Loading...

الحمل غير المرغوب فيه والأمراض المنقولة جنسيًا إلى ازدياد في لبنان

 

مع ارتفاع أسعار وسائل الحماية الجنسية وكلفة المعاينات الطبية، يتحدّث أطباء عن ازدياد حالات الحمل غير المرغوب به في لبنان ولجوء سيدات إلى تدخل طبي لتنظيم النسل، عدا عن ازدياد وتيرة انتشار الأمراض المنقولة جنسيًا بسبب قلة استخدام وسائل الحماية الجنسية أو عدم قدرتهم على الوصول إلى الأدوية.

 

في شهر حزيران الماضي، دفع رفض الشابة هناء خضر (21 عامًا) إجهاض جنينها، بزوجها إلى حرقها وهي حامل في الشهر الخامس، بحجة الضائقة المادية، ما تسبّب لها بحروق التهمت جسدها بالكامل. وأعلنت مستشفى السلام في مدينة طرابلس في شمال لبنان وفاتها بعد 11 يومًا من المعاناة.

 

وعكست هذه الحادثة التي ندّدت بها جمعيات ومسؤولون وحقوقيون معاناة لا يتمّ تسليط الضوء عليها بشكل كامل في ظل الانهيار الاقتصادي الذي يشهده لبنان خلال السنوات الثلاث الأخيرة، وفق ما يقول أطباء.

 

وتلاحظ الطبيبة النسائية الدكتورة غيثاء فارس، في تصريحات لموقع "مهارات نيوز"، أنه "ارتفعت في الآونة الأخيرة أعداد الحمل غير المرغوب وقد ازداد الطلب على الإجهاض، ما أوقع النساء بين شرّين: شرّ الإجهاض الممنوع وشرّ ما ينتظرهن ما بعد الولادة من أعباء وضغوطات مادية واستشفائية".

 

وأدى ذلك، وفق فارس، إلى "ازدياد نسبة الخلافات الزوجية وتهديد الرجال بالطلاق بسبب الحمل غير المرغوب، على غرار ما حصل للشابة هناء التي قضت حرقًا على يد زوجها، وهي عيّنة من النساء اللواتي يتعرّضن للعنف المنزلي". 

 

كان يمكن للزوجين سلام وطلال أن ينعما بطفل لولا أن ساء وضعهما الإقتصادي مع تدهور الأزمة في لبنان. بعد زواجها، بنت سلام أحلامًا عن طفل تتولى رعايته مع زوجها، حتى أنهما قد وضعا فعلًا لائحة بالأسماء المقترحة.

 

لكنها لم تتوقع أن إنجاب طفل لن يكون بهذه السهولة بعدما واجهت مشاكل صحية. وتوضح لـ"مهارات نيوز": "لقد احتجت بالفعل إلى أدوية وعلاج لمدة من الزمن، لكننا لم نستطع تحمل التكاليف وبات مولودنا منتظرًا إلى أجل غير مسمّى".

 

ويخلق شحّ الأدوية وارتفاع أسعار المتوفّرة منها مع رفع الدعم عنها، تهديدًا أساسيًا للصحة الجنسية والإنجابية. فقد تركت الأزمة الاقتصادية المعقدة تبعاتها على كافة جوانب الحياة، بما في ذلك الصحة الإنجابية وصحة النساء والمراهقين، خصوصًا وأن لبنان قد شهد في الأشهر الماضية انقطاعًا في إمدادات وسائل منع الحمل ووسائل الوقاية الجنسية، ما أثر على إمكانية الوصول إليها والقدرة على تحمل تكاليف الحمل.

 

لم تتوقّع رهف (26 سنة) وهي تدير متجرًا للألبسة في منطقة الكورة في شمال لبنان، أن العبء الاقتصادي وتبعاته سيقودها إلى الإنفصال عن زوجها. وتشرح لموقع "مهارات نيوز": "خسر زوجي السابق عمله وطلبت تأجيل الحمل حتى يتسنى له فرصة عمل جيدة". لكن "مع ارتفاع أسعار أدوية منع الحمل والواقيات الذكرية لم نستطع تحمل التكلفة دائمًا، ما جعلني أبتعد عنه شيئًا فشيئًا خشية الحمل وخشية إرهاق روح أخرى في هذا البلد، ثم ساءت الأمور بيننا تدريجيا حدّ الإنفصال!".

 

ارتفاع كلفة وسائل الحماية

على وقع الأزمة الاقتصادية التي لم توفر تبعاتها أي شريحة اجتماعية أو منطقة في لبنان، بات الحمل غير المرغوب هاجسًا بالنسبة إلى العديد من السيدات.

 

في منطقة البقاع، توضح طبيبة نسائية، فضلت عدم ذكر اسمها، أن "أغلب النساء أصبحن يقصدن العيادات والمراكز الطبية فقط من أجل تركيب لولب لتجنّب الحمل، وعدم التوجّه بشكل مستمر لإجراء الفحص الدوري بسبب سوء الوضع الاقتصادي".

 

وتوضح أن هذا الإقبال يعود بالدرجة الأولى إلى "فقدان أدوية منع الحمل في السوق أو ارتفاع أسعارها"، محذرة من تداعيات الامتناع عن إجراء معاينات دورية في بعض الحالات، كحصول نزيف أو التهابات قد تؤدي إلى خطر الإصابة بسرطان عنق الرحم.

 

أكثر من ذلك، بات الوصول إلى ممارسة الجنس الآمن في لبنان أكثر صعوبة مقارنة مع ما كان الوضع عليه قبل الأزمة الاقتصادية بدءًا من العام 2019.

 

ويورد تقرير صادر عن مؤسسة "تريانغل" المتخصصة في متابعة صنع السياسات والأبحاث، صادر خلال شهر أيلول، كيف شهدت التكاليف الطبية المرتبطة بممارسة الجنس الآمن، بما في ذلك اختبار الأمراض المنقولة بالاتصال الجنسي والعلاج  ووسائل منع الحمل، ارتفاعًا كبيرًا في السنوات الأخيرة، وباتت صعبة المنال بشكل متزايد بالنسبة لمعظم الناس.

 

وارتفعت أسعار موانع الحمل الفموية، وفق التقرير بنحو 750% منذ عام 2019. إذ ارتفع سعر أحد أنواع حبوب منع الحمل المعروفة من 21000 ليرة إلى 480000 ليرة لبنانية. كما ارتفعت أسعار العلامات التجارية الموثوق بها للواقي الذكري بشكل كبير.

 

ويعتبر التقرير أن "ارتفاع أسعار موانع الحمل بشكل كبير، بينما تتضاءل موارد الرعاية الصحية الجنسية والإنجابية ذات الأسعار المعقولة، يجعل ممارسة الجنس الآمن رفاهية".

 

وبات عدد أكبر من الشباب يتجه إلى المنظمات غير الحكومية للحصول على الرعاية الصحية الجنسية، كون أسعارها معقولة وتحمي خصوصية المرضى مقارنة مع المستشفيات والعيادات العامة والخاصة. 

 

وتؤكد مديرة جمعية العناية الصحية المجتمعية الشاملة في لبنان (Sidc) ناديا بدران لـ"مهارات نيوز" أن المركز التابع للجمعية والمتخصص بالصحة الإنجابية والجنسية، "يجري شهريًا فحوصات لقرابة 800 شخص للتأكد من عدم الإصابة بالأمراض المنقولة جنسيًا مثل الالتهابات وداء الزهري (السفلس Syphilis) والتهاب الكبد ب وس (Hepatitis B & C) وفيروس نقص المناعة البشرية (HIV)". 

 

وتحذّر بدران من خطر الإصابة ببعض الأمراض لعدم توفر اللقاحات التي تضمن الحماية، على غرار فيروس الورم الحليمي (HPV) الذي يسبب سرطان عنق الرحم لدى النساء وأمراضًا منقولة جنسيًا لدى الرجال. وللحماية منه، يتعيّن أخذ ثلاث جرعات من اللقاح المفقود حاليًا في لبنان، وإن وجد فتكلفته مرتفعة جدًا وقد تصل إلى أكثر من 100 دولار للجرعة الواحدة.

 

ولا يستطيع غالبية المتعايشين مع فيروس نقص المناعة (HIV)، بحسب بدران، تحمّل تكلفة الوصول إلى العاصمة لاستلام الأدوية أو الاستشارات الطبية بسبب ارتفاع كلفة المواصلات، نظرًا لحصر الأدوية بيد وزارة الصحة التي تؤمنها بشكل مستمر ومجانًا.

 

TAG : ,الحمل ,الجنس ,وسائل الحماية الجنسية ,الأمراض المنقولة جنسيًا ,الأدوية ,الجنين ,الإجهاض ,الولادة ,الصحة الإنجابية والجنسية