Loading...
false

غير صحيح

مرفأ بيروت (1)
هل عقود تشغيل الـ BOT في بنية قطاع النقل الجوي والبحري تعتبر بيعا لأملاك الدولة؟
28/05/2025

قدّم وزير الأشغال العامة فايز رسامني مشروع قانون لتلزيم المرافق الجوية والبحرية عبر عقود التشييد والتشغيل ونقل الملكيّة (B.O.T) حول اقتراح وزير الأشغال فايز رسامني الذي "يهدف إلى تنفيذ عمليات خصخصة واسعة في بنية قطاع النقل الجوي والبحري، عبر عقود التشييد والتشغيل ونقل الملكية (B.O.T) التي ستنفّذ بواسطة وزارة الأشغال مباشرة".

وقد أثار هذا المشروع نقاش وردود فعل على بعض وسائل الإعلام ومواقع التواصل الاجتماعي، على اعتبار أن مشروع القانون يروّج الى تنفيذ عمليات خصخصة واسعة في بنية القطاع الجوي والبحري، وأن دوافع اللجوء إلى هذه الخطوة هو «إفلاس» الدولة، ما يعني أن بيع أملاكها صار يروّج كوسيلة وحيدة للتعامل مع نتائج الإفلاس".

 

فهل عقود تشغيل الـ BOT في بنية قطاع النقل الجوي والبحري تعتبر بيعا لأملاك الدولة؟

 

يقول الخبير الاقتصادي زياد ناصر الدين في مقابلة لـ"مهارات نيوز" إنّ "نظام الـB.O.T هو نظام بناء تشغيل ونقل، وقد تمّ انشاءه تحديدا لتلزيم المرافق الحيوية والبنى التحتية، ومن خلال هذا النظام يمكن تأمين تمويل جاهز لهذه المشاريع، من هنا يكتسب أهميته بإزالة الأعباء المالية عن الدولة، والإسراع في تنفيذ المشروع للاستفادة من الجدوى الاقتصادية للمشروع على عكس تجربة الدولة اللبنانية التي كانت تطيل وقت انجاز المشاريع ليستفيد المتعهّدين، بالإضافة إلى أن هذا النظام يدخل خبرات ادارية و تقنيّة حديثة عبر التلزيم للشركات التي تمتلك خبرة في القطاع المنوي تلزيمه".

وكتعريف تقني لعقود الـB.O.T يعتبر نظام عقد الـ B.O.T من الأنظمة الحديثة التي تعتمدها الدول لتنفيذ مشاريع ضخمة في البنية التحتية وغيرها، إذ تمنح شركة متخصِّصة امتيازًا لتصميم مشروع معين وتنفيذه وتشغيله بعد أن تكون الدولة قد قررت خطوطه العريضة وأهدافه. وتتولى الشركة القيام بجميع خطوات المشروع من إنشائه الى تشغيله واستثماره لحسابها الخاص لمدة محدَّدة من السنوات، وفي نهاية مدة الامتياز تقوم الشركة بإعادة أصول المشروع الى الدولة في حالة جيدة للاستمرار في تشغيله واستثماره، بدون مقابل أو بمقابل متفق عليه.

اذا، يعتبر نظام الـB.O.T أحد الأنظمة التي تعتمد على تشغيل شركات من القطاع الخاص لمرفق حيوي لمدة معيّنة من الزمن، وهو ما أكّده أيضا مشروع القانون المقدّم من قبل وزارة الأشغال، إذ تنصّ المادة 1 منه على الاجازة للحكومة بواسطة وزارة الاشغال تصميم وإنشاء وتأهيل وتطوير وتشغيل المطارات الجوية والمرافئ البحرية وبشكل عام مرافق النقل الجوي والبحري على أساس التمويل الذاتي بنظام عقود التشييد والتشغيل ونقل الملكية (B.O.T) أو عقود التصميم والتشييد والتشغيل ونقل الملكية (D.B.O.T). 

وتنصّ المادة 3 من مشروع القانون على أنّ "العقود يتم توقيعها بين الحكومة ممثلة بوزارة الأشغال العامة والنقل وكل من يرسي عليه المشروع لمدة أقصاها 25 سنة، وفي نهاية العقد تنتقل ملكية جميع المنشآت والتجهيزات والموجودات القائمة والتس ستقام إلى وزارة الأشغال وذلك دون أي مقابل وبحالة جيّدة صالحة للتشغيل وفقا للمعايير والوسائل الفنيّة المعتمدة عالميا بتاريخ التسليم. 

اذا، وفق المشروع سيتم تلزيم الشركات الرابحة لمدة لا تتخطى الـ25 عاما على أن تعود الملكية للدولة من بعد انقضاء المدة. 

وردا على المعلومات المنتشرة، أصدرت وزارة الأشغال بيانا أوضحت فيه أن اعتماد نظام الـB.O.T لا يعني بيع أملاك الدولة بل تلزيمها لفترة زمنية محدّدة، معتبرة أنّ هذا  الحل هو الأسرع والأكثر واقعية في ظل التحديات والصعوبات المالية والإدارية والفنية التي يواجهها القطاع العام حاضرا. 

وأشارت الوزارة إلى أنّ  مشاريع عدّة أُنجزت وفق صيغة الـB.O.T منها موقف السيارات التابع لمطار بيروت الدولي، ما يُؤكد أن هذا النموذج لا يلحظ مطلقاً بيع أملاك الدولة. 

على الرغم من أنّ نظام الـB.O.T لا يعني خصخصة دائمة للمرافق، الا أنّه يطرح العديد من المخاوف والتحديات، إذ يشير ناصر الدين إلى العديد من التحديات: 

  • غياب الشفافية، وهو أمر يعاني منه لبنان، ففي حال تمت التلزيمات من دون شفافية كاملة قد يفتح الباب على صفقات غير قانونية.

  • دور الدولة في هذه التلزيمات، اذ من الضروري ضمان حفظ حق الدولة في النسبة التي ستستحوذ عليها، أو بالسهم الذهبي الذي يخوّلها ان تكون موجودة في مجلس الادارة.

  • سعر الخدمة، يشكّل هذا الأمر تحدّيا آخر، حول الأسعار التي ستقدّمها الشركات لقاء خدماتها، اذ صحيح أنها شركات تبغى الربح وجني الأموال لكن الأسعار يجب أن تكون ملائمة للواقع في لبنان وأن تكون أسعارها تنافسية.

  • مدّة العقد الطويلة، وهو أحد نقاط الضعف في عقود الـ B.O.T.

وللإجابة على هذه التحديات، وتحديدا في ما يخصّ دفاتر الشروط، تشير الخبيرة في قانون الشراء العام لدى معهد باسل فليحان المالي رنا رزقالله في مقابلة لـ"مهارات نيوز" إلى أنّ وزارة الأشغال هي من تضع دفاتر الشروط، وبما أن نظام الـB.O.T يطرح مخاطر عالية على الرغم من أهميته يجب القيام بدراسة جدوى قبل وضع الدفاتر لمعرفة المخاطر لناحية مثلا نسبة المخاطر التي ستتحملها الدولة مقابل نسبة المخاطر التي ستتحملها الشركات الفائزة، بالإضافة إلى معرفة تكلفة المشروع والعائدات المالية المتوقّعة منه وكم نسبة الدولة من هذه الأرباح.

أما في ما يخصّ الشفافية، نصّ مشروع القانون في المادة 2 منه على أن تجري وزارة الأشغال وفق أصول وأحكام قانون الشراء العام مزايدة عمومية لمنح العقود، وهو ما يفترض أن يؤمّن الشفافية في آلية التلزيم

في هذا الإطار، تقول رزقالله إنّ "نظام الـB.O.T هو نوع من أنواع أنظمة الPPP أي أنه شكل من أشكال الشراكة بين القطاع العام والخاص وبالتالي لا يحتاج إلى قانون فهو من المفترض أن يخضع لقانون الشراكة بين القطاع العام والخاص ولكن أتوقّع أنه وبظل غياب المجلس الأعلى للخصخصة والشراكة معطّل وليس فعّال، لذا الاتجاه لمشروع قانون".

وتضيف رزقالله أنّه "وفي ظلّ غياب المجلس الأعلى للخصخصة والشركة الذي يحكم تلزيمات الـB.O.T تم ادراج احكام قانون الشراء العام وهو أمر جيّد فنحن بحاجة لآلية شراء واضحة وشفافة، وهنا من المهم الإشارة الى أنه ووفقا للمعايير العالمية يعتبر قانون الشراء العام وقانون الشراكة بين االقطاع العام والخاص قانون واحد، لكن في لبنان القانونين منفصلين، وفي هذه الحالة أوصى صندوق النقد الدولي أن يتماهى القانونان ولا يتعارضان، وهو ما نص عليه قانون الشراء العام في المادة 3، بإخضاع مشاريع الشراكة لقانون الشراء العام بما لا يتعارض مع قانون الشراكة". 

إذا، ما تم تداوله غير صحيح، إذ إن عقود الـB.O.T لا تعني بيعا لأملاك الدولة، بل تلزيمها لشركات خاصة لفترة زمنية محدّدة على أن تعود ملكيتها إلى الدولة، ولكن على الرغم من أهمية نظام الـB.O.T إلا أن اعتماده يحتاج إلى الكثير من الشروط التي تضمن حقّ الدولة وتضمن أفضل النتائج على الاقتصاد.