Loading...

الدولة تتذكر أموالها في الأملاك البحرية ولكن بطريقة خجولة

 

يحاول المسؤولون اللبنانيون في البحث عن أموال لسد عجز الموازنة، والذي قدر 34,184 مليار ليرة، أي ما يوازي 2.6% من الناتج المحلي الإجمالي المقدّر من صندوق النقد الدولي بـ 16.2 مليار دولار. مع تأمين  مشروع الموازنة، والذي أقر في مجلس الوزراء ايرادات للدولة تقدر بنحو 147,739 مليار ليرة، فيما النفقات تقدر بنحو 181,923 مليار ليرة، وقد شملت مجموعة من الضرائب أبرزها كان على الرواتب والأجور ومعاشات التقاعد، إضافة إلى سلسلة من الضرائب التي تمس المجتمع بأكمله متناسية بذلك مورد أساسي للدولة وهي الأملاك البحرية، والتي تقدر حجم التعديات عليه بـ6.2 مليون متر مربع، على طول الشاطئ الممتد على مساحة 220 كلم والتي زادت نسبة التعديات فيه عن 80%.

 

وقامت الدولة بمحاولات خجولة عديدة لتحصيل إيرادات من الأملاك البحرية كان اخرها المرسوم الذي قدمه وزير الأشغال في حكومة تصريف الأعمال علي حمية والذي توقع أن تحصل الدولة من خلاله من 30 الى 40 مليون دولار، متساءلاً هل يجوز أن تحصل الدولة فقط 500 ألف دولار سنوياً من الأملاك البحرية.

 

 

تفاقم التعديات

تقوم الحكومة اللبنانية بالوقت الحالي مع مساعدة الجيش اللبناني بإجراء مسح شامل للشاطئ لإحصاء عدد التعديات عليه والتي تعود إلى حقبة الحرب الأهلية، فيما سنوياً تزيد نسبة تلك التعديات بحسب رئيس جمعية نحن محمد أيوب، والذي أكد في حديث لـ "مهارات نيوز" أن نسبة تلك التعديات تزداد سنوياً خصوصاً خلال الأزمة الاقتصادية الحالية ومعظم تلك التعديات أصبحت أملاكاً خاصة، والتي لا يمكن للناس الوصول إليها، رافضاً قوننة تلك التعديات أو جباية ضرائب منها، بل إزالة تلك التعديات. فمن حق الناس الوصول إلى البحر بدون أي مقابل كما يمكن تحصيل جباية تزيد عن 5% من قيمة سعر الأرض لا نسبة 0.5% كما يحصل حالياً، فلا يمكن لدولة تطل على البحر كما لبنان أن يبقى فقط 20% من الشاطئ مساحة عامة فقط.

 

ولحماية العشرين بالمئة من المساحات البحرية المتبقية، تطالب جمعية "نحن" بتعديل القانون 2017 لمنع البناء على الأملاك العامة سوى للدولة من خلال "حصر حق إشغال الأملاك العمومية البحرية بالدولة فقط مرعاة للمصلحة العامة"، و"وضع مخطط توجيهي شامل للشاطئ بالاضافة إلى مخططات توجيهيّة محليّة مبنيّة على الخطة الشاملة لترتيب الأراضي اللبنانية، تحترم وتطبق بروتوكول الإدارة الكاملة للمناطق الساحلية"، وإزالة كافة التعديات على كامل الشاطئ، وتحديد الأملاك العامة البحرية، وتحديث قرار تنظيم الأملاك العامة البحرية144/سنة 1925.

 

ورأى أيوب أن نسبة 87% من مراسيم الإشغال والإعفاءات الصادرة هي لصالح الشركات وافراد لإنشاء منتجعات، انشآت للغاز والنفط، انشآت صناعية، أما التعديات غير المرخصة بموجب مرسوم تصل مساحتها إلى 1.4 مليون متر مربع على الأقل؛ 67% منها لانشأت سياحية خاصة، والتي تقوم في حال دفعت للدولة رسوم، فيها تدفع على سعر منخفض جداً، فيما معظم المنشآت والمؤسسات المعتدية تتهرب من الدفع لصالح نافذين في الدولة.

 

 

الرسم البياني المرفق تعود لدراسة قامت بها جمعية نحن حول حجم التعديات على الأملاك البحرية.

 

 

موارد مهدورة

تمنع الاعتداءات على الأملاك العامة أو إهمالها دخول أموال طائلة إلى خزينة الدولة، إذ تقدّر مساحة أراضي أملاك الدولة العامة المباشرة وغير المباشرة بحوالي 852 مليون متر مربّع وهي مساحات شاسعة ومعظمها مهمل وغير مستثمر أو معتدى عليه أو يجري استثماره على نحو غير منتج، بحسب رئيس مؤسسة JUSTICIA الحقوقية المحامية بول مرقص في حديث سابق لصوت لبنان، كما تقدر قيمة المساحات العامة المباشرة وغير المباشرة بنحو خمسين مليار دولار إلّا أنه لم يتم تخمينها مؤخراً بشكل رسمي خصوصاً وأنه إذا تم تخمينها خلال الأزمة التي تمرّ بها البلاد وفي ظل وضعها الحالي وتعثّر الدولة وقطاعاتها يخشى من تخمينها بأقل من قيمتها الفعليّة، أرقام توضح كيف يمكن للدولة الاستفادة من أملاكها عامة  وأملاكها البحرية خصوصاً.

 

بدوره يرى الخبير الاقتصادي محمود جباعي في حديث لـ "مهارت نيوز" ان "أن معظم المنشآت الموجودة على الشاطئ غير مرخصة، ما يعني أولاً على الدولة اجراء مسح شامل للشاطئ للكشف عن المعتدين وتحصيل أموال منهم، فمن غير المنطقي أن نقوم بتأجير أراض قيمتها التأجيرية أقل من 5 %، فعدد المؤسسات التي تشغل الأملاك البحرية يزيد عن الألف، والتي يمكن جباية تتراوح بين 200 إلى 400 مليون دولار سنوياً، إذا ما تم تعديل النظام الضريبي لحل ملفات عديدة".

 

البحث عن القيمة الفعلية

بالرغم عدم وجود رقم حقيقي لحجم الإيرادات التي يمكن الاستفادة منها، وغياب الاحصاءات الفعلية من قبل الدولة، الا ان هناك دراسات تفند بالتفصيل المناطق المعتدى عليها ومن يملكها، ففي حال أرادت الدولة البحث جدياً عن إيرادات فيمكنها الاستفادة من املاكها العامة وأملاكها البحرية، فغياب الأحصاء وغياب القيمة التأجيرية للأرض يبنى عليه لتحديد قيمة الضريبة أو الرسوم بحسب جباعي هي الأهم في الوقت الحالي، معتبراً أن الملف هو سياسي بامتياز، وطالما هناك غياب قرار سياسي حقيقي سنبقى نتحدث سنوياً عند اقرار أي موزانة بنفس النقاط، فليس الهدف الغاء كافة المؤسسات الموجودة، ولكن على الأقل أن تحصل الدولة أموال من الشاطئ، ودفع القيمة الحقيقية لتلك الأملاك.

 

ورغم أن الدولة تزعم أن حجم الجباية هو 10 مليارات ليرة لبنانية بحسب جباعي، إلا أن الرقم الحقيقي يجب أن يكون مختلفاً، وأن تحصل الدولة مئات الملايين من الدولارات، فالأمر بحاجة أولاً إلى مسح جغرافي، وقد بدأ الجيش مؤخراً  في توثيق المخالفات، حيث أعلن الوزير علي حمية خلال مؤتمر صحافي في 2 تشرين الثاني تكليف الجيش تنفيذ مسح شامل للأملاك العامة البحرية، والإشغالات القانونية القائمة والتعدّيات عليها معلناً أن الجيش باشر عملية المسح بتاريخ 14 أيلول 2023 وأنه أنهى المسح الجوي لـ 150 كلم من أصل 220، وقد شمل أكثر من 120 منشأة ومرفقًا على طول الشاطئ اللبناني، للكشف عن كافة التعديات واشكالها والمستفدين منها، لتتضمن النتائج تخميناً لسعر المتر المربّع بالدولار الأميركي وفقا للمرسوم رقم 11258 تاريخ 18/4/2023.

TAG : ,الأملاك البحرية ,إيرادات ,نفقات ,الموازنة ,مسح ,شاطىء ,الأملاك العامة