Loading...
true

صحيح

تسعيرة الصرف
هل يحق لمجلس الوزراء إصدار تسعيرة صرف غير التسعيرة الرسمية لتسديد مستحقات المقاولين؟
20/01/2025

اقر مجلس الوزراء سعر صرف تسديد مستحقات المقاولين على سعر صرف 45000 ليرة، وذلك خلال جلسته التي انعقدت في 4 كانون الاول 2024. في المقابل، أصدر ديوان المحاسبة بموجب رأيه الاستشاري قرارا باعتماد سعر الصرف المعتمد من قبل مصرف لبنان بتاريخ الإيفاء، والذي يبلغ 89500 ليرة لبنانية للدولار.

 

فهل يحق لمجلس الوزراء اصدار تسعيرة صرف غير التسعيرة الرسمية لتسديد مستحقات المقاولين؟

 

اعتمد مجلس الوزارء خلال السنوات السابقة اليات مختلفة لدفع مستحقات الخدمات التي يتم تقديمها الى الدولة اللبنانية، حيث اقر سابقا دولارا يساوي 39 الف ليرة في عقود متعهدي تنظيف المجاري والمصارف الصحية من الدولار إلى الليرة اللبنانية، ثم ليعود ويرفعها في نهاية العام 2024 الى سعر قريب من سعر الدولار الحالي اي 89500 ليرة. هذا الامر مشابه لما اقره مجلس الوزراء في تسديد مستحقات المقاولين على سعر صرف 45000 الف ليرة جراء خدمات تم تقديمها عام 2022، ولكن تسديد هذه القيمة يتم في الوقت الحالي.

 

وقد اثار قرار مجلس الوزراء جدلا كبيرا، واعتبر المقاولون أن سعر الصرف ال45000 أمر يلحق بمصالحهم خسارة كبيرة، فضلاً عن أن هذا القرار يتعارض مع ما أصدره ديوان المحاسبة في رأيه الاستشاري باعتماد سعر الصرف المعتمد من قبل مصرف لبنان بتاريخ الإيفاء، والذي اعتمد مبلغ 89500 ليرة لبنانية للدولار.

 

يحق لديوان المحاسبة الى جانب صلاحياته الرقابية ابداء رأيه بقراءة استشارية يصدرها نتيجة طلب من الإدارات عند وجود مشكلة تطبيق نص له، نتيجة مالية، ونص غير واضح أو غير موجود، فيُطلب رأي الديوان، والاراء الاستشارية ليست ملزمة للإدارات، لكن منذ نشأة الديوان لحد الان لم تطلب اي إدارة رأي استشاري من الديوام وخالفته.

 

وفي حديث لـ "مهارات نيوز" قال المحامي كريم ضاهر ان "قوانين الموازنة التي اقرت من مجلس النواب في 2022 و2024 اعطى التفويض لوزير المالية بالتنسيق مع حاكم مصرف لبنان لتحديد سعر الصرف، بمعنى اخر ان هنالك تفويض من مجلس النواب لتحديد سعر الصرف، لذلك ديوان المحاسبة يمكن ان يعطي رأيا استشاريا غير ملزم، وبالتالي مجلس الوزراء يمكن ان يكون قد انطلق من التفويض الذي حصل عليه من مجلس النواب".

 

ووفقا لقانون النقد والتسليف المادة ٢ و٢٢٩، تعطى صلاحية اصدار سعر صرف الدولار لمجلس النواب، ويمكن للأخير ان يفوض هذه الصلاحية في بعض الحالات الاستثنائية لوزير المالية. وفي 15/1/2022 بموجب قانون الموازنة رقم 10 حين فوّض مجلس النواب صلاحية اقرار رواتب وأجور في القطاعين العام والخاص لوزير المالية بالاشتراك مع مصرف لبنان .

 

ولفت ضاهر الى انه من الناحية القانونية يمكن للمقاولين ربط النزاع مع الوزير المختص اي وزير المالية أو الحكومة بشكل عام، من خلال الطعن بالقرار أمام مجلس شورى الدولة، وبالتالي يلزم شورى الدولة الجهتان بالقرار الذي يراه مناسبا وفقا للمعطيات والقانون اللبناني .

 

في المقابل، قال الباحث في الشؤون الإقتصادية والمصرفية محمد فحيلي لـ "مهارات نيوز" انه بالقانون والدستور يحق لمجلس الوزراء دفع مستحقات على سعر صرف مختلف عن سعر الصرف الرسمي إذا حصل التوافق بين الوزارة صاحبة المشروع ومصرف لبنان ووزارة المالية. ومثال على ذلك أن دولار وزارة الصحة 75 ألف وليس 89.500 ووزارة الطاقة دولارها 89.500، ودولار الصندوق الوطني للضمان الإجتماعي ليس 89.500.

 

إن إحتساب إيرادات ونفقات الدولة بشكل عام الذي أُدرج في الموازنة العامة للعام 2024 هو 89.500 إبتداءً من أول كانون الثاني 2024 ولكن حصل إستثناء لوزارة الصحة وللصندوق الوطني للضمان الإجتماعي بسبب النكبات الصحية التي أصيب فيها لبنان من جراء الحرب الإسرائيلية، فالمستشفيات قد إستنزفت إحتياطها من المواد الطبية ولعبت وزارة الصحة دور بتحملها الفاتورة الصحية خلال عدّة محطات، لذلك قاموا بتأمين الدولار لها بسعر أقل من الدولار الذي يحتسب لوزارة الطاقة ووزارة الخارجية وغيرهم. 

 

ولفت فحيلي الى ان هناك خلل على صعيد العدالة وأن تكون الدولة على المسافة نفسها من كل الناس، فمثلاً موظف القطاع العام يحسب له الدولاربـ 100 ألف اي يساوي دولارين ونصف تقريبا مما يحصل عليه المتعهد. وبالتالي إذا كانت الدولة تعمل بهذه الطريقة فهي لا تقف على المسافة نفسها من الجميع، ولا تزال تمارس الزبائنية السياسية ومنخرطة بالفساد كما كانت في السابق.

 

وقد قدم صندوق النقد الدولي مجموعة توصيات الى لبنان للقيام بإصلاحات مالية اساسية أهمها إرساء نظام موثوق للنقد والصرف، يرتكز على توحيد أسعار الصرف المتعددة وتصاحبه قيود رسمية مؤقتة على رأس المال. اضافة الى إجراء إعادة هيكلة شاملة للقطاع المالي تبدأ بالاعتراف مقدما بخسائر البنوك الخاصة ومصرف لبنان، مع مراعاة تأمين الحماية لصغار المودعين.

 

إذًا، امكانية تحديد مجلس الوزراء سعر صرف مختلف عن سعر الصرف الحالي لتسديد مستحقات المقاولين صحيح، لا سيما ان قانون النقد والتسليف المادة ٢ و٢٢٩، اعطى صلاحية اصدار سعر صرف الدولار لمجلس النواب، ويمكن للأخير ان يفوض هذه الصلاحية عبر قانون الموازنة لمصرف لبنان وفي بعض الحالات الاستثنائية لوزير المالية، الا ان اعتماد عدة اسعار صرف للدولار في لبنان لا يعتبر من الممارسات الفضلى مع اعتبار صندوق النقد الدولي ان على لبنان القيام بإصلاحات مالية اساسية أهمها إرساء نظام موثوق للنقد والصرف، يرتكز على توحيد أسعار الصرف المتعدد.