Loading...

تجميد البويضات يضمن حق المرأة في اختيار توقيت الأمومة

 

اختارت نعمت بدر الدين أن " تُهدي" نفسها في سنّ الأربعين عملية بسيطة أتاحت لها أن تجمّد بويضات تخوّلها أن تُنجب في أي سنّ في المستقبل، في ظاهرة تشهد رواجًا في الآونة الأخيرة في لبنان، مع تأخر سنّ الزواج وفي ظل الانهيار الاقتصادي. 

 

وتجميد البويضات تقنية تُتيح للنساء إمكانية الحفاظ على أفضل الفرص للحمل الصحي عندما يصبحن جاهزات لذلك، خصوصًا عندما تعيق الظروف حصول ذلك على غرار التركيز على المهنة، أو التزامات عائلية، أو التأخر في العثور على الشريك المناسب، أو عند ظهور حالات طبية مثل السرطان. وتجسّد هذه التقنية إحدى الحقوق الجنسية والإنجابية.

 

وتقول نعمت، وهي ناشطة سياسية واجتماعية، في حديث لموقع "مهارات نيوز"، "لست جاهزة للإقدام على خطوة الزواج والإنجاب حاليًا في خضّم المعارك التي أخوضها في النشاط السياسي والاجتماعي في البلد"، مضيفة "بهدف الحفاظ على حقي وفرصتي بالأمومة، خضعت لعملية تجميد البويضات".

 

وتصف خطوتها على أنها "أجمل ما أنجزته وأهديته لنفسي"، لافتةً في المقابل إلى شّح كبير في المعلومات ونقص في التوعية حول هذا الموضوع في لبنان والعالم العربي، إذ كانت تعتقد على سبيل المثال أن "تجميد البويضات عملية يمكن إجراؤها في أي عمر طالما أن الدورة الشهرية منتظمة"، لتجد لاحقًا بعد إستشارة طبيبها أن الأمر"لا يتعلق بالدورة الشهرية وإنما بمخزون البويضات الذي يتراجع مع التقدم في العمر".

 

كخطوة أولى استعدادًا لإجراء العملية، خضعت نعمت لاختبار مخزون البويضات للتأكد من أن الكمية كافية، وبعد أن جاءت النتيجة إيجابية، بدأت بمرحلة التحضير من خلال الإلتزام بحقن وأدوية مع إتباع نظام غذائي وممارسة الرياضة. وتوضح أنها لم تشعر بألم كبير، لكن الحقن المنشطة تسببت بانتفاخ بطنها وتقلب في المزاج.

 

وإنطلاقًا من تجربتها الشخصية ونشاطها الاجتماعي، تعمل نعمت حاليًا على نشر التوعية حول هذا الموضوع، وتطالب الأطباء والجمعيات النسوية بالتركيز أكثر على إبراز أهمية عملية تجميد البويضات لتتمكن المرأة من الحفاظ على هذا الإمتياز والحق بسنِ صغير.

 

يُعرّف موقع مايو كلينك الطبي تجميد البويضات على أنه طريقة تُستخدم للحفاظ على قدرة النساء على الحمل في المستقبل، إذ تُستخرج البويضات من مبيضي المرأة وتُجمّد غير مخصَّبة وتحفّظ للاستعمال لاحقًا. ويُمكن إذابة البويضة المجمدة وتلقيحها بالحيوان المنوي في المعمل ثم زرعها في رحم المرأة (التلقيح الصناعي).

 

"أهم الإنجازات"

قبل ست سنوات، اختارت المدرّسة ديانا كرنيب الخضوع لعملية تجميد البويضات بعد ولادة ابنها البكر، حفاظًا على قدرتها على الحمل والإنجاب مستقبلًا.

 

وتشرح ديانا لموقع "مهارات نيوز أنّ "القرار جاء نتيجةً لرغبتها وزوجها بتأخير إنجابها لطفل ثانٍ في ظلّ الظروف المعيشية الصعبة ولتتمكن من التوفيق بين حياتها المهنية والعائلية، خصوصًا مع كون زوجها دائم السفر جراء ظروف عمله".

 

وتكللت تجربة ديانا (36 عامًا) بالنجاح، إذ أنها حامل حاليًا في الشهر الثاني بعد خضوعها لعملية التلقيح، التي وصفتها بـ"السهلة" و"السريعة"، معتبرةً أن هذا الخيار الطبي "هو أحد أهم الإنجازات العلمية بالنسبة للمرأة ويضمن حقها في تقرير مصيرها وخياراتها وفي تحديد موعد الحمل والإنجاب". 

 

وتنصح ديانا "كل امرأة القيام بهذه الخطوة لتضمن حقّها بالأمومة خصوصًا في حال تعرضها مستقبلًا لأي أزمة صحية مفاجئة".  

 

وتجسّد هذه التقنية إحدى الحقوق الجنسية والإنجابية، المتمثلة بحق جميع الأفراد والأزواج بأن يقرروا بحرية ومسؤولية عدد أطفالهم ومدى تباعدهم وتوقيتهم، والحصول على المعلومات والوسائل للقيام بذلك. 

 

وأُجريت أول عملية تجميد بويضات في العالم عام 1986، وجرت ولادة أول طفل من بويضة مجمّدة من نفس الأم عام 1999.

 

كيف تجري هذه العملية ولماذا؟

يشرح الدكتور وليد غُطمي، مدير مركز إيف للإخصاب، وهو طبيب جراحة نسائية وتوليد وإختصاصي بأمراض أطفال الأنابيب وعلاج العقم، في حديث لموقع "مهارات نيوز"، أهمية تجميد البويضات لكل امرأة غير متزوجة تخطت عمر الثلاثين، إلى جانب المصابات بمرض السرطان قبل خضوعهنّ للإشعاع أو للعلاج الكيماوي، أو في حالات قليلة جدًا عند فتيات صغيرات يعانين من أمراض جدية تحتاج إلى علاج. 

 

 

ويوضح أنّ العدد الأكبر من النساء اللواتي يلجأن إلى إجراء عملية التجميد حاليًا هنّ العازبات في عمر الثلاثين، لافتًا إلى أنّ "العمر المثالي للتجميد هو بين الثلاثين والثمانية وثلاثين عامًا، أي قبل أن تدخل المرأة في مرحلة انخفاض مخزون المبيض، ما يؤدي بالتالي إلى تراجع جودة البويضات لديها".




 

وبعد إجراء فحص مخزون المبيض (AMH) للتأكد من أنه كافٍ لعملية التجميد، تخضع المريضة لعلاج تحريض الإباضة من خلال حقن يومية لتكبير البويضات، وتتم مراقبتها لتصبح بالحجم المطلوب، وتُحقن بعدها بحقنة التفجير، وفق غُطمي. وبعد 36 ساعة، يُصار إلى سحب البويضات عبر المهبل ومن ثمّ تجميدها بشكل فوري لفترة تمتد لخمس سنوات قابلة للتجديد لمرة واحدة.

 

 

وفيما يخصّ عدد البويضات المطلوب لضمان الحمل، يشدّد الدكتورغُطمي على أن تجميد بويضة واحدة لا يكفي لإعطاء المريضة فرصة أكبر للحمل، إذ يجب تجميد ما يقارب ثلاثين إلى أربعين بويضة لضمان الحمل. ويضيف "لا يتم الحصول على هذا العدد من عملية واحدة، إذ يجب إعادة الكرّة مرات عدّة في فترات منفصلة لجمع عددٍ كافٍ من البويضات بما يضمن الحصول على طفلين أو ثلاثة". 

 

 

ويتعيّن على النساء، وفق الطبيب، "عدم تأجيل هذه الخطوة المهمة في حياتهنّ والقيام بها في عمر مبكّر". ويضيف "كل ما يتطلبه الأمر منكِ هو إلتزام لمدة شهر أو شهرين وتكونين بذلك قد حافظتي على أملك بالإنجاب مستقبلًا من بويضاتك الخاصة من دون الحاجة إلى التبرع". 

 

 

وفي لبنان، يكلّف إجراء عملية تجميد البويضات قرابة 1500 دولار أميركي، في مبلغ يعتبرغُطمي أنه "لا يساوي شيئًا مقابل الحفاظ على فرصة الإنجاب والأمومة لاحقًا".

 

 

 

TAG : ,تجميد البويضات ,الأمومة ,إنجاب ,الزواج ,الحمل ,المرأة ,النساء ,طفل ,أطفال