غير صحيح
أعلن وزير الطاقة وليد فياض في حديث لصحيفة "العربي الجديد" أنهّ " منذ تولينا مهامنا في وزارة الطاقة والمياه جعلنا من النهوض المستدام في قطاع الكهرباء أولويتنا القصوى وأعددنا خطة متكاملة لهذا القطاع أخذت موافقة ودعم البنك الدولي وعملنا على تطبيق مدرجاتها على الرغم من التحديات المالية والإدارية والسياسية".
وأضاف فياض أنّ هذه الخطة "أثمرت عودةً للتوازن المالي لمؤسسة كهرباء لبنان للمرة الأولى من عشرات السنين وذلك بسبب تطبيق نظام تسعير جديد من دون دعم عشوائي ومرتبط بسعر النفط العالمي وسعر صرف الدولار الحقيقي وأصبحت المؤسسة قادرة على تمويل مصاريفها ودفع مستحقاتها للمتعهدين والمشغلين ومقدمي الخدمات وشراء المحروقات وحتى الشروع بالإيفاء بديونها.
لكن هل فعلا أدّت الخطة المعتمدة في وزارة الطاقة الى عودة التوازن المالي لمؤسسة كهرباء لبنان؟
اعتمد الوزير فياض في حديثه عن عودة التوازن المالي لمؤسسة كهرباء لبنان على نظام التسعير الجديد الذي تمّ إقراره في العام 2022، وبالعودة إلى آلية الاحتساب الجديدة لفواتير الكهرباء فهي 10 سنت أميركي لأول 100 كيلوات و27 سنت أميركي لباقي الاستهلاك، يضاف إلى ذلك تعرفة شهرية ثابتة 21 سنت أميركي لكل 1 أمبیر قدرة إشتراك مؤسسة كهرباء لبنان إضافة إلى 4.3 دولار بدل تأهيل. وتحتسب هذه التعرفة بالليرة اللبنانية على سعر منصة صيرفة وترتبط بمؤشر النفط العالمي.
أي ما تمّ القيام به هو تحرير سعر التعرفة وتناسبها مع أسعار النفط العالمية الأمر الذي يؤدي نظريا إلى زيادة تدفق الأموال من الجباية، فسابقا كانت التعرفة ثابتة بغضّ النظر عن أسعار النفط العالمية ويتمّ تغطية الفرق بين التعرفة وسعر النفط العالمي من أموال سلفات الخزينة.
ولكن وإجابة على اشكالية ما اذا حققت هذه الخطة التوازن المالي لمؤسسة كهرباء لبنان، تقول الخبيرة القانونية والنفطية كرستينا أبي حيدر في مقابلة لـ"مهارات نيوز" إنّ "الخطة لم تعد التوازن المالي لمؤسسة كهرباء لبنان للعديد من الأسباب، فهي إلى اليوم لم تقم بردّ سلفات الخزينة التي أخذتها من خزينة الدولة، بالإضافة إلى الديون المتراكمة للمتعّدين والمشغّلين".
وعبر السنوات، لم يتمّ اعتبار هذه السلفات بمثابة دين على مؤسسة كهرباء لبنان للدولة اللبنانية، في الوقت الذي يشترط قانون المحاسبة العمومية في المادة 204 منه على أن يتثبّت وزير المالية من امكان الجهة المستلفة اعادة السلفة نقدا في المهلة المحددة لتسديدها، وتعهد الجهة المستلفة بان ترصد في موازنتها اجباريا الاعتمادات اللازمة لتسديد السلفة في المهلة المحددة، وموافقة السلطة التشريعية اذا كانت مهلة تسديدها تجاوز الاثني عشر شهرا.
إذا تتراكم الديون على مؤسسة كهرباء لبنان حتى اليوم، الأمر الذي أدّى إلى التهديد الدائم بالعتمة الشاملة، كان آخرها في شهر آب 2024 حين دخل لبنان بالعتمة على خلفية عدم دفع مستحقات الفيول العراقي المتراكمة، وتشير أبي حيدر أنّه "لو افترضنا أنّ الخطة حقّقت التوازن المالي، لماذا دخلنا في العتمة الشاملة؟ وهذه العتمة هي نتيجة عدم الدفع، بالإضافة إلى أنّ اعتماد لبنان على مصدر واحد من الفيول وهو الفيول العراقي بعقود مؤجلة تعطي خير دليل ان مؤسسة كهرباء لبنان لا تستطيع شراء الفيول من مصادر أخرى، إذ إن أقصى قدرات المؤسسة هي بشراء باخرة spot cargo واحدة بحسب ما صرّح به الوزير".
وبالحديث عن الفيول العراقي، رفعت الخطة المسؤولية عن مؤسسة كهرباء لبنان بدفع المستحقات، إذ ذكرت أنّ الدولة اللبنانية يجب أن تدفع من حسابها لا من حساب مؤسسة كهرباء لبنان كل مستحقات الفيول العراقي والبالغة 460 مليون دولار سنويا، بالإضافة إلى ضرورة تأمین المساهمات المالية اللازمة لتمكين مؤسسة كهرباء لبنان من الوصول الى التوازن المالي المطلوب خلال الأشهر الستة الأولى من انطلاق الخطة.
في هذا السياق، يشير مدير عام الاستثمار السابق في مؤسسة كهرياء لبنان غسان بيضون أنّ "التوازن المالي يعني أن تغطّي الإيرادات المقدّر أن تترتب عن التعرفة الجديدة، كل تكاليف المؤسسة الاستثمارية والإدارية، ولكنها لم تؤمن سوى تغطية مصاريف كهرباء لبنان دون أن تنتج، والدليل التفاهم غير المعلن بين الوزارة والحكومة والمؤسسة، القائل بأن تلتزم الحكومة بتسديد ثمن النفط العراقي".
إذا ما صرّح به وزير الطاقة وليد فياض حول إعادة الخطة المعتمدة التوازن المالي لمؤسسة كهرباء لبنان غير صحيح، إذ إلى اليوم وبالرغم من اعتماد نظام التسعير الجديد، إلاّ أنّ الديون تتراكم على مؤسسة كهرباء لبنان، بالإضافة إلى الاعتماد على مصدر واحد من الفيول وهو الفيول العراقي بعقود مؤجّلة ومستحقات متراكمة وغير مدفوعة للجانب العراقي.