Loading...
false

غير صحيح

Whatsapp Image 2025 02 19 At 12.56.11 168Bd796
هل يحق لمجلس الوزراء إعطاء ترخيص إستثمار في منطقة قريبة من محمية من دون دراسة أثر بيئي؟
19/02/2025

يعود ملف التعدي على الأملاك البحرية في لبنان إلى الواجهة مجدداً، وهذه المرّة من خلال تمرير حكومة تصريف الأعمال قبل رحيلها، ثلاثة مشاريع لردم 100 متر مربع من الأملاك البحرية، بدءًا من منطقة "ذوق بحنين" في عكّار مروراً بـ "راسمسقا" في الكورة وصولًا إلى "القليلة" في صور.

 

ورداً على ذلك برزت موجة اعتراضات من ناشطين على وسائل التواصل الإجتماعي وجمعيات بيئية، محذرين من الآثار البيئية السلبية الخطيرة التي قد تترتب على هذه الخطوة. حيث تساءل أحد الناشطين على منصة إكس حول الرخصة التي تمّ منحها لشركة "والي للديكور والاستثمارات العقارية" لإشغال مساحة 14560 متر مربع من الأملاك العامة البحرية في منطقة القليلة قضاء صور - التي تقع على تخوم "حمى المنصوري البحريّة" حيث الشاطئ الأهمّ في لبنان للسلاحف البحريّة المهدّدة بالانقراض - وعن دور الوزارة في حمايتها وما إذا تمّ إجراء دراسة أثر بيئي على هذه المحمية.

 

ليرد عليه وزير البيئة السابق ناصر ياسين عبر منصة إكس في المقابل، "أي مشروع يتعلق باستصلاح أراضي أو إشغال أملاك بحرية أو نهرية أو في العقارات المحاذية للمناطق المحمية يتطلب حكماً قبل الشروع به إجراء دراسة تقييم الأثر البيئي، وعليه تتم الموافقة أو لا تتم".

 

فهل يحق لمجلس الوزراء إعطاء ترخيص إستثمار في منطقة قريبة من محمية من دون دراسة أثر بيئي؟

 

أصدرت الحكومة اللبنانية في آخر الجلسات التي عقدها مجلس الوزراء بتاريخ 4 كانون الأول 2024، قبيل انتخاب رئيس الجمهوريّة، ثلاثة مراسيم لردم 100 متر مربع من الأملاك البحرية، وذلك بناءً على اقتراح من وزارة الاشغال العامّة والنقل، وعلى كتابين من وزارة الزراعة والمديريّة العامّة للتنظيم المدنيّ وموافقة وزارة البيئة.

 

أحدها الحامل للرقم 14379 والقاضي بإشغال عقار مساحته 53205 أمتار مربعة من الأملاك البحرية في منطقة عكار، والآخر المرسوم 14620 الخاص بإستثمار مساحة 14560 متراً مربعاً من الأملاك العامة البحرية في منطقة صور. أما المرسوم الأخير فصدر لتوسعة مشروع قائم أساساً على الشاطئ في راسمسقا (الكورة)، وهو تالياً يخضع لقانون معالجة التعديات الحاصلة خلال حرب 1975-1990 والسنوات التي أعقبتها حتى آخر 1993.

 

ماذا نعرف عن مشروع القليلة - صور؟

عند تخوم "حمى المنصوري البحريّة" حيث الشاطئ الأهمّ لجهة وجود السلاحف البحريّة في لبنان، ومنها الخضراء المهدّدة بالإنقراض عالميًّا، صدر المرسوم رقم 14620 ومضمونه الترخيص بإشغال أملاك عامّة بحريّة متاخمة للعقار 923 (المتاخم للحمى مباشرة) في منطقة القليلة العقاريّة، قضاء صور، جاء فيه: "يُرخّص لشركة والي للديكور والإستثمارات العقاريّة (ش. م. م.) مستأجرة العقار رقم 923 بإشغال واستثمار مساحة إجماليّة قدرها 14560 مترًا مربّعًا من الأملاك العامّة البحريّة المتاخمة للعقار المذكور".

 

 

 

يؤكّد رئيس بلدية القليلة - صور، الدكتور محمد الشمالي في حديثٍ لـ "مهارات نيوز"، أنه لم يكن على علم مسبق بأيّ قرار أو مشروع وأنه تفاجأ بصدور هذا المرسوم لإستثمار مساحة 14560 متر مربع مقابل العقار 923 وهو عقار خاص فيه مزرعة للسمك والقريدس. 

 

ويقول "راجعت فوراً محامي البلدية بالموضوع وسألته كيف يمكن لمجلس الوزراء أن يتخذ هذا القرار بناءً على اقتراح وزير الأشغال من دون إعطاء خبر للبلدية، ليتبين أنه قانونياً يحق لمجلس الوزراء التصرف بالأملاك العامة والأملاك البحرية دون الرجوع إلى البلديات، ولكن في المقابل يحق للبلدية الطعن بهذا القرار في حالة المصلحة العامة وفي حال عدم وجود دراسات أثر بيئي". 

 

ويضيف "أنا اليوم أتابع الموضوع ومهتمّ بمعرفة كل التفاصيل، ولهذا الغرض تواصلت مع محامي المجموعة التي تدير المزرعة (محمود سعيد) وأكّد لي أن هذا الإستثمار مشروط بإجراء دراسة أثر بيئي خلال الشهرين القادمين، وإذا تبين بنتيجة الدراسة أن المشروع يهدد السلاحف والنباتات البحرية أو السلامة العامة فلن تقام الإمدادات من العقار إلى البحر، فالمشروع لن يكون عبارة عن منشآت كما أشيع وإنما سيكون عبارة عن إمدادات لإيصال المياه من البحر إلى برك السمك والقريدس ومن ثم التخلص من المياه بطريقة علمية وكل هذه الأمور ستظهر من خلال دراسة الأثر البيئي".

 

وحول الثقة بالجهة التي ستجري دراسة الأثر البيئي، لا ينفي الشمالي مخاوفه من إختبار التجارب السيئة السابقة مجدداً ولكنه يعمل على إعادة بناء الثقة مع هذه الأطراف. ويقول "ندرس الأمور بإيجابية بإنتظار نتيجة دراسة الأثر البيئي التي على أساسها إما تتحقق المصلحة العامة للقرية من خلال تنفيذ مشروع حيوي سيوفر فرص عمل لشباب المنطقة، وإما تكون النتيجة سلبية وعندها نقف جميعاً ضدّ هذا المشروع وأوراق الطعن بهذا القرار جاهزة ويتولاها محامي البلدية لدينا الموكل بالقضية".

 

ينص قانون حماية البيئة 444/2002، في الباب الرابع منه على أن اعتماد دراسة الأثر البيئي تسمح بتقييم النتائج المباشرة أو غير المباشرة والإيجابية والسلبية لكل مشروع على البيئة عامة، ولا سيما على حياة السكان المعنيين، مع التمييز بين المشاريع ذات الأهمية الخاضعة لدراسة تقييم أثر بيئي، والمشاريع البسيطة الخاضعة فقط إلى تحليل أثر بيئي على أن يحدد مجلس الوزراء بمرسوم تطبيقي لائحة لكل من المشاريع الكبرى من جهة والمشاريع البسيطة من جهة ثانية.

 

وبحسب المادة 21 من القانون، فعلى الجهات المعنية في القطاعين العام والخاص إجراء دراسات الفحص البيئي المبدئي أو تقييم الأثر البيئي للمشاريع التي قد تهدد البيئة، بسبب حجمها أو طبيعتها أو أثرها أو نشاطاتها. تراجع وزارة البيئة هذه الدراسات وتوافق عليها بعد التأكد من ملاءمتها لشروط سلامة البيئة واستدامة الموارد الطبيعية.

 

وبحسب المادة 23 من القانون، تحدد دقائق تطبيق هذا الباب وتوضع لائحة بالمشاريع الخاضعة لدراسة الفحص البيئي المبدئي ولائحة بالمشاريع الخاضعة لدراسة تقييم الأثر البيئي وتحدد رسوم وكلفة المراجعة المشار إليها في المادة الواحدة والعشرين بمرسوم يتخذ في مجلس الوزراء بناء على اقتراح وزيري البيئة والمالية.

 

المخالفات القانونية الواردة في هذا المرسوم

 

في الجهة المقابلة، وبحسب الناشط البيئي رئيس جمعية الأرض-لبنان بول أبي راشد، فإن مجلس الوزراء خالف القانون من خلال التخلّف عن تنفيذ نقطتين، أولاً بوجود محمية أو عدم وجودها فإن دراسة الأثر البيئي وفق القانون من المفترض إجراؤها قبل إصدار المرسوم من قبل مجلس الوزراء ومن المفترض على الشخص الذي سيتم إعطاءه الحق بإستخدام الأملاك العامة البحرية أن يوكل لشركة مهمة القيام بدراسة الأثر البيئي تُحال بعدها إلى وزارة البيئة وإذا وافقت على المشروع عندها يمكن لمجلس الوزراء إقرار المرسوم. والشرط الآخر أن يمرّ المرسوم على المجلس الأعلى للتنظيم المُدُني. 

وإن رئيس الحكومة السابق ووزراء البيئة والأشغال السابقين لم يلتزموا بهذان الشرطان وبالتالي هذا يشكّل مخالفة صريحة لمبدأ أن الشاطئ اللبناني وتوازنه البيئي لم يعد يحتمل مخالفات وتعديات بمشاريع ردم بحر.

 

ويضيف في حديثٍ لـ "مهارات نيوز"، "أي مشروع يحتاج إلى دراسة أثر بيئي كيف وإن كان الموقع حساس بيئياً ومهم جداً للتنوع البيولوجي البحري، وبالتالي فأعمال الردم هذه يمكن أن تؤثر حكماً على تكاثر السلاحف البحرية. ولذلك نستغرب من وزير يدعي حماية البيئة أن يوقّع على هذا المرسوم غير أنه مخالف للقانون ولا يطبق مرسوم أصول تقييم الأثر البيئي".

ويرى أبي راشد "أنهم يتهربون من إجراء دراسة الأثر البيئي لأنها تفضح مخالفاتهم، فعوضاً عن إجراء الدراسة يضعون خطة إدارة بيئية أو تدقيق بيئي لتمرير المشروع."

 

ويقول مصدر في النيابة العامة البيئية لـ "مهارات نيوز"، أنه "من حيث الظاهر وبناءات المرسوم لا يتبين أنه يوجد مخالفة للأصول المعتمدة بالترخيص بإشغال الأملاك العامة البحرية، أما بخصوص تقييم الأثر البيئي فعادة لا تذكر في بناءات المرسوم وفي المبدأ فإن وزارة الأشغال ترفض منح الترخيص قبل ضمّ تقييم أثر بيئي للملف".

 

ويضيف المصدر، "لا يمكن تنفيذ مشروع في لبنان من دون إجراء دراسة EIA للأثر البيئي، ولبنان لديه قانون حماية البيئة وهو قانون مقتبس من المبادئ الدولية وقد وقع لبنان على اتفاقيات بهذا الشأن، فكيف إذا كان الأمر يتعلق بإشغال أملاك بحرية بالقرب من محمية للسلاحف فمن المفترض إجراء دراسة أثر بيئي قبل البدء بإعطاء التراخيص والتصاريح".

 

وفق مرسوم أصول تقييم الأثر البيئي رقم 8633/2012 في الفصل الثاني منه مراحل تقييم الأثر البيئي للمشروع

المادة 8 عن إعداد تقرير تقييم الأثر البيئي تنص على:
(1) أن يكون صاحب المشروع مسؤولاً عن تطبيق التقرير المتعلق بتحديد نطاق «تقييم الأثر البيئي» الذي يتضمن إعداد تقرير «تقييم الأثر البيئي» وعرضه على وزارة البيئة وفقا للمعلومات المبينة في الملحق رقم 8 .
(2) كما أن صاحب المشروع هو المسؤول عن التعامل، ضمن أحكام هذا المرسوم، مع أي أثر بيئي لم يذكر في التقرير المتعلق بتحديد نطاق «تقييم الأثر البيئي» ولكن تبين وجوده خلال مراحل دراسة المشروع.

المادة 9 عن مراجعة تقرير تقييم الأثر البيئي تنص على:
(1) أن تقوم وزارة البيئة بمراجعة تقرير «تقييم الأثر البيئي» وتطابقه مع التقرير المتعلق بتحديد نطاق «تقييم الأثر البيئي» الموافق عليه خلال فترة شهرين من تاريخ تسجيل تقرير «تقييم الأثر البيئي» في قلمها. وإذا لم يكن التقرير متطابقا مع التقرير المتعلق بتحديد نطاق «تقييم الأثر البيئي» الموافق عليه، أو إذا لم يقم صاحب المشروع بالدراسات الإضافية المشار إليها في الفقرة (2) من المادة الثامنة، يطلب من صاحب المشروع تصحيح المعلومات أو استكمال النواقص وإعادة تقديم التقرير. على الوزارة مراجعة المعلومات الإضافية أو المصححة خلال فترة أقصاها شهرين من تاريخ تسجيل المعلومات في قلمها.
(2) في حال لم يتم الرد من قبل وزارة البيئة ضمن المهلة المحددة أعلاه، يحق لصاحب المشروع والإدارة الرسمية المختصة اعتبار تقرير «تقييم الأثر البيئي» موافقا عليه واستكمال ملف المشروع.
(3) تحدد آلية سير المراجعة المشار إليها في الفقرة (1) من هذه المادة بقرار يصدر عن وزير البيئة.

والمادة 10 عن موقف وزارة البيئة من تقرير تقييم الأثر البيئي تنص على:
(1) بعد مراجعة النسخة النهائية من تقرير «تقييم الأثر البيئي» تبدي وزارة البيئة موقفها حول هذا التقرير، الذي يكون إما بالموافقة، أو الموافقة المشروطة، أو معللاً بالرفض.
(2) يتم تبليغ الموقف لصاحب المشروع بالإضافة الى الإدارة الرسمية المختصة إذا كان المشروع مشروعاً خاصاً، ويمكن للعامة والمعنيين كافة الاطلاع على الموقف لدى وزارة البيئة على أن لا يشمل هذا الحق في الاطلاع على أية معلومات تمس في حق الملكية الفكرية أو الصناعية أو أية تفاصيل متعلقة بمالية المشروع. كما يبلغ هذا الموقف الى البلدية المختصة لنشره على لوحة الإعلانات خلال فترة خمسة عشر يوماً.
(3) تقوم الإدارة الرسمية المختصة بإصدار ترخيص لمشروع خاص في ضوء إبداء وزارة البيئة موقفها حيال تقرير «تقييم الأثر البيئي» لهذا المشروع، باستثناء الحالات المشار إليها في الفقرة (2) من المادة التاسعة من هذا المرسوم.
(4) تمتنع أي إدارة رسمية عن مباشرة إنشاء أو تشغيل مشروعها المقترح قبل أن تبدي وزارة البيئة موقفها حيال تقرير «تقييم الأثر البيئي» لهذا المشروع، باستثناء الحالات المشار إليها في الفقرة (2) من المادة التاسعة من هذا المرسوم.

 

إذاً الإشكالية المطروحة غير صحيحة، إذ لا يحق لمجلس الوزراء إعطاء ترخيص إستثمار في منطقة قريبة من محمية من دون دراسة أثر بيئي، فمن المفترض إجراؤها قبل إصدار المرسوم من قبل مجلس الوزراء، تُحال بعدها إلى وزارة البيئة وإذا وافقت على المشروع عندها يمكن لمجلس الوزراء إقرار المرسوم، شرط أن يمرّ المرسوم أيضاً على المجلس الأعلى للتنظيم المُدُني.