Loading...

الأزمة الاقتصادية في لبنان تكبّل طموحات الشباب

 

مع تدهور الأوضاع الاقتصادية والسياسية وازدياد الصعوبات المعيشية، يجد شبان لبنانيون أنفسهم أكثر بعداً عن أحلامهم بعدما شعروا أن مستقبلهم في البلد، حيث ولدوا وترعرعوا، بات مهدداً أكثر من أي وقت مضى.

في 17 تشرين الأول/أكتوبر 2019، انتفض مئات الآلاف من اللبنانيين على واقعهم وثاروا ضدّ الطبقة السياسية الفاسدة، بعدما تسارعت تبعات الانهيار الاقتصادي، الذي لم يبق المراهقون والشباب بمنأى عن تداعياته على الصعد الاجتماعية والمهنية والأكاديمية والنفسية.

وتقول ديانا منصور (17 عاماً) لـ"مهارات نيوز": "نحن كشابات نتأثر بما يحصل حولنا، وأصبح لدينا خوف من المستقبل. نعيش حالة توتر في المنزل وهذا ما يولّد صراعاً بيني وبين أهلي وبين أهلي أنفسهم" أحياناً.

وكانت ديانا تخطط للتخصّص في مجال الكيمياء الحيوية في الجامعة، لكنها اليوم لا تبدو واثقة مما تريده خصوصاً بعدما بات سوق العمل ضيقاً للغاية.

وتوضح "حلمي أن أكبر وأحقق طموحاتي وكل شيء أريده"، لكنها اليوم تسأل نفسها "هل سأضطر لأغيّر الاختصاص الذي أودّ متابعته بسبب الأوضاع السياسية والاقتصادية في البلد؟ هل سنحقّق أحلامنا أم أننا سنواصل الحلم فقط؟".

وبحسب تقديرات البنك الدولي حتى منتصف عام 2020، يتبيّن أن نسبة الفقر في لبنان قد بلغت 52%. ويدخل إلى سوق العمل اللبنانية نحو 30 ألف فرد سنوياً، يتطلب استيعابهم خلق أكثر من ستة أضعاف عدد الوظائف الموجودة أساساً، علماً بأن متوسط صافي فرص العمل المتاحة يبلغ نحو 3500 وظيفة فقط.

على غرار ديانا، ازدادت مخاوف رانيا العمري (17 عاماً)، التي كانت تخطط لدراسة اختصاص طب الأسنان العام المقبل، لكنها اليوم تخشى من إضافة أعباء مالية جديدة على أسرتها التي تأثرت كما العائلات اللبنانية كافة بتداعيات الأزمة الاقتصادية في ظل انهيار الليرة والقيود المصرفية المشددة.

وتقول لـ"مهارات نيوز": "أعلم أن لدى والدي العديد من الاستحقاقات المالية التي يتوجّب عليه دفعها".

وتشرح انها باتت غير واثقة من إمكانية دخولها سوق العمل إذا ما استمرت الأزمة وتداعياتها لسنوات طويلة، مضيفة "أشعر بالخوف والقلق بشكل يومي إزاء هذا الموضوع."

ويرتّب الوضع القائم أعباء على المراهقين والمراهقات. وتشرح المعالجة النفسية الدكتورة نازك الخوري لـ"مهارات نيوز" أنّ "الضغط النفسي ليس ناتجاً فقط عن عدم توجيه المراهقين بل أيضاً جراء الأزمة الاقتصادية التي تشكل عائقاً على درب طموحات الشباب".

ويدفع ذلك من هم في سن المراهقة إلى "طريق غير راغبين به وغير راضين عنه، ما يؤدي الى الاكتئاب ومحاربة النفس، فيدخلون في مرحلة التفكير المفرط وتشتّت الأفكار.

وتنصح الخوري الشباب في هذه المرحلة بأن "يبوحوا ويصرّحوا ويعبّروا عما يزعجهم والمشكلات التي تعترضهم" انطلاقاً من أن"عملية البوح عن الهواجس تعطي المشكلة حجماً أصغر مما هو متوقع".

ولا يعتري القلق الطلاب الذين يستعدون لبدء تحصيلهم العلمي الجامعي فحسب بل يطال أيضاً عائلاتهم التي تراجعت قدراتها الشرائية وقيمة مدخراتهم.

ويروي زياد العمري، والد رانيا، "قررنا قبل عامين أن نعود الى لبنان ايماناً بوطننا، وخلال هذين العامين قررنا مرة أخرى أن نواجه التحديات لأكبر فترة ممكنة حتى نتمكن من مواصلة العيش في البلد".

لكن يبدو أنّ قرار الهجرة عاد ليلوح اليوم مجدداً نتيجة "ما شاهدناه خلال هذا الوقت من انهيار اقتصادي، وخوفاً على أولادنا لأنه من الصعب بناء مستقبل للشباب هنا"، مؤكداً أنّ الوضع الاقتصادي هو في "أساس الوضع النفسي الذي يؤثر على العائلة" بأكملها.

تم انتاج هذا التقرير ضمن برنامج تدريبي لصحافيين شباب، نظمته مؤسسة مهارات مع اليونيسف.

محتويات هذه المادة الصحافية مسؤولية مؤسسة مهارات ولا تعكس بأي حال آراء اليونيسف.