Loading...

مديرة مكتب UNFPA في لبنان: تحدّيات عدّة تعيق تعزيز الحقوق الجنسيّة والإنجابيّة

 

توضح مديرة مكتب صندوق الأمم المتحدة للسكان في لبنان أسمى قرداحي في مقابلة مع موقع "مهارات نيوز" أن تحدّيات على مستويات عدّة اجتماعية واقتصادية وقانونية تعترض تعزيز الحقوق الجنسيّة والإنجابيّة في البلاد، حيث الأزمة الاقتصادية المستمرة منذ ثلاث سنوات ضاعفت الاحتياجات وجعلت الحصول على الخدمات المتعلقة بتلك الحقوق ثانوية.

 

وتشدّد على ضرورة أن تلحظ الإدارات الرسمية في مختلف سياساتها واستراتيجياتها هذه الحقوق، من أجل تعزيز الحق في المساواة وعدم التمييز والحق في السلامة الجسدية، وكذلك تقرير المصير والحصول على الرعاية الطبية اللازمة.

 

ما هي أبرز التحديات التي تواجه تعزيز الحقوق الجنسيّة والإنجابيّة في لبنان؟

إن مفهوم الحقوق الجنسيّة والإنجابيّة هو مفهوم جديد نوعاً ما، ولم يكن يلقى أي اهتمام سابقاً. فأولاً لا يوجد في لبنان مفهوم صحيح وسليم للحقوق الجنسيّة والإنجابيّة خصوصاً عند فئة الشباب التي نعمل معها من عمر 13 وما فوق. ويعود ذلك إلى عدم توفر مصدر معلومات موثوق لهذه الحقوق على الانترنت مثلاً، وتغييب شرحها في عدد كبير من المدارس أو حتى من قبل الأهل لاعتبارها من المحرّمات، ما يؤدي إلى انتشار مفاهيم خاطئة حيال الموضوع. 

 

كذلك يميل النهج الاجتماعي والأخلاقي إلى ربط هذه الحقوق بالحياة والعلاقات الجنسيّة حصراً، بينما فعلياً تأخذ منحى أبعد من ذلك له علاقة بالحق في الصحة، الحق في التوازن النفسي والبدني، الحق في الهوية، الحق في الحماية من الأمراض المنقولة جنسياً، وغيرها. 

 

ثانياً، بالنسبة إلى التحديات القانونية والتشريعية، فأغلب النصوص الموجودة في لبنان غير كافية لناحية الاعتراف بالحقوق الجنسيّة والإنجابيّة. وهناك تحديات متعلقة بالوضع الاقتصادي الذي يعاني منه لبنان، والذي يمنع الوصول إلى المعلومة والاستفادة من الخدمات.

 

كما أن الوعي الموجود عند الناس يتعلق فقط بالوصول إلى الخدمات، لا الحق في المطالبة والتمتع بالحقوق الجنسيّة والإنجابيّة. وهذا ينعكس سلباً على المرأة مثلاً، فتفقد التمتع بالاستقلالية في السيطرة على جسدها وفي حقها بالتمتع بالحقوق الجنسيّة. 

 

كيف أثّرت الأزمة الاقتصادية على الاحتياجات سواء لدى اللبنانيين أو اللاجئين، وهل من فئات أكثر تأثرًا من سواها؟

يهمل عدد كبير من النساء احتياجاتهن المتعلّقة بالصحة الجنسيّة والإنجابيّة بسبب الأوضاع الاقتصادية السيئة في لبنان، إذ يفضّلن الحصول على الاحتياجات الأساسية مثل الطعام واللباس وتأمين الحدّ الأدنى من العيش الكريم لأولادهن على أن يحصلن على خدمات الصحة الإنجابية التي ليست مجانية بالكامل. 

 

بحسب دراسة أجراها صندوق الأمم المتحدة للسكان مع جامعة بيروت العربية عام 2021، تبيّن أن هناك نسبة تتعدى 80% من النساء اللواتي لا يعطين أولوية للوصول إلى هذه الخدمات، وهذا يشكل خطراً خصوصاً على الحوامل اللواتي يحتجن إلى زيارة الطبيب أقله لأربع مرات خلال فترة الحمل.

 

كما يعدّ موضوع التنقّل هو من العوامل التي تمنع السيدات من الحصول على هذه الخدمات خصوصاً في المناطق الريفي، حيث يتطلب الوصول إلى مستوصف أو مستشفى اجتياز مسافات. 

 

اذاً الفئات الأكثر تأثراً هنّ الحوامل وذوات الاحتياجات الخاصة. وهذا التأثر يطال اللبنانيات كما اللاجئات خصوصاً في السنتين الأخيرتين مع تردّي الوضع الاقتصادي. 

 

ما هي مجالات التدخّل الأكثر إلحاحًا؟

يتعيّن على مؤسسات الدولة والوزارات المعنية إدراج مسألة الحقوق الجنسيّة والإنجابيّة في مختلف سياساتها واستراتيجياتها الصحية والتعليمية والاجتماعية وغيرها، من أجل تعزيز الحق في المساواة وعدم التمييز والحق في السلامة الجسدية، وكذلك تقرير المصير والرعاية الطبية.

 

نسعى في صندوق الأمم المتحدة للسكان إلى تقديم خدمات الصحة الإنجابية للفئات المهمّشة، والعمل على موضوع السياسات مع عدد من الوزارات مثل وزارة الصحة ووزارة الشؤون الاجتماعية والهيئة الوطنية لشؤون المرأة بهدف إدراج هذه الحقوق ضمن الخطط الوطنية والقطاعية.

 

ما أبرز برامج الدعم التي تقومون بها من أجل تعزيز هذه الحقوق وضمان التمتّع بها؟

نقدّم الدعم الفوري للنساء للحصول على خدمات الصحة الجنسيّة والإنجابيّة على غرار الرعاية خلال الحمل وبعد الولادة، توفير وسائل منع الحمل، الكشف عن سرطانات الجهاز التناسلي وعن الأمراض المنقولة جنسياً. تُقدّم هذه الرزمة من خلال الشركاء على الأرض كالجمعيات التي تملك مستوصفات أو عيادات متنقلة للوصول إلى الفئات الأكثر تهميشاً في المناطق الأكثر حاجة. يصل عدد النساء اللواتي يتلقين هذه المساعدة بشكل مجاني إلى حوالى 50 ألف إمرأة سنوياً. كما يتم السعي لتأمين بدل نقل للنساء من المنزل إلى المستوصف.

 

أما في ما يخص موضوع الحقوق، فهناك تركيز على برنامج له علاقة بتنظيم الأسرة، وهو برنامج استشاري بالتعاون مع نقابة القابلات القانونيات في لبنان. استطاع صندوق الأمم المتحدة للسكان تدريب عدد كبير من القابلات حول مفهوم الحقوق المتعلق بتنظيم الأسرة واستخدام وسائل منع الحمل، ليتمكنّ بعدها من تقديم الخدمات خلال عملهن، ويتوجهن بشكل خاص إلى اللاجئات السوريات. 

 

هل تعتبرون أن المؤسسات الرسمية في لبنان تأخذ الحقوق الجنسيّة والإنجابيّة لموظفيها بعين الاعتبار؟

بما أن مفهوم الحقوق الجنسيّة والإنجابيّة في لبنان ليس مفهوماً بالطريقة الصحيحة، نشكّ بأن تكون المؤسسات الرسمية تأخذ هذه الحقوق بعين الاعتبار. لا توجد أي دراسة أو أي واقع ملموس يستطيع عكس صورة واضحة عن هذا الموضوع. هم يربطون الحقوق الجنسيّة والإنجابيّة بالمفهوم الواسع لحقوق الإنسان.

 

هل من جهود مطلوبة أكثر رسميًا ومن المجتمع المدني؟

أعتقد أن المجتمع المدني والجمعيات الأهلية قادرة على لعب دور أساسي وفعّال، لأنهم قادرون على الوصول الى أعداد كبيرة من الناس على الأرض وبشكل قريب. وبالتالي هم قادرون على معرفة ما هي المشاكل والتحديات، عدا عن قدرتهم على نشر التوعية والمساهمة في وصول الفئات الأكثر حاجة إلى خدمات الصحة الجنسيّة والإنجابيّة. كذلك كسر الثقافة السائدة من ناحية الحقوق الجنسيّة والإنجابيّة في المجتمعات التي لديها معتقدات ومفاهيم خاطئة، من خلال تمكين القدرات وتدريبات يقومون بها في مناطق معينة.

 

TAG : ,الحقوق الجنسية والانجابية ,التحديات ,السلامة الجسدية ,الرعاية الطبية ,الاحتياجات الأساسية ,الحوامل ,الحمل ,الولادة ,الأمراض المنقولة جنسيًا