Loading...
halftrue

صحيح جزئياً

النزوح
هل وصلت مساعدات مجلس الجنوب إلى النازحين اللبنانيين من القرى الحدودية في الجنوب؟
09/08/2024

 في ظلّ الحرب الدائرة في الجنوب اللبناني بين حزب الله واسرائيل، نزح الآلاف من أهالي القرى الحدودية في الجنوب إلى مناطق آمنة في الداخل اللبناني، الأمر الذي استدعى حالة من الاستنفار لدى البلديات واتحاد البلديات في الجنوب تزامنا مع خطة الطوارئ التي وضعتها الحكومة اللبنانية لمواجهة تداعيات الحرب. 

وقد تم تحديد مصادر التمويل لخطة الطوارئ عبر مصدرين اساسيين الاول من الخزينة حيث تعمل وزارة المالية على فتح اعتمادات للأمور الملحة، والمصدر الثاني عبر المنظمات الدولية. 

وكانت قد أقرّت الحكومة في جلسة 29 تشرين الثاني 2023 من خارج جدول الأعمال، دفع ألف مليار ليرة لبنانية، أي ما يعادل 10 ملايين دولار من موازنة عام 2024 لمجلس الجنوب، كتعويضات مالية للمتضررين مالياً وجسدياً في المناطق الجنوبية، جراء المواجهات بين "حزب الله" وإسرائيل على خلفية حرب غزة. 

وقد تم تداول بعض المعلومات عن الشحّ الكبير في المساعدات التي وصلت إلى أهالي الجنوب حتى باتت شبه معدومة تقريبا.

 

فهل وصلت مساعدات مجلس الجنوب إلى النازحين اللبنانيين من القرى الحدودية في الجنوب؟

 

واقع الحال: مساعدات شحيحة

سجّلت إدارة وحدة الكوارث في رئاسة مجلس الوزراء حتى تاريخ 29 شباط 2024، بحسب ما نشرته جريدة "الأخبار"، نزوح 83000 شخص من الجنوب. و يبلغ عدد النازحين إلى قضاء صور نحو 23739، وإلى محافظة النبطية نحو 23654، وسجّل قضاء صيدا استقبال 6583 نازحاً، فيما اتّجه نحو البقاع 1400 نازح. وترتفع النسبة في قضاء بعبدا حيث وصل العدد إلى 9000 نازح، يليه قضاء عاليه (2547)، فالشوف (1017)، والمتن (81) وكسروان (27).

وبهدف معرفة واقع الحال بالنسبة للمساعدات التي يتم تقديمها للنازحين، أجرى فريق التحقق من المعلومات في مهارات نيوز جولة عشوائية على عدد من البلديات التي استقبلت النازحين في جنوب لبنان.

يقول عضو المجلس البلدي في النبطية ومسؤول ملف النازحين خضر قديح في مقابلة  لـ"مهارات نيوز" إنّ المساعدات تأتي إلى بلدية النبطية عبر المحافظة تحديدا من مجلس الجنوب وهيئة إدارة الكوارث التابعة لمحافظة النبطية.

ويضيف قديح أنّ "هذه المساعدات ليست نقدية بل هي عينيّة أي عبارة عن فرش نوم وأغطية والأمور الأساسية بالإضافة إلى الحصص الغذائية".

أما بالنسبة للمساعدات المادية فيشير قديح إلى أنّ جهات حزبية هي من تقدّم الأموال للنازحين كبدل إيجارات واشتراكات كهرباء.

وبحسب رئيس اتحاد بلديات صور حسن دبوق فإنّه ورغم الجهود إلاّ أنّ هذه المساعدات غير كافية قياسا بحجم الأزمة التي يعاني منها المواطنون بفعل تهجيرهم من بيوتهم، بالإضافة إلى أنّ مراكز الإيواء لا تتّسع للكثير من العائلات، إذ يوجد في اتحاد بلديات صور 5 مراكز إيواء تتّسع لـ 1000 شخص تقريبا فقط.

وفي مناطق جنوبية أخرى، ترتفع حدّة الأزمة التي يعاني منها النازحون والبلديات الموكلة تأمين المساعدات، إذ يشير مسؤول لجنة إدارة الكوارث في اتحاد بلديات ساحل الزهراني سلام بدر الدين أن " قرى الاتحاد تضمّ 1890 عائلة من النازحين ويوجد فيها أكبر مركز إيواء ورغم ذلك نعمل بصفر ميزانية إذ لا تمويل من الدولة لتغطية نفقات البنزين والاتصالات والتنقّل".

أما بالنسبة للمساعدات العينية، يقول بدر الدين: "نحن نتعامل مع المنظمات الدولية لتأمين الحصص الغذائية وحصص النظافة وهي لا تكفي الحاجة الموجودة ضمن نطاق الاتحاد، أما بالنسبة للسكن حزب الله يقدّم 200$ للعائلات منذ 4 شهور وهناك عائلات استقبلت المهجرين ونحن نعمل على تأمين الحاجات الأساسية ضمن القدرات".

ولا يختلف المشهد كثيرا في بلدات أخرى، إذ يشير رئيس بلدية الزلوطية عماد دياب إلى اقتصار الوضع على بعض المساعدات العينية في اتحاد بلديات صور لتقتصر المساعدات المالية على ما يقدّمه حزب الله للنازحين، كما يقول رئيس بلدية صريفا وديع نجدي إنّه لا يعلم لماذا لم تصل المساعدات إلى بلدة صريفا وقد اقتصر الأمر على بعض المساعدات العينية الغير كافية من مجلس الجنوب في بداية الحرب. 

 

مجلس الجنوب: الأزمة ماديّة

أقرّت الحكومة اللبنانية في جلسة 29 تشرين الثاني 2023 من خارج جدول الأعمال، دفع ألف مليار ليرة لبنانية، أي ما يعادل 10 ملايين دولار من موازنة عام 2024 كتعويضات مالية للمتضررين مالياً وجسدياً في المناطق الجنوبية، جراء المواجهات بين "حزب الله" وإسرائيل على خلفية حرب غزة. وجاء القرار بعد تواصل بين رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي و"حزب الله" عبر النائب حسن فضل الله (كتلة حزب الله النيابية).

ويقول رئيس لجان الاستقصاء في مجلس الجنوب إنّه "تم تحويل 10 مليون دولار لمجلس الجنوب، وقمنا بتأمين الفرش والأغطية ومن ثم الحصص الغذائية بمساعدة البلديات التي تحصي عدد النازحين لديها وتقوم بقياس حاجاتهم، وقد قمنا بتوزيع الحصص الغذائية بشكل متساوي بين كل النازحين بناء على الداتا الموجودة لدينا بالإضافة إلى بعض الجمعيات التي قامت بالمساعدة".

وأضاف الأخرس أنه "تم توزيع إلى اليوم حصتين غذائيتين لكن هذه الحصص ليست كافية فالمشكلة اليوم مادية".

وكمثال على ذلك، يقول الأخرس إنّه " تم توزيع 54000 حصة غذائية إلى اليوم، بتكلفة ما يقارب الـ40$ للحصة، أي مليونين ومائة وستون ألف دولار بالإضافة إلى ألاف الفرش والأغطية التي تم توزيعها".

أما عن الآلية التي يتمّ فيها توزيع المساعدات العينيّة، فتتمّ عبر إعطاء البلديات لمجلس الجنوب لوائح بعدد النازحين ليقوم المجلس بعدها بتسليم الحصص الغذائية والمساعدات بناء على هذه اللوائح لتصبح هذه اللوائح بمثابة "تشيك" على أساسها يتم تسكير الفواتير، بحسب ما يشير إليه الأخرس.

 

الشفافية المالية في حالات الطوارئ

 يشير رئيس لجان الاستقصاء في مجلس الجنوب حيدر الأخرس،أنه " تمّ صرف مبلغ الـ10 مليون دولار على المساعدات العينيّة من حصص غذائية ومساعدات أخرى، وبعض عمليات الترميم لبعض المدارس خصوصا في فترة الامتحانات الرسمية بالإضافة إلى بعض متطلبات المستشفيات في الجنوب".

وهنا، كان لا بد من التطرّق لمسألة الشفافية  في صرف الأموال، إذ يقول الاخرس: " نحن لا نقوم بالمناقصات لشراء الحصص الغذائية على هيئة الشراء العام بحكم الحالة الطارئة، لكننا نقوم باستدراج عدة عروض ونقبل بالسعر الأقلّ المناسب، ولا نخضع لقانون الشراء العام بحكم حالة الطوارئ فالاحتكام للشراء العام قد يؤخر عملية الشراء".

وفي إطار الخضوع لقانون الشراء العام، كان قد دار نقاش في الجلسة الحكومية التي أقيمت في 31 تموز 2024 حول قانونية عدم خضوع عمليات الشراء في الحالات الطارئة لقانون الشراء العام، وكان قد أكّد وزير البيئة ومسؤول لجنة الطوارئ الوزير ناصر ياسين لـ"مهارات نيوز" أن "النقاشات كانت حول الفقرة 2 من المادة 46 من قانون الشراء العام والتي تشرّع الاتفاقات الرضائية في الحالات الطارئة". وكانت قد نشرت مهارات نيوز تقريرا حول النقاش الذي دار في الجلسة الحكومية حول إشكالية الخضوع لقانون الشراء العام.

أي قانونيا، لا تخضع عمليات الشراء في حالة الطوارئ لقانون الشراء العام مراعاة لمبدأ السرعة والفعالية.

 من هنا تبرز اشكالية الشفافية المالية في صرف الأموال العامة، إذ يوضح ياسين أنّ  "كل اعتماد يفتح يوافق عليه مراقب عقد النفقة، ولا يوجد عملية شراء تتم من دون موافقة مراقب عقد النفقة ومراقبة عملية الصرف، خصوصا أن عمليات الشراء الطارئة لا تخضع لقانون الشراء العام بناء على الفقرة 2 من المادة 46".

وفي إطار المراقبة على صرف الأموال، يؤكّد خبراء معهد باسل فليحان المالي لـ"مهارات نيوز" أنّ عدم خضوع الشراء الطارئ لقانون الشراء العام لا يعفي الجهة الشارية من من أن تتأكد أولا من وجود الاعتمادات وأخذ موافقة مراقب عقد النفقات من ثم تتمّ عملية الشراء ويتم الاحتفاظ بالفواتير كاملة لتقديمها إلى ديوان المحاسبة وإجراء الرقابة اللاحقة على عملية الصرف". 

وفي الحديث عن دور ديوان المحاسبة في عملية المراقبة اللاحقة، توضح رئيسة الغرفة الرابعة في ديوان المحاسبة القاضية نيللي أبي يونس في حديثٍ لـ"مهارات نيوز" أنّه "وبعد إجراء الاتفاق الرضائي، يتمّ تحويل كامل المستندات والفواتير إلى ديوان المحاسبة في مهلة 10 أيام وهذه المهلة قابلة للتعديل بحسب الحالة. الديوان يتأكد من حقيقة وجود حالة طارئة ومستعجلة ويقوم بدراسة الحالة وفق المنصوص عليه في قانون الشراء العام، ولكن لا يستطيع من يشاء أن يتحجج بحالة الطوارئ للاتجاه إلى الاتفاق الرضائي بدلًا من إجراء مناقصة عمومية وفتح باب المنافسة أمام الجميع".

إذا، مسألة وصول المساعدات إلى النازحين من القرى الحدودية في الجنوب صحيحة جزئيا، إذ وبحسب الجولة على بعض البلديات، تتفاوت نسبة وصول المساعدات، ليبقى القاسم المشترك أنها مساعدات عينية غير كافية ولا تلبي حجم الأزمة التي يعاني منها النازحون.