حين أصدر وزير الاشغال السابق يوسف فنيانوس قراراً بتعيين رئيس المطار فادي الحسن في موقع "مدير عام الطيران المدني بالتكليف" في يناير (كانون الثاني) 2020، علل القرار بضرورة تأمين حسن وانتظام سير العمل في مطار رفيق الحريري الدولي في بيروت "كمرفق حيوي وأساسي وذلك بانتظار تعيين الهيئة الناظمة المنشودة والتي يلغى بموجبها كل حالات التكليف".
والهيئة الناظمة التي صدر قانون انشائها في العام 2002، لم تبصر النور منذ 18 عاماً، تماما مثل هيئات ناظمة أخرى، بسبب العراقيل السياسيةذات الخلفية الطائفية. فالصراع على مذهب رئيس الهيئة الناظمة ومذهب أعضائها، منذ مداولات العام 2014، أرجأ البحث الجدي عن توافقات تقود الى تعيينها، فتأخر الاصلاح في القطاع، كنتيجة حتمية للصراعات على المحاصصة الطائفية.
والمحاصصة الطائفية في لبنان، هي التطبيق العملي لمبدأ "الميثاقية" المعمول بها في لبنان. لا تقتصر المحاصصة، عُرفاً وخارج أي نص دستوري ملزم، على المواقع السياسية والادارية في الدولة اللبنانية، بل تشمل الادارات العامة التي تم تقسيم رؤساء مجالس ادارتها بين الطوائف وفق مبدأ المناصفة بين المسلمين والمسيحيين، وتم توزيع حصص الطائفتين على المذاهب الاسلامية والمسيحية، بحيث إذا كان هناك موقعاً يتألف من ستة أعضاء، تقتضي الميثاقية أن يكون مقسوماً الى ثلاثة مسيحيين يمثلون "الموارنة" و"الارثوذكس" و"الكاثوليك"، وثلاثة مسلمين يمثلون "السنة" و"الشيعة" والدروز. أما رئاسات مجالس الادارة، فتتقاسمها الطوائف الكبرى، على الاغلب، بالتساوي.
و"الهيئة الناظمة لقطاع الطيران المدني" ليست استثناءاً من تلك القاعدة. حال الخلاف على مذاهب اعضائها ورئيسها،دون التوصل الى توافق سياسي لتعيينها، كما برزت عقدة أخرىتتمثل في الوصاية المطلوبة دائماً من الوزراء على القطاعات الانتاجية، وهو ما لا تتيحه هيكليات معظم الهيئات الناظمة التي يفترض أن تكون مستقلة.
ويقول النائب السابق محمد قباني، الذي شغل موقع رئيس لجنة الاشغال العامة والنقل في البرلمان بين 2009 و2018 لـ"مهارات نيوز": "نحن متأخرون كثيرا في مسألة انشاء الهيئات الناظمة في القطاعات المهمة، فالهيئات الناظمة ضرورة كبيرة وملحة للإصلاح، واتمنى ان يبدأ من اليوم تعيين هذه الهيئات"، مضيفاً: "برأيي كل سياسي يعارض الهيئات الناظمة يكون يعطي إشارة على أنه فاسد".
هيئة مخفية منذ 2002
منذ 18 عاماً، لم تبصر الهيئة العامة للطيران المدني النور، مما أبقى لبنان، الدولة الوحيدة في الشرق الاوسط التي لم يُفعّل فيها هيئة ناظمة للطيران المدني، ما يعني ان القطاع الحيوي الذي يدر ملايين الدولارات سنوياً على الخزينة، لا يزال تحت وصاية الوزير المختص، وهو وزير الاشغال العامة والنقل، ولم يجرِ فيه الفصل بين شؤون التنظيم والإشراف والرقابة من جهة، وشؤون الاستثمار والتشغيل من جهة ثانية.
هذا الهدف، دفع الحكومة اللبنانية في العام 2002 الى اصدار مشروع قانون لانشاء هيئة مستقلة تتولى شؤون التنظيم والإشراف والرقابة تسمى "الهيئة العامة للطيران المدني"، ويلحظ أيضا الاستعانة بالقطاع الخاص لتأمين العديد من النشاطات والخدمات في المطارات إلى المؤسسة أو المؤسسات التي ستتولى شؤون تجهيز واستثمار المطار ومختلف العمليات المرتبطة به.
ومضت الحكومة في ذلك الوقت نحو انشاء الهيئة، بدفع من المؤسسات الدولية التي تعززت في العام 1995. فقد اشترطت كافة الاتفاقات التي عقدت مع الصناديق الدولية لتمويل مشروع تطوير وتأهيل مطار بيروت، بصورة أساسية، إيجاد بنية مستقلة لهذا المطار تتمتع بقواعد وعناصر ومستلزمات العمل التجاري. وقد اشترطت الاتفاقية مع البنك الأوروبي للتسعير التي وافق عليها مجلس الوزراء في جلسته المنعقدة بتاريخ 22/2/1995 وأقرها مجلس النواب بموجب القانون رقم 466 تاريخ 8 ديسمبر /كانون الأول 1995 وكذلك اتفاقية القرض مع الصندوق الكويتي للتنمية الاقتصادية التي أقرها مجلس النواب بموجب القانون رقم 474 تاريخ 8/12/1995، اشترطت إحداث جهاز يتمتع بالاستقلال المالي والإداري لتجهيز واستثمار مطار بيروت الدولي.
وسط هذا المناخ الدولي الضاغط، صدر مرسوم إنشاء "الهيئة الناظمة للطيران المدني" في العام 2002 تحت الرقم رقم 7251 ، واستحال قانوناً صادراً عن البرلمان تحت الرقم 481 تاريخ 12/12/2002، ولكنها لم تُشكل حتى الآن بسبب الخلاف على طائفة رئيسها والاعضاء. ففي العام 2014، حصل نقاش بين القوى السياسية لتعيين أعضاء الهيئة ورئيسها، وكان وزارة الدولة لشؤون التنمية الادارية تدرس ملفات الشخصيات المرشحة لتشغل ذلك الموقع، وأجرت الوزارة مقابلات لتلك الشخصيات لكن الخيارات لم تُحسم. فقد كان هناك توجه لأن يكون من الطائفة السنية، كبديل لمدير عام الطيران المدني الذي يشغله الآن شخص سني، ومن المفترض أن تحل الهيئة محل المديرية، لكن الشيعة طالبوا بأن يكون شيعياً، بالنظر الى ان رئيس شركة طيران الشرق الاوسط (الناقلة الجوية اللبنانية) هو من الطائفة السنية، ويقضي التوازن في المواقع العامة أن يجمع الموقعين في القطاع الواحد شخصان من طائفتين مختلفتين.
المديرية العامة للطيران المدني
تتولى حالياً المديرية العامة للطيران المدني شؤون التنظيم والرقابة والاستثمار، وهي تتبع وزارة الأشغال العامة والنقل. ويقول مصدر مسؤول في المطار لـ"مهارات نيوز" ان كل الامور مرتبطة بالمديرية المرتبطة حكماً بوزير الوصاية (وزير الاشغال والنقل) فضلاً عن ان اي مشروع ينوى تنفيذه في المطار، تذهب عائداته أو انفاقاته الى رقابة ديوان المحاسبة، أو العائدات فتذهب مباشرة الى وزارة المالية كونه لا يوجد صندوق للطيران المدني.
أما مع تعيين أعضاء الهيئة ومباشرة عملها، فسيتم الغاء المديرية وتتولى الهيئة السلطة الاستشارية والتقريرية والرقابية، وتتولى تنظيم أعمال الطيران المدني، بينما تتولى شركة خاصة تشغيل مطار بيروت، وتكون بمثابة شركة تجارية خاصة تستقدم المعدات وتطور في البنية التحتية وفي قطاع الخدمات. فالهيئة، هي مؤسسة عامة تابعة للدولة تتمتع باستقلالية مادية وادارية، وتجمع الرسوم من حركة الطيران، ما يجعلها تتمتع باكتفاء مالي وتغذي نفسها وتدفع العائدات للدولة بموجب بروتوكول معها، أسوة بمؤسسات عامة أخرى مثل "ادارة حصر التبغ والتنباك" او "مرفأ بيروت" أو "أوجيرو" وسواها من المؤسسات العامة.
هذا التعيين سيبدل الوضع القائم، إذ وبموجب قانون صادر في العام 1971، تعد "المديرية العامة للطيران المدني" مكلفة بالإشراف على النقل الجوي، وإدارة المجال الجوي وضمان سلامة الملاحة الجوية، وتشغيل مطار بيروت الدولي، والتحقيق في الحوادث، وتوفير معلومات الأرصاد الجوية للمعنيين خارج الطيران المدني، والقيام بوظائف الدعم.
وتسعى المديرية العامة للطيران المدني، التي تضم في هيكليتها مديريتي المطارات والإستثمار الفني وتسع مصالح فنية وإدارية بالإضافة الى رئاسة المطار والديوان، الى تنظيم وتسيير العمل في مطار رفيق الحريري الدولي. ومن بين المديريات والمصالح التي تضمها مديرية المطارات، رئاسة المطار، مصلحة الارصاد الجوية، مصلحة النقل الجوي، مصلحة الابحاث والدراسات، مصلحة سلامة الطيران، مديرية الاستثمار الفني، مصلحة الملاحة الجوية، مصلحة صيانة الاجهزة، مصلحة التجهيزات الفنية، ومصلحة الاتصالات.
وتقول المديرية في نبذة تعريفية عنها، انها أخذت على عاتقها، ولا تزال، مهمة التنسيق مع منظمة الطيران المدني الدولي، ومختلف هيئات وإدارات الطيران المدني، والمطارات الخارجية، من أجل المساهمة في تطوير قطاع الطيران المدني والنهوض به، وهي تطمح لأن تكون أحد الوجوه المشعة للبنان.
انفاق 40 مليار دولار سنوياً
أظهرت موازنة المالية العامة للعام 2020 أن مجموع انفاق المديرية العامة للطيران المدني، يناهز الـ40 مليار ليرة سنويا، ما يعادل 26 مليون دولار على سعر الصرف الرسمي تقريباً، موزعة على رواتب واجور، وتقديمات عائلية، ونفقات ادارية وتشغيلية ومواد استهلاكية، وخدمات استهلاكية وصيانة واعلانات، ومساهمات لغير القطاع العام واشتراكات، ونفقات نقل وانتقال ودراسات ووفود ومؤتمرات.
وفيما لم تُنشر العائدات من المديرية التي تدخل في حسابات وزارة المالية، وافق وزير المالية في حكومة تصريف الأعمال غازي وزني، بناءً على طلب وزير الأشغال العامة والنقل في حكومة تصريف الأعمال ميشال نجار، نقل إعتماد من إحتياطي الموازنةالعامة إلى موازنة وزارة الأشغال العامة والنقل- المديرية العامة للطيران المدني، بقيمة 850 مليون ليرة لتغطية إعتمادات الأعمال الإضافية الليلية للموظفين المناوبين في المديرية العامة المذكورة حتى نهاية 2020.
إصلاح قطاع الطيران المدني
في ظل تلك الهيكلية القائمة منذ سنوات طويلة، وبغرض تطوير القطاع، نص مشروع قانون إصلاح الطيران المدني في العام 2002 إلى استبدال المديرية العامة للطيران المدني الحالية بهيئة ناظمة للقطاع مستقلة عن الادارة اللبنانية، وبتأسيس شركة مساهمة لادارة المطارات المدنية، وايجاد اطار مستقل لخدمات الأرصاد الجوية وخدمات الحركة الجوية. ومن أجل ضمان الشفافية وغياب الدعم، يجب أن يكون لكل من عمليات المطار وعمليات مراقبة الحركة الجوية أنظمة محاسبة منفصلة بشكل واضح وطريقة موثوقة لتوزيع التكاليف المشتركة.
بالإضافة إلى ذلك، دعا مشروع القانون إلى أن يصبح التحقيق في الحوادث من مسؤولية مكتب مستقل يتبع مباشرة وزير الأشغال العامة والنقل.بذلك، تصبح الهيئة العامة للطيران المدني الجهة المنظمة للسلامة عبر الاشراف على عمليات الطيران والتوظيفات ووضع معايير للمطارات وخدمات الحركة الجوية.
ومن الناحية المالية، تشرف على تراخيص النقل الجوي، والأسعار والتعريفات، والاتفاقيات الدولية. كما ستضع الهيئة العامة للطيران المدني المبادئ العامة لسياسة النقل الجوي (بما في ذلك إدارة واستخدام المجال الجوي اللبناني)، مع مراعاة التوجيهات العامة والمبادئ التوجيهية التي وضعها وزير الأشغال العامة والنقل.
وفتح مشروع القانون مجالاً للخصخصة في مرحلة لاحقة في حال اتخذت الحكومات قراراً بذلك، إذ نص على تأسيس "شركة مطار بيروت الدولي" كشركة مساهمة، تمتلكها الدولة اللبنانية، ويمكن بيع اسهمها إذا اتخذت السلطات قراراً بذلك. وسمح مشروع القانون بتأسيس شركات أخرى لتشغيل مطارات لبنان الأخرى (مثل مطار القليعات في شمال لبنان).
في 12 ديسمبر/كانون الاول 2002، صدر المرسوم الذي يحمل الرقم 481 القاضي بانشاء مؤسسة عامة تدعى "الهيئة العامة للطيران المدني" وتعرف في هذا القانون باسم الهيئة، بهدف النهوض بقطاع الطيران المدني من خلال تنظيم حديث لشؤون الادارة والاستثمار والاشراف والرقابة في مختلف القطاعات المتعلقة بالطيران المدني.
وتتمتع الهيئة، بحسب قانون انشائها، بالشخصية المعنوية والاستقلال الاداري والمالي وتخضع لاحكام هذا القانون وللانظمة الخاصة بها دون سواها، وتخضع لرقابة ديوان المحاسبة المؤخرة، وهي هيئة تنظيمية ورقابية تشرف على ادارة واستثمار جميع القطاعات المتعلقة بالطيران المدني بما في ذلك خدمات النقل الجوي والملاحة الجوية وسلامة الطيران المدني والمطارات المدنية على اسس فنية واقتصادية سليمة.
قوانين ملتبسة
سعى المشرّع اللبناني في مسودة مشروع القانون الذي وضعه الى أن تتمتع الهيئة العامة للطيران المدني بالاستقلالية مع قدر معقول من السلطات التقديرية، وأن تكون خاضعة للمساءلة. وقصد باستقلاليتها أن تكون بعيدة عن كل من الضغوط السياسية التي عادة ما تأتي من الوزارات والشركات المنظمة؛ وأن يتم اختيار منظميها على أساس المعايير المهنية بدلاً من المعايير السياسية وأن يتمتع الاعضاء بسلطة تقديرية كافية لاتخاذ القرارات الصحيحة وإنفاذها دون أي مخاطر للتدخل السياسي، فضلاً عن أن يكون للهيئة أدوات محددة تمكن من المراقبة الفعالة للامتثال والإنفاذ، بحسب ما ورد في دراسة أعدها هادي بعاج، تناولت الاصلاحات في قطاع الطيران المدني في لبنان، ونشرتها الجامعة الاميركية في بيروت في العام 2002.
لكن بعد صدور القانون، تبين أن الجزئية الاساسية فيها المرتبطة بالاستقلالية عن وصاية الوزير المختص، والرقابة، تشوبها عقبات. فالمادة السابعة من القانون، تنص على ان الهيئة ترتبط بوزارة الاشغال العامة والنقل التي تمارس عليها الوصاية الادارية. أما المادة الثامنة، فتنص على ان يتولى السلطة التقريرية في الهيئة مجلس ادارة مؤلف من خمسة اعضاء بمن فيهم الرئيس يعينون بمرسوم يتخذ في مجلس الوزراء بناء على اقتراح وزير الاشغال العامة والنقل لمدة خمس سنوات قابلة للتجديد أو التمديد. وتنص المادة العاشرة على ان ديوان المحاسبة يمارس رقابته المؤخرة على الهيئة وفقا لنظام خاص يضعه مجلس الادارة ويوافق عليه مجلس الوزراء بناء على اقتراح وزير الاشغال العامة والنقل. ولا تخضع الهيئة لرقابة مجلس الخدمة المدنية.
بذلك، لم يحرر القانون من التدخلات السياسية التي تتمثل في التعيينات، ولم يمنحها الاستقلالية المطلوبة عن الوصاية السياسية التي تتمثل بوصاية الوزير المختص، كما لا يخضع التعيين والعائدات والانفاقات المالية للأجهزة الرقابية الرسمية.
ويقول رئيس لجنة الاشغال العام والنقل السابق في البرلمان اللبناني محمد قباني ان "الهيئات الناظمة هي الخطوة الجذرية للإصلاح لأنها تضع هيئة تخطيط منفصلة عن السلطة التنفيذية، أي هي هيئة مستقلة من أساسها، وهذا ما يكرهه معظم الوزراء، لأن كل وزير يحب أن يبقى ممسكا ومسيطرا على كل قطاع تابع لوزارته إن كان في الكهرباء والنفط والاتصالات والمواصلات والطيران المدني لأسباب تتعلق، وبصراحة، بالفساد". ويضيف قباني في تصريحات لـ"مهارات نيوز" ان "جميع الوزراء يسعون الى عقد صفقات، أما بوجودها فلا يستطيعون ذلك، لذلك أعداء الهيئات الناظمة هم الوزراء وحتى اليوم لم يتم انشاء الهيئات الناظمة بالشكل السليم والمطلوب".
عقبة صلاحيات الوزراء
يتمثل دور الهيئة في كونها إطاراً تنظيمياً ورقابياً يشرف على إدارة واستثمار جميع القطاعات المتعلقة بالطيران المدني، بما في ذلك خدمات النقل الجوي والملاحة الجوية وسلامة الطيران المدني والمطارات المدنية، على أسس فنية واقتصادية سليمة، واخراجها من الروتين الاداري.
ويقول النائب السابق محمد قباني ان "المبادىء العامة التي تقوم عليها الهيئات الناظمة هي: الحوكمة والشفافية وزيادة العائدات والايرادات وحماية المال العام والمصلحة العامة"، ويضيف ان "هذه الهيئات مهمتها التخطيط ولكن لا علاقة لهم بالشفافية والحوكمة، فيما الرقابة هي من مهام الهيئات الرقابية التنفيذية كالتفتيش المركزي وديوان المحاسبة وهذه الهيئات بحاجة الى تفعيل وتعزيز".
ووسط دعوات لضرورة استقلالية قطاع الطيران المدني عن الروتين الإداري الموجود في كافة المديريات؛ يبرز الخلاف السياسي الذي يحول دون تعيين أعضاء الهيئة، والذي يفترض أن ينتهي بتشكيل الحكومة العتيدة.
والواضح ان السياسيين حريصون جدا على ان يبقوا ممسكين بالجانب التنفيذي في اي مشروع في الوزارات التي يتسلمونها، كما يقول قباني، معتبراً ان "الوزراء هم اعداء الهيئات الناظمة، ولا اعلم اذا كان الوقت يسمح حالياً ضمن الستة اشهر لسعد الحريري ان يتكل على الله ويسير بالهيئات الناظمة لأنه بذلك يكون قد قدم اهم انجاز في حياته وحياة لبنان".
والحال ان الضغوط الدولية التي مارسها المجتمع الدولي لتطبيق الاصلاحات، وفي مقدمها الهيئات الناظمة، يمكن أن يدفع باتجاه اقرارها، لكن الاشكاليتين المرتبطتين بالتحاصص المذهبي، وبتحقيق الاستقلالية التامة عن سلطة الوزير المختص، لا يبدو أن تحقيقهما سيتم بسهولة. فالاولى مرتبطة بالنظام اللبناني وصيغة الحكم القائمة التي تتمثل ب"الديموقراطية التوافقية"، أما الثانية، فتحتاج الى ضغوط من قوى سياسية في البرلمان لتعديل مشاريع القوانين، وهو ما لم يتحقق حتى الآن.
TAG : ,الهيئة العامة للطيران المدني ,هيئات ناظمة ,لبنان