تشكّل أزمتا النفايات والكهرباء إحدى أسوء الأزمات التي يعاني منها المواطن اللبناني، وتتعامل السلطة الحاكمة مع ملف النفايات كمجال للصفقات والمحسوبيات وهدر المال العام بدلا من اعتبار النفايات ثروة لتأمين الطاقة الكهربائية لمجتمع بات يعيش على ”العتمة".
فما هي الطاقة البديلة عبر النفايات؟ ولما لا يستثمر لبنان بنفاياته لإنتاج الطاقة في ظل الانهيار؟
من النفايات إلى طاقة
تعتبر الدول الصناعية الكبيرة النفايات ثروة كبيرة لإنتاج الطاقة عبر إنشاء شبكات واسعة لجمع النفايات وحرقها وقد دفعت أهمية النفايات بعض الدول الأوروبية الى استيرادها من الدول النامية لضمان مصدر أساسي للطاقة البديلة.
وتنقسم طرق انتاج الطاقة من النفايات الى ثلاث، الاولى هي "الترميد" التي تعدّ الأكثر شيوعا والتي تتمّ عبر حرق المواد العضوية وترميدها من ثمّ استرجاع الطاقة من خلال الحرارة الناتجة عن استكمال حرقها لتستخدم لاحقا في انتاج الكهرباء. وبسبب التخوّف من الانبعاثات الناتجة عن عملية الحرق وتأثيرها على البيئة وصحّة الناس تقوم المعامل الحديثة بتقليل حجم النفايات الاصلية بنسبة 96% عبر درجة استرجاع كبيرة للطاقة الناتجة عن عملية الترميد.
الطريقة الثانية تقوم على انتاج الوقود السائل عبر ”تعريض المنتجات البلاستيكية للحرارة والضغط العالي“ بغياب الأوكسيجين لتتكسر منتجة سوائل شبيهة بالوقود البترولي.
أما الطريقة الثالثة فتعمل على ”تحويل النفايات من الحالة السائلة والصلبة إلى حالة غازية“ عبر رفع درجة حرارة النفايات إلى الاف الدرجات ما يؤدي إلى تحويل النفايات المعالجة الى غازات تستخدم لإنتاج الطاقة.
يقول الخبير البيئي أجود العياش لـ"مهارات نيوز" أنّ الأهم والأفضل بيئيا يبقى في اعتماد سياسة فرز النفايات ومعالجتها من ثمّ تعريبها لحرق ما ينتج طاقة منها، دون تشكيل خطر على البيئة وعلى صحّة المواطن، عكس المحارق العشوائية التي تؤدّي إلى انبعاثات غازية خطيرة.
النفايات والطاقة في لبنان
يشكّل معمل مطمر الناعمة مثالا حيّا على تحويل النفايات إلى طاقة فهو يحوي 7 معامل يتمّ تشغيلها على غاز الميتان المنبعث من نفايات المطمر لتنتج طاقة كهربائية بقوّة 7 ميغاوات للقرى المجاورة للمطمر.
ويقول عيّاش إنّ المعمل بدأ بإنتاج الطاقة في العام 2017 وتوقّف عن العمل في العام 2019 بعد أحداث 17 تشرين الأول.
وشرح بيان لأهالي الناعمة على إثر تحرك لهم في مطلع الشهر الماضي الاسباب التي أدت الى توقف المعمل عن تزويدهم بالطاقة وطرح البيان حلولا. فالمناقصة التي أقيمت في العام 2017 لإدارة وصيانة المعمل رست على شركة MEP، لكن وبسبب كثرة التدخلات السياسية تم إيقاف المناقصة وتسليم إدارة المعمل لشركة clean energy من خلال عقد بالتراضي.
وأعيدت المناقصة في العام 2019 ورغم فوز شركة MEP مجددا لإدارة المطمر إلّا أن شركة clean energy استمرّت بإدارة المعمل.
وفي خضم الأزمات التي شهدها البلد بعد 17 تشرين الأول 2019، توقفت الشركة عن إدارة المعمل وسلّمته الى مؤسسة كهرباء لبنان حيث لا يزال الملف منسيا والمعمل متوقّفا عن العمل مع ما يخلّفه ذلك من ضرر بيئيّ وبشريّ كبير. إضافة إلى حرمان أهل المنطقة من الكهرباء.
في هذا الإطار يقول مدير عام الإستثمار السابق في وزارة الطاقة غسان بيضون لـ"مهارات نيوز" إنّ مشكلة المناقصات في لبنان أنّ المعنيين دائما يمارسون التحايل لترسي المناقصة على طرف معين تريده السلطة السياسية.
ويبدو أنّ الموافقة على ادارة المعمل لا تزال عالقة في وزارة الماليّة. اذ أنّ أحد أعضاء مجلس إدارة كهرباء لبنان اعترض على الموافقة على تلزيم الشركة الفائزة ( MEP ) لعدم توفّر شروط لديها تتعلّق بالخبرة في مجال ادارة الشركات.
يقول بيضون إنّ المعمل اليوم متوقّف عن انتاج الطاقة ما يؤدّي إلى ضرر كبير على البيئة والمواطنين بسبب تراكم الغازات الخطيرة لذلك لا يجب تأجيل حلّ هذا الملف لأي سبب كان. ويلفت الى ان "أزمة هذه السلطة أنها لا تعمل على خطط بديلة في مجال الطاقة وغيره بل تنتظر وقوع الأزمات لتتحرّك وهنا تكمن المشكلة“.
TAG : ,معمل مطمر الناعمة ,غاز الميتان ,مناقصة ,مطمر الناعمة ,المحارق ,النفايات الصلبة