغرق مدنه وبلداته بالعتمة نتيجة انقطاع الفيول أو تأخر شحناته بالوصول.  

من الناحية القانونية لا يحتاج أي مواطن يرغب بإنتاج الكهرباء من الطاقة المتجددة للإستهلاك الفردي إلى قانون، لكن في حال رغب في شبك إنتاجه على شبكة كهرباء لبنان، فإنه سيخضع للقانون 462 وهو المعمول به من أجل الاستثمار بالطاقة التقليدية أو البديلة وإمكانية بيعها للدولة، لكنه لم يطبق وتم تعديله بالقانون 129 الصادر في 30 نيسان/أبريل 2019 الذي ينص على أنه بإمكان القطاع الخاص بناء محطات طاقة متجددة وبيعها لمؤسسة كهرباء لبنان.

لكن معظم المشاريع الضخمة حتى الآن، لم يُكتب لها النجاح، ذلك ان معظم المشاريع التي يتم تنفيذها في لبنان تقوم على مبادرات شخصية مدعومة من وزارة الطاقة، ويضطلع مصرف لبنان بدور كبير في هذا الإطار، حيث يموّل حوالي 80 % من المشاريع فيما تساهم المؤسسات الدولية بنحو 20 % من التمويل وفي مقدمها المبادرات الاوروبية، وبرنامج الامم المتحدة الانمائي، والوكالة الاميركية للتنمية الدولية USAID  والكثير من الجهات المانحة الاجنبية.

وعلى الرغم من أن سوق الإستثمار في الطاقة المتجددة يشهد نمواً هائلاً يتخطى الـ150 % مع إنخراط ما يزيد عن 150 شركة في هذا المجال، كما يقول مدير المركز اللبناني لحفظ الطاقة(LCEC)  بيار خوري، فإن إنتاج لبنان من الطاقة المتجددة من الشمس والرياح والمياه لم يتجاوز 460 ميغاواط، فيما تقدر حاجات لبنان من الطاقة بحوالي 3000 ميغاواط بحسب ما يُفيد كتاب "أسباب الانتفاضة" الذي نسقه الإقتصادي مروان اسكندر وشارك فيه عدداً من الباحثين والسياسيين، مقدراً الطاقة المتوفرة في معامل إنتاج الكهرباء بـ 1200 ميغاواط بكفاية متدنية، يُضاف اليها انتاج البواخر العائمة لانتاج الطاقة.

12 مشروعاً للطاقة المتجددة

يبلغ عدد مشاريع الطاقة الشمسية 12 مشروعاً، تتوزع بمعدل 3 مشاريع في كل محافظة، بقدرة تصل الى 15 ميغاواط لكل منها، أي ما يقارب 180 ميغاواط، فيما لا يتعدى عدد مشاريع الطاقة الهوائية الثلاثة التي تقع جميعها في عكار وهي بقدرة 226 ميغاواط تبدأ بالإنتاج عام 2022 بعد تأخر التمويل بفعل الأزمات المتفاقمة التي يعاني منها لبنان. ويتوقع خوري الوصول الى 1000 ميغاواط في العام 2030، فيما ينتج لبنان حالياً 280 ميغاواط من الطاقة الكهرومائية، والمتوقع أن يصل عام 2030 الى 601 ميغاواط، بحسب الوكالة الدولية للطاقة المتجددة.

ويستطيع لبنان الإستثمار في الطاقة الشمسية بشكل أكبر، استناداً الى ان موقع لبنان الجغرافي يحفّز على ذلك، فهو يقع في النصف الشمالي من الكرة الأرضية حيث كمية الطاقة مباشرة من خلال الخلايا الكهرضوئية الواردة إلى المتر المربع الواحد /يومياً تتراوح بين 14 و30 ميغاجول، إضافةً الى تمتعه بثروة شمسية وافرة تقارب الـ300 يوم سنوياً.

أما الإستثمار في الطاقة الكهرومائية فيعد الأقدم في الأجندة الطاقوية اللبنانية، بدليل أن لبنان كان يؤمن 70 في المئة من حاجاته من الطاقة الكهربائية من المعامل الكهرومائية في العام 1976 التي أنشئت على أكثر من 10 أنهار. وفي العام 2014 وصل الانتاج الى 280 ميغاواط كان ينتجها 19 معملاً كهرومائياً، ما ينسجم مع تقديرات المهندس الراحل إبراهيم عبد العال - أب الثروة المائية اللبنانية - الذي قدر كمية الطاقة الوسطية المنتجة من مساقط الأنهار في لبنان بما بين 500 مليون ك.و.س. لنهر الليطاني و300 مليون ك.و.س. لباقي الأنهار.

وفيما يستنزف قطاع الكهرباء الموازنة اللبنانية بعجز يلامس الملياري دولار سنوياً، ساهمت عوامل انتاج الكهرباء من مصادر بديلة في وصول الاردن الى المركز الاول في الشرق الاوسط وشمال إفريقيا والسادس عالمياً في مجال توفير بيئة مناسبة للإستثمار وحجم الإستثمار في مجال الطاقة المتجددة، وفق تقرير "بلومبرغ" الصادر في أواخر تشرين الثاني/نوفمبر 2019. فيما احتلت مصر المركز الـ 32 عالمياً، والمركز الثالث في المنطقة على مؤشر تنظيم كفاءة الطاقة المتجددة بالتنافسية العالمية، وأبرز مشاريعها كان "مشروع  بنبان" لإنتاج الطاقة الشمسية، بتكلفة 2 مليار دولار، وبقدرة إنتاجية 1465 ميجاوات.

عوائق قانونية وحصرية

يرجع تأخر لبنان في مجاراة العديد من الدول العربية في مجال الاستثمار في الطاقة المتجددة إلى مجموعة من الأسباب لا تقتصر على عدم إقرار القوانين في مجلس النواب فحسب، بل في عدم إصدار المراسيم التطبيقية وحتى بعدم تطبيق القوانين، ذلك ان القانون 462  الذي أُقر في العام 2002 وينص على إنشاء هيئة ناظمة للكهرباء، والتي يعطيها الحق بإعطاء الرخص لإنتاج الكهرباء، لم يطبق حتى الآن؛ وحل مكانه مرسوم أعطى المؤسسة الحق الحصري بالإنتاج والتوزيع، وهو يعتمد كقانون منذ سنوات.

تتصدر المشاكل القانونية في هذا السياق، حصر الدراسات والرخص القانونية للاستثمار في مجال الطاقة، بـ"المركز اللبناني لحفظ الطاقة" الذي تُثار حول دوره جملة من الشكوك ومن بينها المخالفات المتعددة بدءاً من إنشائه، إلى قيامه بمهام منتحلة صفة حكومية، رغم حصوله على علم وخبر كجمعية من وزارة الداخلية (رقم 172 تاريخ: 27/01/2011) وليس بموجب مرسوم صادر عن الحكومة يعطيه حق التقرير بالمشاريع الاستثمارية بالطاقة البديلة.

واشارت دراسات الى إفتقار هذا القطاع للشفافية والحوكمة الرشيدة، أبرزها المطالبة التي اطلقها "الحوار المفتوح حول مستقبل قطاع الطاقة في لبنان" الذي نظمه "معهد عصام فارس" في 12 تشرين الثاني/نوفمير 2019، بتحويل المركز اللبناني لحفظ الطاقة إلى مؤسّسة عامّة ضمن وزارة الطاقة والمياه، وتحديد مهماتها وصلاحيّاتها بشكل واضح، ووضع الطاقة المُتجدّدة في صلب التخطيط الطاقوي في لبنان، والسعي للحصول على مساعدة تقنية وفنية لتصميم سياسات طاقوية فعّالة وكافية من الناحية الاقتصادية والبيئية، وإعداد نموذج لمزيج الطاقة في لبنان.

هذا الواقع، والشكوك التي تحوم حول الشفافية في هذا القطاع، دفعا بلجنة المال والموازنة الى تعليق البند الخاص بالمركز الوارد في موازنة وزارة الطاقة، في جلستها التي عقدتها في 6 كانون الثاني/يناير 2019. ورغم ذلك، لا يزال هذا المركز يقوم بعمله كالمعتاد حتى اليوم، من دون أن تقوم وزارة الطاقة والمياه بتحويله الى مؤسسة رسمية أو وحدة تنظيمية  تخضع كبقية إدارات الوزارة للتفتيش المركزي ولرقابة ديوان المحاسبة ولمجلس الخدمة المدنية، بحسب ما يقول عضو تكتل "الجمهورية القوية" النائب جورج عقيص.

ويبدي عقيص في حديث مع "مهارات نيوز" إستغرابه كيف توليه الوزارة  كل هذه الصلاحيات التنفيذية ومن بينها إدارة قطاع انتاجي مهم وحساس وتمنحه صلاحية إعطاء الرأي به، والموافقة على قروض، وتبقيه خارج إطار أي مساءلة أو محاسبة. 

وبحسب القانون اللبناني، لا تعد القيود المتعلقة بقانون إنشاء الجمعيات كثيرة وهي تتعلق بشكل أساسي بالشفافية المالية، سامحة للدولة التأكد من احترام القوانين الضريبية أو من عدم إستعمال الجمعية كغطاء للتهرب الضريبي، إذ أن الجمعيات تتمتع بإعفاءات ضريبية كبيرة منها الضريبة على الدخل، ما يثير الشك بأن هذه الجمعية إستغلت هذه النقطة في عملها ونشاطها، وربما هذا ما دفع بمجلس الخدمة المدنية الى التوصية بعدم الحاجة اليها العام الماضي كون مهامها تتفرع عن مهام وزارة الطاقة، كذلك الأمر كان جواب المستشار القانوني لرئاسة مجلس الوزراء في العام 2019.

ويقول عقيص: "الآلية المعتمدة تشرع الاستنسابية والزبائنية، وعمله الحالي مخالف لأبسط القواعد ومفاهيم الادارة والخدمة العامة"، لافتا إلى أن هذه المخالفات الجسيمة نجدها في الكثير من قطاعات الدولة، وما التدهور الاقتصادي والمالي والنقدي سوى نتيجة بديهية لتراكم هذه المخالفات، ومن بينها المنافسة غير المشروعة للجمعية، والمتمثلة بتقديمها خدمات مقابل بدل بمئات آلاف الدولارات، من دون تسجيلها في وزارة المالية، ومن دون دفع الضريبة على القيمة المضافة".

انتحال صفة حكومية

تقديرات عقيص لجهة البدل والتهرب من الضرائب تتقاطع  مع ما نشره المرصد اللبناني للفساد Malaf  في حسابه على "فايسبوك" في 22 آب/أغسطس 2017، قائلاً: "جمعية تنتحل صفة حكومية وتتصرف بملايين الدولارات وتتهرب من الضريبة"، مرفقاً عبارته بجملة من الملاحظات المتعلقة بالفساد الذي يمارسه المركز.

واللافت أن المركز إستند في نشاطه بداية الأمر على ميزانية بلغت  6 مليار ليرة ثم خُفّضت الى 4 مليار ليرة، وهو يشارك في مؤتمرات دولية يمثل فيها وزارة الطاقة، وبذلك هو يرتكب مخالفات قانونية بالجملة بالشكل وتجاوزات عديدة بالمضمون، وفق ما يقول عقيص. 

وكان نواب كتلة "القوات اللبنانية" رفضوا في العام 2019 موازنة المركز أثناء مناقشتها في جلسة المال والموزانة. وفي العام الحالي 2020 تكرر الرفض، لكن من دون المشاركة في المناقشات ومن دون معرفة قيمة موازنتها. ويشرح عقيص: "هذا المركز لديه الكلمة الفصل في ملف الطاقة البديلة ومشاريعها" مبدياً أسفه لعدم الوصول بالاسئلة التي يطرحها إلى خواتيمها لأسباب تتعلق بالثورة التي انطلقت في 17 تشرين، وانتشار فيروس "كورونا" في لبنان، ما جعل جلسات اللجنة استثنائية في قصر الاونسكو، وهو ما غيّب جلسات مساءلة الحكومة، علما أنه وفقا للنظام الداخلي للمجلس النيابي فإن كل 4 جلسات تشريع يجب ان تقابلها جلسة مساءلة.

ويرى عقيص أن "هذه المهام يجب أن تمنح إما للقطاع الخاص بالشراكة مع القطاع العام أي وفق عقد  PPPs  وإما لوحدة تنظيمية رسمية داخل الوزارة"، مشددا على أن آلية الطعن بقيام هذا المركز وبمفاعليه كلها "يعيدنا الى وجوب قيام الهيئة الناظمة الموكل اليها إبراز كل السياسات الخاصة بقطاع الطاقة"، مذكراً بالنقاشات التي حصلت أثناء تعيين مجلس ادارة كهرباء لبنان في منتصف تموز / يوليو 2020 حول مشروع قانون سيحال من الحكومة الى المجلس النيابي لدراسة تعديلات على القانون 462 المتعلق بتنظيم قطاع الطاقة، مرجحا أن يشكل ذلك مدخلاً لإعادة النظر بالكثير من الامور أبرزها دور وشكل وطبيعة عمل المركز.

في المقابل، تشير المدير المساعد للهندسة والتخطيط في المركز اللبناني لحفظ الطاقة جمانة الصايغ الى انه "تمّ إطلاق مشاريع الطاقة المتجدّدة ضمن آليّة شفافة تبدأ بإعلان وزارة الطاقة والمياه عن مرحلة "إعلان النوايا" في الصحف اللبنانيّة باللغتين الانكليزيّة والعربيّة، يتمّ إثرها نشر لائحة بالشركات المهتمّة والتي تقدّمت بإعلان نواياها". وقالت انه "يتمّ بعدها إعداد دفتر الشروط التفصيلي ودعوة الشركات المهتمّة لتقديم عروضها والتي تتضمّن معلومات عن الشركات، والتحالفات مع شركات أجنبيّة، وتصاميم المشاريع، واتفاقيّات الأرض وغيرها من التفاصيل الأساسيّة المطلوبة بحسب دفتر الشروط".

وفي الآليات، تشير ايضاً الى انه يتمّ بعدها تقييم عروض الشركات بناءاً على دفتر الشروط، وفي هذا الإطار يؤلّف وزير الطاقة لجنة فنّية من ممثلين من وزارة الطاقة والمياه، ومؤسّة كهرباء لبنان، والمركز اللبناني لحفظ الطاقة، ينضمّ إليها ممثّل عن وزارة الماليّة. وترفع اللجنة تقريرها لوزير الطاقة والمياه/ لافتة الى ان الرخص، يصدرها مجلس الوزراء بناءاً على اقتراح وزيري الطاقة والمياه والماليّة.

ويفوّض مجلس الوزراء عادةً وزير الطاقة والمياه التفاوض على الصيغة النهائيّة لعقود شراء الطاقة التي يتمّ توقيعها خلال مهلة محدّدة بعد اصدار الرخص.

تجدر الإشارة أنّه في فبراير/شباط 2018 تمّ توقيع عقود شراء الطاقة لـ 3 مشاريع لانتاج الطاقة من الرياح في عكار لكّن "الظروف السياسيّة والاقتصادية والمالية دفعت هذه الشركات الى طلب التأجيل بجسب العقود الموقّعة"، حيث سيتم انهاء المشاريع وبدء إنتاج الطاقة في العام 2022، علماً ان الشركات قد بدأت فعليّاً بالعمل على تنفيذ المشاريع، بحسب ما تقول الصايغ.


 

قبريخا تتحدى العتمة

يتمتع هذا النظام بقدرة 250 كيلو واط وينتج 350 الف كيلو واط/س خلال السنة، وبمقدار 350.000 كيلو وات في الساعة سنويا، ما يوفر حوالي 50 الف دولار سنويا على المشتركين، أو ما بين 30 و40% من فاتورتهم الكهربائية عبر نظام Net Metering الذي يؤمن تبادل طاقوي بين المشترك ومؤسسة كهرباء لبنان، ومموّل من الاتحاد الاوروبي ومنفذ بواسطة الـU.N.D.P.، وقد اشرف عليه تقنياً مشروع CEDR04 عبر مديره حسان حراجلي، وأدت مؤسسة كهرباء لبنان والمركز اللبناني لحفظ الطاقة دوراً كبيراً بتوفير الدعم والمساعدة، وتعتبر تكاليفه مقبولة مقارنة بالإفادة المالية والبيئية التي يوفرها


اشكالية الشفافية

ملف حوكمة القطاع، بات النقاش الاكثر تداولاً في الاوساط السياسية. ولعل التغريدة التي أطلقها مدير برنامج الحملات في "غرينبيس الشرق الاوسط وشمال افريقيا" جوليان جريصاتي في التاسع من تموز/يوليو الحالي، تكشف عن جزءاً من الواقع، بسؤاله وزير الطاقة والمياه ريمون غجر: "لماذا لم نسمع منك كلمة أو تصريح رداً على التقرير الذي أصدرته IRENA مع وزارة الطاقة والذي يثبت أن الطاقة المتجددة قادرة على حل أزمة الكهرباء في لبنان، وعلى توفير 250 مليون دولار سنوياً على الدولة؟"

يشدد جريصاتي في حديث لـ"مهارات نيوز" على أهمية الخبرة والكفاءة في هذا الملف في الكثير من محطاته، يقول: "لا شك أن لبنان يعاني من مشاكل في "الحوكمة الرشيدة "و"الشفافية" في قطاع الطاقة المتجددة"، مضيفاً بأن أرقامنا تختلف كثيراً عن أرقام الدولة اللبنانية حول نسبة  الطاقة المنتجة، وفيما تؤكد أنها ستحقق 12 % نهاية العام الحالي، تُفيد دراساتنا أن لبنان سيكون بعيداً عن هذه النسبة خلال الفترة المُشار اليها".

والحال ان نبض الطاقة المتجددة في لبنان "ضعيف وبطيء جداً"، ويرجع جريصاتي اسباب ذلك  إلى البطء الاداري وبطء التشريعات والقوانين والبطء في التنفيذ، ومشاكل الحوكمة والبطء في الوزارات المعنية وغياب الارادة السياسية، ويقول إن الطاقة المتجددة "تساهم في حل هذه المشاكل كونها نظيفة ورخيصة وتوفر علينا وتعطينا أمن وإستقلال  طاقوي" في حين أن المسار المعتمد حالياً لا يشي بأن خطة الدولة اللبنانيّة للوصول الى إنتاج طاقة متجددة بنسبة 30 % من إستهلاك الطاقة الكهربائية في لبنان في العام 2030  ستتحقق.

مبادرات اوروبية مستمرة

رغم الاتجاه العالمي المتزايد نحو الطاقة البديلة المتجددة، لا تزال الجهود التي يبذلها "المركز اللبناني لحفظ الطاقة " خجولة في رفع الطاقة الانتاجية، فيما يصنف لبنان من البلدان الغنية بالمصادر الثلاثة الرئيسية من هذه الطاقة ( الشمس والرياح والمياه ). لذلك، يمول "البنك الاوروبي لإعادة البناء والتنمية" European Bank for Reconstruction and Development (EBRD)  حالياً دراسة إنشاء قانون خاص بتحفيز إنتاج الكهرباء من المصادر المتجددة في مجلس النواب، ويهدف الى تحديد القواعد التنظيمية لتشجيع وإستخدام الطاقة الكهربائية المنتجة من الطاقة الشمسية بنظام "Net Metering" بكل انواعه بحيث يسمح بتركيب محطة لا تتجاوز قدرتها 10 ميغاواط، وفق نظام التعاقد المشترك بين وزارة الطاقة (وتحديدا المركز اللبناني لحفظ الطاقة) والشركة المشغلة.

ويشرح مدير مشروع CEDR04 الذي نفذ مجحطات توليد الكهرباء على الطاقة الشمسية في بلدة قبريخا في جنوب لبنان حسان حراجلي أن هذا النظام  يحفز بيع الطاقة المنتجة private to private sale of power  (البيع من القطاع الخاص الى القطاع الخاص)، وكذلك يسمح بتوقيع إتفاقية عبور مع مؤسسة كهرباء لبنان التي ستستفيد من الرسوم التي تجنيها من الاتفاقية.

بالتالي سيشكل هذا النظام حافزاً للتشجيع على الإستثمار شرط أن يكون خالياً من الثغرات، وهو لا يتعارض مع القانون 462 ولا مع  الهيئة الناظمة، لافتا إلى أن الدولة ستقوم بمحاسبة العميل بعد قراءة العداد التبادلي ووفق آلية ستحددها لاحقاً، وهذا القانون يفتح آفاقا جديدة للطاقة البديلة الموزعة، ومع انه يعطي الحق لإنتاج وبيع الطاقة من الطاقات المتجددة لغير مؤسسة كهرباء لبنان، لكن يبقى للمؤسسة دوراً هاماً في إنجاح جميع بنوده. 


 
 

نموذج فردي من الطاقة المتجددة

تبلغ تكلفة نموذج صغير لتزويد منزل بكهرباء بقوة 15 amp  بين 3-4 آلاف دولار ( من دون استعمال البطاريات) وبين 4-5 آلاف ( مع بطاريات ) ويمكن تخزين ما يقارب 6 ساعات يوميا ( يرتبط ذلك بحسب جودة البطاريات)، اما بالنسبة للألواح فهناك عدة عائلات وفي كل عائلة نوع،  وفي حال إعتمدنا نوع ( متوسط الجودة ) يحتاج المشروع الى 12 لوح، وفي حال كان عالي الجودة عندها ينخفض عدد الالواح الى 9 وربما إلى 8.


 
 

مقترحات وحلول

إنطلاقا من خبرته الواسعة، وتجربته التي خاضها مع إحدى أبرز المنظمات العالمية التي تدعم هذا القطاع في لبنان، يقدم الدكتور في الطاقة المتجددة خالد المولوي مجموعة مقترحات لتفعيل القطاع نظرا لقدرته على المساهمة في التخفيف من مشكلة الكهرباء المزمنة، بعد نجاح القطاع في تلبية حاجات بلدان عربية كثيرة من الطاقة الكهربائية بنسب أكبر مما كانت عليه وفي فترة وجيزة وبكلفة أقل.

يقول إن لبنان غني بكل انواع الطاقات المتجددة، ما يوسع مروحة الخيارات الى حدود خلق توليفة   combination بين هذه الأنواع، لأن كل منها مهم بنسبة معينة وحسب كل منطقة. فعلى سبيل المثال يلُفضل ان المشاريع الكبيرة تكون "هوائية"، ومنها مشروع مراوح عكار في المنطقة الشمالية التي تعتبر نموذجية لانتاج الكهرباء من الرياح. أما الطاقة الشمسية فلا تزال المشاريع صغيرة ومتوسطة لتوليد الكهرباء (الواح شمسية كهروضوئية) وأبرزها مشروع نهر بيروت (يبلغ انتاجه 1 ,1 ميغاواط ويؤمن الكهرباء لألف منزل في منطقة برج حمود وينير الطرق الرئيسية المحيطة، ويجري العمل على تنفيذ المرحلة الثانية منه لإنتاج  7 ميغاواط إضافية)، والصغيرة (الواح شمسية حرارية- وهي لتسخين المياه على اسطح المنازل) .

وبالنسبة للطاقة الكهرومائية فمشاريعها تقام على مساقط الانهار، ويُفضّل الابتعاد عن السدود الكبيرة التي تغذي توربينات كبيرة، ويتم التركيز على التوربينات الصغيرة حوالي ميغا وات (أكثر او أقل) حسب غزارة انهار لبنان.

لكن الحلول، تصطدم بغياب دور فاعل ومحفز للدولة لجهة غياب القانون، غياب عوامل الشفافية والمساءلة والمحاسبة والعقاب وغياب الحوكمة. وتتمثل المقترحات بتعيين الهيئة الناظمة لقطاع الكهرباء وتفعيل عملها، وباستقلالية القضاء، إضافة الى تطوير البنية التحتية المترهلة لشبكة الكهرباء فضلا عن  إعطاء قروض ميسرة وتركيب عدادات "ذات اتجاهين" وشراء ما ينتجه صغار المنتجين عبر ضخه مباشرة في الشبكة، بمعنى إزالة احتكار الدولة للانتاج.

TAG : ,الطاقة المتجددة ,الطاقة الشمسية ,الطاقة الكهرومائية ,الطاقة الهوائية