Loading...

رسالته الاخيرة... كتبها بالدم!

شهيد الصحافيين الاحياء نصري عكاوي، على طريق الكبار من الكتاب والفنانين الذين أنصفهم الموت.

ولكن ما ابشع الموت بإرادتنا، عندما نقرر ان ننهي حياتنا بخلاف سياق الحياة القاضي بأننا لا نولد بإرادتنا وبأن حياتنا تنتهي عندما تأتي الساعة!

لم ينتظر الصحافي الشهيد نصري عكاوي ليلة قدره واختار ان ينهي عذاباً ألمّ به جسداً وروحاً برمي نفسه من على تلك الشرفة في الطبقة السادسة، وكأنه يريد بذلك ان يوجه رسالة الى الجميع. نعم أراد نصري عكاوي ان يوجه رسالته الى دنيا الباطل ويمضي الى دنيا الحق!

رسالة كتبها للمرة الاخيرة بدمه كما قالت الاعلامية غابي لطيف، التي اعتبرت ان رحيله كان قاسياً وإن نفسها حزينة على رحيل صحافي كبير واكب الفن خلال عقود ولم يُنصَف.

رسالة مضرجة بالدم موجهة الى نقابة المحررين التي تعذر عليه الانتساب اليها بحجة عدم نيله الشهادات العلمية المطلوبة، رغم ممارسته العمل الصحافي بإمتياز على مدى اربعة عقود من الزمن.

رسالة خزي وعار الى منظومة التشريع الاعلامية ونصوص قانون المطبوعات اللبناني المتعلقة بتعريف الصحافي وتحديد شروط الانتساب الى نقابة المحررين وتجريم انتحال صفة الصحافي لغير المنتسبين الى النقابة.

رسالة اتهام موجهة الى نقابة الصحافة التي بقيت متمسكة بإمتيازاتها البائدة في التراخيص بدلاً من السعي الى تحرير اصدار الصحف وتطوير مهنة الصحافة عبر مواكبة الانتقال الآمن من الصحافة المطبوعة الى الصحافة الالكترونية لجميع العاملين في الحقل الصحافي.

رسالة خيانة وتواطؤ موجهة الى نقابتي الصحافة والمحررين لعدم حماية الصحافيين عبر نظام عقود العمل الجماعية، وتحرير نقابة المحررين من سلطة نقابة الصحافة وتدخلاتها.

رسالة اتهام موجهة الى السلطتين التشريعية والتنفيذية اللتين جعلتا لبعض المهن امتيازات وضمانات دون الاخرى، وهذا يناقض نص الفقرة ج من مقدمة الدستور اللبناني التي نصت على الآتي: "لبنان جمهورية ديمقراطية برلمانية، تقوم على احترام الحريات العامة وفي طليعتها حرية الرأي والمعتقد، وعلى العدالة الاجتماعية والمساواة في الحقوق والواجبات بين جميع المواطنين دون تمايز أو تفضيل".

رسالة تنبيه الى القضاء اللبناني للإسراع في بت النزاعات القضائية المتعلقة بحقوق المصروفين من عملهم وترتيب التعويضات المناسبة لضمان الحقوق.

رسالة تأنيب ووخز ضمير لكل مؤسسة اعلامية لا تعتمد الشفافية والتخطيط المستقبلي في عملها ولا تؤمن للعاملين لديها ادنى متطلبات ممارسة المهنة بأمان وكرامة واستقلالية.

لن تستريح نفس نصري عكاوي في مثواها حتى تستقيم دنيا الباطل وتنتصر للحق، حق كل انسان في العيش والموت بكرامة!