صحيح جزئياً
مع عودة وفد صندوق النقد الدولي إلى لبنان، عاد الحديث في الأسابيع الماضية عن مصير الودائع والخطة المالية الاصلاحية وإعادة الودائع والثقة بالنظام المالي ومسار التفاوض بين لبنان والصندوق.
وفي هذا الإطار صرّحت الاقتصادية المتخصصة بالأسواق الناشئة، عليا مبيّض خلال برنامج "عشرين30" على تلفزيون الـ LBC، في 27 أيار 2024، أن "الإتفاق المبدئي مع صندوق النقد الدولي يسقط حكماً بعد سنتين من عدم المضي فيه بحسب النظام الداخلي للصندوق، وهذا حدث في تونس أيضاً".
فهل يسقط الإتفاق المبدئي مع صندوق النقد الدولي بعد سنتين من عدم المضي فيه حكماً بحسب النظام الداخلي للصندوق؟
اختتم مؤخراً خبراء صندوق النقد الدولي زيارتهم إلى لبنان بقيادة السيد إرنستو راميريز ريغو، في الفترة ما بين 20 - 23 أيار 2024 ببيان خلاصته، أن الاقتصاد اللبناني في وضع سيّئ بسبب طريقة التعامل مع الأزمة المصرفية بشكل أساسي، فضلاً عن تداعيات الحرب في غزّة وانعكاساتها على لبنان.
وأشاد البيان الختامي بإجراءات مصرف لبنان، التي أحرزت بعض التقدم في الإصلاحات النقدية والمالية منذ آخر مشاورات مع الصندوق، وبالتدابير السياسية التي اتخذتها وزارة المالية ومصرف لبنان.
ولكن رغم ذلك، أقرت بعثة الصندوق بأن السياسات المتّبعة ليست كافية للخروج من المأزق الاقتصادي، لأنها "لا ترقى إلى ما هو مطلوب لتمكين التعافي من الأزمة. ولا تزال الودائع المصرفية مجمّدة، والقطاع المصرفي غير قادر على توفير الائتمان للاقتصاد، ولم تتمكن الحكومة والبرلمان من إيجاد حل للأزمة المصرفية".
وبعد مرور سنتين على "الإتفاق على مستوى الخبراء" بين لبنان وصندوق النقد الدولي، لا يزال لبنان وصندوق النقد الدولي المكلف متابعة شؤون المساعدات المطلوبة للإنقاذ عند المربع الأول في المفاوضات، وذلك لأن لبنان لم يطبّق الإصلاحات بشكل عام والإجراءات التي يتضمنها صندوق النقد الدولي على وجه الخصوص.
بحسب إتفاقية تأسيس صندوق النقد الدولي، تنص المادة الرابعة منها على إجراء مناقشات ثنائية مع البلدان الأعضاء تتم في العادة على أساس سنوي. ويقوم فريق من خبراء الصندوق بزيارة البلد العضو، وجمع المعلومات الاقتصادية والمالية اللازمة، وإجراء مناقشات مع المسؤولين الرسميين حول التطورات والسياسات الاقتصادية في هذا البلد. وبعد العودة إلى مقر الصندوق، يُعِد الخبراء تقريراً يشكل أساساً لمناقشات المجلس التنفيذي في هذا الخصوص. وفي ختام المناقشات، يقوم مدير عام الصندوق، بصفته رئيس المجلس التنفيذي، بتقديم ملخص لآراء المديرين التنفيذيين ثم يُرسَل هذا الملخص إلى السلطات في البلد العضو.
وينشر صندوق النقد الدولي وفقاً لمقرر المجلس التنفيذي رقم 15106-( 12/21)، على موقعه الخارجي على الإنترنت قائمة بالبلدان الأعضاء التي تأخرت مشاوراتها بموجب المادة الرابعة المتعلّقة بمراجعة الأداء الاقتصادي لمدة تجاوزت الـ18 شهرًا.
وبناءً عليه كان قد أدرج صندوق النقد الدولي تونس ضمن "القائمة السلبية"، والأسباب حسب الصندوق متعلقة ببرنامج الإصلاحات الذي وضعته الحكومة والذي تم بموجبه اتفاق مبدئي مع الخبراء.
وبالمقارنة مع القائمة المنشورة في يونيو 2023، فقد تمت إضافة 6 دول جديدة إلى القائمة "السلبية"، وهي كلٌّ من تونس وبوركينا فاسو وتشاد وهايتي وميانمار وروسيا، فيما تم حذف دولتين اثنين وهما كلّ من زامبيا وأوكرانيا.
ويعود سبب تأخر المشاورات بشأن المادة الرابعة لعدة أسباب منها:
المسائل المتعلقة بالبرامج،
المزيد من المناقشات مع السلطات بشأن التطورات والسياسات الاقتصادية،
الحالة السياسية و/أو الأمنية غير المستقرة،
تأخر بسبب الانتخابات القادمة أو الأخيرة أو تغيير الحكومة أو التغييرات داخل الحكومة،
القيود المفروضة على ملاك الموظفين،
تأخر بناء على طلب السلطات بسبب عدم قدرتها على سبيل المثال على استضافة البعثة نتيجة لجدول عملها،
عدم التوصل إلى اتفاق بشأن تواريخ/طرائق البعثة،
وأسباب أخرى لم تذكر أعلاه.
يُذكر أن "الإتفاق على مستوى الخبراء" بشأن السياسات الاقتصادية مع لبنان عام 2022، كان بهدف دعم استراتيجية الإصلاح التي وضعتها السلطات لإستعادة النمو والاستدامة المالية، وتعزيز الحوكمة والشفافية، وزيادة الإنفاق الاجتماعي والإنفاق على إعادة الإعمار. وأن يتم إكمال ذلك بإعادة هيكلة الدين العام الخارجي التي ستؤدي إلى مشاركة كافية من الدائنين لإعادة الدين إلى حدود مستدامة وسد فجوات التمويل. على أن يكون الدعم التمويلي بشروط عالية التيسير من شركاء لبنان الدوليين.
إذًا ما تم نشره صحيح جزئيًا، إذ إن صندوق النقد الدولي لم يحدد في النظام الأساسي والقواعد واللوائح الداخلية، المهلة التي يسقط بعدها الإتفاق المبدئي في حال عدم المضي فيه، إلاّ أنّه يُدرج البلدان الأعضاء التي تأخرت مشاوراتها بموجب المادة الرابعة المتعلّقة بمراجعة الأداء الاقتصادي لمدة تجاوزت الـ18 شهرًا ضمن "القائمة السلبية".