Loading...

شركات تحويل الأموال في لبنان تتوسع: هل هي شريكة للمصارف؟!!

 

غزت فروع شركات تحويل الأموال الشوارع اللبنانية منذ تصاعد الأزمة المصرفية في العام 2019، فبعد أن كانت  شركة "OMT" الشركة الوحيدة المعنية في تحويل وإستلام الأموال، حيث وفّرت على اللبنانيين التوجه إلى الإدارات العامة لدفع المستحقات المالية، كرسوم الميكانيك، والضرائب وغيرها، بات سوق تحويل الأموال اليوم سوقًا عريضًا وموسّعًا، وتُشير الأرقام إلى وجود حوالي 14 شركة تحويل أموال عاملة في لبنان، تُقدم إلى جانب عملها في تحويل الأموال خدمات أخرى كدفع الرسوم والضرائب والفواتير وتشريج الخطوط الهاتفية، وصولاً إلى خدمات البطاقات الممغنطة (الفيزا كارد).

 

وفي جديد هذه الشركات هو إستغناء المؤسسات العامة والخاصة عن المصارف لدفع رواتب الموظفين وتحويلها  إلى شركة Whish money، لضمان تسلّم الموظفين رواتبهم كاملة بالدولار الأميركي حيث كانت تعمد المصارف إلى تحديد سقف للسحوبات وتقتطع رسوم على الخدمات التي تُقدمها.

 

بدأت المصارف بالانحسار تدريجيًا عن المشهد، وباتت شركات تحويل الأموال تلعب هذا الدور خاصة أنها ترتبط بشبكة المصارف، لا سيما حين تُصدر بطاقات الفيزا، فشركة OMT مرتبطة  ببنك لبنان والمهجر، و BOB Finance ببنك بيروت، في حين شركة Whish money لم تحدد إرتباطها بأي مصرف محلي.

 

 

قلق من نوايا المصارف

تُحاول المصارف أن تلعب دور الوصي على هذه الشركات، الأمر الذي يشير إلى العلاقة المباشرة والمميزة بينهما، ومن هنا يقول الخبير المصرفي القانوني خالد شاهين، في حديثه لموقع "مهارات نيوز"، "لا نعرف نوايا مالكي المصارف، لكن هذه الشركات المالية هي عمل مستقل و(بزنس) ناجح، قد يدفع أصحاب المصارف إلى إستبدال شركاتهم الخاسرة إلى شركات مربحة أكثر، ولا سيما أنها إستطاعت كسب السوق المالي في لبنان".

 

كما تُقدم شركات تحويل الأموال خدمات المحفظات الرقمية E-Wallet، ويشير ذلك  إلى أنها شريكة للمصارف وليست بديلة عنها، خصوصًا أنها عززت حضورها مع أزمة المصارف في لبنان، فالمصارف الكبرى عُرضة للوقوع في أزمات مالية عبر السنين، وعليها التفكير بطرق بديلة لتسهيل شؤون العملاء، والمحفظات الرقمية إحدى الحلول التي تحتاج إلى وسيط مصرفي لتصبح فعّالة.

 

والمحفظة الإلكترونية E-Wallet هي بطاقة تُستخدم في إتمام المعاملات المالية والتجارية عبر الإنترنت من خلال الهواتف والحواسيب مثل دفع الفواتير، سداد الأقساط، وشراء تذاكر السفر وغيرها.

 

 

وبحسب شاهين فهم يخضعون للتعميم 69 الصادر عن مصرف لبنان، الذي يحكم كل العمليات المالية بالوسائل الإلكترونية، وتسمح لهم بأخذ التراخيص من المصرف المركزي، ليقوموا بعمليات الـ E-Wallet، ويخوّلهم  ذلك فتح مراكز نقاط متعددة للخدمات التي يقدمونها، لا سيما البطاقات الممغنطة، والتي لها عمليات محددة وواضحة مع مصارف لبنان، وهذه الخدمة قليلة نوعًا ما في السوق العالمي، لا بل أن المصارف تجني أرباحًا وعمولات عليها.

 

ويشكك شاهين بإمتثال الشركات إلى النظام الضريبي الذي تُحصّله وزارة المالية، بسبب عدم القدرة على  متابعة الشركات، عبر الموارد البشرية المحدودة في المالية، كما ويصعب التأكد من تصريحات الشفافية التي تقدمها للدولة. ويتابع شاهين، "عدد الشركات وفروعها دليل صحّي إقتصاديًا ويدل على التنافس الشرعي، لكن مع هذا العدد سيكون بعضها مُعرّض للخسارة  أو الإنسحاب من السوق وفقاً للأرباح التي تجنيها والخدمات التنافسية بين بعضها البعض.

 

ولا ينحصر عمل  الشركات فقط في نقل وتحويل الأموال، إنما في "الداتا" أيضًا، ما يدفع بالسؤال عن حماية البيانات الشخصية التي يجب أن تقوم بها الشركات، فالبيانات تُعد من أكثر المعلومات سريّة في العالم، وفي لبنان يُحرم المواطن من معرفة مصير بياناته الشخصية عند قيامه بتعبئة نموذج معين، في حين يجب أن تتوفر له إمكانية الإطلاع على كيفية حفظ البيانات، وما هي الخوادم  (servers) التي تحفظها وأماكن تواجدها، ومن لديه إمكانية الولوج إليها.

 

ويشير شاهين، إلى أن أمن البيانات الشخصي، يتبع لقانون المعاملات الالكترونية والبيانات ذات الطابع الشخصي الذي يحمل رقم 81، وعممه مصرف لبنان في تعميم حمل الرقم 146 على شركات تحويل الأموال مطالبا بضرورة التشدد  بتطبيقه، وأن تكون المؤسسات المالية خاضعة لرقابة مصرف لبنان، الذي يحمي بيانات العمل المالي. 

 

أرباح الشركات غير واضحة

بروز هذه الشركات يدعو إلى التساؤل عن دور وطبيعة الوساطة التي أُعطيت لها بعد الخلخلة التي ضربت الأُسس المالية في لبنان، لا سيما أن التطور التكنولوجي في العالم يفرض مبدأ التخلي عن الوسيط.  

 

كما يُفترض أن تكون حصة هذه الشركات من السوق وأرباحها قد إرتفعت في ظل الأزمة القائمة، إلإّ أن التقديرات المتاحة لا تُعزّز كثيرًا هذه الفرضية، على الرغم من أن المعلومات التي تقدمها الشركات قد لا تكون شفافة، في ظل ما يُعرف عن ميل الشركات في لبنان إلى عدم التصريح عن الحجم الحقيقي لأعمالها وإخفاء الأرباح، واللجوء إلى التهرّب الضريبي، فشركات التحويل الأربعة باتت تنتشر عبر 2937 نقطة لتقديم خدماتها، أي أن 4 شركات تحويل أموال رئيسية فقط باتت تمتلك 3 أضعاف عدد الفروع المصرفية في كلّ المناطق اللبنانية، وهو ما يستدعي فحص دورها وحصّتها السوقية. 

 

يشرح عضو المرصد الشعبي لمحاربة الفساد المحامي علي عباس أن الدولة تُعطي خدمات لشركات تحويل الأموال بطريقة مخالفة للقانون، وتتهرب الشركات عن التصريح عن مصدر أموالها ونسب الأرباح التي تجنيها من التحويلات، ما يعني تهربها من دفع الضرائب المتوجبة عليها والتي من المفترض أن تغذي خزينة الدولة، وأعطت الدولة لشركات التحويل تنفيعات بمبدأ التراضي، دون أي مناقصات أو دفاتر شروط التلزيمات بحجة  تسيير المرفق العام، والتوفير على المواطنين "السمسرة" والروتين الإداري في الدوائر الحكومية، والهدف من هذه الإجراءات بحسب عباس هو إضعاف مؤسسات الدولة، وتقوية القطاعات الخاصة الرديفة التي تجني أموالاَ طائلة، بينما تدفع أموالاً بسيطة إلى خزينة الدولة.  

 

ويقول عباس في حديث لموقع "مهارات نيوز"، "إن الشركات موزعة وفق التحاصص الطائفي والسياسي، واستغلت النفوذ المقّدم من قبل حاكم مصرف لبنان قبل العام 2019، الذي أعطى تراخيص عشوائية لشركات دون التدقيق بخلفياتها الإدارية والمالية، باستثناء الشركات الأساسية المعروفة اليوم، ما يدعو إلى القلق من قيام بعض هذه الشركات بعمليات احتيال وتبييض الأموال.

 

ويتابع عباس "باتت إيصالات الفواتير تصدر من قبل شركات التحويل، وليس عن مالية الدولة، وهذا يُعد أمرًا خطيرًا عبر تسليم بيانات المواطنين وتفاصيلهم إلى شركات لا تتضح سياساتها المستخدمة لحفظ البيانات، ويرفض عباس، مقولة  أن هذه الشركات هي شركات خاصة، يصعب الحديث عنها أو استحصال تفاصيل دقيقة حولها، فهي في نهاية الأمر شركات تعملُ بالشأن العام، ومن حق المواطنين تبعًا لقانون حق الوصول إلى المعلومات، معرفة تفاصيل عملها".

 

واجهة سياسية!

لا توجد قاعدة معلومات موثقة حول شركات تحويل الأموال المحلية ووكالاتها للشركات العالمية، ولائحة المصرف المركزي للشركات المحلية المُرخصة، لا تتضمن سوى بعض الشركات المُجاز لها تحويل الأموال داخليًا وخارجيًا، وأهم هذه الشركات هي: Bob finance ، OMT، Wish Money  و Cash United.

 

ترتبط هذه الشركات عمليًا بشخصيات وجهات سياسية واقتصادية في لبنان،  فشركة OMT تعود الى  أمل أبو زيد النائب السابق ومستشار رئيس الجمهورية السابق للشؤون الروسية، وتعود شركة BOB Finance الى بنك بيروت ورئيسه، رئيس جمعية المصارف سليم صفير، وشركة Whish Money  الحديثة في السوق، يملكها توفيق عدنان كوسا، ويملك هنري إميل نجم ومجموعة سرادار المالية حصّة وازنة من شركة  Cashunited.