Loading...
true

صحيح

مصرف لبنان (1)
هل يحق قانونًا لمصرف لبنان تملّك عقارات وأصول غير مالية؟
05/08/2024

لا يزال الحديث عن أزمة ردّ أموال المودعين يأخذ حيزاً من النقاش العام واللافت ما نشره الخبير الإقتصادي منير يونس على حسابه على منصة إكس، عن أن مصرف لبنان يملك 1037 عقاراً، بينها عقارات "ممتازة" سعرها مرتفع جداً، متسائلاً "لماذا لا يطرحها في مزادات علنية لبيعها واستخدام الحصيلة في زيادة ردّ الأموال للمودعين؟ ليس بين وظائف مصرف لبنان تملك العقارات، عليه المبادرة لتحمل مسؤولية الأزمة التي هو جزء أساسي منها وأحد أكبر مسببيها!"

 

فهل يحق قانوناً لمصرف لبنان تملّك عقارات وأصول غير مالية؟

 

يصل عدد أملاك الدولة العقارية غير المبنية المسجّلة بإسم مصرف لبنان إلى 1037 عقاراً بحسب بيانات وزارة المالية. يملك مصرف لبنان كامل الأسهم في بعض هذه العقارات، وجزءاً من الأسهم في بعضها الآخر، فتصل المساحة الإجمالية التي يملكها على صعيد لبنان إلى حدود 43 مليون م2 – دون احتساب حصة المصرف من شركة إنترا للإستثمار التي تملك من جهتها عدداً ملحوظاً من العقارات.

من ناحية العدد، تتوزّع هذه العقارات بشكل متفاوت على الأقضية، إنما يظهر بشكل واضح تركّزها في قضاء عكار – حيث بلدة صيدنايا وحدها تضمّ 250 عقاراً للمصرف، وفي قضاء زغرتا – حيث تضمّ بلدة حيلان وحدها 189 عقاراً، وفي قضاءي البترون والشوف. 

أمّا من ناحية المساحة، يحتوي قضاء بعلبك على النسبة الأكبر من أراضي مصرف لبنان، فتصل مساحة العقارات الإجمالية التي يملك فيها مصرف لبنان أسهماً إلى أكثر من 42 مليون م2، يليه قضاء صور (أكثر من 4 ملايين). ومن اللافت سيطرة ملكية مصرف لبنان على بعض البلدات، وبخاصة الحدودية منها، إذ تشكّل مساحة أملاك المصرف العقارية 51% من مساحة بلدة الطفيل في قضاء بعلبك مثلاً، وتصل مساحة عقار واحد يملكه المصرف في بلدة رأس بعلبك في قضاء الهرمل إلى حوالي المليون م2.

 

وفي هذا الإطار يقول الأستاذ المُحاضر في قانون الضرائب والمالية العامة، الدكتور كريم ضاهر في حديثٍ لـ"مهارات نيوز"، "بالمبدأ يجب على مصرف لبنان أن لا يتملّك عقارات إلا بما يخدم نشاطه، والمقصود بذلك أنه يمكنه مثلاً تملّك مراكز فروع له، كالمركز الرئيسي في بيروت ومراكزه في جونيه وبكفيا وفي الشمال، أو شراء موقف سيارات لموظفيه أو شراء مكاتب لفروع مختلفة. ولكن لا يمكنه بيع وشراء عقارات لأن ذلك لا يدخل ضمن نشاطه الأساسي والمعتاد، والمواد من 110 إلى 120 من قانون النقد والتسليف تشير بصورة واضحة لذلك". 

وتشير النصوص المختصة بقانون النقد والتسليف، وهو القانون الناظم لعمل مصرف لبنان والذي من المفترض العودة إليه للخروج من المعهود، في المادة 110 منه (المعدلة بالمرسوم الاشتراعي رقم 41 تاريخ 5/8/1967) بأنه يمكن للمصرف:

أ- أن يشتري ويشيد ويجهز بأمواله الخاصة، العقارات اللازمة لسير عمله وأن يبيع هذه العقارات أو يستبدلها.

ب - أن يشتري بالتراضي أو بطريقة البيع الإجباري، أموالاً منقولة إستيفاءً لدين من ديونه على أن يبيع هذه الأموال في أقصر وقت مستطاع إلا إذا إستعملها لسير عمله.

ج - أن يدير الأموال المكونة لصالح موظفيه كالمؤونات المعدة لتعويضات الصرف من الخدمة وأموال الإحتياط وغيرها.

د - أن يفتح حسابات إيداع لموظفيه وأن يمنحه قروضاً من أمواله الخاصة.

ه - وبوجه عام، أن يُجري جميع العمليات التي قد تنتج بصورة ثانوية عن تنفيذ أو تصفية العمليات التي يجيزها هذا القانون.

و- أن يسهم في شركات لبنانية ذات منفعة عامة أو شركات وطنية مختلطة وذلك ضمن حدود أمواله الخاصة.

 

وبحسب المادة 111 (المعدلة بالمرسوم الاشتراعي رقم 41 تاريخ 5/8/1967) يحظر على المصرف المركزي:

أ - أن يقوم بعمليات تجارة خارجة عن نطاق مهامه كما حددها هذا القانون.

ب - أن يساهم بأي شكل من الأشكال، في أي مشروع كان، باستثناء الشركات المنصوص عنها في الفقرة (و) من المادة 110.

ج - أن يشتري أموالاً غير منقولة سوى التي نصت عليها المادة السابقة أو أن يحتفظ بها.

د - أن يقوم بالعمليات المجازة بشروط أو بضمانات أو مع أشخاص غير الشروط أو الضمانات أو الاشخاص المبينة في هذا القانون.

 

في السياق يرى ضاهر أنه "لا بدّ من التمييز بين أمرين، علاقة المصرف المركزي مع المصارف التجارية ومع المؤسسات التي إستدان منها والتي يُفترض أن يسدّد ما يتوجب عليه تجاهها، وبين المودعين الذين ليس لديهم علاقة مباشرة مع مصرف لبنان لأن علاقتهم تكون مع المصارف".

وعن إمكانية إستخدام العقارات التي يملكها مصرف لبنان لردّ الأموال للمودعين يشرح ضاهر، "أن بيع العقارات وتسييلها قد يساهم في تكوين جزء من المبالغ التي يمكن لمصرف لبنان إستخدامها ورفد المصارف بها، ولكن ذلك لا يمكن أن يتحقق بالإدارة الحالية للمصارف قبل إعادة هيكلتها، ومن دون محاسبة المصرفيين وتحميلهم جزءا من المسؤولية كونهم غامروا بإستثماراتهم. وبالتالي، عندها يمكن لمصرف لبنان بما تبقى من مبالغ متوجبة غير مدفوعة للمودعين بما يُتاح له وبما يضمن إستمرارية عمله وعمل الدولة، المساهمة بما يسمح له من خلال المصارف التي تم إعادة هيكلتها ورسملتها". 

 

ومع الإحتفاظ بحق الإستفادة من جميع الأحكام الحاضرة أو المقبلة الأكثر ملاءمة للدائنين المسترهنين، يخوّل المصرف وفق المادة 120 من قانون النقد والتسليف حق تنفيذ الرهن المعطى له تأميناً لدينه، وفقاً للأصول التالية:

1 - إذا لم يسدد دين مستحق الأداء، يمكن للمصرف بالرغم من كل إعتراض وبعد إنقضاء خمسة عشر يوماً على إخطار مسجل لدى الكاتب العدل ومبلغ للمدين أن يعمد إلى بيع الرهن لإستيفاء المبالغ المتوجبة له رأسمالاً وفوائد وعمولات ونفقات ولا يحول ذلك دون الملاحقات الأخرى التي يمكن إجراؤها ضد المدين أو كفلائه أو المسؤولين معه.

2 - يقرر البيع رئيس محكمة الدرجة الأولى لمجرد طلب من المصرف دون أن يكون من داع لإستحضار المدين.

3 - يسترجع المصرف دينه من حاصل المبيع مباشرة ودون إجراء أية معاملة أخرى.

وعلى المصرف، لكي يستفيد من الأصول المجازة والمبينة في هذه المادة، أن يكون مستحصلاً على موافقة المستقرض الخطية على جميع أحكام هذه المادة وذلك قبل أو عند إبرام عقد الاقتراض.

 

إذًا، ما ورد صحيح فبحسب المواد 110 إلى 120 من قانون النقد والتسليف، وبحسب الدكتور كريم ضاهر يجب على مصرف لبنان أن لا يتملّك عقارات إلا بما يخدم نشاطه ولا يمكنه ممارسة نوع من التجارة فيها.