Loading...

التغريم المالي: خطوة جديدة لإلزام المؤسسات تطبيق قانون حق الوصول إلى المعلومات

 

تقدّم الصحافي إدموند ساسين والمحامي علي عباس في 1 شباط 2022 بطلب معلومات لوزارة الطاقة والمياه متعلّق بملف سدّ المسيلحة، وعاد وطالب بالمعلومات مرة أخرى في 25 حزيران 2022.

 

ومع عدم تجاوب الوزارة، أصدر قاضي العجلة في مجلس شورى الدولة قرارا في 4 نيسان 2023 يقضي بإلزام الوزارة تسليم المستندات المطلوبة كاملة.

 

وفي استمرار لنهج السلطة في التعاطي مع القوانين، امتنعت وزارة الطاقة للمرة الثانية عن إعطاء المستندات. لذلك، أصدر القاضي كارل عيراني قرارا جديدا بتاريخ 26 تموز 2023  يلزم الوزارة دفع غرامة إكراهية للجهة المستدعية قدرها 3 ملايين ليرة عن كل يوم تأخير.

 

 

وفي سياق متّصل، تقدّم النائب سامي الجميّل في 27 حزيران 2023 بطلب من وزارة المالية لتزويده نسخة من تقرير التدقيق الجنائي في حسابات مصرف لبنان.

 

وفي 24 تموز 2023، صدر قرارا عن قاضي العجلة لدى مجلس شورى الدولة يقضي بإلزام وزارة المالية تسليمه التقرير المبدئي المتعلق بالتدقيق الجنائي لحسابات وأنشطة مصرف لبنان المعدّ من قبل شركة "ألفاريز آند مارسال"، وذلك بصورة فورية ودون إبطاء.

 

التغريم المالي: سابقة جديدة لإلزام الإدارات العامة  تطبيق القانون 

وصف المحامي علي عباس في مقابلة لـ"مهارات نيوز" القرار الصادر عن مجلس شورى الدولة بتغريم وزارة الطاقة بأنّه "سابقة"  تحصل لأول مرة، ويشكّل خطوة مهمة نحو إلزام الإدارات العامة تسليم المستندات والمعلومات تطبيقا لقانون حق الوصول إلى المعلومات.

 

وقد فتحت هذه الخطوة طريقا جديدا أمام تطبيق القانون،  ففي حال لم تطبّق الإدارة قرار مجلس شورى الدولة بضرورة تسليم المستندات والمعلومات المطلوبة، يمكن تقديم دعوى  لدى مجلس شورى الدولة ليتمّ البت فيها بشكل مستعجل (أسبوع واحد) ويتمّ تغريم الإدارة العامة بغرامة مالية بالاستناد إلى المادة 66 من قانون تنظيم المجلس.

 

ويضيف عباس أنّ "الغرامة سارية المفعول من تاريخ صدور الحكم، وفي حال لم تلتزم الوزارة بدفع الغرامات سأقوم بتصفية للغرامة الاكراهية وسنقدم الأموال لإحدى الجمعيات الإنسانية ولن نهدر هذا المبلغ، لكي نوصل رسالة مفادها أن قرارات مجلس شورى الدولة يجب أن تنفّذ أو ليقوموا بإغلاق أبواب المجلس".

 

وفي مقابلة مع وكيلة النائب سامي الجميل المحامية لارا سعادة حول قرار مجلس شورى الدولة بإلزام وزارة المالية تسليم نسخة عن التدقيق الجنائي، قالت :" منذ صدور القرار لم يصدر أي شيء عن وزارة المالية، وقانونيا لديهم مهلة 8 أيام للاستئناف أو تسليم المستندات وفي حال عدم الإتيان بأي خطوة يكون ذلك تمنّع عن تنفيذ قرار قضائي".

 

وأضافت سعادة أنّه "وفي حال الامتناع عن تنفيذ قرار مجلس شورى الدولة، واحدة من الخطوات التي سنقوم بها هي الذهاب لمجلس شورى الدولة، وفرض عليهم غرامة إكراهية لإلزام الوزارة بتنفيذ القرار بالاستناد إلى المادة 66 والمادة 93.

 

وفي حال لم تتجاوب الوزارة مرة أخرى، ستكون الخطوة الثانية الإستناد إلى الجزء الثاني من المادة 93 بتغريم أي موظف يستعمل سلطته أو  نفوذه مباشرة او غير مباشرة ليعيق او يؤخر تنفيذ القرار القضائي أمام ديوان المحاسبة".

 

وتفيد المادة 66 من قانون تنظيم مجلس شورى الدولة في الفقرة الثانية على أن يتّخذ وبناء على طلب صاحب العلاقة وخلال أسبوع، جميع التدابير الضرورية الممكنة المؤقتة والاحتياطية التي من شأنها حفظ الحقوق ومنع الاضرار وذلك من دون التعرض لأصل الحق وله أن يقرر تقديم كفالة، أما الفقرة الثالثة من المادة نفسها فهي ترعى أصول التغريم المالي.

 

أما المادة 93 فتنصّ على أنّ أحكام مجلس شورى الدولة ملزمة وعلى الشخص  المعنوي ان ينفذ الأحكام المبرمة في مهلة معقولة، وفي حال التأخّر يمكن وبناء على طلب المتضرر الزام الإدارة دفع غرامة إكراهية يقدرها المجلس.

 

وينصّ القسم الثاني من المادة حرفيا على أنّ "كل موظف يستعمل سلطته او نفوذه مباشرة او غير مباشرة ليعيق او يؤخر تنفيذ القرار القضائي المذكور في الفقرة السابقة يغرم امام ديوان المحاسبة بما لا يقل عن راتب 3 اشهر ولا يزيد عن راتب 6 اشهر".

 

شورى الدولة: تكريس لدوره إلى حين تشكيل الهيئة

أقرّ مجلس الوزراء في 24 كانون الثاني 2022 تعيين الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد. ويعتبر إنشاء الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد المظلة والإطار القانوني في سلة التشريعات لمكافحة الفساد، إذ يرتبط دورها باستكمال تطبيق عدة قوانين مثل حق الوصول الى المعلومات و حماية كاشفي الفساد والإثراء غير المشروع، وقانون الشراء العام.

 

ولكن وإلى اليوم، لم ينطلق عمل الهيئة بعد بسبب عدم توقيع مجلس شورى الدولة على نظامها الداخلي بعد والذي مضى أشهر على تقديمه، حيث بسبب ذلك عدم وجود كادر بشري من الموظفين لأداء المهام المطلوبة من الهيئة.

 

ويعتبر المحامي علي عباس، أنّ السلطة السياسية تحاول دفن قانون حقّ الوصول إلى المعلومات عبر شلّ يد القضاء، وعبر عدم تفعيل وتأمين كل الأمور اللازمة لكي تقوم الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد بعملها.

 

لذا يعتبر الذهاب إلى مجلس شورى الدولة اجتهاد جديد كونه مرجع أعلى من الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد، مما يسمح له البت بطلبات المعلومات في حال وجود ظروف تمنع الهيئة الوطنية من ممارسة دورها، إذا ما قام به المجلس اليوم هو تكريس لدوره إلى حين تفعيل الهيئة بحسب عبّاس.

 

في السياق نفسه، تشير سعادة إلى أنّه وبسبب عدم تفعيل الهيئة، قرّر مجلس شورى أنه لا يزال الجهة الصالحة للبت في الطلبات إلى حين مباشرة الهيئة في عملها، والمجلس اليوم يتصدّى لكل محاولات السلطة بدفن قانون حق الوصول إلى المعلومات".

 

إذا، أدلى مجلس شورى الدولة بكلمته الأخيرة، ملزما الإدارات العامة تسليم كل المستندات والمعلومات المطلوبة، فارضا غرامات مالية على كل من يخالف القرارات الصادرة عنه في سابقة قضائيّة جديدة نحو إلزام الإدارات العامة تطبيق القانون، لعل ذلك يعيد شيئا من ثقة الشعب اللبناني بالقضاء في سبيل تحقيق الإصلاحات ومواجهة الفساد.

 

TAG : ,مجلس شورى الدولة ,المادة 66 ,المادة 93 ,تغريم مالي ,غرامة إكراهية ,قانون حق الوصول إلى المعلومات