مرة جديدة، تُعامل الأم اللبنانية المتزوجة من أجنبي على أنها غير لبنانية، فيما تُعامل عائلتها بعنصرية. هي جنسية قيد التجميد، بسبب خيارها بالزواج من غير لبناني. بعد إقرار الحكومة اللبنانية منح مساعدات اجتماعية ومالية للعائلات اللبنانية الذين يعانون من الفقر والعوز بعد تفشي وباء كورونا، مُنعت عائلات تلك النساء من تلقي المساعدات بسبب زواجهم من أجنبي. في الوقت الذي يهدّد الجوع تلك الأسر الفقيرة.
" اليوم اتصلت بالمدرسة وقالت اننا لا نستطيع استلام المساعدات بسبب جنسية زوجي. أنا لا أعمل وهو أيضًا، نحن نبيع أغراض بيتنا من أجل إطعام أولادنا. في هذا الوضع بسبب كورونا من يعيننا؟ ". رسالة وصلتنا من إحدى الأمهات التي حُرمت من تلقي المساعدة في هذا الوضع، حالها كحال نساء كثيرات كن معيلات لأسرهن، توقفن عن العمل بسبب انتشار كورونا وإعلان التعبئة العامة. حقٌ جديد يُضاف إلى سلسلة الحقوق التي تحرمها الدولة اللبنانية لفئات يُفترض أنها لبنانية، بعد أن منعتها سابقًا من الاستفادة من الضمانات والحقوق الحياتية التي ممكن أن تساعدها على تجاوز الأزمات والعيش بكرامة في موطنها. في رسالة تقول سيدة أخرى "تفاجأنا بطلب ذوي الطلاب اللبنانيين فقط بالقدوم لاستلام المساعدات، علمًا أني لبنانية وأولادي يعيشون ويتعلمون في مدرسة رسمية".
خطة المساعدات: إجراءات معطوبة
بعد مرور أكثر من شهر على توقف مصادر رزق اللبنانيين إثر مكوثهم في المنازل، أطلقت الدولة اللبنانية برنامج التكافل الاجتماعي الذي يقضي بتوزيع مساعدات مالية (400 ألف ليرة لبنانية) وحصص غذائية على الأسر المتضررة من وباء كورونا. وقد طلبت الدولة من اللبنانيين تعبئة استمارات عممتها وزارتي الداخلية والشؤون من خلال البلديات أو المخاتير. وعلى الرغم من الضرر الاقتصادي الواقع على اللبنانيين وانتشار رقعة الفقر في لبنان بحسب توقعات البنك الدولي الذي كان تخوّف قبيل انتشار الوباء من تخطي نسبة الفقر في لبنان نسبة ال 50%، فإن آثار كورونا قد تدفع هذه النسبة إلى مزيد من الارتفاع.
وعليه، فإن غالبية اللبنانيين يعانون اليوم من توقف أعمالهم وعدم قدرتهم على سحب المال من المصارف بالإضافة إلى الغلاء الفاحش وارتفاع أسعار المواد الغذائية.
وقد طالت هذه المساعدات العائلات الفقيرة، السائقين العموميين وذوي الطلاب في المدارس الرسمية. وقد تم استثناء العسكريين وموظفي القطاع العام والمتعاقدين. بالإضافة إلى الأم اللبنانية المتزوجة من أجنبي. ولم يتبين هذا الأمر إلا عند بدء توزيع المساعدات في المدارس الرسمية، إذ أن الاستمارات التي تم تعمميها لملئها لم تتضمن أي منع للأم اللبنانية بالتقدم للحصول على المساعدة. وعليه، تقدمت نساء كثيرات بطلبات الحصول على المساعدات بكل أمل وكن ينتظرنها إلى حين تفاجأن بعدم القدرة على الاستفادة من خطة الحكومة اللبنانية.
أزمة في المدارس الرسمية
بحسب أحد مدراء المدارس الرسمية لـ "مهارات نيوز" الذي قال " طُلب إلينا تعبئة استمارات لأهالي الطلاب المسجلين في المدرسة لدينا خلال مدة 24 ساعة، وارسال هذه الاستمارات إلى وزارة التربية. وقد قمنا بالتواصل مع أهالي الطلاب البالغ عددهم 500 طالب والحصول على المعلومات اللازمة. هذا الأمر سبّب لنا ارباكًا لعدم منحنا الوقت اللازم وقد قمنا بالتواصل مع الأهالي جميعهم من دون أن يُطلب إلينا الامتناع عن تعبئة استمارات للأم اللبنانية. هذا الأمر سبب لنا مشكلة مع الأهل الذين قدموا إلى المدرسة وأثاروا مشكلة واضعين اللوم علينا".
تكرّر هذا الأمر مع مدرسة ثانية حيث أفاد المدير لـ "مهارات نيوز" أن الأهالي قاموا بشتم المدرسة علمًا أن لا ذنب لنا في هذا الأمر، نحن قمنا فقط بتعبئة الاستمارات علمًا أن مخابرات الجيش كانت قد استقصت حول أوضاع العائلات المذكورة في اللوائح، وأجرت بحثها على الأرض بالتدقيق مع البلديات والمخاتير. نحن صلة وصل لا أكثر".
بدروها، مديرة جنسيتي حق لي ولأسرتي كريمة شبو أبدت عن غضبها تجاه الإجراءات التي تقوم بها الدولة تجاه المرأة اللبنانية وحرمانها من تلقي المساعدة في وقت نعيش فيه أزمة مصيرية، ووصفت هذا الإجراء "بالعنصري الذي يصر على إذلال المرأة اليوم بعدما أمعنت السلطة في إذلالها باستمرار من أجل تحصيل حقوقها". وتابعت "نحن نعيش في أزمة اليوم، الحجر والوباء لا يميز بين عرق أو جنس، فالكل متضرر ومهدد بالجوع، كما أن هناك نساء حرمن من عملهن الذي يعيلهن وعائلتهن، مع هذا كله تمنع الحكومة عنهن المساعدات مجددًا وكأنها تقول لهن "موتي من الجوع" خاتمةً حديثها بأن هذا البلد للذكور فقط.
وعن حرمان عائلات الأم اللبنانية من الحصول على المساعدات، قالت مسؤولة الاعلام والتواصل في الهيئة الوطنية لشؤون المرأة ميشلين الياس مسعد في حديث لـ "مهارات نيوز" تلقت الهيئة شكاوى في هذا الموضوع وقد راسلت رئيس الحكومة اللبنانية حسان دياب سائلةً عدم استثناء الأم اللبنانية من الحصول على المساعدات ونحن بانتظار رده".
وأضافت " يتركز عمل الهيئة اليوم في الإضاءة على أي تمييز يطال المرأة اللبنانية والمطالبة من أجل تصحيحه، فقد تواصلت سابقًا مع وزير الخارجية ناصيف حتي من أجل اعتماد مبدأ المساواة في سبيل إعادة عائلات النساء اللبنانيات المتزوجات من أجانب إلى لبنان في ظل تفشي وباء كورونا. كما نجحت الهيئة الوطنية الشؤون المرأة في إدخال مفهوم النوع الاجتماعي على استمارة الحصول على المساعدات من خلال تضمينها خانات تتعلق بالنساء، المعيلات لأسرهن على سبيل المثال".
TAG : ,الأم اللبنانية المتزوجة من أجنبي ,خطة التكافل الاجتماعي ,المساعدات_الاجتماعية# ,لبنان ,كورونا