Loading...
halftrue

صحيح جزئياً

Serail Lebanon
هل يمكن قانونًا للحكومة إلزام مصرف لبنان شراء سندات خزينة لتغطية العجز في الموازنة؟
13/09/2024

في مواكبة لمشروع موازنة العام 2025، ورد في مقال لصحيفة النهار أن "اللافت في الموازنة أنها تحتوي على عجز بنحو 200 مليون دولار، إذ إن النفقات الملحوظة هي نحو 4.8 مليارات دولار، أما الإيرادات فناهزت 4.6 مليارات دولار".

وبحسب المقال، "قد يكون بند الإجازة للحكومة الإستدانة من السوق المحلية لتغطية العجز المتوقع في الموازنة، هو "النكتة" السمجة التي تبيعها الحكومة للناس، فهل من يصدّق أن مواطناً لبنانياً، أو مصرفاً، سيقدم على الإستثمار في سندات الخزينة اللبنانية، مهما تم إغراؤه بالفائدة المرتفعة؟

اللهم إلا إذا كانت الدولة ترغب في العودة إلى عادتها القديمة، وإلزام مصرف لبنان شراء سنداتها، ما يعني العودة إلى المربع الأول الذي هيأ المسرح لفقاعة الإنهيار".

 

ولكن هل يمكن قانوناً للحكومة إلزام مصرف لبنان شراء سندات خزينة لتغطية العجز في الموازنة؟

أعلن وزير المال يوسف الخليل، في 30 آب 2024، إحالة مشروع قانون موازنة 2025 إلى مجلس الوزراء، مسجّلاً أنه للمرّة الثانية تلتزم الوزارة بالموعد الدستوري للإعداد والإحالة. ويتضمن المشروع نفقات بقيمة 4.77 مليارات دولار مقابل إيرادات بقيمة 4.58 مليارات دولار وعجزٍ بقيمة 196 مليون دولار أو ما يوازي 4.11%. معالم المشروع قائمة على تعديلات في طرق احتساب الضرائب والرسوم من دون استحداث ضرائب ورسوم جديدة، فضلاً عن تمويل العجز بالإقتراض من خلال إصدارات سندات الخزينة.

وتُعتبر السندات الحكومية نوع من الإستثمار القائم على الديون، حيث تقوم بإقراض المال إلى الحكومة مقابل معدل فائدة متفق عليه. تستخدمها الحكومات لجمع الأموال التي يمكن إنفاقها على البنية التحتية أو المشاريع الجديدة، ويمكن للمستثمرين إستخدامها للحصول على عوائد محددة يتم دفعها على فترات منتظمة.

 

وبالعودة إلى قانون النقد والتسليف الذي يُنظّم في عدة مواد منه العلاقة بين المصرف المركزي والقطاع العام المتمثل بالحكومة لجهة الإستدانة والتسليف، تنص المادة 88 على أنه "يُجاز للمصرف أن يمنح الخزينة، بطلب من وزير المالية، تسهيلات صندوق لا يمكن أن تتعدى قيمتها عشرة بالمئة من متوسط واردات موازنة الدولة العادية في السنوات الثلاث الاخيرة المقطوعة حساباتها ولا يمكن أن تتجاوز مدة هذه التسهيلات الأربعة أشهر". 

 

وبحسب المادة 89 "تعطى الحكومة إجازة دائمة تخولها اللجوء إلى الإستلاف المنصوص عليه بالمادة السابقة كلما تبين لوزارة المالية وللمصرف المركزي أن موجودات الخزينة الجاهزة لدى هذا المصرف غير كافية لمواجهة إلتزامات الدولة الفورية. إلا أن هذه الاجازة لا يمكن استعمالها أكثر من مرة واحدة خلال إثني عشر شهراً". 

وبإستثناء تسهيلات الصندوق المنصوص عليها بالمادتين 88 و89 فالمبدأ وفق المادة 90 "أن لا يمنح المصرف المركزي قروضاً للقطاع العام".

 

إلا أنه وبحسب المادة 91 "ففي ظروف إستثنائية الخطورة أو في حالات الضرورة القصوى كما الحروب مثلاً، إذا ما ارتأت الحكومة الإستقراض من المصرف المركزي، تحيط حاكم المصرف علماً بذلك. يدرس المصرف مع الحكومة إمكانية إستبدال مساعدته بوسائل أخرى، كإصدار قرض داخلي أو عقد قرض خارجي أو إجراء توفيرات في بعض بنود النفقات الأخرى أو إيجاد موارد ضرائب جديدة الخ… وفقط في الحالة التي يثبت فيها أنه لا يوجد أي حلّ آخر، وإذا ما أصرت الحكومة على طلبها يمكن للمصرف المركزي أن يمنح القرض المطلوب.

حينئذ يقترح المصرف على الحكومة، إن لزم الامر التدابير التي من شأنها الحدّ مما قد يكون لقرضه من عواقب إقتصادية سيئة وخاصة الحدّ من تأثيره، في الوضع الذي أعطي فيه على قوة النقد الشرائية الداخلية والخارجية. 

 

في حين تلفت المادة 94 إلى أنه لا يمكن أن تمنح القروض المشار إليها بالمادة 91 لمدة أطول من عشر سنوات. 

 

وفي السياق، يشرح المستشار المصرفي بهيج الخطيب، في حديثٍ لـ"مهارات نيوز"، "أن مسألة إقراض مصرف لبنان للدولة أو منحه قروض للقطاع العام، مسألة عالجتها المواد ذات النصوص المطاطة 88، 89، 90 و91 من قانون النقد والتسليف، التي أعطته الحرية بإقراض الدولة في حال طلب وزير المالية ذلك ووفق شروط محددة، وأعطت الحكومة إجازة بالإستدانة من المصرف المركزي، أي بالمبدأ  لم يُحسم الأمر بمنعه من إقراض الدولة".  

وإستعرض الخطيب، ما حصل منذ حوالي السنتين عندما أصدر مجلس النواب قانون يفرض على مصرف لبنان إقراض الدولة سلفة سندات خزينة بمبلغ 300 مليون دولار لتمويل عجز الكهرباء.

 

ونذكر أيضاً السجال الذي حصل مؤخراً بين وزارة الطاقة ومصرف لبنان بشأن أموال الكهرباء، إذ أوضح حاكم مصرف لبنان بالإنابة وسيم منصوري حينها، "أن الإستدانة من الجانب العراقي لإستيراد النفط الخام منه لا سند قانوني له"، موضحاً أنه "لا يمكن لأي وزير الاستدانة دون قانون في مجلس النواب، وهذا الأمر اليوم غير متوفر، وبالتالي لا سند قانوني لإستيراد النفط".

 

ما يؤكد بالتالي أن الفرضية صحيحة جزئياً، إذ إن مصرف لبنان لديه الحرية بإقراض الحكومة ولكن وفق شروط معينة تنص عليها المواد 88 إلى 94 من قانون النقد والتسليف، ولكن بالمقابل يحق لمجلس النواب إصدار قانون يُلزم مصرف لبنان إقراض الحكومة المبلغ الذي تطلبه لسدّ العجز في الموازنة.