Loading...
halftrue

صحيح جزئياً

اصحاب المولدات
هل يمكن إلزام أصحاب المولدات بالبيع وفق إقتراح قانون نقل ملكيتها إلى البلديات؟
06/09/2024

في إطار العمل على إعادة تنظيم قطاع الطاقة، قدّم رئيس الإتحاد العام لنقابات عمال لبنان مارون الخولي، إقتراح قانون نقل ملكية المولدات الكهربائية الخاصة إلى البلديات المحلية، لافتاً إلى أن هذا الإقتراح "يعتمد على أسس قانونية متينة وذلك وفقًا لقانون البلديات، وقانون حماية البيئة أو للمرسوم الخاص بإنتاج ونقل وتوزيع الطاقة الكهربائية، كما أن التوجه نحو اللامركزية، تطبيقًا للدستور، يستدعي إعطاء البلديات صلاحيات إضافية، لا سيما في قطاع الطاقة".

 

وفي حديثٍ لـ"مهارات نيوز"، لفت الخولي إلى أن هذا الإقتراح ينص على تشكيل لجنة لتخمين ثمن المولدات الكهربائية الخاصة، تضم ممثلين من وزارة الطاقة والمياه، وزارة المالية، نقابة المهندسين، وخبير مالي مستقل، وتقوم اللجنة بتقدير القيمة العادلة للمولدات الكهربائية الخاصة بناءً على وضعها الحالي وحالتها الفنية. وتلتزم البلديات المحلية بدفع ثمن المولدات الكهربائية الخاصة بحسب القيمة المحددة من قبل اللجنة، على أن يتم التسديد بالتقسيط على فترة ثلاث سنوات، وإذا لم يوافق صاحب المولد على بيعه فهوعملياً لن يتمكن من تشغيله.

 

ولكن هل يمكن إلزام أصحاب المولدات بالبيع وفق إقتراح قانون نقل ملكيتها إلى البلديات؟

 

قانون البلديات

ينص قانون البلديات على تولي المجلس البلدي في نطاق إختصاصه، وفقاً للمادة 62، مراقبة تنفيذ القوانين والأنظمة المرعية الإجراء والمتعلقة بالصحة العامة وشؤون التنظيم والبناء وتقسيم الأراضي والطرق والمحال التجارية والصناعية وغير ذلك من القوانين الخاصة بالمرافق العامة للبلدة. ولكل جهة من الجهات الحكومية ذات الشأن في تنفيذ هذه القوانين والأنظمة، أن تراقب حسن تنفيذها بواسطة المجلس البلدي.

ويتمتع المجلس البلدي بحسب المادة 60 من القانون، دون أن يكون ذلك على سبيل الحصر، بصلاحيات واسعة من خلال معالجة الأمور التالية: تخطيط البلدة وإنشاء الشوارع والساحات والمنتزهات العامة وحفظها، الشؤون الصحية العامة والنظافة العامة وانشاء المجارير ومصارف النفايات وإدارتها، ومشاريع المياه والإنارة.

كما ويجوز للمجلس البلدي ضمن منطقته وفقاً للمادة 61، أن يُنشئ أو يُدير بالذات أو بالواسطة أو يُسهم أو يُساعد في تنفيذ الأعمال والمشاريع. 

 

وفي هذا الإطار يقول الخبير القانوني والأستاذ المساعد في القانون العام بجامعة بيروت العربية، الدكتور علي مراد، في حديثٍ لـ"مهارات نيوز"، "نحن نتحدث هنا عن نقل الملكية، لا شيء يمنع أن تنتقل الملكية من خلال الشراء، أي أن تقوم البلدية بشراء هذه المولدات فتنتقل الملكية لها ولكن الشراء يعني أن يوافق الطرف الآخر، متسائلاً هل الغاية من إقرار قانون هو لإلزام أصحاب المولدات بالبيع ولكن ماذا إذا لم يكن صاحب المولد يريد البيع أو لم يتفقوا على سعر معيّن".

 

ويضيف: "في قانون البلديات وفي قانون الطاقة الجديد لا شيء يمنع البلدية من أن تتولى إدارة المولدات وحتى توليد الطاقة بنسب معينة كما جاء في قانون الطاقة، وقد قامت البلديات بشراء بعض المولدات وبأماكن أخرى تولت إدارتها بعد الإفلاس وفي بعض الحالات القضاء كلّف البلدية أن تكون حارس قضائي على المولدات، وبالتالي لا حاجة في هذه الحالة لإقرار قانون نقل الملكيات طالما يمكن للبلديات التفاوض". 

 

ويشرح المتخصص في شؤون الحوكمة ومدير المكتب الإقليمي للمرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان، محمد المغبط في حديثٍ لـ"مهارات نيوز"، "أن قانون البلديات لا يعطي صلاحية الإستملاك للبلديات، كما ويأتي مع الإستملاك تعويض عادل بقرار إداري، ويحق للمتضرّر رفع دعوى بمجلس شورى الدولة ليس لإلغاء الإستملاك وإنما للحصول على تعويض عادل".

 

ويلفت المغبط إلى أنه بالنسبة للمقاربة العامة، في نظامنا الإقتصادي الحرّ بحسب الدستور اللبناني الذي يكفل الملكية الخاصة، "يجب أن يتم التعامل مع موضوع الإستملاك بكثير من الدقة، فمن الصعب أن يحصل قانون يعطي صلاحية الإستملاك على موافقة، وإذا لم يتم الأخذ بعين الإعتبار بالمبادئ الدستورية في هذا الإطار، قد يردّ المجلس الدستوري القانون إذا تمّ الطعن فيه لعدم دستوريته".

 

قانون حماية البيئة

أما بالنسبة لقانون حماية البيئة 444 /2002، فيعطي دور رقابي للبلديات والسلطات المحلية في حماية البيئة من التلوث الناتج عن استخدام المولدات بشكل عشوائي، حيث يحدد في المادة الأولى منه الإطار القانوني العام لتنفيذ سياسة حماية البيئة الوطنية بهدف الوقاية من كل أشكال التدهور والتلوث والأذية وكبحها وتعزيز الإستعمال المستدام للموارد الطبيعية وتأمين إطار حياة سليمة ومستقرة بيئياً.

وفي هذا السياق يعتبر المغبط أن "قانون حماية البيئة، لا يُعطي دوراً مباشراً للبلديات، ويقتصر على دور رقابي من خلال التنسيق مع وزارة البيئة والمجلس الوطني للبيئة. فعلى البلديات مراقبة مدى الإلتزام بالمعايير التي تحددها وزارة البيئة مثل طول العوادم ومكان وضع مولدات الكهرباء".

والحلّ في موضوع المولدات الكهربائية بحسب المغبط، "ليس بإقرار قانون جديد للإستملاك، وإنما بتطبيق القوانين الموجودة مثل قانون حماية البيئة، وقانون الإجراءات الضريبية، فمن من أصحاب المولدات مثلاً مسجل كشركة ويقوم بدفع الضرائب". 

 

قانون إنتاج الطاقة المتجددة

بحسب المادة 4 من قانون إنتاج الطاقة المتجددة في مجال إتفاقيات شراء الطاقة، "يمكن بيع وشراء الطاقة الكهربائية الـمتجدّدة في جميع أنحاء الأراضي اللبنانية تبعاً لسقف التعرفة الـمحدّدة من الهيئة. كما يمكن عقد إتفاقيات شراء الطاقة بين المستهلك ومنتج الطاقة الـمتجدّدة مباشرةً من دون المرور بالشبكة العامة، شرط أن يكون عقار المستهلك واقع في نفس عقار منتج الطاقة الـمتجدّدة أو في عقارٍ ملاصقٍ له مباشرةً".
 

في السياق يرى المغبط، أن البلديات إذا تريد إيجاد حلّ لموضوع الكهرباء، "أصبح لديها قانون إنتاج الطاقة المتجددة الذي يمكنها من خلاله أخذ مكان المولدات الكهربائية غير الشرعية، من خلال إنتاج الطاقة النظيفة والأقل تكلفة على المستهلك ما سوف يؤدي بشكل أوتوماتيكي على المدى المتوسط إلى فقدان الحاجة للمولدات. وإذا ما سلمنا جدلاً بشراء البلديات للمولدات من أصحابها فنحن بذلك نقوم بقوننة ما هو غير قانوني. إذ أن قانون إنتاج الطاقة الجديد يعطي البلديات القدرة على المنافسة وما عليها إلا أن تلعب دورها في هذا الإطار حتى تحافظ على المصلحة العامة".

 

 ويضيف: "أن قانون إنتاج الطاقة المتجددة اليوم يدعم الشراكة بين القطاعين العام والخاص لإنتاج وتوزيع الكهرباء، ويمكن إستخدامه تطبيقاً لللامركزية في المناطق، وبالتالي تعزيز دور البلديات في المنافسة في مجال إنتاج وتوزيع الطاقة الكهربائية عبر الطاقة المتجددة".

 

إذًا الحلّ الذي يقدمه إقتراح قانون نقل ملكية المولدات إلى البلديات صحيح جزئياً، فبحسب قانون البلديات وقانون الطاقة المتجددة، لا شيء يمنع أن تنتقل ملكية المولدات من أصحابها إلى البلديات ولكن من خلال شرائها، أي فقط بموافقة الطرف الآخر.