Loading...
halftrue

صحيح جزئياً

Bank (1)
هلّ إعلان إفلاس المصارف يؤدي الى خسارة الودائع؟
05/06/2024

شكّل موضوع مصير الودائع مادّة دسمة للنقاش والتحليل طيلة الأسابيع الماضية خاصة مع وصول بعثة صندوق النقد الدولي إلى لبنان في أيار 2024 ولقائها المسؤولين اللبنانيين في زيارة وصفت بـ "الروتينية" واستمرت لعدّة أيام.

وفي سياق متصل أثار الخبير الإقتصادي جاسم عجاقة في مقابلته ضمن برنامج "صار الوقت" في 30 أيار 2024 قضية مصير أموال المودعين قائلا "الخوف الكبير هو من إعادة هيكلة القطاع المصرفي باجبار المصارف على الإفلاس، وإذا تم ذلك فالقانون يسمح بتطيير الودائع". ويتم إعطاء المودع مبلغ 75 مليون ليرة فقط كتعويض حوالي 840 دولار (وفق لسعر الصرف 89500).

 

فهل إعلان إفلاس المصارف يؤدي الى خسارة الودائع لديها؟

يعالج موضوع الإفلاس عمومًا قانون التجارة ، وتنص المادة 489 على أنه يُعتبر في حالة الإفلاس كل تاجر ينقطع عن دفع ديونه التجارية، وكل تاجر لا يدعم الثقة المالية به إلا بوسائل يظهر بجلاء انها غير مشروعة. 

هذا في قضية الإفلاس التجاري بشكل عام، أما في ما يخص المصارف يشرح المحامي كريم ضاهر أن بعد أزمة "بنك انترا" عام 1966 خرج موضوع المصارف من إطار الإفلاس العادي، على اعتبار أنه لا يمكن معالجة موضوع المصارف كما تعالج موضوع الشركات العادية خاصة في حال كان حجم المصارف التي تمرّ بأزمة كبير، ويمكن لتصفيتها أو إفلاسها أن يؤدي إلى ارتدادات كبيرة على الاقتصاد الوطني وعلى الوضع المالي والنقدي في البلد، لذلك يتم معالجة هذا الأمر بشكل مختلف عن المعالجة التقليدية التي ينص عليها قانون التجارة.

 

انطلاقا من هذا الأمر صدر في العام 1967 قانونين، قانون 67/28 لتحديد التدابير والإجراءات اللازمة لدى توقف المصارف عن العمل ووضع اليد عليها (تم تطويره في العام 1991 بموجب القانون 110والقانون 67/2  المتضمن إخضاع المصارف التي تتوقف عن الدفع لأحكام خاصة.

يمكن القول أن القانونين المذكورين أعلاه يشكلان الإطار المعمول به للنظر بالمصارف المتعثرة ومحاولة المعالجة وضمان أكبر قدر من ودائع المواطنين.

 

القانون (28 لسنة 67 - 110 لسنة 91) 

يوضح ضاهر في مقابلة لموقع "مهارات نيوز" الفرق بين مسار القانونين في التعامل مع المصارف، فالقانون (28/67- 110/91) ينطلق من فكرة أن المصرف ليس لديه امكانية لمتابعة أعماله ويجب معالجة أمره، فيضع بالتالي مصرف لبنان يده على المصرف، (عند صدور القانون 28/67 كان هذا  الموضوع يحتاج قرار من مجلس الوزراء ثم في القانون 110 نُقلت هذه الموافقة لتكون صادرة عن المحكمة المصرفية الخاصة).

"المحكمة المصرفية الخاصة" هي محكمة أنشئت بموجب المادة 2 من القانون 110 حيث نصت على أنه  تنشأ في بيروت محكمة خاصة تسمى "المحكمة المصرفية الخاصة" وللمحكمة المنشأة بأن تقـرر، بنـاء علـى الاحالـة المعللـة مـن حـاكم مصـرف لبنـان وضـع اليـد علـى أي مصرف اذا تبين انه لم يعد في وضع يمكنه من متابعة أعماله. 

ويضيف ضاهر، في القانون 110 يتم تحديد عدة إجراءات يجب اتخاذها، فتاتي الإحالة من حاكم مصرف لبنان الذي يعتبر أن الأسباب متوفرة لوضع اليد على المصرف، وبعد الاحالة اذا تبين للمحكمة المصرفية أن الوضع لا يسمح باستمرار الأعمال توافق على وضع اليد. عندها يتملك مصرف لبنان أصول المصرف وهو يدفع ثمنها "للمؤسسة الوطنية لضمان الودائع" التي بدورها تقوم بعملية إيفاء ما هو متوجب على المصرف للمودعين.

والمؤسسة الوطنية الوطنية لضمان الودائع هي شركة غايتها أن تضمن لدى المصارف العاملة في لبنان حسابات الودائع بالعملة اللبنانية وفقا لقانون ضمان الودائع.

ويقول ضاهر: "بحسب القانون وبعد إيفاء ما يمكن ايفاءه هناك امكانية أن لا تكفي الأموال لسداد جميع المودعين، وهنا يأتي موضوع الـ "75 مليون ليرة" وهو ضمان يُدفع لكل مودع وفق المادة 14 من القانون 28، (كانت 5 ملايين وتم رفعها الى 75 في العام 2020).

لم يعد هذا المبلغ حاليًا كافيا لتأمين تعويض للمودع حيث انخفضت قيمته من ما يقارب الـ 50 الف دولار إلى أقل من 840 دولار في غضون 3 سنوات.

 

القانون 2 /67

القانون 67/2 هو قانون يتعلق بالتوقف عن السداد، وتستطيع عدة جهات طلب تطبيق التدابير في القانون ومنها: حاكم مصرف لبنان في حال توفرت الشروط المذكورة (بحسب المادة 2)، المصرف نفسه يمكن أن يطلب تطبيق أحكام هذا القانون عليه (بحسب المادة 3)، بالإضافة الى الدائنين (بحسب المادة 4).

وبحسب ضاهر فوفقا للقانون تقترن آلية التوقف عن السداد بموضوع تنحي وعزل رئيس واعضاء مجلس ادارة المصرف ومفوضين المراقبة وكل المدراء التاسيسيين، وليس فقط تنحيتهم وتبديلهم بل ايضًا إلقاء الحجز الاحتياطي على أموالهم لمرحلة شهرين، ويسقط الحجز بعد شهرين إلا إذا ارتأت المحكمة تمديده. 

وعند الحجز يتم التحقيق بأعمالهم للنظر في وجود مخالفات أو تجاوزات ، لتحميلهم المسؤولية عن الانهيار، وعند عزلهم يتم تعيين مدير مؤقت لمرحلة وجيزة وثم لجنة إدارة خاصة جديدة يتمثل بها المساهمين والدائنين تتولى صلاحيات مجلس الإدارة والجمعية العمومية. 

الهدف من هذه اللجنة وفق ضاهر هو الإنقاذ، وهي تقوم بكل العمليات التي من شأنها اعادة هيكلة المصرف، ولدى اللجنة مهلة 6 أشهر لإيجاد حل، واذا لم تجده تُستبدل بلجنة ثانية تُشكل من قبل مصرف لبنان، ويعين مجلس الوزراء لجنة نظامية خاصة مكونة من تقنيين واشخاص تابعين لمصرف لبنان ولديها مهلة شهرين لتقوم بالواجبات ولتجد الحلول، واذا لم يحصل ذلك يتم التوجه لتصفية المصرف، ودفع الودائع مما يمكن تحصيله من أصول المصرف، وإذا ما كان المبلغ غير كافي عندها يتم التوجه الى الذمة المالية الخاصة لرؤساء وأعضاء مجلس ادارة المصرف والتحصيل منهم. مع العلم انه يمكن وبعد كل هذه الالية ان لا يحصل المودع على كامل وديعته في حال عدم كفاية المبالغ المحصلّة.  
 

إذًا، ما تم طرحه عن إمكانية خسارة الودائع حال إعلان إفلاس المصارف صحيح جزئيًا، فبالرغم من وجود قوانين للنظر بقضايا المصارف المتوقفة عن السداد أو التي لم تعد قادرة على العمل ومحاولة حماية الودائع، إلا أنه وفي الوضع اللبناني الحالي حيث الازمة هي ازمة نظام مصرفي كامل وليست قضية مصرف واحد منفصل، قد لا تكون موجودات وأصول المصارف حال إفلاسها وتصفيتها، وتعويض الودائع (75 مليون ليرة) الذي فقد قيمته منذ اقراه في العام 2020، كافيًا حاليًا لرد الودائع بقيمتها الفعلية. إلا إذا  تغيّر هذا الواقع وتم أخذ خطوات إصلاحية وقانونية وماليّة جديّة.