Loading...

الطاقة الشمسية: هل يزيد الإنهيار من حظوظها؟

 

تطال تداعيات الأزمة الإقتصادية الراهنة اليوم قطاع الكهرباء الحيوي بالنسبة لخدمات ومرافق كثيرة في البلاد، فضلاً عن كونها خدمة أساسية في حياة المواطن، فهل تكون الطاقة الشمسية الخيار البديل المنقذ للبنان وسط هذا الإنهيار المتمادي؟

بعد تأخّر مصرف لبنان في فتح اعتمادات لصالح كهرباء لبنان لاستيراد النفط المشغّل للمعامل، دخل البلد أزمة كهرباء وبدأت تتعالى الصرخات في بعض المرافق العامّة التي تشكّل مرافق حيويّة تمسّ بالـ"أمن القومي"، على حدّ تعبير رئيس مجلس إدارة "أوجيرو تيليكوم" عماد كريديّة الذي قال إنّ  وضع الكهرباء وارتفاع ساعات التقنين يهدّد جدّيا إمكانية أوجيرو تقديم خدماتها.

 وناشدت الغرفة الدوليّة للملاحة المسؤولين "التدخل العاجل لتأمين الكهرباء لمرفأ بيروت كي تتمكن من تفريغ السفن المحملة بالمواد الغذائية وتأمين الأمن الغذائي وتزويد الحاويات المبردة التي يتم استيرادها بالتيار الكهربائي للمحافظة على سلامة السلع وعدم تعريضها للتلف".

 ورغم فتح مصرف لبنان اعتمادات لاستيراد الفيول العراقي، يبقى هذا الحلّ مؤقّتا، فضلا عن التساؤلات حول طبيعة الفيول وما إذا كان يتناسب مع المعامل اللبنانية وصولا إلى سيناريو تكريره وكل ما يتطلّبه الأمر من شفافية حول إسم الشركة والكميّة الفعلية التي ستصل معامل لبنان إضافة إلى كلفة التكرير. وقد تطرّقت مهارات نيوز لملف الفيول العراقي في تحقيقات سابقة.

ردّت الشركة اللبنانية smarbuisness عبر مشروعها smartpowerlb على كريدية وعلى الغرفة الدولية للملاحة بمبادرة جديّة لأصحاب القرار تقضي بفتح مناقصة لتزويدهم بأنظمة طاقة شمسيّة بسعر الكلفة مع نسبة ربح 0% بهدف تأمين استمرارية هذه المرافق وتخفيف  العبء عن الشبكة العامّة.

أزمة الطاقة في أوجيرو

ينتج لبنان سنويا بمعامله السبعة الحرارية التي تعتمد الفيول أويل والديزل أويل والغاز أويل ما يقارب 2000 ميغاواط كمتوسّط سنوي بينما تبلغ حاجته السنوية 3600 ميغاواط،ما يضعه في عجز سنوي ما يقارب 1600 ميغاواط.

في ما يتعلّق بصرخة أوجيرو، يوضح كريدية لـ"مهارات نيوز" أنّ الأزمة اليوم ليست أزمة محروقات، فالمنشآت كانت تؤمن المحروقات بالشكل اللازم، إنما  في  ساعات التقنين التي ولّدت ضغطا على مجموعات توليد الطاقة التابعة لأوجيرو.

ويشرح كريدية أن استهلاك شركة أوجيرو للمحروقات يبلغ يوميا 20 ألف ليتر من المازوت موزّعة على 303 محطات على مساحة الأراضي اللبنانية، أما بعد أزمة الكهرباء، فقد ارتفع الى 70 ألف ليتر، ما يعكس حجم تداعيات ساعات التقنين.

 

جراء ذلك، تتوقّف يومياً محطات عدة بسبب التقنين الحاصل والمشاكل التي تطرأ على المولدات فيها، كان آخرها محطة الباروك يوم الجمعة 18 حزيران 2021، ما يفوق إمكانيات الشركة، وفق كريدية.

 في سياق متصل، يشير المدير العام لشركة "سمارت بزنس" بسام ابو كرم إلى أن المولدات التابعة لأوجيرو تنتج يوميا 23 ميغاواط من الطاقة باستهلاك الألاف من ليترات المازوت التي تتبخّر، وتلوّ البيئة، موضحاً  أنّ المولّدات التي تحدّث كريدية عن عدم قدرتها على التحمّل لفترة طويلة، فهي وجدت لحالات الطوارئ لا لإنتاج الطاقة.

الطاقة الشمسية هي البديل؟

يرد  موقع وزارة الطاقة، في معرض الإشارة إلى أهمية الطاقة الشمسية أنها استعملت في عصر ما قبل التاريخ، حينما قام أرخميدس بحرق الأسطول الروماني من خلال تسليط ضوء الشّمس عليه من مسافة بعيدة، مستخدماً في ذلك المرايا العاكسة. 

رغم ذلك، لم تول الوزارة الاهتمام اللازم بالطاقة البديلة. ويقول أبو كرم "أنعم الله علينا ب300 نهار مشمس"، لكن في عام 2021 لا يستفيد لبنان  من الطاقة الشمسية لتوليد الكهرباء. وبدلاً من ذلك، يعتمد في توليد الطاقة على المحروقات التي تحمّل البلد الكثير من هدر المال العام إضافة إلى عجز الكهرباء السنوي الذي يتحمّله اللبنانيون. 

ورغم أن "الطاقة الشمسية ليست حلاً بديلاُ بنسبة 100%"، وفق كريدية، لكن بإمكان هذه التقنيّة أن تساعد أوجيرو بنسبة تصل إلى ال35% نظرا للمساحات الكبيرة التي تحتاجها الألواح الشمسية، الأمر غير المتوفّر في كل محطات أوجيرو، عدا عن البطاريات العالية الجودة المكلفة والتي يتمّ شحنها كل ساعتين.

 يردّ أبو كرم بتأكيده أنّه في أقلّ تقدير ومن دون استعمال بطاريات كبيرة يمكن لمشروع الطاقة الشمسية أن يغطي حاجة أوجيرو لعشر ساعات يومياً، أي توفير ما يقارب نصف تكلفة المحروقات على أوجيرو، فضلاً عن تخفيف العبء على الشبكة العامّة لكهرباء لبنان التي تعاني من وزر الأزمة اليوم.

أمّا في ما يخصّ مساحة الألواح الشمسية، عالجت هذه النقطة دراسة نقلتها جريدة الأخبار عن المركز الوطني للاستشعار عن بعد بالتعاون مع برنامج الطاقة والأمن في معهد عصام فارس للشؤون العامة والسياسات الدولية في الجامعة الأميركية في بيروت، ورد فيها  أنّ مجمل مساحة الأراضي التي تنطبق عليها مواصفات إنشاء حقول للطاقة الشمسية تبلغ نحو 148 كلم مربّع، أي ما يشكّل 1.4% من مجمل الأراضي اللبنانية، وهي تتوزّع بين محافظات بعلبك – الهرمل والبقاع والنبطية والجنوب.

وأجرى  برنامج الطاقة والأمن في معهد عصام فارس في الجامعة الأميركية في بيروت، بالتعاون مع الجمعية اللبنانية للطاقة المُتجدّدة، دراسة للجدوى الاقتصادية لمحطّة إنتاج بقدرة 300 ميغاواط من الطاقة الشمسية بمساحة 2.5 كلم مربع  في منطقة الطفيل البقاعية. وخلصت الدراسة إلى تكلفة 0.75 سنتا لتركيب الكيلوواط الواحد، ليبلغ متوسط القدرة الانتاجية 600 مليون كيلوواط سنوياً، بتكلفة تتراوح بين 225 و300 مليون دولار.

وفي تفاصيل العرض المقدّم لأوجيرو، يقول كرم إن  الشركة تتعهّد بتقديم المشروع بسعر الكلفة من دون هامش ربح إضافة إلى تقديم الشركة التصميم الهندسي الكامل وتقديم كل الدعم التقني من فريق عمل الشركة على حسابها الخاص، باعتبار أنّ كلفة المشروع هي فقط كلفة الاستثمار لمرّة واحدة مقابل تخفيف عبء توليد الطاقة على أوجيرو بنسبة تصل إلى 50%.

وأكّد كريديّة بدء العمل مع شركات الطاقة الشمسية منها مشروع سمارت باور، عبر تزويدها  بمعطيات عن حجم استهلاك كل محطة من الكهرباء إضافة إلى المساحة المتوفّرة في كل محطة لدرس إمكانية وضع الألواح الشمسية.

ويؤكّد كريدية أنّ الانتقال إلى الإعتماد لحد معين على الطاقة الشمسية ضروري ومهمّ كونه  يخفّف العبء عن شبكة الكهرباء العامّة وعن خزينة الدولة، موضحاً أن التفكير أصبح جديا في ما يخص الطاقة الشمسية إلى حدود التعاون مع البلديات لدراسة القدرة على تركيب ألواح شمسية وإمداد المحطات بالطاقة لتشغيلها.

ماذا عن التحديّات؟ 

عام 2017، أعدت أوجيرو دراسة لبدء الاعتماد على الطاقة الشمسية، لكن التمويل بقي  عائقا أمام هذا التصوّر، كما يقول كريدية.

يوضح  أبو كرم من جهته أنّ المشروع بحاجة لطاقة استثمارية بالدولار الأميركي، لكنه يشير في المقابل إلى أنّ دعم الدولة لإمدادات أوجيرو من المحروقات مع التقنين الحاصل يدفع ثمنه المواطنون عملياً، أما في حال رفع الدعم ستزداد فاتورة الانترنت على المواطنين إضافة إلى أنّ مصير كهرباء لبنان ما زال  غير واضح.

أمّا طابع التحدي الآخر، فهو سياسي، كما يشرح أبو كرم، باعتبار أنّه من الطبيعي أن يتصدّى المنتفعون ن من استيراد النفط والمحروقات لاستثمارات الطاقة الشمسيّة.

وبدت لافتة تغريدة نشرها الصحافي جان عزيز، أفاد فيها  عن وجود شركة اشترت سعة انترنت 7/1 من حاجة لبنان عبر الفضاء بدل الكابل جاهزة للبيع عند توقف الإنترنت. وسأل: " وإنو بالصدفة عندها صداقات رسمية متعددة الأطراف؟؟أكيد ما عندي أسماء بس كمان أكيد إنتو عندكن".

يطمئن كريدية إلى أنه لا انقطاع شامل للإنترنت في لبنان، ويطرح خيار الطاقة البديلة بشكل جدّي كمصدر طاقة مستدام. ويقول: "نحن متعلّقون بمصادر الطاقة في البلد، وفي حال تعذّر تأمين الكهرباء لأوجيرو، نعم نحن أمام مشكلة كبيرة ولا يمكننا أن نختبئ خلف اصبعنا".

في بلد تغيب عنه شبكة النقل العام، لم يجد وزير الطاقة في حكومة تصريف الأعمال ريمون غجر بديلاً للمواطن في حال رفع الدعم عن البنزبن، لكن خيار الطاقة البديلة موجود. فإما أن يُمنح فرصة لضمان استمرار  الانترنت، أو سيجد المواطن نفسه في موقف مشابه لماء جاء على لسان غجر، أي من دون  بديل عن خدمة الإنترنت افي بلد احترفت منظومته الحاكمة استنزاف كل الطاقات البديلة في المجالات كافة

 

TAG : ,أوجيرو ,الإنترنت ,الطاقة الشمسية ,الطاقة البديلة ,المحروقات ,كهرباء لبنان