Loading...

الأشخاص المعوقون منفيون في الحجر الصحي

 

في بداية انتشار فيروس كورونا اتصلت سيلفانا اللقيس بوزارة الصحة للاستفسار عن التدابير المتخذة والخاصة بالأشخاص المعوقين، كالأماكن التي تتجهّز لتتحوّل إلى مراكز للحجر الصحي فكان الجواب: لا إمكانية. تتابع سيلفانا وتقول "وصلتنا العديد من الشكاوى من أشخاص معوقين حول عدم قدرة أهاليهم على الحصول على الأدوية والمستلزمات الطبية، والكثير من الاستفسارات حول التقارير والتعماميم الرسمية لاسيما حول المساعدات الاجتماعية، حيث عانت فئة كبيرة من عدم قدرتها على الحصول على المعلومات". 

فيما كان العالم مشغولاً بأخبار فيروس كورونا المستجد، ومتابعة الأخبار التي تنتشر على مختلف وسائل التواصل الاجتماعي، كان الأشخاص المعوقون يعانون من عدم القدرة على الوصول إلى المعلومات المتعلقة بالفيروس. التعبئة العامة التي فرضتها الحكومة لم تلحظ هذه الفئة في خطتها، ناهيك عن الأوضاع الاجتماعية التي عانى منها الأشخاص المعوقون نتيجة توقفهم عن العمل ومزاولتهم الحجر المنزلي. تراجعت أوضاعهم الاقتصادية ولم يستطيعوا تأمين الأجهزة والخدمات الطبية التي يحتاجونها بالإضافة إلى حقهم في الوصول إلى المعلومات. 

بحسب البنك الدولي، يعاني مليار شخص أو 15% من سكان العالم من بعض أشكال الإعاقة، وتزداد الإعاقة انتشارا في البلدان النامية. ويتعرض خُمس الإجمالي العالمي، أو ما بين 110 ملايين و190 مليون شخص، لإعاقة شديدة. في لبنان، ليس هناك احصاء رسمي للمعوقين اذ لا تتناول عمليات الإحصاء وتعداد السكان بيانات رسمية خاصة بالإعاقة الا انه يمكن الاستناد الى عدد بطاقات المعوق الشخصية الصادرة عن و­زارة الشؤون الاجتماعية وكان عددها حتى نهاية هذا العام يقارب 980000، بينهم 62 في المئة‏ ذكور، و38 في المئة‏ إناث. مع ذلك تقع حقوقهم في أدنى سلّم الأولويات الاجتماعية.


مع انتشار الفيروس في لبنان، كثفت وزارة الصحة جهودها في إعلام المواطنين اللبنانيين بمجريات انتشار الفيروس، رسائل نصية وفيديوهات بطرق مبتكرة تشرح ما يحصل لدى الإصابة بالفيروس والعوارض.  الاعلام أيضًا لعب دوره المعتاد في بث المعلومات حول الفيروس وتأثيراته على الحياة العامة خصوصًا في ظل إعلان التعبئة العامة. وزارة الاعلام بدورها أنشأت موقعًا خاصا لرصد أعداد مرضى الكورونا اليومية. هذه المعلومات كانت سهلة الوصول نوعًا ما بالنسبة للأشخاص الذين لا يعانون من أي إعاقة جسدية أو ذهنية، في الوقت الذي عانى الأشخاص المعوقون من صعوبة وصولهم للأخبار. الأشخاص المكفوفون والصم لم يتلقوا الأخبار بسهولة، إذ أن الوزارات المعنية لم تلحظ في خطتها الطارئة هذه الفئة من المواطنين وحقهم في البقاء مطلعين على ما يجري خارج حجرهم الصحي. فلجأوا إلى وسائل متعددة للوصول إلى المعلومات. الهواتف الذكية من جهة، والوسائل الإعلامية التقليدية، مجموعات الواتساب، الأهل والمحيط الاجتماعي، كل هذه الوسائل ساعدت في إبقاء الشخص المعوّق على اطلاع بما يجري".


تعاميم الوزارات والمعلومات غير مكيفة للوصول لكل شرائح المجتمع، مثلا فئة المكفوفين لا يمكنهم القراءة على المواقع الالكترونية لأنها غير مصممة داخليًا لهذا الغرض وعوائق تصميم الصفحات، حتى الأشخاص الصم أو لفئة الأشخاص الذين يعانون من إعاقات ذهنية أو صعوبات تعليمية. إذ انه من الواجب تبسيط المعلومة واستخدام لغة يفهمها الجميع أي أن تستعمل لغة واضحة ومبسطة. 
"خلال جائحة سريعة التطور، تكون المعلومات أساسية للأشخاص لاتخاذ قرارات حول كيفية حماية أنفسهم والحصول على الضروريات والخدمات أثناء الحجر الصحي والعزل الذاتي. على الحكومات على جميع المستويات أن تقدم وفي الوقت المناسب معلومات دقيقة ومتاحة حول المرض وطرق الوقاية والخدمات. لضمان عدم حرمان الأشخاص ذوي الإعاقة من المعلومات المنقذة للحياة، يجب أن تتضمن استراتيجيات التواصل ترجمة بلغة الإشارة للتصريحات المتلفزة، والمواقع الإلكترونية التي يسهل الاطلاع عليها من قبل الأشخاص ذوي الإعاقات المختلفة، والخدمات الهاتفية ذات الخيارات النصية للأشخاص الصم أو ذوي صعوبات السمع. يجب أن يستخدم التواصل لغة واضحة لزيادة الفهم، هذا ما ورد في تقرير هيومن رايتس ووتش
كما تنص تنص اتفاقية الأمم المتحدة وحقوق الانسان التي وقع وصادق عليها غالبية الدول العربية والأجنبية، (باستثناء لبنان لم يُصادق عليها بعد)، على حق الأشخاص المعوقين في طلب معلومات وأفكار، وتلقيها، والإفصاح عنها، على قدم المساواة مع الآخرين، وعن طريق جميع وسائل الاتصال التي يختارونها بأنفسهم. تهدف هذه الاتفاقية إلى تعزيز وحماية وكفالة تمتع الأشخاص ذوي الإعاقة تمتعا كاملا على قدم المساواة مع الآخرين بجميع حقوق الإنسان والحريات الأساسية، وتعزيز احترام كرامتهم المتأصلة.
 المادة 21 من هذه الاتفاقية، فقرة أ تنص على تزويد الأشخاص المعوقين بمعلومات موجهة لعامة الناس باستعمال الأشكال والتكنولوجيات السهلة المنال والملائمة لمختلف أنواع الإعاقة في الوقت المناسب وبدون تحميل الأشخاص ذوي الإعاقة تكلفة إضافية واستعمال لغة الإشارة وطريقة برايل وطرق الاتصال المعززة البديلة وجميع وسائل وطرق وأشكال الاتصال الأخرى سهلة المنال التي يختارونها بأنفسهم. أما الفقرة (ج) تتحدث عن أهمية حث الكيانات الخاصة التي تقدم خدمات إلى عامة الناس، بما في ذلك عن طريق شبكة الإنترنت، على تقديم معلومات وخدمات للأشخاص ذوي الإعاقة بأشكال سهلة المنال والاستعمال؛

مدير جمعية الشبيبة للمكفوفين عامر مكارم شرح لـ "مهارات نيوز" أن " الحصول على المعلومات من المواقع الالكترونية ضئيل نسبيًا وذلك يرتبط بمدى استخدام التكنولوجيا والقدرة على استخدامها لتعزيز وصول المكفوفين إلى المواقع والمعلومات. إلا أن هناك عدم اهتمام من قبل الناشرين بنوعية المعلومات المنشورة لتتكيف مع حاجات القرّاء، لاسيما المكفوفين. مثلاً، استخدام الفيديوهات والأنيميشن والجداول يكون من دون ارفاقها بشرح، في الوقت الذي لا تتناسب صفحات المواقع مع برامج المساعدة على القراءة في الهواتف الذكية. من دون أن ننسى أن عددا كبير من المكفوفين لا يملكون القدرة على اقتناء هاتف ذكي“.
"بالمبدأ الأشياء الأساسية فقط كانت تصل إلى المكفوفين بنسب متفاوتة، في المقابل نسبة كبيرة من المعلومات لم يعلم بها المكفوفون. على سبيل المثال الفيديوهات التي تتكلم عن طريقة غسل اليدين الصحية وطريقة لبس الكمامة، لم تراع هذه الفيديوهات استخدام محتوى يتلاءم مع حالة الإعاقة عند الأشخاص". يقول مكارم.
بدورها، نادين إسماعيل من الاتحاد اللبناني للصم تحدّثت عن مبادرات إيجابية خلال هذه الفترة لنشر المعلومات وضمان وصولها إلى فئة الصم أبرزها مبادرة الأمم المتحدة، لكن هذه المبادرات كان مؤقتة وغير كافية على صعيد المعلومات. متى تكون كافية؟ عندما يتمكن شخص معوّق من الحصول على المعلومات كأي شخص آخر.
"المعلومات العامة كانت تصل من خلال نشرتين اخباريتين على قناتي ال Nbn وتلفزيون لبنان مخصصة للصم، وأيضًا من خلال الاتحاد اللبناني للصم، تقول اسماعيل. أما من ناحية التعميمات من الوزارات فهي ليست سهلة من دون وجود لغة الإشارة. غالبية المعلومات كان يتلقاها الصم من خلال ذويهم أو أقاربهم أو ما يتم تداوله على الفايسبوك. بالنسبة للأخبار الصادرة عن الدولة فهي لا تتطابق مع اللغة التي يفهمها الأشخاص الصم، الصور تفتقد إلى وصف أو شرح، أو ترجمة فورية للأخبار العاجلة من قبل مترجمين باستخدام لغة الإشارة".

حملة "بدي حقي"
بحسب اللقيس، الحل يكمن في  تطبيق سياسة حماية اجتماعية شاملة تضمن كرامة الشخص المعوق بالإضافة إلى القانون 2000/220 الذي لم يطبق بعد مرور 20 سنة من اقراره. ما تطلبه الجمعيات سياسة وطنية للحماية الاجتماعية مع الالتزام بالمعايير التي تؤمن الدمج الاجتماعي وتضمن العيش اللائق والكريم. ولهذا، بادرت الجمعيات إلى اطلاق حملة الكترونية تحت هاشتاغ #بدي_حقي وهاشتاغ #مسؤول_عن_شو لتذكير المسؤولين بضرورة إعطاء الأشخاص المعوقين حقوقهم.

الوصول إلى المعلومات هو من هذه الحقوق، وغير ذلك يُعتبر تهديدًا لحياة الأشخاص المعوقين. المسؤولية تقع على عاتق الدولة اللبنانية والوزارات المعنية لمراعاة كافة شرائح المجتمع في خططها ووسائل تواصلها، وأيضًا وسائل الاعلام التي يمكن ان تساهم في تقديم الاخبار والمعلومات بما يتلاءم مع حاجات كل شرائح المجتمع.

TAG : ,disabilities ,الوصول إلى المعلومات ,الاشخاص المعوقين ,البنك الدولي