Loading...

مجتمع الميم في لبنان ضحيّة أزمات متلاحقة

 

يتخوّف مجتمع الميم-عين في لبنان من تفاقم انتشار وباء جدري القرود، ليضيف إلى معاناتهم بعد عامين من انتشار جائحة كورونا وأزمة اقتصادية متفاقمة، خصوصًا بعد ربط انتشار الوباء الجديد بالمثليين من دون أي استناد إلى وقائع علمية.

ورغم تكرار منظمة الصحة العالمية أن جدري القرود ينتقل عن طريق الاتصال الوثيق مع الأشخاص المصابين وتبادل سوائل أجسامهم وملابسهم أو الاحتكاك، سواء أكانوا مثليين أو غيريين، إلا أن ذلك لم يحل دون انتشار موجة جديدة من الكراهية والعنصرية. ومن شأن هذه الموجة أن تزيد العدوانية تجاه مجتمع الميم (أو مجتمع الميم-عين إشارة أيضًا إلى العابرين والعابرات جنسيًا)، المهمّش أساساً في لبنان، باعتباره مجموعة تعاني باستمرار من التمييز المنهجي والافتقار إلى الحماية وعدم المساواة الاقتصادية، في بلد تُعاقَب فيه العلاقات المثلية بالسجن ويضطر كثر الى إخفاء هويتهم الجنسية خشية الوصمة الاجتماعية.

ويُعرب ماثيو، الذي فضّل استخدام اسم مستعار للحفاظ على خصوصيته، عن قلقه إزاء التحريض الحاصل، موضحاً أن "المرض قد يصيب أي شخص ولا يقتصر فقط على الرجال الذين يمارسون الجنس مع بعضهم البعض".

 

وتنشر على مواقع التواصل الاجتماعي بين الحين والآخر تعليقات وتغريدات تربط بين الإصابة بجدري القرود والعلاقات الجنسية بين المثليين، رغم تأكيد منظمة الصحة العالمية أن خطر الإصابة به "لا يقتصر على الأشخاص النشطين جنسياً أو الرجال الذين يمارسون الجنس مع رجال؛ إذ إن أي شخص لديه اتصال وثيق مع شخص لديه أعراض هو عرضة للخطر".

 

 ويعتبر شادي، وهو عامل في المجال الإذاعي، في تصريح لموقع "مهارات نيوز" أن "ثمّة مبالغة في الأرقام وأكاذيب تُنشر لسياسات وأهداف معينة". ويضيف إنها بروباغندا وستنتهي يومًا ما".

 

ويتمنى شادي على السلطات "إفساح المجال لنشر التوعية حول حقوق المثليين في الإعلام ونشر التوعية الجنسية تحديداً في ما يخصّ جدري القرود والإيدز(HIV) المنتشر بكثرة، بسبب الغموض حوله وقلّة الوعي والثقافة، ليعرف من يصاب بأحدهما ما الخطوات التي عليه اتخاذها".


 

رفض الاختلاف

وجاء الربط بين مجتمع الميم وجدري القرود بعد سلسلة حملات ونكسات تعرضت لها هذه الفئة المهمّشة، تزامن آخرها  مع "شهر الفخر" العالمي في حزيران 2022، مع طلب وزارة الداخلية من قوات الأمن منع أي نشاطات ينظمها مجتمع الميم. وترافق المنع مع مواقف محرّضة، صدرت عن رجال دين ومسؤولين وعلى مواقع التواصل الاجتماعي.

ويعتبر ماثيو أن الحملة "شكلت انتكاسة لمسيرة نضالنا من أجل الحريات" مضيفاً " ما حصل له خلفية سياسية، وكان أشبه بمحاولة لإلهاء الرأي العام عبر التصويب على هذه الفئة التي يعتبرونها ضعيفة".

ويسأل ماثيو "الى متى سنبقى عرضة لهذا النوع من تصفية الحسابات السياسية وتسجيل النقاط على حسابنا وإستخدام قضيتنا بغير وجه حقّ؟" مؤكداً "الاستمرار  في مسيرة الكفاح، لا من أجل أن يعيش أفراد مجتمع الميم  بكرامة واحترام فحسب، وإنما دفاعاً عن حقوق العمال المهاجرين والنازحين والمرأة التي تتعرض اليوم لأبشع أنواع العنف والاضطهاد".

يواجه أفراد "مجتمع الميم" تمييزاً ضدهم ورفضاً اجتماعياً ما يجعل ظروف معيشتهم وحصولهم على حقوقهم الأساسية كالرعاية الصحية والوظائف أمراً صعباً. وحذرت منظمة أوكسفام العام الماضي من أن مجتمع المثليين في لبنان يواجه تحديات هائلة، إذ حرمتهم الأزمة الاقتصادية وجائحة كوفيد-19 وانفجار مرفأ بيروت في صيف 2020، مساحاتهم "الآمنة" ومصادر دخلهم.

ورغم ذلك،  يعتبر شادي أن مجتمع الميم في لبنان يتمتع بهامش حرية أكبر مقارنة مع الدول العربية المجاورة، لكن ذلك لا يلغي معاناتهم التي ازدادت في السنوات الأخيرة نتيجة الأزمات التي ضربت لبنان وأصابت مجتمع الميم بشكل كبير. 

ويقول إن الحملة الأخيرة التي قسمت اللبنانيين بين مؤيد ومعارض، جرت إثر"تحرّك الدولة نتيجة استفزاز مارسه رجال دين خافوا على مصالحهم  وشعبيتهم".


 

الصحة النفسية:

نتيجة لهذه الضغوطات، يُعتبر أفراد مجتمع الميم من الفئات الأكثر حاجة للوصول الآمن إلى العلاج النفسي. فهم معرّضون مرتين إلى ثلاث مرات أكثر من غيرهم للإصابة باضطرابات مثل الاكتئاب، اضطراب القلق والتوتر، التفكير بالانتحار، أو حتى اللجوء الى المخدرات.

وتقول الأخصائية النفسية كوزيت معلوف إن معاناة أعضاء مجتمع الميم ليست بجديدة، "فهم يعيشون القلق والخوف في مكان محكوم عليهم فيه إجتماعياً ودينياً من جهة، وقانونياً من جهة أخرى في ظلّ إستمرار تطبيق القانون الذي يُجرّم المثلية. كما ويشتركون في المشاكل الاجتماعية والاقتصادية والصحية الحالية مع جميع اللبنانيين". 

 وتلعب وسائل الإعلام ومواقع التواصل الإجتماعي، على حدّ قولها، "دوراً سيئاً من خلال المساهمة بتسويق أفكار مغلوطة وغير واردة علمياً وإنسانياً، تؤدي بالتالي الى الزيادة من حدة الهجمة التي يتعرض لها أفراد هذا المجتمع والخطر الذي يلاحقهم". 

وتطالب السلطات اللبنانية بالعمل على إلغاء المادة 534 من قانون العقوبات وإصدار تعليمات للأجهزة الأمنية بضرورة "حماية أفراد مجتمع الميم من العنف وسوء المعاملة بدلاً من لومه والتضحية بحقوقه، وأن تصبّ اهتمامها على إجراء إصلاحات للتخفيف من تأثير الأزمة الاقتصادية على اللبنانيين جميعًا".

 

TAG : ,مجتمع الميم ,المثليين ,مجتمع الميم-عين ,الهوية الجنسية ,المثلية الجنسية ,المثليين الجنسيين ,حقوق المثليين