ثمة ثغرات جوهرية في الإطار القانوني الذي ينظّم عمل البلديات في لبنان، علمًا أن الإطار لا يزال يقيّد قدرتها على أداء دورها التنموي بفعالية. من هنا، تبرز الحاجة الملحّة إلى مراجعة شاملة لهذه القوانين، بما ينسجم مع المتغيرات والتحديات الراهنة.
تتعدد الأسباب التي تؤدي إلى تفاوت التنمية بين البلديات في لبنان، ويُعد الإطار القانوني الناظم لعمل البلديات من أبرز هذه الأسباب، حيث يقيد هذا الإطار قدرة البلديات على العمل بفعالية، لا سيما بسبب الرقابة المسبقة على الإنفاق التي تحد من استقلاليتها المالية والإدارية. إلى جانب ذلك، تلعب العوامل الديموغرافية دورًا مهمًا، خصوصًا التفاوت بين أعداد السكان المسجلين والأعداد الفعلية للمقيمين، ما يعرقل قدرة العديد من البلديات على تحصيل الرسوم والجباية بشكل فعال.
ويُعد العدد المرتفع للبلديات في لبنان ــــ والذي يفوق بكثير عدد البلديات في دول أكبر حجمًا وأكثر سكانًا مثل النرويج وفرنسا، سببًا رئيسيًا في شرذمة العمل البلدي. فالكثير من هذه البلديات تأسست لأسباب سياسية أو مناطقية بدلًا من أن تكون مبنية على أساس حاجات إنمائية أو ديموغرافية، ما يجعلها غير قادرة على العمل بفعالية أو تحقيق التنمية المنشودة.
علاوة على ذلك، فإن نظام الانتخابات البلدية المعتمد، والذي يقوم على النظام الأكثري، يُعزز العلاقات الزبائنية بين المرشحين والناخبين بسبب ضعف الشفافية في تمويل الحملات الانتخابية. وبنتيجته، يتحول العمل البلدي من تخطيط استراتيجي قائم على المصلحة العامة إلى إدارة خدمات انتخابية تخدم مصالح ضيقة أو فئوية.
تسلّط هذه العوامل الضوء على ثغرات جوهرية في الإطار القانوني الذي ينظّم عمل البلديات، والذي لا يزال يقيّد قدرتها على أداء دورها التنموي بفعالية. من هنا، تبرز الحاجة الملحّة إلى مراجعة شاملة لهذه القوانين، بما ينسجم مع المتغيرات والتحديات الراهنة. يستعرض هذا التقرير أبرز التحديات التي تواجه البلديات، ويطرح جملة من الإصلاحات التي ينبغي على المشرّع اللبناني أخذها بعين الاعتبار، انطلاقًا من رؤية تعتبر البلدية رافعة للتنمية المحلية، لا أداة للزبائنية أو تقاسم النفوذ الفئوي.
تتنوع مصادر دخل البلديات بين الضرائب والرسوم التي تجبيها محليًا، وحصتها من أموال الصندوق البلدي المستقل، بالإضافة إلى مصادر أخرى مثل الهبات، والشراكات مع القطاع الخاص، والمساعدات المالية من المغتربين وغيرهم. ويخضع هذا الإنفاق لرقابة إدارية مسبقة، ما يقيّده ويحدّ من مرونة البلديات في تنفيذ مشاريعها التنموية بفعالية. وتواجه البلديات في لبنان صعوبات كبيرة في الوصول إلى مصادر تمويلها، رغم تنوعها. فالإيرادات المحلية، وهي من أهم الموارد، تأتي من الضرائب والرسوم التي تجبيها البلديات، مثل رسوم النفايات والإعلانات وإشغال الأملاك العامة، غير أنّ العديد من البلديات، خصوصًا الصغيرة، تعاني من ضعف إداري وتقني يعوق قدرتها على الجباية المنتظمة.
تحصل البلديات على حصة من الضريبة على القيمة المضافة (TVA) المفروضة على خدمات الكهرباء والمياه والهاتف الخليوي، والتي يُفترض تحويلها فصليًا، لكنها غالبًا ما تتأخر أو تُجزّأ، خصوصًا في ما يتعلق بالكهرباء والمياه، بسبب التقصير الإداري أو العجز المالي.
في هذا الصدد، توضح الباحثة والخبيرة الانتخابية زينة الحلو أنّ "القانون يُلزم البلديات بجباية الضرائب، إلا أنّ تطبيق هذا الإجراء يصطدم بجملة من التحديات، أبرزها: ضعف القدرة البشرية والإدارية في بعض البلديات، وعدم امتلاكها بيانات دقيقة عن العقارات المشغولة بسبب غياب تسجيل السكان لديها، بالإضافة إلى غياب أي صلاحيات قانونية تمكّنها من اتخاذ إجراءات بحق الممتنعين عن الدفع.
وتعطي مثالًا عن حارة حريك، التي غادرها عدد كبير من السكان المسجلين فيها منذ سنوات ويُقيم فيها سكّان من مناطق أخرى، ما يصعّب على البلدية تحسين المنطقة. وبشكل عام، "لا تمتلك البلديات معلومات كافية عن عدد المقيمين الفعليين، ومن جهة أخرى، فإن ضعف تسجيل السكان في السجلات البلدية يحدّ من قدرتها على جباية الضرائب، ما ينعكس سلبًا على قدرتها على تمويل المشاريع وتحقيق التنمية المحلية".
يُعاني الصندوق البلدي المستقل من غياب الشفافية وتوزيع غير عادل، إذ تُحتسب الحصص على أساس السكان المسجّلين لا المقيمين
كذلك، تشكّل الهبات والمساهمات موردًا إضافيًا عبر السكان أو المغتربين أو القطاع الخاص، لكنها تبقى محدودة وغير متاحة للجميع، وغالبًا ما تُقيَّد بشروط لا تتناسب مع احتياجات كل بلدية. وتلفت الحلو إلى أنّ "الهبات والمساعدات التي تصل إلى البلديات لا تُوزَّع بشكل عادل بين مختلف البلدات اللبنانية، إذ غالبًا ما تخضع لاعتبارات سياسية". وتشير إلى أنّ "الجهات المانحة تضع شروطًا ترتبط بالواقع السياسي والطائفي، وأحيانًا تشترط استقبال البلدة للنازحين السوريين مقابل تقديم الدعم". في المقابل، توضّح الحلو أنّ "بعض البلديات تتلقى دعمًا مباشرًا من المغتربين المنتمين إليها، وهو ما قد يفسّر وجود نشاط إنمائي في بعض المناطق مقابل معاناة بلدات أخرى من ضعف التنمية وغياب الموارد".
إضافة إلى ذلك، تحصل البلديات على حصة من الضريبة على القيمة المضافة (TVA) المفروضة على خدمات الكهرباء والمياه والهاتف الخليوي، والتي يُفترض تحويلها فصليًا، بحسب "دليل المواطن والبلديّة" الذي أعدّه الباحث علي مراد بالشراكة مع جمعية نحن عام 2018. لكنّ هذه الموارد، غالبًا ما تتأخر أو تُجزّأ، خصوصًا في ما يتعلق بالكهرباء والمياه، بسبب التقصير الإداري أو العجز المالي أو ضغوط سياسية.
أمّا عن الصندوق البلدي المستقل، فيُشير دليل المواطن والبلدية إلى أنّه حساب يُدار من وزارة المالية وتخضع إيراداته لرقابة ديوان المحاسبة. تُجمع موارده من رسوم مثل البناء، أرباح المهن، المحروقات، تسجيل العقارات، والواردات الجمركية وغيرها، وتُوزّع على البلديات سنويًا بعد نهاية العام. لكن التأخير في التحويل وانخفاض القيمة الشرائية لهذه العائدات بعد الأزمة الاقتصادية يحدّ من قدرة البلديات على التخطيط والتنفيذ. كذلك، يُعاني الصندوق أيضًا من غياب الشفافية وتوزيع غير عادل، إذ تُحتسب الحصص على أساس السكان المسجّلين لا المقيمين، ما يضر البلديات التي تستضيف نازحين أو مقيمين مسجلين في بلديات أخرى، كحال مدينة بيروت ومحافظة جبل لبنان التي يعيش فيهما سكّان من مختلف المناطق اللبنانيّة.
يُشكّل العدد المرتفع للبلديات إحدى أبرز الأزمات التي تؤثر سلبًا على التنمية المحلية، إذ أنّ تضخّم عددها يُشتّت الجهود والموارد. فإنشاء بلدية لا يحتاج سوى لقرار من وزير الداخلية والبلديات، وقد شهد عدد البلديّات ارتفاعًا ملحوظًا خلال العقود الثلاثة الأخيرة، إذ زاد 34 بلدية بعد عام 2016 وحده، وفقًا لتقرير أصدرته الدوليّة للمعلومات في نيسان 2024.
يؤكد أمين عام الجمعيّة اللبنانيّة من أجل ديمقراطية الانتخابات "لادي" عمّار عبّود أنّ "عدد البلديّات في لبنان يفوق أعداد البلديّات في دول أوروبيّة يتجاوز عدد البلديات في بلدان أوروبية تفوقه بعشرات أضعاف السكان والمساحة، مثل النرويج وفرنسا". ويؤكد أنّ "هذه الكثافة لا تعبّر عن فعالية إدارية، بل تكشف عن تفكك إداري وإنمائي، ما يستدعي إعادة نظر جذرية في هيكلية البلديات، عبر دمجها وفقًا لاعتبارات اقتصادية وديموغرافية وليس سياسية أو طائفية".
المشكلة الأساسية في عمل البلديات لا تكمن في نقص الصلاحيات، بل في ضعف القدرات والخبرات المتوفرة
فلبنان، رغم مساحته المحدودة التي لا تتجاوز 11 ألف كيلومتر مربع، يضم أكثر من 1059 بلدية، أي بمعدل بلدية لكل 11 كيلومتر تقريبًا. ويعود هذا العدد المرتفع إلى "الذهنية السائدة التي تميل إلى المطالبة بإنشاء بلديات جديدة، من دون إدراك أنّ هذا التوجّه يضرّ بالإنماء بدل أن يخدمه، إذ يغذّي النظام القائم على الزبائنية والمحسوبيات" بحسب ما تقوله الباحثة والخبيرة في الانتخابات زينة الحلو. تُضيف، "استحداث بلدية يضيف أعباء جديدة، خاصة أنّ هذا التوسع لا يترافق مع زيادة موازية في حصة البلديات من الموازنة العامة".
وبحسب تقرير "بلديات ومخاتير لبنان" الصادر عن الدوليّة للمعلومات في نيسان 2023 يوجد في لبنان 1059 بلدية لـ 1،436 بلدة وقريّة في لبنان. واللافت أنّ 442 بلديّة مكونة من 9 أعضاء، فيما بالمقابل يوجد 20 بلدية فقط من 21 عضوًا وهي تعود لبلديات عدد سكّانها 24 ألف شخص. وفي تقرير آخر، أشارت الدولية للمعلومات إلى أنّ "50% من بلديات لبنان عائداتها من الصندوق البلدي المستقل تقل عن 250 مليون ليرة" وذلك وفقًا لما أكدّ عليه المرسوم رقم 14492 الصادر في 18/12/ 2024. أي أنّ نصف البلديّات تقاضت أقل من 3000 دولار كموازنة سنويّة عن عام 2022.
وتطرح هذه الإشكالية، قضية أساسيّة للخروج منها، وهي دمج البلديّات كما يقول عبّود، مشيرًا إلى أنّه من الضروري "التعامل مع البلديات باعتبارها وحدات إنمائية مترابطة، وليس مجرد إدارات محلية منعزلة". ويُضيف "العديد من المشاريع كشبكات الصرف الصحي، مياه الري، أو المهرجانات الثقافية، تحتاج إلى تعاون عابر للقرى والبلدات. من هنا، يصبح الدمج أداة ضرورية لتكوين بلديات قابلة للحياة اقتصاديًا وقادرة على تنفيذ مشاريع تنموية متكاملة". ومن جهتها، تعتبر الحلو أن موضوع دمج البلديات ضروري لتجاوز التشرذم الإداري، لكنها تشدد على أن هذا الطرح قد يصطدم بالاعتبارات الطائفية والسياسية، بسبب سوء الفهم العام لمفهوم العمل البلدي الذي يجب أن يكون إنمائيًا لا فئويًا.
يجد عبّود، أنّ "البلديات في لبنان تتمتع بصلاحيات قانونية واسعة، حيث يُمنع عنها سوى ثلاثة أمور أساسية: إنشاء المحاكم، طباعة العملة، وتأسيس الجيوش". ما عدا ذلك، يعتبر عبّود أنّه "يُفترض أنها تملك القدرة على تنفيذ مختلف المهام التنموية والخدماتية، إلا أنّ بعض البلديات، وعلى رأسها بلدية بيروت، لا تتمتع بالاستقلال الفعلي، إذ تقع تحت وصاية المحافظ، ما يعطّل دورها الذاتي في الإدارة، وهو واقع موروث من النموذج الفرنسي، مع العلم أنّ فرنسا عدّلت قانونها ومنحت الاستقلالية لبلدية باريس.
ومن جهتها، ترى الحلو أنّ "المشكلة الأساسية في عمل البلديات لا تكمن في نقص الصلاحيات، بل في ضعف القدرات والخبرات المتوفرة، بالإضافة إلى القيود الإدارية التي تعيق العمل البلدي، وعلى رأسها الرقابة المسبقة على الإنفاق، التي تحدّ من فعالية القرار المحلي".
غياب اللوائح المقفلة في الانتخابات البلدية يُضعف فعالية العملية الانتخابية، إذ تطغى الترشيحات الفردية المبعثرة التي تؤدي إلى ضعف انسجام المجالس البلدية
وتعتبر الحلو أنّ تخفيض بعض الصلاحيات المعطاة للبلديات قد يكون أكثر فعالية، لا سيما ما يتعلّق بشق الطرقات وتصنيف الأراضي، وهي مهام من المفترض أن تكون من اختصاص التنظيم المدني، لا البلديات. محذّرة من أنّ هذه الصلاحيات تُمارس في كثير من الأحيان من دون خبرات كافية، ما يؤدي إلى آثار بيئية ومجتمعية خطيرة. وتشير إلى أنّ "هذه الصلاحيات غالبًا ما تُستعمل بطريقة كيدية داخل البلدية، حيث يُمنح البعض امتيازات وفقًا لانتمائهم السياسي أو العائلي، فيما يُحرم منها آخرون". تُضيف "تُستغل هذه الصلاحيات في ممارسات زبائنية، بل أحيانًا تُحوّل إلى وسيلة للربح الشخصي، إذ يقرّر رئيس البلدية شق طريق معين لرفع قيمة الأراضي المحيطة به، ما يفتح الباب أمام شبهات فساد واستغلال".وتشدّد الحلو على أنّ "منح البلديات صلاحيات إضافية من دون توفير التمويل الكافي أو تطوير الكادر البشري لن يُحدث أي تغيير إيجابي، داعيةً إلى إعادة النظر في طريقة توزيع الصلاحيات والموارد لضمان فعالية أكبر في الإدارة المحلية". كما تلفت إلى أنّ البلديات، "رغم امتلاكها لصلاحيات كبيرة كإقامة معامل نفايات أو شبكات صرف صحي أو مطامر، فإن غياب الرقابة الفعالة والمعايير الوطنية لهذه المشاريع يمكن أن يؤدي إلى كوارث بيئية وهدر مالي".
تفتقر العملية الانتخابية للمجالس البلدية في لبنان إلى قانون واضح ومتكامل ينظّم الانتخابات، إذ أنّه يُعتمد ما ورد في قانون البلديات، وتحديدًا في المرسوم الاشتراعي رقم 118 الصادر عام 1977، الذي يربط تنظيم الانتخابات البلدية والاختيارية بقانون الانتخابات النيابية. ومع أنّ قانون الانتخابات النيابيّة يعتمد النسبية إلّا أنّ هذا النظام لم يُطبّق على الانتخابات البلدية، التي لا تزال تُجرى وفق النظام الأكثري.
تشير الحلو إلى أنّ غياب اللوائح المقفلة في الانتخابات البلدية يُضعف فعالية العملية الانتخابية، إذ تطغى الترشيحات الفردية المبعثرة التي تؤدي إلى ضعف انسجام المجالس البلدية، على عكس الانتخابات النيابية التي تعتمد اللوائح الموحدة، عدا عن أنّ الناخبين لا يلتزمون باللوائح التي تشكلها الترشيحات الفردية. وتلفت إلى غياب سقف للإنفاق الانتخابي، ما يعقّد ضبط الحملات ويضعف الشفافية، خاصة مع العدد الكبير من البلديات والمرشحين. وتنتقد الحلو أيضًا الفوضى التنظيمية الناتجة عن العدد المرتفع للمرشحين، حيث يحق لكل مرشح إدخال مندوب، مما يشكّل عبئًا لوجستيًا كبيرًا في أقلام البلديات الكبرى. كما تطرح إشكالية نظام التشطيب وما يرافقه من فوضى في الفرز اليدوي وغياب المكننة. وتقترح الحلو، قانون انتخابات خاص بالبلديّات، يعتمد النظام الأكثري إنما بلوائح مقفلة، وينسجم مع متطلبات العمل البلدي ويحد من شرذمة الأصوات، ويقوم على أساس نظام اللائحة المقفلة.
من الضروري النظر إلى البلدية كحكومة مصغّرة، هدفها الإنماء وليس التمثيل السياسي والزبائنية كما هو سائد في لبنان
وتنتقد النظام الأكثري الذي يسمح بدخول مرشحين من لوائح مختلفة إلى مجلس واحد، ما يؤدي إلى تشرذم المجلس وغياب التناغم المطلوب. فالمجالس البلدية، برأيها، هي هيئات تنفيذية تحتاج إلى فريق عمل متجانس لا إلى تمثيل سياسي متنوع يعطّل الأداء. من جهته، يُبرز عمّار مشكلة تصويت المواطنين في بلداتهم الأصلية بدل أماكن إقامتهم، ما يضعف العلاقة مع المجالس البلدية، داعيًا إلى اعتماد التصويت في مكان الإقامة الفعلي لضمان تمثيل من يتأثر مباشرة بالسياسات المحلية.
في العام 2012، شكّل رئيس الحكومة السابق نجيب ميقاتي لجنة برئاسة وزير الداخلية السابق زياد بارود لإعداد مشروع قانون اللامركزية الإدارية. وأعدّت اللجنة مشروع قانون مؤلف من 147 مادةّ يأخذ بعين الاعتبار اتفاق الطائف الذي أقرّ اعتماد اللامركزيّة الإداريّة. هذا المشروع ليس قانون للبلديّات انما هو موازيًا له، هدفه إنشاء مجالس محلية منتخبة على صعيد القضاء. وقد أحيل مشروع القانون إلى مجلس النوّاب عام 2016، وجرى عقد نحو 74 جلسة في اللجان النيابية لمناقشته، لكنّ المناقشات توقفت في العام 2019. ووفقًا لتصريحه لنداء الوطن في 9 أيّار 2025، أكدّ بارود أنّ مشروع القانون يهدف إلى رفع نسبة الإنفاق المحلي من 6٪ إلى 20 %. إضافة إلى ذلك، يستحدث المشروع الصندوق اللامركزي الذي سيحلّ محل الصندوق البلدي المستقل والذي من خلاله ستزيد إيرادات البلديّات. كما أوضح أنّ "مشروع قانون اللامركزية لا يتطرق إلى البلديات ولا إلى قانونها، وهذه ورشة موازية. لكنه يحرص على عدم المسّ بصلاحيات البلديات ضمن نطاقها، وعلى عدم المسّ بوارداتها التي هي ضرائب ورسوم مباشرة وعائدات من الصندوق البلدي المستقل".
من جهتها، ترى الحلو أنّ "المشروع يُمثّل خطوة متقدمة في تنظيم الإدارة المحلية، خصوصًا من خلال استحداث مجالس أقضية منتخبة تُمنح صلاحيات مالية وإدارية، وتُعالج التفاوت بين الأقضية استنادًا إلى مؤشرات اقتصادية واجتماعية وليس فقط الأرقام السكانية أو حجم الجباية". كما تُثمّن ما تضمنه المشروع لناحية إلغاء القائمقاميات واتحادات البلديات، معتبرة أن هذا يُسهم في "تبسيط الحوكمة وتوضيح الصلاحيات، بالإضافة إلى اعتماد نظام نسبي وكوتا نسائية في تشكيل هذه المجالس، ما يُعزز التمثيل العادل والتنوّع". لكنها تسجّل تحفّظًا جوهريًا على أحد أوجه مشروع القانون، لكنها تسجّل تحفّظًا جوهريًا على أحد أوجه مشروع القانون، وهو نظام الاقتراع للسكّان المقيمين غير المسجلين، حيث يسمح لهم بالاقتراع انما يُحتسب صوته نصف صوت. وبرأيها، يعتبر مخالف للدستور لانه يضرب منطق المساواة بين المواطنين".
أمّا على صعيد قانون البلديّات، فإنّ أي مشروع قانوني متطور للبلديّات يجب أن ينظر وفقًا لعبّود بـ "سحب الصلاحية من وزير الداخلية لإنشاء بلدية، وتحسين حصّة البلديّات من الإنفاق العام كذلك تبسيط إجراءات تحصيل الرسوم والجباية". كذلك، فإنّ "الرقابة المسبقة التي تخضع لها البلديّات من قبل سلطات ثلاث، القائمقام والمحافظ ووزير الداخلية والبلديّات، يجب حصرها لتعزيز مرونة العمل، واستبدالها بالرقابة اللاحقة". وذلك يعود إلى أنّ "البلديّة هي حكومة مصغّرة وليست إدارة تابعة للدولة". ويعتبر أنّه من الضروري تغيير الثقافة تجاه العمل البلدي، عبر "النظر إلى البلدية كحكومة مصغّرة هدفها الإنماء وليس التمثيل السياسي والزبائنية كما هو سائد في لبنان".
ومن الإصلاحات الجوهرية التي يطرحها عبّود هي اعتماد الشفافية ونشر محاضر جلسات المجلس البلدي علنية ، وتمكين المواطنين من الاطلاع على تفاصيل الموازنة والمشاريع البلدية. ويجد أنّ "هذه الخطوة تعزز ثقة الناس وتضمن حقهم في مراقبة الأداء والمحاسبة الفعلية. ويلفت إلى أنّ "تعزيز العمل البلدي يتطلب أيضًا تحديثًا إداريًا من خلال مكننة العمليات وتطوير آليات إحصاء دقيقة للمقيمين الفعليين. فالمعرفة الواقعية بالبنية السكانية أساسية في التخطيط واتخاذ القرار". كما يلفت إلى أنّ أي مشروع قانون عليه أن ينظر في "إعادة توزيع العائدات الضريبية بشكل عادل بين البلدات، بما يضمن عدالة تنموية وتوازنًا في الاستثمارات والخدمات. فإعادة التوزيع هو المدخل لتحقيق إنماء متوازن وشامل".
تم إعداد هذا التقرير ضمن مشروع "إصلاح الإعلام وتعزيز حرية التعبير في لبنان". موّل الاتحاد الأوروبي هذا التقرير . وتقع المسؤولية عن محتواه حصرًا على عاتق "مؤسسة مهارات" وهو لا يعكس بالضرورة آراء الاتحاد الأوروبي. تم نشر التقرير بالتزامن مع موقع awanmedia.net.