شكّل مشروع " دعم الحقوق الرقمية وحرية الانترنت في لبنان" الذي عملت في اطاره "مؤسسة مهارات" بدعم من السفارة الهولندية في بيروت، فرصة لالقاء الضوء على التحديات التي تواجه تعزيز حرية الانترنت وحفظ الحقوق الرقمية للمواطنين في لبنان. لقد شكل تقرير"حرية الانترنت في لبنان" الذي كانت اطلقته مؤسسة مهارات بالتعاون مع اليونسكو في ايلول 2015 مرتكزا للنقاشات حول فرص وامكانية تحقيق الوصول الى انترنت حر ومفتوح ومتاح لجميع المواطنين بجودة وكلفة مقبولة مع ضمان الحريات الاساسية لاسيما المتعلقة بصون حرية التعبير والحفاظ على الخصوصية و اشراك جميع اصحاب المصلحة في كل ما يتعلق بحوكمة الانترنت. فما كانت ابرز محطات هذا المشروع وخلاصاته؟
هدفت "مهارات"، عبر سلسلة النشاطات التي نظمتها هذه السنة، الى رفع الوعي على اهمية التعاطي مع موضوع الانترنت كحق اساسي من حقوق الانسان، والى تقييم السياسات العامة المرتبطة بالحقوق واقتراح حلول لتحسينها. وشكلت ورش العمل هذه مساحة للاستماع ومناقشة آراء خبراء وناشطين ومهتمين من القطاعات المعنية بشؤون الانترنت من ممثلين للقطاعيين العام والخاص، المجتمع المدني والاكاديميا اضافة الى قضاة و صحافيين. وقد تناولت هذه اللقاءات اربع نواحي: تأمين النفاذ الى الانترنت، حرية التعبير والمحتوى، الخصوصية، وواقع حوكمة الانترنت في لبنان.
تأمين النفاذ الى الانترنت
سعت "مهارات" عبر طرح موضوع النفاذ الى الانترنت الى لفت النظر الى اهمية تصويب النقاش في هذا المجال، لاسيما انه في موضوع الوصول طغت مسألة الانترنت غير الشرعي على النقاش العام وفي التغطية الاعلامية هذه السنة، في حين يعاني هذا القطاع من مشاكل كثيرة لا تقتصر فقط على الشبكات غير الشرعية انما تتعداها الى نوعية الخدمة المقدمة كلفتها واثرها السلبي على التجارة والاقتصاد والاستثمار في لبنان وعلى الناتج المحلي الاجمالي بصورة عامة.
المحتوى
وقد تابعت "مهارات" عبر نشاطاتها مع نواب اعضاء في لجنة الاعلام والاتصالات مسار قانون الاعلام الذي كانت قد تقدمت به مع النائب غسان مخيبر الى مجلس النواب في اواخر العام 2010، الذي يتضمن موادا تشدد على حرية التعبير على الانترنت كما تلغي عقوبات الحبس والتوقيف الاحتياطي خاصة من شان ذلك ان يوقف الاستدعاءات التي يتعرض لها مواطنون على خلفية نشاطهم على مواقع التواصل الاجتماعي او على مدوناتهم. وقد شارك بعض النواب في لجنة الاعلام والاتصالات بفعالية في نشاطات مهارات مشددين على اهمية تثبيت مبادئ الحفاظ على حرية التعبير في النسخة الاخيرة التي ستصدر على لجنة الاعلام والاتصالات.
الخصوصية
ارادت "مهارات" من خلال طرح موضوع الخصوصية، اعادته الى النقاش العام، لاسيما ان هاجس الخصوصية الالكترونية مغيب في التشريع اللبناني، والمواطنون غير عابئين بانتهاك خصوصيتهم اكان لناحية تسليم كافة بيانات الاتصالات للاجهزة الامنية منذ العام 2012 ، او لناحية شركات المزودة لخدمة الانترنت وكيفية تعاطيها مع تخزين داتا المواطنين وحفظها وحمايتها والتعامل معها، خصوصا في ظل غياب اي رقابة بعد الغاء دور الهيئة الناظمة للاتصالات. كما طرحت هذه النقاشات مدى صلاحية مشروع قانون المعاملات الالكترونية وحماية البيانات الشخصيية كونه وضع منذ اكثر من عشر سنوات وما زالت تتناقله اللجان حتى اليوم. ويذكر انه المقترح الوحيد الذي يسعى الى وضع اطار قانوني لموضوع حماية البيانات الشخصية وضمان الخصوصية.
اشراك اصحاب المصلحة
هدف نشاط "مهارات" في هذا الاطار الى مراجعة واقع الشراكة بين مختلف اصحاب المصلحة في حوكمة الانترنت وطرح سبل تفعيل هذه الشراكة في لبنان والعالم العربي، على غرار الدول التي استطاعت ان توظف الانترنت في خدمة تطوير الاقتصاد الرقمي والاجتماعي. اذ ان الانترنت قابل للتوسع والانفتاح والمرونة والمطلوب منه دمج وظائف جديدة وتقنيات جديدة بشكل دائم واصحاب المصلحة هم المعنيون بوضع المعاييرلعمل شبكات وتقنيات الانترنت لتصبح في مصلحة المستخدم. ان الدولة ومزودو خدمات الانترنت ومراكز الابحاث والشركات الخاصة وهيئات المجتمع المدني والاكاديميا جميعهم من اصحاب المصلحة في ادارة هذا القطاع.
اشراك الاعلام في النقاش العام حول حرية الانترنت
سعت "مهارات" عبر مشروع " دعم الحقوق الرقمية وحرية الانترنت في لبنان" الى اشراك الصحافيين في مناقشات حول اهمية العمل الاعلامي في رفع الوعي حول ضرورة طرح كل ما يتعلق بطرح قضايا الانترنت على انها حق اساسي من حقوق الانسان. وهدفت الى تقريب الاعلاميين من خبراء في هذا القطاع لفهم اشمل للمقاربة التقنية التي يعتقدها البعض معقدة، انما في الحقيقة هي تحتاج الى عمل اعلامي جاد يربط بين الشق التقني والشق الحقوقي. وسعت اللقاءات الى بناء نواة من الاعلاميين المهتمين بمواكبة تطوير قطاع الانترنت بعيدا عن تسييس التغطيات الاعلامية المتعلقة به.
انتاج مواد تثقيفية
ومن ضمن هذا المشروع ايضا، عملت "مهارات" على تبسيط المفاهيم الاساسية للحقوق الرقمية عبر انتاج مواد متعددة الوسائط، بسطت عبرها بعض المفاهيم وشرحت فيها لتطور تكنولوجيا الانترنت وكل ما يتعلق بادارة اسماء النطاقات وعناوين البروتوكول الخاص بالانترنت وتاريخ تطوره، الى كيفية ادارة هذه الشبكة منذ نشأت "هيئة الانترنت للاسماء والارقام المخصصة"، ومفهوم تعدد اصحاب المصلحة وتطوره ومدى مواكبة السياسات المتبعة في لبنان اليوم للنقاش العالمي الذي يدور في المنتديات العالمية المتعلقة بحوكمة الانترنت. كما تناولت هذه المواد المتعددة الوسائط مسألة الخصوصية واشارت الى اهمية التربية الرقمية وضرورة تغليبها على الرقابة.
لقاءات الطلاب
حرصت مهارات على اشراك طلاب الجامعات في مواكبة النقاش العام المتعلق بقضايا الانترنت ونظمت بهذا الصدد مجموعة لقاءات مع طلاب من مختلف الجامعات اللبنانية لشرح ومناقشة ركائز حرية الانترنت ومعرفة مواقفهم منها وحسهم على دعم المبادئ الاساسية التي ترعى حماية حقوقهم الرقمية لاسيما انها تمس بحياتهم اليومية وتؤثر على مستقبلهم.
خارطة طريق
وخلصت ورش العمل واللقاءات في مشروع "دعم الحقوق الرقمية وحرية الانترنت في لبنان" الى مساعدة "مهارات" على بلورة توصيات تشكل خارطة طريق لتعزيز الحقوق الرقمية في لبنان وفق الركائز الاربعة لحرية الانترنت:
في مجال النفاذ الى الانترنت:
- رفع الاحتكار وتطبيق قانون الاتصالات 431 بشكل كامل لناحية تحرير قطاع الاتصالات
- اعادة تفعيل دور الهيئة الناظمة للاتصالات التي لديها دور بتطوير هذا القطاع وجودة الخدمة والتشديد على موضوع الحماية للاطفال ومستهلكي الارنترنت والتوعية على الاستخدام الامان للانترنت
- ضرورة ايلاء اهمية للتشريعات الحاضنة للتطور قطاع الانترنت
- ضرورة الانتقال الى شبكة الالياف الضؤية
- تطوير رؤية شملة لقطاع الاتصالات لناحية البنية التحتية ووضع سياسات تخدم اذ ان ان ما سوق على اساس خطط طويلى الامد لا يصلخ ليكون في حين المطلوب رؤية شاملة تحكم وضع اي خطة لتطوير قطاع الاتصالات بما يخدم تطوير اقتصاد المعرفة
- اشراك القطاع الخاص بكافة الخطط المتعلقة بتطوير هذا القطاع
في المحتوى:
- تعزيز الاطار القانوني والحقوقي الذي يضمن حرية الناشطين على الانترنت.
- الاسراع في التدابير التي تمنع التوقيفات والاستدعاءات بحق الناشطين وكل من يعبر عن رأيه على الانترنت.
- الاسراع في اقرار اقتراح قانون الاعلام الجديد الذي تقدمت به مؤسسة مهارات مع النائب غسان مخيبر الذي يكرس ضرورة ان يتمتع الناس بحقوق الحماية عينها سواء في حياتهم العادية او الافتراضية على الانترنت.
في الخصوصية:
- الاسراع في وضع اطار قانوني لموضوع الخصوصية يضمن حماية البيانات الشخصية ويضع آليات للملاحقة عند انتهاك هذه الحقوق
- اعتماد سياسة اكثر شفافية في موضوع التعاطي مع داتا المواطنين اللبنانيين ان من قبل الاجهزة الامنية او الحكومية وحتى القضائية عبر التعاميم والقرارات والتدابير والمراسيم التي تصدر عن هذه الاجهزة.
- وضع اطر محددة لكيفية تعاطي مزودي خدمة الانرنت مع داتا المواطنين بما يضمن حماية خصوصيتهم لناحية تخزينها والتعامل بها وتلفها لاحقا.
- ضرورة وضع ساسيات تربوية لنشر الوعي بين مستخدمي الانترنت ليكونوا على دراية كاملة بما قد ينتج عن نشر البيانات الشخصية وكيفية الاستخدام الامان للأنترنت.
في الحوكمة :
- ضرورة وضع خطة لادارة قطاع المعلوماتية عبر اشراك كافة الوزارات والقطاعات مثل وزارة المالية، وزارة الاصلاح الاداري، وزارة التربية المسؤولة عن تدريب الطلاب على تقنية المعلومات، ووزارة الاقتصاد، اضافة الى ضرورة اشراك المجتمع المدني، الاكاديميين، والقطاع الخاص من اجل تكثيف الاستثمارات في هذا القطاع.
- ضرورة اعتماد مقاربة تشرك كافة اصحاب المصلحة من مجتمع مدني واكاديميا والقطاعان العام والخاص كما انه من الضروري المساواة الجندرية في تعدد اصحاب المصلحة في حوكمة الانترنت.