Loading...

قرض جديد لدعم المزارعين: "من الجمل أذنه؟"

 

أعلن البنك الدولي في 20 أيار 2021  تخصيص قرض بقيمة 10 ملايين دولار، لدعم 26700 من صغار المزارعين بالمستلزمات الزراعية والأعلاف، لمساعدتهم في الحفاظ على إنتاجهم الزراعي والحيواني، ودعم قدرتهم على الإسهام في الأمن الغذائي، في وقت يعاني القطاع الزراعي الذي يشكل مورد رزق لشريحة واسعة، من تداعيات الانهيار الاقتصادي. فهل يلبي القرض المنوي صرفه فعلاً حاجات المزارعين والقطاع الزراعي لتخطّي أزماته؟

يعاني   القطاع الزراعي من الإهمال والتهميش  نتيجة للنمط الاقتصادي  الريعي الذي انتهجته السلطات  السياسية المتعاقبة منذ مطلع التسعينات حتّى اليوم، ليأتي الانهيار الاقتصادي وتدهور قيمة الليرة كأزمة أخرى تحل على القطاع الزراعي، الذي يوفّر فرص عمل للبنانيين واللاجئين السوريين على حدّ سواء

وقال المدير الإقليمي لدائرة المشرق في البنك الدولي ساروج كومار جاه أنّه من الضروري الحفاظ على عمليات الإنتاج الزراعي المحلي للحدّ من المخاطر المتصلة بالأمن الغذائي في الأمد القصير وكذلك لدعم الاقتصاد المحلي وجهود خلق فرص العمل في القطاع الزراعي، مؤكّداً التزام البنك الدولي بدعم لبنان في مواجهة أزماته المضاعفة وغير المسبوقة.

ورداً على سؤال لـ"مهارات  نيوز" حول معايير اختيار نوع الدعم، قال البنك الدولي إنه استند إلى عمل تحليلي أعدّه مركز البحوث والدراسات الزراعية اللبنانية (CREAL) ومنظمة الأغذية والزراعة (الفاو) ومصادر أخرى، أفادت  جميعها عن وضع سيء في القطاع الزراعي نتيجة جائحة كورونا والأزمة الإقتصادية.

وتابع البنك الدولي: "تم اقتراح المدخلات الزراعية التي سيدعمها البرنامج من وزارة الزراعة، وستساهم  منظمة الأغذية والزراعة(FAO) في إعداد المواصفات لضمان أن يوفر المشروع مدخلات عالية الجودة، تنقسم  إلى أنظمة الإنتاج الزراعي من أسمدة وبذور، وأنظمة إنتاج حيواني من علف للحيوانات وعلف للأسماك وعلاج عث نحل العسل ولقاحات بعض أمراض الحيوانات".ساهم القطاع الزراعي في العام 2019 بـ3% من إجمالي الناتج المحلي، بحسب تقرير للبنك الدولي.  وفضلاً عن مساهمته في الاقتصاد، تشكل الزراعة مصدراً هاماً للدخل خصوصاً في المناطق الريفية.وتعدّ الخضار والفاكهة إحدى ركائز القطاع الزراعي، إذ بلغت صادراتها عام 2019، بحسب ايدال، 118.9 مليون دولار. لكن وسط غياب تام للسياسات الزراعية الرسمية لدعم الإنتاج ومستلزماته، حقق المزارعون مردوداً مادياً محدوداً وتوالت صرخاتهم عبر السنوات وعند كل أزمة.

يأمل المزارع أبو علي أن يتمكّن من الاستفادة من القرض، من دون أن يعلّق آمالاً  كبيرة. ويقول لـ"مهارات نيوز": "إحدى أكبر مشاكلنا هي التهريب عبر الحدود إلى الداخل اللبناني من دون أي مراقبة من المعنيين، ما يؤدّي إلى إغراق السوق بمنتجات  تنافس الانتاج المحلي، في حين أنّ الأسمدة والمبيدات والبذور أسيرة المحتكرين وكبار التجّار التابعين لهذه المنظومة الفاسدة".

 

وبات الواقع اليوم أسوأ مع الأزمة الإقتصادية التي يعاني منها البلد، وتترافق مع انهيار العملة الوطنية مقابل الدولار. أدّى ذلك إلى  ارتفاع أسعار المستلزمات الزراعية والأسمدة، ثم جاء قرار السعودية الأخير  بإقفال حدودها بوجه المنتجات اللبنانيّة ليشكل ضربة قاضية للمزارعين الذين يناشدون المعنيين إيجاد حلول سريعة للأزمة المستجدة.

ورغم الحاجة الماسة الى دعم القطاع، إلا أن رئيس جمعية المزارعين أنطوان الحويّك يخشى أن تستفيد "حاشية النظام" من القرض بالدرجة الأولى لا المزارعين، ويرى فيه محاولة "لترقيع ما لم يعد يصحّ رقعه".

ويقول لـ"مهارات نيوز": "الحلّ بسيط لكن الفساد هو العائق"، معتبراً أن المطلوب في ظلّ الأزمة هو دعم استيراد المستلزمات الزراعية من نايلون زراعي وأسمدة وصناديق بلاستيك وفق سعر الصرف الرسمي لتأمين صمود المزارعين وبالتالي الحفاظ على الأمن الغذائي. ويعتبر أن كل خطوة غير ذلك ليست إلا "فصلاً من فساد المنظومة".

ويحتاج القطاع الزراعي بكل مستلزماته، وفق الحويك،  دعماً سنوياً يتراوح بين 150 إلى 170 مليون دولار ليؤمّن نصف حاجة اللبنانيين من الغذاء وبمردود يصل إلى مليار دولار سنوياً.

ويتابع "أعطونا صنارة ولا تعطونا سمكاً". ويعتبر أنّه بدلا من "تركيب دين جديد" على الدولة بهدف دعم العلف والسماد العضوي، يمكن للسلطات  أن تدعم الدواء والكيماوي والبذور بشكل تنافسي، بما  يسمح للمزارع بإنتاج كميات العلف والسماد التي يحتاجها.

ويقول  أبو علي بنبرة ساخرة إنّ سياسات الهدر والفساد التي تمارسها هذه المنظومة باتت واضحة، فهي لن تدعم المزارعين، وإن دعمتهم فعلى قاعدة "من الجمل أذنه".

ويروي أنّ "سوسة اجتاحت 100 دنم من البندورة"  المزروعة في أرضه. ويضيف: "بعد تواصلي مع مكتب وزارة الزراعة في صغبين، طلبوا منّي تقديم طلب لمنحي  الدواء". وكانت النتيجة أن "تُلف الموسم ولم أر علبة دواء".

ويرى الحويك أن السلطة تحترف الدخول في التفاصيل عوضاً عن وضع خطة نهوض شاملة. فإذا كان الهدف تطوير القطاع الزراعي، يكفي أن تبادر  الدولة إلى دعم الزراعة عبر سياسة عامّة تغطّي معظم حاجات القطاع، ما من شأنه أن يعود عليها بالربح وتأمين الأمن الغذائي وبكلفة أقلّ، في حين أن أموال القرض المنتظر لا تغطّي سوى نسبة ضئيلة من حاجات القطاع، مع إضافة ديون جديدة على كاهل اللبنانيين.

ويسأل بانفعال: "ما نفع القروض إذا لم يعد هناك قطاع زراعي ومزارعون؟".

 

TAG : ,البنك الدولي ,وزارة الزراعة ,منظمة الفاو ,القطاع الزراعي ,الزراعة ,المزارعين ,الأسمدة ,الدعم