Loading...
true

صحيح

Corporate Finance
هل يجوز تزكية مؤسسة كفالات لتمويل المؤسسات الصغيرة والمتوسطة من دون المرور بالشراء العام؟
01/07/2025

مع إستمرار حالة التعثّر في معالجة وضع المصارف والخروج بخطة تعافٍ، وبما أن قروض الشركات والمؤسسات هي أحد شرايين تحريك عجلة الاقتصاد والنمو لأنها تتيح تمويل مشاريع جديدة أو توسيع مشاريع قائمة، خرجت معلومات في الأيام الماضية نقلاً عن مصادر وزارية، تقول "إن مؤسسات دولية أبدت استعدادها لتمويل المؤسسات الصغيرة والمتوسطة في لبنان، عبر مؤسسة كفالات".

 

وأنها قد تصبح مثل مصرف الإسكان، تتلقى طلبات الحصول على القروض وترفعها إلى الجهات المانحة التي ستقرر على أثرها حجم التمويل والقطاعات المخصصة لها تلك القروض، بحسب المصادر الوزارية نفسها.

 

هل يجوز تزكية مؤسسة كفالات لتمويل المؤسسات الصغيرة والمتوسطة دون المرور بالشراء العام؟

 

ماذا نعرف عن شركة كفالات؟

تأسست كفالات عام 1999، كشركة مساهمة لبنانية مالية ذات منفعة عامة، تعمل على مساعدة المؤسسات الصغيرة والمتوسطة الحجم (SMEs) في لبنان للحصول على تمويل مصرفي، عن طريق منحها قروض مصرفية بناءً على دراسات جدوى وخطط مؤسسية مقدمة من طالبي القروض تبرهن على استدامة النشاط الإقتصادي الذي هو محور طلب القرض.

 

تملك المؤسسة الوطنية لضمان الودائع 75% من أسهمها، فيما تتوزع الـ 25 % المتبقية على حوالي 50 مصرفًا لبنانيًا. وقد أتاحت كفالات عبر برامجها المتخصصة  – مثل "كفالات ابتكار"، "كفالات زراعة"، و"كفالات طاقة" – تمويل مشاريع في قطاعات الصناعة، التكنولوجيا، الحرف، والزراعة. ولقد كانت القروض الممنوحة عبر "كفالات" معفية من الاحتياطي الإلزامي لدى مصرف لبنان، ما شجّع المصارف منح الشركات الصغيرة والمتوسطة قروضاً بفوائد منخفضة، كما ساهمت الدولة بدعم الفوائد لتخفيف العبء المالي عن أصحاب المشاريع الناشئة.

 

ولكن منذ الانهيار المالي عام 2019، أصيبت المؤسسة بشلل شبه كامل، مع توقّف معظم القروض المصرفية وتعليق آليات التمويل. ورغم بقاء "كفالات" قائمة قانونًا، فإن دورها التقليدي تقلّص بشدّة، ما دفعها إلى إعادة التموضع عبر إدارة منح دولية مباشرة.

 

يُذكر، أن كفالات تولّت بعد انفجار مرفأ بيروت، إدارة صندوق إعادة بناء مؤسسات الأعمال في بيروت على نحو أفضل أو ما يُعرف بـ "صندوق B5" المموّل من البنك الدولي، بقيمة 25 مليون دولار. استهدف الصندوق أكثر من 4000 مؤسسة صغيرة داخل نطاق 5 كلم من المرفأ، وموّل نفقات تشغيلية وتجهيزات لتمكينها من استئناف عملها. أشرفت كفالات على تقييم الأضرار، اختيار المستفيدين، صرف المنح، وضمان الشفافية، بالتعاون مع شركاء مصرفيين مثل OMT.

 

وتلخصت آلية عمل "كفالات" ضمن صندوق B5 بالخطوات التالية:

  • أن يتقدّم أصحاب المشاريع المتضررة بطلبات المنح عبر أحد القناتين: مؤسسات التمويل الأصغر (MFIs) أو بشكل مباشر عبر مكاتب كفالات في بيروت.

  • أن تقوم "كفالات"، بالتعاون مع المؤسسات الميسّرة، بإجراء التحقق بناءً على تقييمات ميدانية أولية أعدها الجيش اللبناني، لضمان عدم تكرار تمويل نفس الاحتياجات من مصادر متعددة.

  • وبعد اجتياز المعايير، تُصدر لجنة "كفالات" قرارَ منح المتابعة، ويتم صرف التمويل عبر بنك BLF أو وكلاء تحويل الأموال مثل OMT.

 

الإطار القانوني

تأسست كفالات بموجب المرسوم رقم 29 تاريخ 12 كانون الثاني 1999، بناءً على قانون خاص رقمه 7494 تاريخ 24/1999، أقرّه مجلس النواب لإعطاء الحكومة الصلاحية بإنشاء مؤسسة تضمن قروض المشاريع الصغيرة والمتوسطة.

 

لقد نصّت المادة الأولى من القرار رقم 7494 الصادر عن حاكم مصرف لبنان بناءً على قانون النقد والتسليف، وبناءً على قرار المجلس المركزي بتاريخ 22/12/1999، على أنه على كل مصرف عامل في لبنان يرغب في إعطاء قروض لقاء كفالة شركة "كفالات" الحصول على موافقة المجلس المركزي لمصرف لبنان على المبالغ المنوي توظيفها في هذا المجال.

 

ويعود سبب هذا النص وفق المادتين الثانية والثالثة من القرار، إلى أنّ فترة الفائدة وتحديد معدلاتها مبني على إجازة مصرف لبنان للمصارف باستعمال 60% من قيمة هذه القروض من أموال الاحتياطي الإلزامي وعلى دعم الفوائد (الاستفادة من دعم الفوائد المدينة من الدولة اللبنانية للقروض الممنوحة من المصارف إلى المؤسسات الصناعية أو السياحية  أو الزراعية).

 

كذلك نصّ الاتفاق المعقود مع المصارف على وجود سقف للقروض المكفولة بالعملة اللبنانية والعملات الأجنبية، كما أنّ أي تخفيضات أو دعم يشمل هذه القروض من خلال تعاميم مصرف لبنان، يستفيد منها المقترض حصريًا.

 

قانونية التلزيم

في السياق، تشرح خبيرة الشراء العام رنا رزق الله من معهد باسل فليحان المالي والاقتصادي، في حديثٍ لـ "مهارات نيوز"، أنه بالمبدأ العام، إذا كانت شركة كفالات قطاع إحتكاري (لا يوجد مؤسسة أخرى تقوم بعملها في البلد) وإذا كانت قطاع خاص أو تمتلك الدولة جزءا منها تخضع بمشترياتها لقانون الشراء العام. 

 

وتضيف أن هذه الشركة تمّ تأسيسها بهدف تمويل أو إعطاء قروض ميسرة لمؤسسات صغيرة ومتوسطة الحجم بشروط معينة، كما تُعطي اليوم المؤسسة العامة للإسكان ومصرف الإسكان على سبيل المثال قروض إسكانية صغيرة وفق شروط معينة تتعلق بالمخاطر المالية والائتمانية. ويأتي تمويلها من الصندوق الكويتي مثلاً والصندوق الكويتي اختار مؤسسة الإسكان ليس غيرها لأن القرار يعود للمانح المقرض والأمر نفسه ينطبق على مؤسسة كفالات فهي تقوم بعملها.  

 

ولكنها تؤكد أن "كفالات في هذه الحالة لا تمرّ بالشراء العام لأن عملية منح القروض ليست عملية شراء، وبالتالي لا تخضع بهذا الموضوع تحديداً أي بالقروض التي تمنحها لقانون الشراء العام لكنها يجب أن تخضع لمبادئ الحوكمة الرشيدة ومبادئ العلنية والشفافية وإعطاء الفرص المتكافئة للجميع وتخضع لشروط المانح. وقد لا يحتاج اختيارها إلى إجراء مناقصة إذا قرّر المانح اختيارها مباشرة ولكنه يشترط عليها في المقابل كيفية صرف هذه الأموال". 

 

إذاً وفق رزق الله، فإن كل عملية لها شروطها الخاصة التي يجب الإلتزام بها، 

  • أولاً، شروط الجهة المقرضة لإختيار كفالات، 

  • ثانياً، آلية مؤسسة كفالات المعتمدة لإستقبال القروض والتصرف بها. ونحن هنا لا نتحدث عن أصول شراء وإنما أصول الإقراض من جهة مانحة دولية، إذ يجب أن تمرّ على مجلسي الوزراء والنواب.

  • وثالثاً، عند إختيار مؤسسة كفالات الشركات التي ستحصل على القروض فإن ذلك يتم وفق شروط وآليات عمل معينة وعليها أن تكون شفافة في هذه الآلية، شروطها واضحة منشورة ومعلنة مع إعطاء الفرص للجميع وإذا تأمنت هذه الشروط التي تشبه مبادئ الشراء العام نوعاً ما لأنها مبادئ عامة بالتعامل مع المواطن بين القطاع العام والقطاع الخاص تكون مؤسسة كفالات قد اتبعت الأصول عند قبولها هذه القروض.

 

وتذكّر رزق الله، أنه عندما "يأتي القرض لمؤسسة عامة من جهة مانحة خارجية يتحول على حساب وزارة المالية في الخزينة وإذا كان لقطاع خاص تذهب الأموال إلى حساب المؤسسة الخاصة مباشرة".

 

وفي المقابل، تشرح رئيسة غرفة تدقيق الحسابات بديوان المحاسبة، القاضية نيلي أبي يونس في حديثٍ لـ "مهارات نيوز"، أن التمويل الذي ستمنحه المؤسسات الدولية هو تمويل للقطاع الخاص وتحديداً المؤسسات الصغيرة والمتوسطة الحجم، أي أن العملية ستتم من قطاع خاص إلى قطاع خاص ولا علاقة للدولة بها، بمعنى آخر المنظمات الدولية ستعطي القروض للقطاع الخاص والقطاع الخاص بدوره سيعطيها لشركات خاصة وبالتالي لا دور لوزارة المالية بالرقابة عليها وليست خاضعة للشراء العام.

 

وتلفت أبي يونس، إلى أن القروض التي تأتي للدولة تحتاج إلى قانون وإذا كانت هبات فهي بحاجة إلى مرسوم وكفالات ليست من ضمن المؤسسات العامة التابعة للدولة، فلو كانت مؤسسة عامة لكانت الرقابة المؤخرة قد أخضعتها للديوان.

 

إذًا، إن الإشكالية المطروحة صحيحة، إذ أن مؤسسة كفالات كوسيط لتمويل الشركات الصغيرة والمتوسطة لا تخضع لقانون الشراء العام في هذه الحالة لأن عملية منح القروض ليست عملية شراء، لكنها يجب أن تخضع لمبادئ الحوكمة الرشيدة ومبادئ العلنية والشفافية وإعطاء الفرص المتكافئة للجميع وتخضع لشروط المانح. وقد لا يحتاج اختيارها إلى إجراء مناقصة إذا قرّر المانح اختيارها مباشرة ولكنه يشترط عليها في المقابل كيفية صرف هذه الأموال.