Loading...
true

صحيح

انتخابات المغتربين
هل يؤدّي عدم الاتفاق السياسي على المادة 122 من قانون الانتخابات إلى تأجيل الانتخابات؟
10/09/2024

نشرت جريدة النهار مقالا تناولت فيه خطاب رئيس مجلس النواب نبيه بري في ذكرى تغييب الإمام موسى الصدر، والذّي لمّح فيه إلى الانتخابات النيابية.

وبحسب "النهار"، فإنّ " أوساط بري تحلّل ذكر الانتخابات النيابية، أن رئيس المجلس قلق من احتمالات استمرار الشغور الرئاسي لفترة أطول بعد، حيث تصبح البلاد على مسافة أشهر قليلة من موعد الانتخابات النيابية، ولم يتم العمل على إقرار قانون جديد او على الاقل إقرار تشريع حول البند المتصل بانتخاب المغتربين، اي تطبيق المادة 122". 

وسألت "النهار" في مقالها "هل فعلا لدى بري مصلحة في انتخاب نواب الاغتراب، أم أن الهدف الحقيقي وراء اثارة الملف هو تطيير الانتخابات والدفع نحو التمديد للمجلس؟ 

 

فهل يؤدّي عدم الاتفاق السياسي على المادة 122 من قانون الانتخابات إلى تأجيل الانتخابات؟ 

 

تنصّ المادة 122 من قانون الانتخابات رقم 44/2017 بإضافة 6 مقاعد لغير المقيمين إلى عدد أعضاء مجلس النواب ليصبح 134 عضوا في الدورة الانتخابية التي سوف تلي الدورة الأولى التي ستجري وفق هذا القانون.

وفي الدورة الثالثة، يخفض 6 مقاعد من عدد أعضاء مجلس النواب الـ128 من نفس الطوائف التي خصّصت لغير المقيمين، وذلك عبر مرسوم يتخذ في مجلس الوزراء بناء على اقتراح الوزير.

ويتمّ توزيع هذه المقاعد بالتساوي على القارات الست وعلى المسيحيين والمسلمين، حيث يعطى مقعد واحد لكل من الموارنة، والروم الأرثوذكس، والروم الكاثوليك، والسنة، والشيعة، والدروز، بحسب المادة 112

 

تعليق المادة 122 في المجلس النيابي

بالعودة للوراء، أجريت انتخابات 2018 على القانون رقم 44، أي كان من المفترض أن يتم السير في المقاعد الـ6 لغير المقيمين في انتخابات العام 2022، ولكن في 3 تشرين الثاني 2021، تم إصدار قانون رقم 8/2021 والذي يقضي بتعديل العديد من المواد في قانون الانتخاب وبتعليق المادة 122، على أن يتم السير بهذه المقاعد في انتخابات العام 2026. 

وقد تقدّم حينها مجموعة من نواب التيار الوطني الحرّ بطعن أمام المجلس الدستوري في 17 تشرين الثاني 2021، مستندين إلى 5 اعتراضات من بينها مسألة تعليق المادة 122 المخصصة لإضافة 6 نواب للاغتراب، ولكن لم يستطع المجلس الدستوري الوصول إلى قرار بالأكثرية الأمر الذي أدّى إلى بقاء التعديلات سارية المفعول من ضمنها تعليق المادة 122.

أي أن تعليق المادة 122 يحتاج إلى قانون صادر عن مجلس النواب، وهنا تطرح إشكالية استمرار الشغور الرئاسي إلى حين موعد الانتخابات وبالتالي امكانية التذرّع بأنّ المجلس النيابي هيئة انتخابية لا هيئة تشريعية وعدم البت في هذه المادة. 

وردا على هذه النقطة، تقول الرئيسة التنفيذية للجمعية اللبنانية لديمقراطية الانتخابات دايانا البابا في مقابلة لـ مهارات نيوز" إنّ "المجلس النيابي لا يمكنه التذرّع بفكرة تشريع الضرورة لعدم الاجتماع والبت في هذه المادة، إذ كان  قد اجتمع سابقا للأسف لتأجيل الانتخابات البلدية في ظل الشغور الرئاسي وبالتالي عملية التشريع قائمة ولا يمكن التذرّع بتشريع الضرورة".

من جهته، يقول النائب جورج عقيص في مقابلة لـ"مهارات نيوز"، إنّه "وفي حال صحّت هذه الفرضية سيتم التصدي لها بكل قوة، وسنتقدّم في الوقت المناسب باقتراح لتعديل قانون الانتخاب وتأمين المناصرة والأكثرية الكافية في المجلس النيابي، إذ لا تملك أي من الكتل النيابية القدرة على مواجهة الاغتراب اللبناني بالقول  أن حق الاغتراب يحصر فقط ب6 مقاعد نيابية".

 

بالحديث عن المادة نفسها، تطرح هذه المادة الكثير من الإشكاليات التي من الممكن التذرّع بها لتأجيل الانتخابات، إذ يقول الخبير القانوني علي مراد في مقابلة لـ"مهارات نيوز" إنّ "مشكلة المقاعد الستة أن المادة 122، لا تحترم المساواة بين اللبنانيين، فهي تخلق قوة انتخابية تنتخب خارج مكان القيد وبالتالي قوة الصوت ليست نفسها، بالإضافة إلى صعوبة تثبيت المقاعد الـ6  بسبب اختراع دائرة افتراضية هجينة تضم كل الكوكب، فكيف يتم الترشح والقيام بالحملة الانتخابية؟، أيضا هناك اشكالية توزيع المقاعد طائفيا بحسب القارات".

 

المادة 122: مخالفة لمبدأ المساواة

في ما يخص المساواة بين اللبنانيين، تنصّ المادة 7 من الدستور اللبناني على أنّ "كل اللبنانيين سواء لدى القانون وهم يتمتعون بالسواء بالحقوق المدنية و السیاسیة ويتحملون الفرائض والواجبات العامة دونما فرق بينهم".

 وتقول الرئيسة التنفيذية للجمعية اللبنانية لديمقراطية الانتخابات ديانا البابا إنّ "إضافة 6 مقاعد هو مخالفة للدستور لما يشكّله من تمييز بين المقترع اللبناني المقيم وغير المقيم"، إذ يقترع الناخب غير المقيم في دائرة انتخابية يتم إنشاؤها حسب مكان إقامته في الخارج وليس على أساس مكان قيده، أما الناخب المقيم فيقترع حسب مكان قيده، الأمر الذي يشكل انعداما لمبدأ المساواة.

أما لناحية العدالة للمرشّحين، فقد نشرت "كلنا إرادة" تقريرا في 8 كانون الأوّل 2021، عن أن المادة 122 "تشكل انتهاكاً لمبدأ المساواة بين المرشحين في دائرة الاغتراب وبين باقي المرشحين في الدوائر الـ15 في لبنان، حيث يتوجب على المرشحين لأحد المقاعد الستة في الخارج خوض الحملة الانتخابية في دائرة انتخابية، هي في المحصلة العالم بأسره، الأمر الذي يجعل تطبيق قواعد الإنفاق الانتخابي والإعلام والإعلان الانتخابيين مسألة مستحيلة وغير عادلة على حد سواء".

بالإضافة إلى ذلك، تنص المادة 24 من الدستور اللبناني، على أن "توزع المقاعد النيابية بطريقة نسبية بين المناطق"، الأمر الذي يجعل من مسألة إنشاء دائرة انتخابية خارج الأراضي اللبنانية تعارضاً مع أحكام هذه المادة الدستورية.

وقد أشار النائب جورج عقيص أنّه "يتمّ العمل اليوم مع كل الكتل المعارضة  للوصول إلى صيغة تعطي اللبناني غير المقيم الحق بالاقتراع بالمساواة مع اللبناني المقيم وهو ما ينسجم مع الدستور اللبناني، ونتمنى أن يحظى الطرح بالأكثرية في المجلس النيابي". 


 

التوزيع الطائفي: معضلة أخرى

من ناحية أخرى، وبالحديث عن التوزيع الطائفي بحسب القارات، نشرت الدولية للمعلومات تقريرا في العام 2021، عن أرقام المقترعين في الاغتراب وتوزّعهم، فمثلا، تمثل نسبة الذين سجلوا للاقتراع في انتخابات 2022 في قارة أوروبا نسبة 30.82% من إجمالي الذين سجلوا في جميع القارات. أما عددهم فهو 69,374 ‏ناخباً وجاءت النسبة الأعلى للطائفة المارونية (30.98%) ثم الطائفة الشيعية (29.15% ‏) ثم الطائفة السنية (17.86% ‏) والأرثوذكسية (8.41%) ‏ثم الكاثوليكية (6.81%).

وبالنظر للأرقام، فإن نسبة المقترعين من الطائفة الشيعية والطائفة المارونية في قارة أوروبا متقاربة جدا، الأمر الذي قد  يشكّل بابا للخلافات الطائفية داخل المجلس على قاعدة "ماذا ستكون طائفة النائب الذي سيمثّل كل قارة؟"، وبالتالي من الممكن أن تؤثّر هذه الخلافات على إجراء الانتخابات.

وبالحديث عن أرقام المقترعين في الخارج، يرى مراد أنّ "السلطة السياسية لا تريد اعطاء المغتربين حق الاقتراع في دوائرهم الصغرى لأنهم اكتشفوا تأثير الصوت الاغترابي على مجريات الانتخابات النيابية السابقة".

أي أنّ المقاعد الـ6 يدور حولها العديد من الإشكاليات الدستورية بالإضافة إلى العديد من الأبواب للخلافات السياسية، وفي هذا الإطار يشير مراد إلى أنّه " وعلى الرغم من أن الكثير من الناس تناضل ضد المادة 122، إلاّ أنها فرضت علينا، وبالتالي تطبيقها هو تطبيق للقانون، لذا لا يمكن لأحد المراوغة من هذا الباب، وبالتالي إنّ ما يحصل اليوم بخصوص المادة 122 هو محاولة استثمار ثغرة في القانون وافتعال اشكال لغاية أكبر وهو اعتبار أن الانتخابات لن تحصل".

وتشير البابا إلى أنّ "المخاوف من تطيير الانتخابات دائما موجودة لأن السلطة السياسية تسعى إلى تطيير الانتخابات ولا تلتزم بالاستحقاقات، لكن من المؤكد أن المادة 122 لا تشكّل سببا أو تبريرا  لتأجيل الانتخابات النيابية،  مجلس النواب لتعديل هذه المادة، ونحن طبعا سنطالب بإلغائها".

ويبقى الحل المنطقي هو بإلغاء فكرة المقاعد الـ6، فاللبناني المغترب ليس بحاجة لنواب يمثلونهم في القارة، فليس من المنطقي تمثيل كل أوروبا بنائب واحد، بالإضافة إلى أنّ اللبنانيين في الخارج مرتبطون بدوائرهم الانتخابية الصغرى وليسوا بحاجة لنائب في القارة ليدافع عن حقوقهم،  وفي كل الأحوال، حتى لو تم تطبيق المقاعد الـ6، هذا لا يشكل أي تبرير لإبطال أو تأجيل الانتخابات، فهذه حجة لمن يريد أن يؤجل الانتخابات ويصطنع أسبابا وهمية كما فعلوا في الاستحقاقات السابقة، بحسب ما يشير إليه مراد.

إذا وكخلاصة لما سبق، صحيح أنّ عدم الاتفاق السياسي على هذه المادة سيؤدّي إلى تأجيل الانتخابات النيابية، إذ وبالرغم من أن لا شيء يمنع مجلس النواب من الاجتماع والبت بالمادة، إلاّ أنّه وفي حال لم يجتمع المجلس أو اجتمع ولم يتفق على مصير المادة 122، سيتمّ الاستثمار بهذه الثغرة للقول أنّه لا يمكن السير بقانون انتخاب منقوص، وبمادة قانونية تحمل الكثير من الإشكاليات غير المتفق عليها بين القوى السياسية.