Loading...

إقبال متزايد للاجئات الحوامل على المراكز الصحية وسط الانهيار الاقتصادي

 

على مدى أكثر من سبعة أشهر، واظبت راوية على ارتياد مقر جمعية في مخيم عين الحلوة للاجئين الفلسطينيين في مدينة صيدا في جنوب لبنان، للاستفادة من خدمات مشروع "شعاع جديد للحياة" لرعاية النساء الحوامل، بعدما باتت عاجزة على غرار نساء كثيرات عن تحمل كلفة زيارة طبيبة خاصة.

 

وتبدي راوية، التي فضّلت استخدام اسم مستعار، ارتياحها للخدمات التي تحصل عليها عبر مركز التضامن الاجتماعي التابع لجمعية "نواة"، والذي يُعنى بتوفير خدمات صحية ونفسية للحوامل والرضّع.

وتقول لموقع "مهارات نيوز": "بعد معرفتي بحملي في الشهر الثاني، ونظرًا لتردي الأوضاع المعيشية في لبنان وتأثير هذه الأوضاع علينا كوننا لاجئين، بدأت الاستفسار عن مؤسسات وجمعيات يمكنها تقديم الخدمات الأساسية، علها تخفف من وطأة الأوضاع التي نرزح تحتها".

وتضيف: "زرت جمعية نواة وحصلت منهم على بطاقة تخوّلني الاستفادة من الخدمات الاستشفائية الموجودة في مستشفى النداء الإنساني، وتغطية من 50 إلى 90 في المئة من كلفة المعاينات والصور الشعاعية".

 

لم تقتصر الخدمات التي استفادت منها راوية على تغطية التكاليف فحسب، بل تمكنت من المشاركة في تدريبات تناولت مواضيع عدّة، بينها جلسات توعوية لإتباع نظام غذائي صحي أثناء فترة الحمل. 

 

وأثّرت الأزمة الاقتصادية التي يشهدها لبنان منذ نهاية العام 2019 بشكل سلبي على الجوانب المعيشية للمواطنين على الصعد كافة. ارتفعت أسعار السلع كافة، من مأكولات ومشروبات، وكذلك تكاليف السكن والنقل والتدريس والاستشفاء الذي باتت كلفته رهينة السوق السوداء وما يسجله من تدهور في قيمة صرف الليرة مقابل الدولار.

 

استشفاء بلا تمييز 

واختصرت عائلات كثيرة ارتيادها للمستشفيات والخضوع للفحوصات نظرًا لارتفاع الفاتورة الاستشفائية. قرر البعض التوجّه الى الطب البديل أو غضّ النظر عن مراجعة الأطباء في الحالات غير الملحة. وباتت أكثرية تقصد المستوصفات الشعبية والمراكز الصحية التابعة لجمعيات ومؤسسات تقدّم خدمات بكلفة أقل. 

 

وتقول منسقة مشروع "شعاع جديد للحياة" هدى زعبوطي لموقع "مهارات نيوز": "نظرًا للظروف الاقتصادية الصعبة، ازدادت أعداد النساء المسجلات في المشروع الذي يساهم في تغطية جزء كبير من التكاليف الطبية للمرأة الحامل، بما في ذلك الصور الصوتية والمعاينات النسائية، وصولًا إلى الولادة الطبيعية أو القيصرية، إضافة إلى العناية بحديثي الولادة عبر معاينتهم بشكل مستمر من فريق مختص".

 

وتعمل الجمعية التي تقدّم خدماتها للنساء الحوامل والأطفال حديثي الولادة منذ عام 2004، وفق زعبوطي، على "تقديم دعم نفسي للنساء الحوامل والأمهات من خلال تنظيم نشاطات ترفيهية وورش تدريب".

 

وتقدم الجمعية خدماتها، كما تؤكد زعبوطي، "دون تفضيل أو تمييز، مع إعطاء أولوية للنساء اللواتي لا يستفدن من خدمات تقدمها وكالة الأونروا أو اللاجئات اللواتي لا يملكن أوراق ثبوتية خصوصًا السوريات".

 

ويعدّ التمتع بالحقوق الجنسية والإنجابية من الحقوق الأساسية، وهي تتيح للأفراد التمتع بحرية القرار في تحمل مسؤولية عدد الأطفال الذين ينجبونهم. ويرتبط الحصول على الرعاية الجنسية والإنجابية بالرعاية الصحية التي تعتبر حقًا أساسيًا لجميع أفراد المجتمع.

 

على الرغم من ورود هذه الحقوق في العديد من الاتفاقيات، وتبنيها من قبل بلدان كثيرة، إلا أن حقوق المرأة في هذا الجانب تُنتهك في أحيانٍ كثيرة، في ظل غياب الوعي الكافي في بعض المجتمعات وسيادة المفاهيم الأبوية في المجتمعات التقليدية التي تقيّم المرأة على أساس قدرتها على الإنجاب في عمر مبكر.

 

في ظل الوضع الاقتصادي الراهن، تنشط الجمعيات والمنظمات غير الحكومية داخل تجمعات اللاجئين بهدف سد غياب السلطات الرسمية المعنية العاجزة في أحيان كثيرة عن تقديم خدمات صحية أو فتح مراكز رعاية داخل المخيمات. 

 

وترى سمر، التي استخدمت اسمًا مستعارًا حفاظًا على خصوصيتها، أن اللاجئين عمومًا لا يحظون بالرعاية الصحية "بشكل لائق".

 

وتضيف "أنا لاجئة فلسطينية، تتيح لي وكالة الأونروا المعاينة ضمن عياداتها المجانية والاستفادة من خدمات تقدمها على الصعيد الصحي، لكن المعاينة غالبًا ما تكون سريعة نتيجة اكتظاظ المرضى"، وهو ما يدفع الأطباء "إلى الاستعجال لمعاينة أكبر عدد من المرضى الحاضرين".

 

ومن الصعوبات التي تواجهها كذلك "عدم توفّر الأدوية المطلوبة بشكل كامل، واقتصارها على مسكنات وأدوية التهابات وبعض أدوية القلب والضغط والسكري وحماية المعدة".

 

واعتادت سمر لتلافي الاكتظاظ زيارة أطباء في مستشفيات وعيادات خاصة وشراء الأدوية على نفقتها، لكن ذلك بات صعبًا في خضم الأزمة الاقتصادية ورفع الدعم الحكومي عن عدد كبير من الأدوية.

 

TAG : ,اللاجئات ,الحوامل ,المراكز الصحية ,الانهيار الاقتصادي ,اللاجئين الفلسطينيين ,رعاية ,خدمات ,إنجاب ,الحمل