Loading...
halftrue

صحيح جزئياً

Telecommunication
هل يحق قانونًا تحويل أصول وزارة الاتصالات إلى شركة "ليبان تيليكوم" الخاصة؟
10/07/2025

أثار موضوع تحويل أملاك القطاع العام للقطاع الخاص في الأيام الماضية، موجة من التعليقات، خصوصاً فيما يتعلق بتطبيق القانون 431/2002، وبالجردة المقرّر إجراؤها لقطاع الاتصالات، حيث ستباشر وزارة الإتصالات بعد حصولها على الموافقة من مجلس الوزراء بعملية تقدير الأصول لشركتي الخلوي و أوجيرو، المملوكة من الدولة، لنقلها إلى "شركة اتصالات لبنان" أو "ليبان تيليكوم"، كمرحلة أولى. 

 

وكان وزير الإتصالات شارل الحاج قد صرّح عبر حسابه على إكس أن ما تقوم به وزارة الإتصالات في هذا الإطار يستند إلى القانون قائلاً:

- إنفاذًا للقانون 431 الذي ينص على إنشاء الهيئة الناظمة للاتّصالات وشركة ليبان تيليكوم يقتضي تقييم موجودات قطاع الاتّصالات.

- ما تطلبه وزارة الاتّصالات هو موافقة مجلس الوزراء على "إعداد دفتر شروط ومشروع عقد تخمين الأصول الثابتة وغير الثابتة لوزارة الاتّصالات (الوزارة وأوجيرو و شركتا الخلوي)، وإطلاق المناقصة العامة من أجل تلزيم هذا العقد، وفقًا للأصول المحددة في قانون الشراء العام".

- إن ما تقوم به وزارة الاتّصالات يستوجبه القانون، وسيتم بموافقة مجلس الوزراء وستُرفع نتائجه أيضًا إلى مجلس الوزراء للقيام بما يلزم.

 

ولكن هل يحق قانوناً تحويل أصول وزارة الاتصالات إلى شركة "ليبان تيليكوم" الخاصة؟

 

وافق مجلس الوزراء في جلسته المنعقدة في  20 حزيران 2025، بناءً على اقتراح وزير الاتصالات شارل الحاج على "إعداد دفتر شروط ومشروع عقد تخمين الأصول الثابتة وغير الثابتة لوزارة الاتصالات (الوزارة وأوجيرو وشركتا الخلوي)، وإطلاق مناقصة عامة من أجل تلزيم هذا العقد"، بالإضافة إلى "تحميل شركتي الهاتف الخلوي مناصفة المصاريف الناشئة عن هذا العقد والبالغة قيمتها تقديرياً بين 1.5 مليون دولار و2 مليون دولار".

 

ويأتي هذا القرار، كما قال الحاج في الملف الذي عرضه على مجلس الوزراء، في إطار تطبيق أحكام القانون 431 الصادر في عام 2002، ولا سيما لجهة ملء المراكز الشاغرة في الهيئة الناظمة للاتصالات بعدما انتهت ولاية آخر هيئة معينة في عام 2012. كما إن المادة 44 من هذا القانون، تنصّ في بندها الثالث على أن "تقدّر قيمة الأصول والموجودات والالتزامات والأعمال الجارية التي يقرر نقل ملكيتها أو الانتفاع منها من الوزارة إلى الشركة، من قبل شركة مالية أو شركة محاسبة دولية يعينها مجلس الوزراء بعد استدراج عروض…".

 

ماذا يقول القانون؟

تطرّق قانون الاتصالات اللبناني رقم 431/2002 صراحة إلى إنشاء شركة إتصالات لبنان Liban Telecom بمرسوم حكومي، تكون الدولة المساهم الوحيد مبدئيًا فيها، ويمكنها لاحقًا تخصيص 40% لشريك استراتيجي بعد سنتين من التأسيس. ورغم مرور أكثر من عقدين على صدور القانون، إلا أن شركة "ليبان تيليكوم"، التي يشير إليها القانون بوضوح في القسم الثامن، المواد 44 و 45، لا تزال كياناً لم يُنشأ بعد. 

 

فوفق المادة 44 (البند الأول)، تُؤسس بمرسوم يُتخذ في مجلس الوزراء بناء على اقتراح الوزير، شركة مغفلة تخضع لأحكام قانون التجارة باستثناء المادة 78 منه وفي كل ما لم ينص عليه هذا القانون، تُسمى "شركة اتصالات لبنان "Liban Telecom" موضوعها توفير خدمات الاتصالات وفقا لأحكام هذا القانون.

وبحسب المواد 45 و46، تُمنح "ليبان تيليكوم" امتيازاً حصرياً لمدة 20 سنة لتقديم خدمات الاتصالات الثابتة وخدمات البيانات والاتصالات الدولية، مع إمكانية دخول السوق الخليوية لاحقاً، وفتح الباب أمام شريك استراتيجي خاص بنسبة 40% من أسهم الشركة بعد عامين من التأسيس.

 

وتُلزم المادة 44 (البند 3) الحكومة، أولاً تقدير قيمة الأصول والموجودات والالتزامات والأعمال الجارية التي يُقرر نقل ملكيتها أو الانتفاع منها من الوزارة إلى الشركة، ومن ثم تقييمها من قبل شركة مالية أو شركة محاسبة دولية يعينها مجلس الوزراء بعد إستدراج عروض وفقاً للأصول.

 

وعلى الرغم من وضوح النصوص القانونية، ظلّ تطبيق القانون معلّقاً بفعل غياب المراسيم التطبيقية وتجميد تعيين مجلس إدارة الشركة والهيئة الناظمة للاتصالات، المنصوص عليها في القسم الرابع (المواد 19 و20 و25)، والتي يفترض أن تواكب عمل "ليبان تيليكوم" عبر منح التراخيص وضمان تنظيم السوق.

 

ماذا يقول الخبراء؟

في السياق، يشرح الخبير القانوني الدكتور طوني مخايل في حديثٍ لـ "مهارات نيوز"، أن تقييم الأصول لشركتي الخلوي وأوجيرو يدخل في إطار تطبيق نص المادة 44 من قانون الإتصالات التي تتناول تأسيس شركة إتصالات لبنان Liban Telecom، وبالتالي فإن أي تقييم للأصول دون خطة ورؤية واضحة لتنفيذ نص المادة، تُعتبر عملية غير واضحة وغير شفافة وأهدافها غير واضحة، ما لم توضع في إطار تأسيس الشركة أولاً وفق المادة 44، حيث يتم التوجه اليوم لتقييم الأصول والشركة لم تتأسس بعد وليس هناك تصوّر لتأسيسها. كما وأن المادة تنص في البند الثالث على أن يتم تقدير قيمة الأصول والموجودات والالتزامات والأعمال الجارية التي يُقرر نقل ملكيتها وليس كل الأصول.

 

ويلفت مخايل إلى أنه بغض النظر عن تأسيس الشركة وتقييم الأصول، يتمتع مجلس الوزراء بصلاحية اتخاذ القرار دون العودة للنص القانوني كونه يحق للدولة اللبنانية تقييم أصولها المالية سواء في قطاع الإتصالات أو العقارات أو الأملاك البحرية. 

 

كما ويرى أن وزير الإتصالات لجأ إلى تقييم الأصول لأنه موضوع غير خلافي على عكس تأسيس الشركة وتأليف مجلس إدارة لها الذي يُعتبر أمراً شائكاً ويتطلّب وقت. كما أن تأسيس الشركة يضع الحكومة اللبنانية أمام خيارات يجب أخذ قرار بشأنها بسرعة لا سيما فيما يتعلق بخصخصة هذا القطاع كون قانون الإتصالات ينص على أنه خلال مهلة أقصاها سنتان من تاريخ إنشاء الشركة، للحكومة أن تبيع نسبة لا تتجاوز الأربعين بالمئة (40%) من أسهم الشركة إلى مستثمر في القطاع الخاص وهذا أيضاً موضوع جدلي.

 

ويشير مخايل الى محاذير تقييم الأصول من دون خطة، لأنها قد تكون ذات قيمة منخفضة أو لا قيمة لها وبالتالي ستكون غير مشجعة للإستثمار التجاري. 

 

في الإطار نفسه، يرى خبير الاتصالات ومدير عام شركة "تاتش" السابق وسيم منصور في حديثٍ لـ"مهارات نيوز"، أنه عندما تُستكمل شروط تطبيق قانون اتصالات حديث من خلال إنشاء "ليبان تيليكوم" وتفعيل الهيئة الناظمة المستقلة، يُفترض أن يقتصر دور الدولة على التخطيط ووضع الاستراتيجيات العامة، فيما تتولى الهيئات والمؤسسات تنفيذية المهام التشغيلية والتنظيمية لضمان بيئة تنافسية ومستقرة.

 

وبالتالي، فإن القانون يؤكد على الشراكة بين القطاع العام والخاص، وبالتالي فإن نقل الأصول إلى شركات تمتلكها الدولة (ليبان تيليكوم) ليس ممنوعاً قانوناً، لاسيما وأن هذه الشركات مملوكة مئة بالمئة من قبل الدولة اللبنانية. 

وبناءً على ذلك، فإن ما يقوم به وزير الإتصالات مخالف لما يطرحه القانون، إذ أن ما يحصل اليوم أنه يتم تقييم الأصول قبل تحديدها في مجلس الوزراء، ولكن ما يجب القيام به وفق القانون هو تحديد الأصول التي سيتم نقلها أولاً ومن ثم تقييمها. ومن حيث المبدأ، على الدولة وفق القانون أن تتحول من مشغّل لقطاع الاتصالات إلى وضع السياسات والرقابة على القطاع.

 

علامات استفهام واضحة!

إن كل ما سبق، يطرح علامات استفهام أهمها، لماذا الإستعجال بتقييم القطاع قبل معالجة الفوضى وتحديث البنى التحتية وقمع المخالفات الحاصلة في قطاع الاتصالات؟ والتقييم للأصول في هذه الحالة سيكون ضعيفاً مقارنة مع حجم القطاع. 

ولماذا تقييم أصول شركات الخليوي التي لم تُذكر في قانون الاتصالات ولا يخضع نقل ملكيتها إلى "ليبان تيليكوم"، وفي حال كانت هناك رغبة في معرفة أصول هذه الشركات بعد استلام إدارتها من قبل الدولة كان يجب القيام بجردة يقوم بها المحاسبين وليس تقييم الأصول عبر شركة مالية متخصصة.

 

إذاً، إن الإشكالية المطروحة صحيحة جزئياً، إذ يحق قانوناً تحويل أصول وزارة الاتصالات وهي أملاك عامة إلى شركة "ليبان تيليكوم" الخاصة، لكن يجب أن تتم العملية عبر تحديد الأصول التي سيتم نقلها أولاً من قبل مجلس الوزراء ومن ثم تتم عملية تقييمها من قبل شركة مالية متخصصة وليس العكس. على أن لا تشمل العملية تقييم ونقل أصول شركتي الخليوي "تاتش" و "ألفا"  لأنهما غير مذكورتين في قانون الاتصالات رقم 431/2002.