غير صحيح
في ظل الأزمة المستمرة للغياب شبه الدائم للتغذية الكهربائية في لبنان، التي أدت إلى اعتماد العديد من المناطق على المولدات الخاصة لتعويض النقص، خاضت شركة كهرباء زحلة تجربة خاصة أمّنت بموجبها تغذية كهربائية على مدار الساعة ضمن نطاق جغرافي محدد. وتواصل اليوم العمل على إيجاد مصادر جديدة للطاقة من خلال توليد الكهرباء جزئيًا عبر الطاقة الشمسية. غير أن انتهاء الامتياز الذي حصلت عليه شركة كهرباء زحلة في عام 2018 أثار العديد من التساؤلات حول الإطار القانوني الذي تعمل ضمنه اليوم.
فهل استمرارية عملها تتماشى مع القوانين والأنظمة المرعية الإجراء؟
حصلت "كهرباء زحلة" على امتياز خاص لإدارة الكهرباء في المنطقة من خلال إنتاج الطاقة عبر نهر البردوني، إلا أن هذا الإنتاج توقف لاحقًا لأسباب عدة، أبرزها عدم تطوير المنشآت الكهرومائية. ومع مرور الوقت، توسع عمل الشركة ليشمل توزيع الكهرباء، حيث بدأت بتزويد المنطقة بالكهرباء على مدار الساعة من خلال مصدرين: مولدات خاصة تملكها الشركة، والكهرباء المنتجة من مؤسسة "كهرباء لبنان"، وفقاً لفاتورة واحدة. وكانت الشركة تشتري الكهرباء من مؤسسة "كهرباء لبنان" بأسعار مدعومة وتبيعها للمشتركين بسعر أعلى، مما مكّنها من تحقيق أرباح كبيرة. كما استخدمت منشآت الامتياز لتوزيع الطاقة المنتجة من مولداتها، وهو ما يشكّل مخالفة لشروط الامتياز.
بهدف معرفة الوضع الحالي لعمل شركة زحلة وكيفية استمرار تشغيلها من دون مناقصة أو امتياز حاول فريق "مهارات نيوز" التواصل مع الشركة لتوضيح طبيعة عملها اليوم، ولإعطاء الشركة حق التوضيح، ولكن لم نتمكن من التواصل مع مدير المؤسسة المهندس أسعد نكد لأنه كان خارج البلاد وعند التواصل مع الإدارة للتحدث مع أحد آخر يمكنه التصريح والإجابة عن تساؤلاتنا تمت إحالتنا إلى مهندسين ضمن الإدارة من دون الوصول إلى أي نتيجة.
انتهاء الامتياز وتجديد الصلاحيات
بحسب العقد المبرم، كان يفترض أن ينتهي امتياز شركة "كهرباء زحلة" عام 2018، وأن تنتقل جميع منشآتها وأصولها إلى مؤسسة "كهرباء لبنان"، بموجب مرسوم إنشاء "كهرباء لبنان" الذي ينص على عودة كل المنشآت إلى ملكية وتصرف المؤسسة بعد انتهاء أي امتياز. إلا أن هذا الإجراء لم يُنفّذ، وتابعت الشركة عملها من دون امتياز أو مناقصة رسمية.
وفي عام 2018، صدر القانون رقم 107 الذي منح "كهرباء زحلة" صلاحية الاستمرار في الإنتاج والتوزيع لمدة سنتين، أي حتى نهاية عام 2020، تحت إطار "عقد تقديم خدمات". وتم تمديد هذا القانون لمدة سنة إضافية عبر القانون رقم 198 في عام 2020. لاحقًا، استفادت الشركة من قانون تمديد المهل، مما أتاح لها مواصلة عملها من دون تنظيم مناقصة رسمية.
الجدل القانوني حول استمرارية عمل الشركة
في هذا الإطار، أكّدت المحامية والخبيرة القانونية في شؤون الطاقة والكهرباء، كرستينا أبي حيدر في حديثٍ لـ"مهارات نيوز"، "أن انتهاء عقد الامتياز في عام 2018 كان يستوجب نقل ملكية جميع المنشآت إلى مؤسسة "كهرباء لبنان". إلا أن القانون رقم 107 قونن وضع الشركة بشكل مؤقت. كما أن القانون رقم 198 نصّ صراحةً على ضرورة إعداد دفتر شروط من قبل مؤسسة "كهرباء لبنان" وإطلاق مناقصة جديدة، وهو ما لم يحدث حتى اليوم".
في 18 كانون الثاني 2024، صدر عن وزارة الطاقة المرسوم رقم 12916، الذي عدّل في 20 آذار 2024 بالمرسوم رقم 13107، ونص على تحويل جميع موجودات شركة "كهرباء زحلة" إلى وزارة الطاقة والمياه - المديرية العامة للاستثمار بدلاً من مؤسسة "كهرباء لبنان". وأثار لاحقًا هذا المرسوم جدلاً واسعًا، خصوصًا بعد صدور قرار عن مجلس الوزراء يرمي إلى تصحيح خطأ مادي في المرسوم، لإغفاله الإشارة إلى استمرار الشركة في إدارة المرفق العام.
ولكن بحسب أبي حيدر، إن هذا التعديل لا يمكن اعتباره مجرد "تصحيح خطأ مادي"، بل يمثل منح صلاحيات جديدة تستوجب إصدار قانون خاص. وأضافت "أن حكومة تصريف الأعمال ليست مخولة قانونيًا لاتخاذ قرارات بهذا الحجم، وأن هذا القرار قد يكون قابلاً للإبطال أمام مجلس شورى الدولة".
التمييز المناطقي والكلفة الاقتصادية
وترى أبي حيدر أن تجربة "كهرباء زحلة" تكرّس التمييز المناطقي، وهو ما يتعارض مع مبدأ المساواة المنصوص عليه في الدستور اللبناني. وتؤكد أن هذه التجربة تمثل في جوهرها تشريعًا غير مباشر لقطاع المولدات، حيث أن الكلفة التي يتحملها المواطنون في زحلة ليست أقل مما يدفعه المواطنون في المناطق الأخرى كما يظن البعض.
وتشير أيضًا إلى أن استمرار هذا الوضع يعكس التخبط في إدارة قطاع الكهرباء نتيجة السياسات غير المسؤولة التي تتبعها الوزارات المتعاقبة، وعدم تطبيق القانون رقم 462 الصادر عام 2002، الذي ينظم قطاع الكهرباء ويتيح إشراك القطاع الخاص بطريقة قانونية ومنظمة.
إذًا، تبين أن استمرار عمل شركة "كهرباء زحلة" بعد انتهاء عقد الامتياز عام 2018 كان استثنائيًا ومحصورًا بغطاء قانوني مؤقت عبر القانونين رقم 107 و198. إلا أن عدم إجراء مناقصة جديدة وفقًا لنص القانون، واعتماد مراسيم حكومية لتجديد الصلاحيات من دون المرور بمجلس النواب، يمثل تجاوزًا قانونيًا واضحًا. كما أن قرارات حكومة تصريف الأعمال في هذا الشأن تطرح علامات استفهام حول مشروعيتها.
وبناءً على المعطيات القانونية والوقائع، إن الادعاء بأن استمرار عمل شركة "كهرباء زحلة" يتماشى مع القوانين والأنظمة المرعية الإجراء هو أمرٌ غير صحيح.