Loading...
true

صحيح

المحكمة الجنائية الدولية
هل يمكن للبنان اعطاء صلاحية جزئية للمحكمة الجنائية الدولية للتحقيق في جرائم الحرب الاسرائيلية، على الرغم من عدم انضمامه لنظام روما؟
24/06/2024

نشر النائب ابراهيم منيمنة عبر حسابه على "X" في 11 حزيران 2024 سؤالا موجّه للحكومة مجتمعة ووزير الخارجية والمغتربين عن أسباب تراجع الحكومة عن "قرارها المتعلق باعطاء الصلاحية الزمنية الجزئية للمحكمة الجنائية الدولية وفقا للفقرة 3 من المادة 12 من نظام روما ،والذي يعطيها الصلاحية للتحقيق حصرا في جرائم الحرب المرتكبة من العدو الاسرائيلي على الاراضي اللبنانية منذ تاريخ 8/10/2023.

 

وقد اعتبر النواب المتقدّمون بالسؤال أن هذا الإجراء لا يعتبر انضماما لنظام روما/ وهو مخصص للدول غير الأعضاء بالمحكمة الجنائية الدولية على عكس ما صرّحت به وزارة الخارجيّة والمغتربين.

 

هل يمكن للبنان اعطاء صلاحية جزئية للمحكمة الجنائية الدولية  للتحقيق في جرائم الحرب الاسرائيلية، على الرغم من عدم انضمامه لنظام روما؟

 

بعد قتل اسرائيل للمصور الصحافي عصام عبدالله وقتل صحافيين آخرين هم فرح عمر وربيع معماري وقتل المدنيين في الجنوب اللبناني، ونتيجة للتحقيقات الدوليّة، اطلعت حكومة تصريف الأعمال على التقرير  الذي أعدّته المنظمة الهولندية للبحث والتحقيق العلمي التطبيقي  (TNO) بخصوص قتل إسرائيل لعصام عبدالله أثناء قيامه بعمله الصحافي في موقع قرب بلدة علما الشعب الحدودية.

 

وبناء على التقرير، كلّفت الحكومة  في 26 نيسان 2024، وزارة الخارجية بتقديم شكوى لدى المحكمة الجنائية "سنداً للفقرة الثالثة من المادة 12 من نظام روما الأساسي المعمول به في المحكمة، على أن تلتزم الحكومة اللبنانية بالتعاون مع المحكمة، وفقاً للفصل التاسع من النظام المذكور".

 

ولكن تراجعت الحكومة بتاريخ 28 أيار 2024  عن تكليف وزارة الخارجية بتقديم إعلان إلى مسجّل المحكمة الجنائية، وأعلنت في قرار معدّل أنها ستتقدّم بهذه الشكاوى أمام الأمم المتحدة وهيئات دولية أخرى، مستبعدة أي دور للمحكمة الجنائية.

 

وقد بقيت أسباب هذا التراجع غير واضحة، إلاّ أنّ بعض الوسائل الإعلامية  أشارت إلى أنّ هذه الخطوة أتت بسبب مخاوف لدى بعض الجهات اللبنانية وعلى رأسها حزب الله من تسليم القضية للمحكمة الجنائية، الأمر الذي قد يطال قياديين في حزب الله، خصوصا بعد طلب المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية كريم خان إصدار مذكرتي توقيف بحق رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ووزير الدفاع يوآف غالانت، وبعد مذكرات التوقيف التي أصدرتها المحكمة ضد ثلاثة قادة من "حماس"، الأمر الذي يفسّر أن قوانين النزاعات المسلحة في المحكمة، تسري على الجميع من دون استثناء.

 

أما عن الأسباب القانونية لهذا التراجع، فقد اعتبر الكتاب المقدّم من النواب أنّ إعطاء الصلاحية للمحكمة الجنائية الدولية وفقا للفقرة 3 من المادة 12 من نظام روما لا يعتبر انضماما لهذا النظام وهو مخصص للدول غير الأعضاء عكس ما صرّحت به وزارة الخارجية للإعلام.

 

ولفهم قانونية الملف، تنصّ الفقرة 3 من المادة 12 من نظام روما أنّه " يجوز للمحكمة أن تمارس اختصاصها إذا كانت واحدة أو أكثر من الدولة التي وقع في إقليمها السلوك قيد البحث طرفاً في نظام المحكمة الأساسي أو قبلت باختصاص المحكمة. وإذا كان قبول دولة غير طرف في نظام المحكمة الأساسي لازماً، جاز لتلك الدولة بموجب إعلان يودع لدى مسجل المحكمة، أن تقبل ممارسة المحكمة اختصاصها فيما يتعلق بالجريمة قيد البحث، وان تتعاون الدولة القابلة مع المحكمة دون أي تأخير أو استثناء".

 

لشرح هذه المادة، يقول الباحث في قسم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في هيومن رايتس ووتش رمزي قيس في مقابلة لـ"مهارات نيوز" إنّ "القرار الأساسي الصادر عن الحكومة لا يتطرأ إلى مسألة الانضمام إلى نظام روما بل فقط إعطاء الصلاحية الجزئية للمحكمة الجنائية بناء على الفقرة 3 من المادة 12 من نظام روما المخصصة للدول غير الأعضاء، فمسألة الانضمام إلى نظام روما تحتاج إلى موافقة مجلس النواب".

 

وعن طبيعة هذه الصلاحية ومدى نطاق اختصاص المحكمة، فهي محدودة من حيث البقعة الجغرافية التي تحدّدها الدولة المتقدّمة بالطلب، أي في حالة لبنان المحكمة يمكنها فقط التحقيق في لبنان ولا يمكنها التحقيق في ما يحصل في شمال اسرائيل لأن اسرائيل ليست عضوا في نظام روما ولم تتقدّم بأي طلب إعطاء صلاحية للمحكمة الجنائية، بحسب ما أفاد به قيس.

 

اما عن تفسير مصطلح الصلاحية الجزئيّة، فيضيف قيس أنّه "عندما تعطي الحكومة عبر وزارة الخارجية الصلاحية للمحكمة الجنائية بالتحقيق استنادا إلى المادة 12، يحق لها تحديد مدة زمنية لهذا التحقيق وهي في حالة لبنان من تاريخ 8 أكتوبر 2023، أي أنّ المحكمة لا تستطيع التحقيق بالجرائم قبل هذا التاريخ، أما في حالة كانت دولة عضوا فتستطيع المحكمة التحقيق بأي جرائم في أي وقت كان".

 

أي وبالعودة إلى ما ينصّ عليه نظام روما في المادة 12، يستطيع لبنان إعطاء الصلاحية الجزئية للمحكمة الجنائية الدولية، عبر ايداع إعلان مسجّل لدى المحكمة، وهو الأمر الذي لم تقم به وزارة الخارجية اللبنانية، بل تمّ سحب القرار وتعديله لاستبعاد أي دور للمحكمة الجنائية الدولية.

 

إذا ما ورد في الكتاب المقدّم من النواب صحيح، إذ يمكن بالعودة إلى نظام روما، اعطاء صلاحية جزئية للمحكمة الجنائية الدولية  للتحقيق حصرا في جرائم الحرب المرتكبة من  اسرائيل، على الرغم من أن لبنان ليس دولة عضوة.