Loading...

مشروع ليلى: مسيرة حافلة بالقمع

 

بدأت فرقة مشروع ليلى، التي أعلن مغنيها الرئيسي حامد سنّو توقفها عن الغناء وانفصال أعضائها،  في العام 2008 كورشة عمل موسيقية ليوم واحد، لكنها استمرت لتصبح فرقة موسيقية ضمت سبعة أفراد، وأصدرت أربعة ألبومات غنائية وحازت على جوائز عدة. 

جذبت الفرقة شريحة واسعة من فئة الشباب في لبنان والعالم العربي بسبب القضايا التي تطرقت إليها والتي حاكت الوضع السياسي والاجتماعي والآراء الجنسية والدينية على حد سواء. لكن معالجتها هذه المواضيع وجرأة سنّو في المجاهرة بميوله الجنسية كانت أيضاً السبب الرئيسي خلف تعرض الفرقة لحملات تشهير وقمع، أدت إلى إعلان نهاية "مشوارها". 

فما هي المحطات الأبرز لرحلة قمع فرقة مشروع ليلى؟

2016-2015

مُنعت فرقة مشروع ليلى من إقامة حفلها في المدرج الروماني في الأردن خلال العامين 2015 و 2016 بعد رفض السلطات المحلية، لأسباب دينية واجتماعية، ولتعارض ما تقدمه الفرقة مع "قيم الإسلام والمسيحية بسبب المضامين التي تحتويها أغاني الفرقة المتعارضة مع العادات والتقاليد والقيم"، وفق ما أعلن وزير الداخلية الأردنية خالد أبو زيد آنذاك.

وأعلن مدير المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام الأب رفعت بدر، في تصريحات لـ سي  إن إن بالعربية، كذلك رفضه لإقامة الحفل، لأسباب دينية واجتماعية وثقافية، معتبرًا أن قرار المنع هو "قرار صائب". وذهب إلى حدّ اعتبار أن مضامين كلمات الأغاني التي تؤديها الفرقة "تمسّ بالسيد المسيح" عدا عن أنها تتضمن "ألفاظا منحطة" لا تليق بأخلاقيات المجتمع الأردني.

2017

في عام 2017، أثارت حفلة أقامتها الفرقة في مصر في أحد المراكز التجارية شرقي القاهرة جدلاً كبيراَ، بعد رفع عدد من المشاركين أعلام قوس القزح وسط الحضور، ما اعتبرته السلطات المحلية مخالفًا للأخلاق.

وأثارت الصور المتداولة للحفل جدلاً كبيراً في وسائل الإعلام المحلية وعلى مواقع التواصل الاجتماعي، ما دفع بالسلطات الدينية المسيحية والمسلمة إلى التحرك واستنكار أعمال الفرقة. وقال حينها وكيل الأزهر عباس شومان إن رفع أعلام وشعارات تروّج لـ"المثلية الجنسية" هو "عار يجب ألا يمرّ مرور الكرام"، واصفًا الحفل بـ"الشاذ الماجن". ورأى في ذلك "اعتداءً على الشرائع السماوية والأعراف الإنسانية السوية"، داعياً إلى أن "يُحاسب جميع من شارك فيه ومن سمح به، ومنع تكراره مستقبلًا".

كما قررت نقابة المهن الموسيقية في مصر عدم السماح للفرقة اللبنانية بإقامة حفلات أخرى في مصر مستقبلًا، مطالبةً بفتح تحقيق عاجل، ومنع أعضاء الفرقة من مغادرة البلاد وإحالتهم لمحاكمة عاجلة.

أدت هذه الحادث إلى اعتقال أكثر من 30 شخصًا في مصر بسبب رفع أعلام قوس القزح واعترافهم بمثليتهم الجنسية، بينهم الناشطة في مجتمع الميم سارة حجازي التي اعتقلت ثلاثة أشهر، تعرضت خلالها للتعذيب والتحرّش. وأقدمت بعد نحو ثلاثة أعوام على الانتحار في كندا، حيث كانت لجأت بعد إطلاق سراحها.

وقال سنّو إنه شعر بالذنب حينها لفترة طويلة ولم يعد يرغب بصناعة الموسيقى.

2019

بعدما كان مقرراً إحياء الفرقة حفلاً في إطار مهرجانات بيبلوس في 9 آب 2019، صدرت تهديدات صريحة بهدر الدماء ودعوات لاستخدام القوّة لمنع إحياء الحفل. واتُهمت الفرقة بالإساءة للديانة المسيحية عبر كل من أغنيتي "أصنام" و"الجن". شجبت أبرشية جبيل المارونية حينها "أهداف الفرقة ومضمون الأغنيات التي تؤديها" معتبرةً أنها "تمس بغالبيتها بالقيم الدينية والإنسانية وتتعرض للمقدسات المسيحية"، داعية إلى إلغاء الحفلة.

وانتقد الداعون إلى مقاطعة الحفلة أو منعها ما وصفوه بـ"إهانة" رئيس الفرقة حامد سنو للسيدة العذراء، في إشارة إلى صورة نشرها على فيسبوك تم فيها استبدال وجه السيدة مريم العذراء بوجه المغنية الأمريكية مادونا. ووصف آخرون المشروع بالـ"شيطاني".

واتهمه كذلك مغردون بـ"استعمال صورة نجمة الأفلام الإباحية ميا خليفة ولصقها بصورة امرأة محجبة مرفقة بتعليق… مبارك عليكم الشهر"، في إشارة إلى شهر رمضان المبارك، ما فاقم الوضع سوءاً. وحملت بعض التغريدات طابع التهديد، وانتشر وسم #ممنوع_تفوتوا_ع_جبيل".

لم تثمر محاولات عدّة قام بها منظمو المهرجان للتوصل إلى تسوية مع الكنيسة المارونية تقضي بالإبقاء على موعد الحفلة فيما تعتذر الفرقة ممن تكون قد "أساءت إلى مشاعرهم الدينية". 

على إثر ذلك، أعلنت لجنة المهرجان، عبر صفحتها على فيسبوك، أنّه "بغضب وحزن، اضطررنا إلى اتخاذ قرار بإلغاء حفل مشروع ليلى". وأضافت أنه "باتفاق مع الفرقة، قررنا أن سلامة الفنانين والجمهور يجب أن تبقى الأولوية الأولى".

وترافقت كل هذه الحملات بدعوات إلى النيابة العامة التي أخضعت عضوين في الفرقة لاستجواب دام 6 ساعات. وبعدها أجبِرت الفرقة على التعهد بإزالة "التدوينات التي تمس بالمقدسات" من صفحتها على "فيسبوك"، وتقديم اعتذار علني. وأصدرت المدعية العامة في جبل لبنان القاضية غادة عون قرارًا بتخلية أعضاء فرقة "مشروع ليلى" على اثر التحقيقات التي أجرتها المديرية العامة لأمن الدولة معهم، وأوضحت أن أعضاء الفرقة "عمدوا إلى إزالة التدوينات الواردة على صفحتهم على فيسبوك والتي تمس بالمقدسات المسيحية، بناءً على طلب المديرية العامة لأمن الدولة".

ولم تكن تلك المرّة الأولى التي تغنّي فيها فرقة الروك اللبنانية في "مهرجانات بيبلوس"، إذ وقفت على مسرحها عام 2010، حين كانت لا تزال في بداية الطريق.

2020

في عام 2020، نُقلت فعالية فرقة مشروع ليلى من فرع جامعة نورثويسترن في الدوحة إلى مقر الجامعة الأم في مدينة إيفانستون الأميركية، بعدما تصدّر وسم "نرفض محاضرة مشروع ليلى" موقع تويتر. وعبّر المغردون القطريون من خلاله عن رفضهم ممارسات الفرقة وتوجهاتها، داعين لمنع فعاليتها في الدوحة.

ودفع السخط القطري من فرقة مشروع ليلى بمؤسسة قطر للتربية والعلوم وتنمية المجتمع إلى التدخل لوقف وإلغاء الحفلة التي كانت مقررة، معتبرةً وفقا لتصريحات صحفية، أن هذه الفعالية تتعارض مع رسالة مؤسسة قطر التي ترتكز على احترام عادات وتقاليد المجتمع القطري وقوانين الدولة.

2022

بعد 14 عامًا على انطلاق مشروع ليلى، أعلن المغني الرئيسي للفرقة الموسيقية حامد سنو، توقف أعمال الفريق نهائياً، خلال حوار مع بودكاست "سردة" اللبناني.

وذكر سنو أنه وأعضاء الفرقة تعرضوا لحملات كراهية وسباب في مواقع وسائل التواصل الاجتماعي أدت إلى شعورهم بالتوتر الشديد وعدم الرغبة في العمل. كما أدى الرفض المتكرر في الدول العربية التي توجهت إليها الفرقة إلى مضايقات كثيرة وانعدام "السوق العربي الغنائي"، مما دفع بهم للانتقال إلى الولايات المتحدة والتخطيط لتنظيم حفلات في أوروبا وكندا والولايات المتحدة. لكن جائحة كورونا وضعت أعضاء الفرقة في وضع مادي صعب، لأن الإغلاق أنهى فرصها في تنظيم أي حفلات.

وأوضح سنو أن استمرار الفرقة صعب وليس مستداماً في ظل حرمانها من جمهورها، وأنه ما من خطط مستقبلية للفرقة، مؤكداً "كل عضو في الفرقة نابغة، ويستطيع العمل وحده".

هذه هي أبرز محطات رحلة مشروع ليلى الشائكة، المليئة بالتضييق والتنمر والاضطهاد وحتى التهديد بالقتل، والتي تعكس صورة عن الحريات الممنوعة في المجتمعات العربية. تختم الفرقة أعمالها بعد مسيرة تكللت بالنجاحات والقمع على حد سواء. 

TAG : ,مشروع ليلى ,قمع ,حامد سنو ,المثلية الجنسية